الإسلام سفينة نجاة البشرية ومصدر عزتها وكرامتها
ثقافة إسلامية
الإسلام سفينة نجاة البشرية ومصدر عزتها وكرامتها
عدد الزوار: 81
من كلمة
الإمام الخامنئي دام ظله في مدراء الدولة بمناسبة المبعث النبوي الشريف ــ الزمان:
30/06/2011م.
الإسلام سفينة نجاة البشرية ومصدر عزتها وكرامتها
النبي الأكرم (ص) صانع الحضارة الإسلامية
يقول أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام:
"أرسله على حين فترة من الرسل وطول هجعة من الأمم". فالبعثة وقعت بعدما
كانت البشرية محرومة ولعصورٍ طويلة من حضور الأنبياء الإلهيين. فقد مرّ على ظهور
النبيّ عيسى حوالي ستمائة سنة، فلمئات السنين والبشر لم يروا سفيراً إلهياً بينهم.
وماذا كانت النتيجة؟ "والدنيا كاسفة النور ظاهرة الغرور"،
كانت الدنيا مظلمة والمعنويات فيها ضامرة والناس يسيرون في متاهات الجهالة والضلالة
والغرور. ففي مثل تلك الظروف أرسل الله تعالى النبيّ.
لقد أعدّ الله تعالى النبي المكرّم، هذا العنصر اللائق، من أجل مثل هذه الحركة
العظيمة على مرّ تاريخ البشرية. لهذا تمكّن وعبر 23 سنة أن يوجد تياراً استطاع أن
يتفوّق على جميع الموانع والمشكلات، ويتقدّم بالتاريخ إلى يومنا هذا. 23 سنة زمنٌ
قصير. وفيها 13 سنة من الجهاد في غربة، وفي مكّة بدأ مع خمسة أشخاص ثمّ عشرة ثمّ
خمسين، وتمكّنت فئة قليلة من مقاومة الضغوط الهائلة للأعداء المتعصّبين والجهلة.
تمكّن من بناء أركان محكمة لإشادة مجتمعٍ وحضارة إسلامية. ولاحقاً هيّأ الله تعالى
ظروفاً تمكّن النبيّ معها من الهجرة إلى المدينة ليوجد هذا النظام وهذا المجتمع،
وليخطّط لهذه المدنية. وكل المدّة التي تطلّبت من النبي الأكرم تشييد هذا النظام
الجديد وبناءه وتهيئته والتقدّم به كانت عبارة عن عشر سنوات، أي أنّها كانت مدّة
قصيرة. ومثل هذه الأحداث تضيع في العادة وسط طوفان أمواج حوادث الدنيا وتزول
وتُنسى. فعشر سنوات هي مدّة قصيرة جداً؛ لكنّ النبيّ الأكرم استطاع في هذه المدّة
أن يغرس هذه الغرسة ويسقيها ويهيّئ لها أسباب النموّ. أوجد حركة أدّت إلى هذه
الحضارة التي بلغت قمّة التمدّن البشري في عصرها، أي في القرن الثالث والرابع
الهجري. لم يُشاهد في كلّ عالم ذلك اليوم مع كل السوابق الحضارية والحكومات
المقتدرة والتراث التاريخي المتنوع أيّة حضارة بعظمة ورونق الحضارة الإسلامية وهذا
هو فنّ الإسلام.
وهذا في حين أنّه بعد عصر نبيّ الإسلام الأكرم، أي بعد تلك السنوات العشر، حدثت
وقائع مختلفة ومرّة في الأمّة الإسلامية وظهرت موانع ونزاعات واختلافات داخلية. فمع
كل هذه، الانحرافات التي حصلت على مرّ الزمان، والشوائب التي انبعثت داخل التيّار
الإسلامي ونمت، فإنّ النبيّ الأكرم ورسالة البعثة وعلى مدى حوالي أربعة قرون تمكّن
من تحقيق تلك العظمة التي جعلت كلّ العالم وكل الحضارات اليوم مدينة لتلك الحضارة
في القرن الثالث والرابع الهجريين عند المسلمين، فهذه تجربة.
الإسلام سفينة نجاة البشرية
لو أنّ البشر فكّروا وراعوا الإنصاف لصدّقوا بأنّ نجاة البشرية وسيرها
نحو الكمال سيكون ممكناً ببركة الإسلام ولا غير. نحن المسلمين لم نقدّر تلك النعمة،
فأكلنا من الوعاء وكسرناه ولم نعرف قدر الإسلام. نحن لم نحافظ على تلك الأسس
والأركان التي شادها النبيّ الأكرم من أجل بناء المجتمعات الإنسانية الراقية
والمتكاملة؛ لم نكن شاكرين، وقد لقينا نصيبنا من جرّاء ذلك. كان للإسلام مثل هذه
القدرة وما زال في إيصال البشرية إلى السعادة والكمال والتكامل على الصعيدين المادي
والمعنوي. إنّ تلك الأسس والأركان التي وضعها النبيّ أركان الإيمان والعقلانية
والجهاد والعزّة هي الأركان الأساسية للمجتمع الإسلامي. فلنعزّز إيماننا في قلوبنا
وفي عملنا؛ فلنستفد من العقل البشري الذي هو هدية إلهية كبرى للبشر، فلنستمرّ في
جهادنا في سبيل الله سواء في ميادين الجهاد العسكري حيث يلزم أم في الميادين الأخرى
كالميدان السياسي والاقتصادي وغيرهما، ولنغتنم شعور العزّة والكرامة الإنسانية
والإسلامية ونحفظها لأنفسنا.
عندما يتم إحياء هذه الأمور في المجتمع فبالتأكيد تجعله يسير وفق الحركة الإسلامية
التي هي خطّ نبيّ الإسلام المعظّم. فببركة نداء الإسلام ونداء الإمام الجليل، نحن
شعب إيران تمكنّا من تحقيق قسمٍ منها في حياتنا، وها نحن نشاهد آثارها وثمارها.