يتم التحميل...

الثراء بالطرق القانونية والمشروعة ليس ممنوعا في الإسلام

ثقافة إسلامية

الثراء بالطرق القانونية والمشروعة ليس ممنوعا في الإسلام

عدد الزوار: 84

من كلمة الإمام الخامنئي في اجتماع لمسؤولي‎ لجنة تطبيق‎ الخطوط العريضة‎‎ للمادة 44 من‎ الدستور.30/11/1385هـ.ش، ــ 1/2/1428هـ.ق ــ 19/2/2007م

الثراء بالطرق القانونية والمشروعة ليس ممنوعا في الإسلام
لقد أثاروا وما زالوا يثيرون العديد من التساؤلات والإبهامات حول الكثير من الأقسام المختلفة، حتى أنّ بعضهم تحدّث معي قائلاً: إنّ مثل هذه السياسات سيؤدي إلى ظهور أفراد فاحشي الثراء والغنى عن طريق تلك النشاطات الاقتصادية، فأجبتهم قائلاً: إنّ الحصول على الثراء بالطرق القانونية والمشروعة ليس ممنوعاً في الإسلام، ولم نقل أبداً أنّ الشرع يعارض النشاطات القانونية والمشروعة التي تدرّ الثراء والربح، فهذا ما لا يعتقد به أحد ممن هم على علم بالدين والقرآن.

إنه لا ينبغي الخلط بين أمرين، أحدهما إنتاج الثروة، أي ذلك الذي يعمل بصورة صحيحة ويحصل على الثراء. فالمهم هو كيفية الإنتاج وأسلوب الاستفادة من الثروة، حيث إنه لا إشكال في أصل الموضوع؛ لأن كل ثروة يتمّ إنتاجها في المجتمع ستعود عليه جميعاً بالغنى والثراء. وأما الأمر الثاني: فهو من الحساسية بمكان، وهو كيفية التصرّف في الأموال والثروات، وألا تكون من مصدر غير قانوني، وليست ناتجة عن التزوير وتقلبات السوق، وأن تُنفق في مجالات لا يعارضها الشرع، وأن تضخّ الحياة في شريان المجتمع، وألا تذهب هَدْراً في الفساد.

لاحظوا هذه الآية الشريفة من سورة القصص مع باقي الآيات التي تتحدث حول قارون، الذي كان نموذجاً صارخاً للثراء غير المشروع من وجهة نظر الدين والإسلام والقرآن، حيث قال له قومه وهم من كبار العظماء والمتدينين من بني إسرائيل، أو موسى عليه السلام (وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة).

وهو على غرار ما عندنا في الروايات(نِعْمَ العون الدنيا على الآخرة)، فهذه نصيحة، وأما نصيحتهم الثانية فهي (ولا تنسى نصيبك من الدنيا)، والثالثة هي (وأحسن كما أحسن الله إليك)، والنصيحة الرابعة (ولا تبغ الفساد في الأرض).

إنّ آفة الثروة، الفساد والترف. فَهُم لا يقولون له لا تجمع المال والثروة، أو لا تنمّي ما لديك من موارد مالية، أو لا تستخدمها في الإنتاج والإعمار والتجارة، بل إنهم يقولون له إياك أن تُسيء استغلالها، بل عليك استخدامها بالصورة الصحيحة، وأفضل طريق لذلك الاستفادة منها لإعمار الآخرة دون أن تنسى نصيبك من الدنيا. وهذا هو منطلق الإسلام.

لقد قرأتم في الكتب وسمعتم من الخطباء على المنابر أنّ أمير المؤمنين(عليه السلام) كان يملك أوقافاً كثيرة. وكان يقول (لا وقف إلا في ملك) فمن لا يملك لا يستطيع أن يُوقِف.

فهذه الأوقاف كانت أملاكاً لأمير المؤمنين، ولم يحصل عليها من الإرث بل حصل عليها بعرق جبينه، ففي تلك الأوضاع حيث كانوا يعانون من قلّة المياه كان أمير المؤمنين يحفر الآبار ويستخرج ماءها وينشئ المزارع والحقول ويسقيها، ثم يقوم بوقفها. لقد ظلت بعض أوقاف أمير المؤمنين باقية لعدة قرون؛ مما يدل على أصالتها وأهميتها. وعلى أية حال فإن الحصول على الثروة يعدّ من الأمور الحسنة. وإذا كان الهدف من ذلك هو إنفاقها في سبل الخير وتطوير البلاد وإعانة المحرمين فإن لذلك أجراً حسناً وثواباً.

وإذا ما سألني أحدهم أيهما أفضل: إنقاذ عشرين شخصاً أو مئة شخص من الحرمان والفقر أو التبرّع مثلاً لخمسين شخصاً بزيارة الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام)، فهل هذا أفضل أو الذهاب للعمرة عشر سنوات متتالية، فإنني أفضّل الأمر الأول بكل تأكيد، ولا داعي للذهاب للعمرة كل عام.

إنّ الحصول على الثروة أمر ممدوح في حدّ ذاته؛ وذلك إذا كان بقصد مساعدة المحتاجين، وعند ذلك ستكون هناك حسنة إلهية وأجر إلهي وأخروي.

إنّ مواطنينا هم من أهل الخير، ولا ينبغي تجاهل هذه الحقيقة، وهي ظاهرة قديمة وليست حديثة، ولربّما غدت أكثر بروزاً في العصر الحاضر.

إنّ نهضة بناء المدارس كشفت عن عدد كبير من أهل الخير الذين هبّوا لتقديم العون وبذل المال، وكذلك النهضة الصحية وبناء المستشفيات التي بدأت في مشهد قبل الثورة، ولعل أفضل المستشفيات في مشهد تلك التي ساهم أهل الخير في إنشائها.

وكذلك هو الحال في المدن الأخرى. لقد استقبلتُ بعض الذين جاءوا إلينا من شيراز من الناشطين في الميدان الصحي والطبي، وكانت لهم إنجازات قيمّة ومفيدة، حتى أنني أوصيت بنقل هذه التجربة إلى الأماكن الأخرى. وهكذا هم أبناء الشعب من الأغنياء وأصحاب الأموال، فهم القادرون على تقديم العون والتبرّعات.

لقد كان جرحى التظاهرات إبّان الثورة الإسلامية يهرعون إلى أحد المستشفيات هنا في طهران، وهي مستشفى التجار الذي أنشأه عدد من أهل الخير من مواطنينا الطيّبين.

إنّ هذه الأوقاف الموجودة اليوم وكل تلك الأعمال الخيرية كانت نتيجة الحصول السليم على الثروة؛ وهو ما لا نعارضه، فلماذا يثار في الخارج أنّ النظام الإسلامي والمسؤولين في إيران يبغضون ثراء المواطنين ويعارضون الحصول على الثروة والمال؟

إنّ هذا يجانب الحقيقة والواقع. إنّ هذا الإشكال ليس وارداً في اعتقادنا.

2017-03-16