يتم التحميل...

التبليغ النافذ ما كان مصحوبا باليقين والبصيرة

ثقافة إسلامية

التبليغ النافذ ما كان مصحوبا باليقين والبصيرة

عدد الزوار: 127

من كلمة الإمام الخامنئي في جمعٍ من الطلاب ورجال الدين_13/12/2009
التبليغ النافذ ما كان مصحوبا باليقين والبصيرة

مناسبات تعكس عمل "التبليغ" بصورة عملية
أ ــ المباهلة لتمييز الحق من الباطل
يوم المباهلة هو اليوم الذي جاء فيه رسول الإسلام الكريم (ص) إلى الساحة بأعزّ عناصره الإنسانيّة. النقطة المهمّة في باب المباهلة هي: "وأنفسنا وأنفسكم ونساءنا ونساءكم"1. اختار الرسول الأكرم أعزّ الناس وجاء بهم إلى الساحة للمحاججة التي يراد لها أن تكون مائزًا بين الحق والباطل ومعيارًا واضحًا يعرض أمام أنظار الجميع. لم يسبق أن أخذ الرسول، في سبيل تبليغ الدين وبيان الحقيقة، يد أعزّائه وأبنائه وابنته وأمير المؤمنين -وهو أخوه وخليفته- وأتي بهم إلى وسط الساحة. هكذا هو الطابع الاستثنائي ليوم المباهلة؛ أي ما يدلّ على مدى أهميّة بيان الحقيقة وإبلاغها. يأتي بهم إلى الساحة بهذه الدعوة ليقول تعالوا نبتهل فيبقى منّا من كان على الحق، ويحلّ العذابُ الإلهي بمن هو على خلاف الحق.

ب ــ عاشوراء بيان جلي للحقيقة
ومثل هذه القضيّة حصلت في محرّم بشكل عملي. بمعنى أنّ الإمام الحسين (عليه الصلاة والسلام) أحضر من أجل بيان الحقيقة والتوضيح على طول التاريخ أعزّ أعزائه للساحة. فالإمام الحسين (عليه السلام) الذي كان يعلم كيف ستنتهي الواقعة، أخذ زينب وأخذ زوجاته وأبناءه وإخوته الأعزّاء. هنا أيضًا كانت القضيّة قضيّة تبليغ الدين؛ التبليغ بالمعنى الحقيقي للكلمة: إيصال الرسالة، و[تنوير] وتوضيح الأجواء؛ هكذا يمكن فهم أبعاد قضيّة التبليغ ومدى أهميّتها. في تلك الخطبة "من رأى سلطانًا جائرًا مستحلًّا لحرم الله ناكثًا لعهد الله؛ ولم يغيّر عليه بفعل ولا قول كان حقًّا على الله أن يدخله مدخله"2 أي حينما يلوّث السلطانُ الأجواء بهذا الشكل وحينما يخرِّب بهذا الشكل، يجب النـزول إلى الساحة وممارسة التنوير إمّا بالفعل أو بالقول. وقد قام الإمام الحسين (عليه السلام) بهذه المهمّة وبهذه التكاليف العالية. أخذ عياله، وزوجاته، وأعزّاءه، وأبناء أمير المؤمنين، وزينب الكبرى إلى وسط الميدان.

ج ــ الوحدة بين الحوزة والجامعة
المناسبة الثالثة هي البعد المعاصر للقضية أي الوحدة والارتباط بين الحوزة والجامعة. هنا أيضًا المسألة مسألة بناء وإبلاغ. ارتباط منظومة الطلبة الجامعيّين الهائلة بعلماء الدين وبالشباب العاملين في طريق المعرفة الدينيّة والتبليغ الديني، وهو الأمر المنشود والمطلوب في هذه المناسبة، أي إنّ المناسبة من أجله. هذا هو معنى الوحدة بين الحوزة والجامعة. وإلّا ليس المراد الوحدة العينيّة والخارجيّة، فهذا ليس له معنى. الحوزة هي حوزة والجامعة هي جامعة. الوحدة والارتباط الحقيقي بين مجموعتين مؤثّرتين ومهمّتين، عملت السياسات -إلى أن أعلن إمامنا العزيز عن هذه الوحدة- على إبعادهما وفصلهما عن بعضهما؛ تبقى الجامعة بعيدة عن الإسلام، وتبتعد الحوزة عن التطوّرات العالميّة والتقدّم العلمي. ولتبقيان بعيدتان عن بعضهما، فلا يساعد هذان الجناحان بعضهما بعضًا ولا ينسّقان معًا. هذه القضيّة تعود إلى مسألة التبليغ، وهنا تبرز أهميّة التبليغ. حينما ندرس إنّما نفعل ذلك من أجل أن نستطيع إبلاغ الرسالة الإلهيّة، سواء على صعيد المعارف الإلهيّة أو على صعيد الأحكام الدينيّة، أو على مستوى الأخلاق الإلهيّة.

التبليغ النافذ ما كان مصحوبا باليقين والبصيرة
إذًا، هذه المناسبات وأساس قضيّة التبليغ ناظرة إلى العمل المصحوب بالبصيرة واليقين؛ لا بدّ من البصيرة. اليقين هو الإيمان القلبي الملتزم، وهو حالة لا بدّ منها، إذ يجب السير على أساس هذه البصيرة واليقين. إذا كانت البصيرة وإذا كان اليقين ولكن لم يجر إنجاز عمل ما فهذا غير منشود؛ أي إنّ عمليّة التبليغ لم تحصل. وإذا تمّ تبليغ شيء معيّن ولكن من دون بصيرة ولا يقين لكان فُقد أحد الأركان، ولن تحصل الغاية المرجوّة. اليقين هو ما أشارت إليه الآية: "آمن الرسول بما أنزل إليه من ربّه والمؤمنون كلٌّ آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله"3، بمعنى أنّ الشخص الأوّل الذي لديه اعتقاد وإيمان عميق بالرسالة هو حامل الرسالة نفسه. وإذا لم يكن هذا فلن تستمرّ المهمّة ولن يكتب لها النفوذ والنجاح. ويجب أن يترافق ذاك الإيمان مع البصيرة. وقد ذكرت بعض الأفكار حول البصيرة واتّضح الأمر.

هذا هو العمل الصالح. أي "إنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات"4. والحق أنّ العمل الصالح والمصداق الأتمّ للعمل الصالح هو هذا التبليغ الذي يجب أن يحصل. إذن، يجب التفكير والعمل حول التبليغ. النقطة التي ذكرها حضرة الشيخ مقتدائي5 في كلمته لم أكن قد سمعتها، وهي نقطة مهمّة بالنسبة لي حيث قال إنّه تمّ تأسيس مركز للتخطيط حول تبليغ الدين. هذا هو الشيء الذي أردت المطالبة به والتأكيد على ضرورة إنجازه.
 


1- سورة آل عمران، الآية 61.
2- مقتل أبي مخنّف، ص 85.
3- سورة البقرة، الآية 285.
4- سورة البقرة، الآية 277.
5- رئيس الحوزة العلمية في قم.

2017-03-16