المداحون وأهل البيت: للتزود بمعارف القرآن وااختيار الجميل من الشعر واللحن
ثقافة إسلامية
المداحون وأهل البيت : للتزود بمعارف القرآن وااختيار الجميل من الشعر واللحن
عدد الزوار: 144
من كلمة
الإمام الخامنئي دام ظله في جمع من الشعراء ومداحي أهل البيت الزمان: 3 /03/1388
ه.ش.20/06/1432ه.ق.24/05/2011م.
المناسبة: ذكرى ولادة الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام.
المداحون وأهل البيت : للتزود بمعارف القرآن وااختيار الجميل من الشعر واللحن
ضرورة اختيار الجميل من الشعر واللحن
المقولة الأخرى، ترتبط بهذه المهنة الجميلة المؤثرة لقرّاء المدائح. حيث
إنّ جمعنا الحاضر ؛ إذا لم يكن قد شمل الجميع فإنّه لا شكّ جمع الكثيرين من
المدّاحين المحترمين. لقد كنتُ أتحدّث كثيراً بهذا الخصوص وطيلة السنوات المتمادية
في هذه المناسبة وفي المناسبات الأخرى لكنني أيضاً أؤكّد هنا أنّ تأثير الشعر الذي
تنشدونه بأصواتكم الرخيمة وألحانكم الجميلة هو في الكثير من الموارد أكبر من حديثٍ
علمي منطقي فلسفي أو غير فلسفي. لو أنّ ما يُقرأ يتمّ اختياره بشكل صحيح وتُراعى
فيه الجهات الصورية والمعنوية - الجهات الصورية هي جمالية الشعر، ويجب اختيار الشعر
بشكل صحيح وجيد - فإنّ الشعر يُعدّ أحد النماذج البارزة للفن. فليس كل ما ينظم
شعراً؛ فللشعر خصوصياته؛ يجب انتقاء الشعر. ولحسن الحظ لدينا شعراء جيّدون، يردّدون
الأشعار المتعلّقة بأهل البيت عليهم السلام بلغات مختلفة وجميلة وعذبة وجيدة.
وعندما تكونون أنتم المشترين له فإنّ هذا الطلب سيستتبع بطبيعة الحال عرضاً .
الشعر الجيد إذاً، وكذلك الصوت الجيّد واللحن الجميل أمور مهمّة. وبالطبع، لا يعني
اللحن الجيّد أن نُقلِّد الألحان الموسيقية اللهوية المضلّة عن سبيل الله فالتفتوا
إلى هذا جيداً. فبعض الألحان سيئ ومغلوط ولهوي، لا ينبغي أن يجد طريقه إلى عمل
المدّاحين والمدائح. لا عيب في أن تبتكروا أنواعاً وأساليب جديدة في قراءة الأشعار
وفي الألحان المتنوعة لكن اجتنبوا هذا التشابه والتداخل. بالطبع، إنّني أتحدث عن
الألحان اللهوية المضلّة عن سبيل الله، لا أنّنا نريد أن نمنع عن أيّ لحنٍ عندما
يُستعمل في مضمونٍ آخر؛ كلا، إنّها الألحان التي تُعد لهوية ومضلّة عن سبيل الله
فلا تستخدموها.
خصائص المضمون الشعري
1- يتضمّن مناقب أأهل البيت عليهم السلام:
القضية اللاحقة تتعلّق بالمضمون. إنّ أفضل مجموعة شعرية يصحّ أن يعتبرها
الإنسان لمنبر المدائح هي التي تكون فيها أولاً مناقب أهل البيت عليهم السلام. ذكر
مناقبهم يُضيء القلوب ويسرّها ويبعث الشوق في الإنسان ويُجري الدمعة من العيون.
بالطبع، ما هو مقصود هو تلك المناقب المُتقنة. فلا ينبغي أن يعتمد المرء على
الكلمات الضعيفة. فكلّ هذه المناقب المتعلّقة بأهل البيت موجودة في الكتب المعتبرة
فلنستفد منها؛ من أقوال أولئك الذين يُعدّون سنداً وثقة ومُعتَبَرين. مثل هذا الشعر
الذي تلاه أحد السادة عن المرحوم الشيخ محمد حسين الأصفهاني. حسناً، هذا الجليل هو
أستاذ المجتهدين. إنّ المجتهدين الكبار ومراجع التقليد الكبار هم تلامذته في الفقه
والأصول والفلسفة. لقد كان أيضاً شاعراً. حسناً، مثل هذا الشعر يصح أن يصبح سنداً،
أو الروايات المختلفة الموجودة في كتب المناقب وفي شرح أحوال الأئمة عليهم السلام ،
المناقب المعتبرة. إذاً هنا قسمٌ يرتبط بمناقب أهل البيت عليهم السلام.
2- يتضمّن نصائح أخلاقية من حياة أهل البيت (ع)
القسم الآخر هو النصائح التي يمكن أن تُستنبط من حياة هؤلاء الأطهار.
نحن اليوم بحاجة إلى النصيحة؛ فمن أجل تنمية الأخلاق في المجتمع ونشرالأخلاق
الفاضلة وتكامل روحية المواساة والأخوّة والصفاء التي نحتاج إليها في المجتمع
الديني، نحتاج إلى النصيحة. فمن أين نأخذها؟ إنّ قواعد الأخلاق موجودة في كلمات
الأئمة عليهم السلام وفي سلوكهم. فلنوسّع من الأخلاق في المجتمع. ولندعُ الناس إلى
الخير والأمل والتعاون والأخوّة والصبر والحلم والشكر والإحسان والإيثار والصفح؛
ولنحذّرهم من الأخلاق السيئة وضيق النظر واليأس وسوء الظن والإساءة لهذا وذاك
والحسد والبخل وبقية الأخلاق السيئة. ومثل هذا الأمر يمكن تحقيقه من خلال الأسلوب
الشعري أفضل بكثير من لغة النثر ولغة النصيحة. ضرورة تكرار ذكر المسائل الأخلاقية:
خطيبٌ مثلنا يجلس وينصح الناس ليس معلوماً إلى أي مدى سيكون عمق تأثيره، ولكن عندما
يُبيِّن نفس هذا المضمون بقالبٍ شعري جميل ولحنٍ عذب فإنّه يكون كالماء العذب الذي
يشربه الإنسان فيشعر بأنّ جميع خلايا بدنه استفادت من هذا الماء، فإنّ ذلك يؤثّر في
أعماق وجود الإنسان. بالطبع، ينبغي تكرار الأخلاقيات، فإنّ الكلام له أثر وكذلك
الاستماع، لكن هذا الأثر ليس أبدياً فهناك مؤثّرات أخرى في المجتمع تعمل على عكس
ذلك. لهذا ينبغي تكرار المسائل الأخلاقية وإعادة ذكرها. هذا بما يتعلق بجانب
الأخلاقيات.
3- يتضمّن إشاعة البصيرة ونشرالوعي:
قسمٌ آخر، يتعلّق بالوعي ونشر البصيرة بما يتعلّق بمسائل الحياة.
وبالطبع إنني لا أوافق أن تصبح منابر المدائح تعرّضاً لهذا وإساءة لذاك. وهذا ما لا
أحبّه. ولكن إشاعة البصيرة أمرٌ جيد، وهي تعطي الوعي. شعبنا اليوم وعلى أثر البصيرة
تمكّن من أن يصمد. شعبنا اليوم يعلم ما هي المؤامرات التي تُحاك ضدّه ومن هم
المتآمرون وما هي أهدافهم، وأي شيءٍ يزعج شعب إيران. هذه الأشياء يعرفها شعبنا. شعب
إيران يعلم أنّ روحية الإيمان، والإسلام، والحرية، والاستقلال، والثبات على الطريق
الصحيح تُغضب العدوّ. إنّ شعبنا يعرف عدوّه. وقد تعرّفنا جميعاً إلى أساليبه يوماً
بعد يوم، وأدركنا ما هي هذه الأساليب. هذه البصيرة أمرٌ قيّمٌ جداً. لو لم تكن هذه
البصيرة لما تمكّن شعبنا من الصمود. إنّ الدعايات التي يروّج لها الأعداء سواء كانت
من قِبلَهم بصورة مباشرة أم عبر الأبواق المأجورة، هي كلّها من أجل انتزاع هذه
البصيرة من شعبنا؛ وجعل الأمر ملتبساً عليه، ومن أجل إبعاد هذا الشعب عن إيمانه
وإسلامه واستقامته وصموده على هذا الطريق وعن معرفته الصحيحة للأحداث التي تجري في
الحياة. حسناً، يمكن أن يُخصّص برنامج في مجالس المدائح لهذا القسم. فابحثوا عن
شعره واختاروا كلماته. وفي لحظة مناسبة أحياناً يكون لكلمة واحدة من التأثير في
القلوب ما يكون لكتابٍ كامل. أثّروا في القلوب. إنّني أرى لحسن الحظ اليوم أنّ
شريحة المدّاحين، وللإنصاف، قد تطوّرت كثيراً على هذا الصعيد، من خلال البرامج التي
نوفّق للاستماع إليها أو تقام هنا أو نشاهد بعضها في التلفزيون.
خصائص مدّاحي أهل البيت عليهم السلام
1- المطالعة والتدوين:
المطلب الآخر هو أنّ صاحب مهنة ذكر المدائح الذي يفتخر بأنّه يعمل ويخدم
في هذا الطريق لو أراد أن ينال جميع هذه الخصوصيات فإنّه يحتاج أولاً إلى المطالعة
والعمل. وبالقول المعروف من لا يملك شيئاً لا يحصل على شيء، هو بحاجة إلى المطالعة
وإلى العمل. بالطبع، كان المدّاحون القدماء عندنا حتماً يتقيّدون بأن يقرأوا عن ظهر
قلب، وكانوا يعتبرون القراءة عن الورقة أمراً سيئاً، فلحسن الحظ اليوم لم يعد الأمر
كذلك، لم يعد من الضروري أن يقضي ساعات على سبيل المثال من أجل أن يحفظ قصيدة
معينة، كلا، يقرأ عن الورقة. والمنبريون أيضاً على هذا النحو. نحن في أيام شبابنا
وحداثة سنّنا لم نشاهد إطلاقاً خطيباً يستخرج ورقة من جيبه ليقرأ حديثاً، كانوا
يعتبرون هذا سيئاً. وقد قام المرحوم الشيخ فلسفي رضوان الله عليه بالقضاء على هذه
السُّنَّة الخاطئة، فكان يستخرج ورقة ويقرأ الحديث أو الرواية. حسناً، لقد كان
واعظاً من الطراز الأول في البلد. والآن استفاد الوعّاظ أيضاً. فمن أجل أن يقرأوا
بشكل صحيح وفي المكان المناسب، ولأجل أن يقرأوا ما ينبغي فإنّهم يستخرجون الورقة من
جيبهم ويقرأون الحديث أو المطلب الذي دوّنوه أو الشعر. وقد سهّل هذا الأمر العمل
كثيراً. والمدّاح أيضاً على هذا المنوال. لهذا فإنّ المطالعة والتدوين والكلام على
أساسٍ محسوبٍ بدقّة وضمن دراسة ومطالعة كل هذه هي الشرط الأول.
2- التزود من معارف القرآن وعلوم أهل البيت (ع)
الشرط الثاني هو أن تطّلعوا على القرآن والحديث أثناء مطالعاتكم. الأُنس
بالقرآن هو أمرٌ لازم للجميع. إننا نوصي الجميع بهذا، نوصي جميع شباب البلاد. اليوم
لحسن الحظ صار الأمر على هذا المنوال، فالمرء يشاهد بين الجامعيين والطلاب وبين
الشباب غير الجامعيين والحوزويين أفراداً يأنسون بالقرآن، وبعضهم يحفظون القرآن،
ومن لم يحفظه يدرك القرآن بالجملة ولو لم يدرك جميع التفاصيل فإنه يفهم المضمون
وهذا الأمر غنيمة مهمة
من يُقارن اليوم بما قبل 20 أو 25 سنة يلاحظ الفرق ما بين السماء والأرض. المُعطيات
غير متوفرة عند الكثيرين. أنا العبد لأنني كنت أهتم بهذه المسألة فعندي معطياتها؛
أعلم ماذا جرى وماذا يجري من أجل التعرّف والأُنس بالقرآن. سابقاً كان قارئنا عندما
يقرأ القرآن في كثير من الأحيان لا يفهم معنى الآيات فكان يقطع حيث ينبغي أن يصل،
ويصل حيث ينبغي أن يقطع. اليوم لم يعد الأمر كذلك بتاتاً، فالكل مطّلعون. لهذا فإنّ
التعرّف إلى القرآن والحديث هو وصيّتنا للجميع. لكنّ مبلغي الدين وشريحة المداحين
هم بالطبع مختصّون بهذا الخطاب. يجب أن يأنسوا بالقرآن. فاحرصوا على قراءة القرآن،
واقرأوه بالالتفات إلى الترجمة واحفظوا هذه الترجمة. دوّنوا الآيات التي تنطوي على
نصيحة وتتضمّن معرفة ما ويفهمها الإنسان وسجّلوها واستفيدوا منها واذكروها واعملوا
بها وهكذا الأمر بالنسبة للحديث.
لحسن الحظّ، فإنّ كتب الحديث المعتبرة عندنا اليوم قد تُرجمت كلّها. لقد تُرجم
الكافي ومن لا يحضره الفقيه ونهج البلاغة وكلمات السيدة الزهراء سلام الله عليها.
فلم يعد الأمر مختصّاً بمن يعرف اللغة العربية، كلا، فمن يعرف اللغة العربية ومن لا
يعرف اللغة العربية، الجميع يمكنهم الاستفادة من هذه الكلمات وهذه فرصة يجب
الاستفادة منها. لهذا وصيتنا هي: تلاوة القرآن والأنس بالقرآن والحديث، والتعرّف
إلى معارف أهل البيت من خلال الحديث، والأهم من كل هذا التوجه إلى الله تعالى
والحفاظ على هذا الارتباط القلبي مع الذات الأحدية الأقدس بالدعاء والتوسّل والذكر
والخشوع والنوافل.
فلو بقيت هذه الرابطة محفوظة وقَويَت فإنّ جميع الأعمال الصعبة تُحلّ بالتدريج وهذا
هو أساس العمل. إنّ فرع الارتباط بمقام الأحدية الذي يكون بالخشوع والذكر والتوسّل
هو أيضاً مرتبطٌ ومتّصل بأهل البيت عليهم السلام ولا ينفكّان "مَن أَرَادَ اللهَ
بَدَأَ بِكُم" لكن حسناً، إنّ أدعية الصحيفة السجادية والمناجاة الخمسة عشر،
والأدعية والمناجاة المختلفة الموجودة تمنح القلب صفاءً كما الذهن، وتجعل الذهن
فعّالاً أيضاً. الكثير من المعارف ينالها الإنسان من هذا الطريق.
أملنا إن شاء الله تعالى أن يوفّقكم الله. الكلام كثير ولكن الوقت قليل. واليوم
سُررنا كثيراً من زيارة السادة والاستماع إلى بيانات الأعاظم.
اللّهم بحقّ محمّد وآل محمّد اجعلنا من أتباع أهل البيت عليهم السلام.
اللّهم اجعلنا من الشيعة الحقيقيين للسيدة الزهراء سلام الله عليها.
اللّهم وفّق شعب إيران في جميع الميادين.
اللّهم فرّج فرجاً عاجلاً على جميع المسلمين وشيعة البحرين وجميع مستضعفي العالم.
اللّهم أرضِ عنّا القلب المقدّس لولي العصر وأفرحه؛ واجعلنا مشمولين بأدعية هذا
العظيم.