يتم التحميل...

الصلاة عمود الدين وقربان كل تقي

ثقافة إسلامية

الصلاة عمود الدين وقربان كل تقي

عدد الزوار: 73

كلمة الإمام الخامنئي في لقائه أئمة مساجد محافظة طهران ـ 21/08/2016

الصلاة عمود الدين وقربان كل تقي
ومن هنا تتضح أهمية الصلاة. إننا كلنا -فرداً فرداً- نحتاج إلى النظر إلى الصلاة بشكل آخر وبعد مختلف. بالطبع، أنتم بحمد الله تتمتعون بالفكر والمنطق والاطّلاع على المعارف الإلهية والدينية. إنما أنا العبد أقول هذا لأذكر نفسي نحن وعموم الناس، لا نعرف قدر الصلاة كما يجب ويلزم. الصلاة بمعناها الحقيقي عمود الدين. العمود إن لم يكن موجوداً فإن السقف سيقع وسيفقد المبنى اعتباره وشكله المعماري؛ هذه هي الصلاة. أيّ صلاة يمكنها أن تحفظ هذا الهيكل؟ إنها الصلاة التي تتمتع بخصائص ومميزات منشودة: أن تكون "قربان كل تقي"1، تنهى عن الفحشاء والمنكر، أن تكون صلاة مترافقة مع الذكر "ولذكر الله أكبر"2. هذا الذكر الموجود في الصلاة، ينبغي علينا أن نقوم به وأن نروّجه أيضاً.

آفتا الغفلة والرياء تحولان دون تحقق الصلاة الحقيقية
أعتقد أنه من الأعمال الهامة لأئمة الجماعات المحترمين في المساجد، تبيين مسألة الصلاة للناس، كي نعرف قدر الصلاة. فإن تحقق هذا الأمر، فإن الصلاة سترتقي بشكل نوعي. في الواقع، إن صلواتنا إما أنها في حالات كثيرة ليست نوعية أو أنها ذات نوعية متدنية أو ليست عالية. يجب الوصول إلى عمق أذكار الصلاة. حسنًا، إن صلاتنا يجب أن تحفظ وتصان من هذه الآفات الخاصة بالمكاري. أي آفة الغفلة أثناء الصلاة، وعدم التوجه إلى مفاهيم الصلاة وعدم الانتباه إلى المخاطب في الصلاة. أي الذات الإلهية المقدسة؛ هذه واحدة من الآفات. وعلى حد تعبير المرحوم الشيخ المشكيني حيث كان يقول هنا في هذه الحسينية بأنه إذا تم اختراع آلة يمكن للإنسان أن يوصلها بدماغه ويسجل عبرها كل ما يخطر في ذهنه طوال الصلاة من أولها إلى آخرها، ستكون النتيجة عجيبة وغريبة. منذ أن ندخل في الصلاة وحتى ننتهي، إلى أين يذهب الذهن؟ أين يتجول ويسافر؟ أيّ مسائل يحلّ؟ إلى ماذا يشير في تعلّقاته وافتتانه وانجذابه؟ هذه الآفات والتي أعبر عنها أنا العبد بآفات المكاري. إذا استطعنا أن نحفظ أنفسنا من هذه الآفة وننقذ أنفسنا من آفة أخرى هي الرياء –" وأبرأ قلبي من الرياء والسمعة والشك في دينك"3 الواردة في الدعاء- حينها تصبح صلاتنا صلاة عادية. وحتى هذه المرحلة فإن عمق الصلاة ليس متحققاً ولا محفوظاً.

حسنًا، عندما نقول "سبحان ربيّ العظيم وبحمده" كيف نفهم هذه العظمة؟ أيّ تصور عن هذه العظمة في قلبنا؟ ما هي هذه العظمة التي نعظّمها ونسبحها ونقدّسها؟ أين هو معدن العظمة ذلك، المقصود في هذا الدعاء: " هب لي كمال الانقطاع إليك" حتى يصل " إلى معدن العظمة"4؟ وما هو معدن العظمة؟ سبحان ربيّ العظيم، سبحان ربيّ الأعلى، (إيّاك نعبد وإيّاك نستعين)5. هل لدينا أيّ انتباه إلى هذه المعاني وهذه المفاهيم العميقة. حصر العبودية لله، الاستعانة فقط بالله، تعليم القلب هذه المعارف، أداء الصلاة بهذه النوعية والجودة؟ حسنًا، يجب علينا أن نتمرّن ونتدرّب لفترة حتى نصل إلى تلك الحالات.

بالتأكيد، أكثر الحاضرين، بحمد الله هم شباب وهذه الأعمال سهلة جداً في مرحلة الشباب. هذه الأعمال صعبة جداً في أعمارنا نحن. إن أردنا أن نبدأ بها في مثل أعمارنا، فإنها أعمال صعبة. في عمر الشباب هذه الأعمال سهلة جداً. امنحوا الصلاة هذه الجودة النوعية. أضيفوا عليها هذا اللون وهذا العطر؛ حينها ستُوجِد الصلاة رونقاً خاصاً في باطن الإنسان. وهذا الرونق يرشح ويفيض على جميع الأشخاص الذين يتابعون صلاتنا ويصلّون معنا. هناك روايات في باب إمامة الجماعة بأن حسنات المأمومين وأوزارهم تقع على عاتق إمام الجماعة. والمقصود بهذا ليس تلك الأمور التي تُبطل الصلاة، بل هذه المفاهيم السامية. فإن كانت موجودة عنده فإنها سترشح منه وتفيض على المأمومين. على كل حال، هذه هي الصلاة. أن يكون لدينا داخل مجتمعنا_ في المجتمع الإسلامي_ أشخاص غرباء عن الصلاة فهذا أمر كبير جداً وبالغ الخطورة. يجب أن يكون مجتمعنا بشكل يذهب للصلاة كأمر محبوب ومرغوب*، وليس كتكليف يجب أن نؤديه كالخدمة الإجبارية، بل كأمر جذّاب ومشوّق.
 


1- الكافي، ج 3، ص 265.
2- سورة العنكبوت، جزء من الآية 45.
3- الكافي، ج 2، ص 286، كتاب الدعاء.
4- إقبال الأعمال، ج2، ص 687، الباب التاسع.
5- سورة الحمد، الآية الخامسة.


 

2017-03-16