يتم التحميل...

البعثة النبوية : ألإسلام في مواجهة الجاهلية

ثقافة إسلامية

البعثة النبوية : ألإسلام في مواجهة الجاهلية

عدد الزوار: 120

من كلمة الإمام الخامنئي في مسؤولي الدولة والنظام الإسلامي وسفراء الدول الإسلامية بمناسبة يوم البعثة 16/05/2015
البعثة النبوية : ألإسلام في مواجهة الجاهلية

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلّى الله على محمد وآله الطاهرين

إستهلال
أبارك حلول هذا العيد التاريخي العظيم؛ الذي لا مثيل له، لكم جميعًا أيّها الحضور الكريم والضيوف الأعزاء، ولعموم الشعب الإيراني، ولمسلمي العالم أجمع، ولكلّ من ينبض قلبه للعدالة والإنسانيّة والحريّة. فإنّ المبعث عيدٌ لكافة أبناء البشر ولا يقتصر على المسلمين.

الجاهلية : معناها وجغرافيتها قبل البعثة
والهدف من الاحتفال بهذا اليوم وإحياء ذكراه هو مراجعة مضمونه واستقاء الدروس منه. فنحن نحتاج دائمًا إلى دروس البعثة؛ إذ لم يكن المبعث حادثة تاريخيّة تحقّقت في حقبة زمنيّة معيّنة وانتهت، بل هي لجميع الحقب التاريخية.

وما أودّ اختياره اليوم من هذا الكمّ الهائل لدروس البعثة وأطرحه عليكم باقتضاب، هو أنّ البعثة جاءت لمواجهة الجاهليّة. والجاهليّة في النصوص والثقافة الإسلاميّة هي الحقبة التي سبقت بزوغ نبوّة النبي الأكرم. ولا يُتصوّرنّ أنّ الجاهليّة كانت مختصّة بالجزيرة العربيّة وبالعرب في مكة والحجاز وسائر البقاع، بل كانت عامة وشاملة. فإنّ إيران في ذلك اليوم والإمبراطورية الرومانية آنذاك كانتا غارقتين في غياهب الجاهليّة. وقد ظهر الإسلام وجاءت البعثة لتواجه هذه الجاهليّة برمّتها. كما وأنّ معنى الجاهليّة لا يتلخّص في فقدان العلم، بل يفوق معناها ذلك بكثير كما جاء في التعابير والأدبيّات الإسلاميّة. وإنّ فقدان العلم يشكّل جزءًا من الجاهليّة؛ أما الجاهليّة بمعناها الواسع، فهي عبارة عن غلبة القوى الشهوية والغضبية الإنسانية وحاكميّتها على بيئة الحياة. وهي تعني أن المجتمعات البشريّة التي غالبًا ما تتأثر بالنزعات الشهوية والغضبية لحكامها ؛ تتبلور بطريقة تتضاءل فيها الفضائل، وتسود فيها الرذائل.. هذه هي الجاهليّة.

رسالة الإسلام مواجهة الجاهلية
ولقد ساد نطاق واسع من الضلال والانحراف في حياة شعوب الجاهليّة: فمن جانب جموح الشهوات النفسانية والجنسية وما إلى ذلك - ولكم أن تلاحظوا بيئة الجزيرة العربية، وعلى غرارها سائر البيئات أيضًا، حيث كانوا غارقين في بحر الشهوات الجامحة، وكان يلجأ إلى الفجور والمجون كلّ من استطاع إلى ذلك سبيل. ومن جانب آخر، فقد بلغ نفس هؤلاء المنقادين لشهواتهم, في مقام القسوة والتدمير وسفك الدماء, حدًّا لا يخطر على قلب بشر، حيث كانوا يقتلون أولادهم: (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ) [الانعام/140]. وهذا السفه هو تلك الجاهليّة نفسها. إذ قد بلغت القسوة بهم أن لا يرحموا حتى أولادهم فضلًا عن أولاد الآخرين وقتل الأبرياء من النساء والأطفال الأبرياء! هذه هي الجاهليّة: فالشهوة من جانب والغضب من جانب آخر. وقد وقعت بيئة الحياة أسيرة بيد هاتين القوتين الجامحتين دون رادع. فجاء الإسلام لتغيير ذلك. وكانت هذه الأوضاع نفسها سائدة بالطبع في بلاط إيران الساسانية وبلاط الإمبراطورية الرومانية، وفي كل مكان تحكمه الإمبراطوريات والحكومات الجائرة والطاغوتية. وقد نهض الإسلام لمواجهة كلّ هذا الواقع البشع؛ (لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا) [الفرقان/1]، حيث خاطب العالم بأجمعه في هذا الإنذار؛ هذه هي رسالة الإسلام.
 


1- -قبل كلمة الإمام الخامنئي, ألقى الشيخ حسن روحاني رئيس الجمهورية كلمة.

 

2017-03-16