الشباب طاقة الشعب والبلاد للعبور نحو ألأهداف المنشودة
الشباب
الشباب طاقة الشعب والبلاد للعبور نحو ألأهداف المنشودة
عدد الزوار: 89
من كلمة
الإمام الخامنئي(دام ظله) في لقاء النخب العلميّة الشابة/28-7-1395 ه ش 19-10-2016
م
الشباب طاقة الشعب والبلاد للعبور نحو ألأهداف المنشودة
"النخب ؛" لا سيما "الشبابية منها"، هدايا إلهية نفيسة
وحيث إنّي وُفّقت وكان هذا من حسن حظي – إنّني حقًّا أعتبر هذا حظًّا
وإقبالًا لي- أن ألتقي بكم أيها الشباب الأعزاء، فهو بالنسبة لي توفيق استثنائي
وأنا أستبشر خيرًا بهذا اللقاء معكم في هذه الأيام.
حسنٌ، أنا العبد مسرور جدًّا بلقائكم أيها الأعزاء من النخب. الكلام الذي نقوله
ونسمعه حول مواضيع هذه الجلسة يتكرّر باستمرار طوال العام. إنني أسمع وأقرأ الكثير
من الأمور المشابهة لما طرحه هؤلاء الشباب الأعزاء وبيّنوه هنا، وأتابعه عبر
التقارير المتعدّدة طوال العام وإن كان هناك عمل يمكنني القيام به حول هذه المسائل
فإنّني أقوم به. الكلام الذي سنطرحه الآن كذلك، أنا العبد أطرحه على مدار السنة
خلال اللقاءات المختلفة؛ سواءً مع الجامعيّين أو في الجلسات واللقاءات الأخرى؛ لكن
هذا اللقاء بحدّ ذاته والجلوس معكم هو أمر جميل وجذاب بالنسبة لي. شبابنا النخبة قد
اجتمعوا هنا وها نحن نتحدّث معهم. وسأطرح فيما بعد بعض العبارات في وصفكم.
أوّلًا؛ إنّ النخب –الشباب وخاصة الشباب النخبة- هم هدايا إلهية نفيسة لشعب ولبلد.
لا تتمتّع كل البلدان بهدايا كهذه، بهذا الحجم والتنوع الواسع والعدد الوافر. هذه
إحدى ميزات بلدنا، فهو لديه طاقات بشرية ذات نوعية جيدة وكمية كبيرة. إنها من
الخصوصيات المميّزة لبلدنا والتي قلّ نظيرها؛ إنها هدية إلهية، هدية غالية وذات
قيمة عالية. وبالنتيجة، فإنّ على مسؤولي البلاد أن يقدّروا هذه الأمانات ويحافظوا
عليها، لأنّ هذه الهدية هي أمانة بيد المسؤولين؛ بدءًا من مؤسسة النخب والسيد
الدكتور ستّاري والمجلس الأعلى للثورة الثقافية، وصولًا إلى وزارة التعليم العالي
ووزارة الصحة ووزارة التربية والتعليم وباقي الأجهزة والمؤسسات الرسمية التي يمكن
أن يكون لها علاقة بالطاقات البشرية والطاقات الشابة. إنّ الشباب النخبة هم أمانة
بيد هؤلاء. إنها أمانة غالية ويجب مراقبتها بشكل كبير، للمحافظة عليها، وحين يكون
لدى هذه الأمانة قابليّة للنمو والزيادة، فإنّ عليكم أن تشعروا بالمسؤولية حيال
نموّها وازديادها.
"الشباب" نعمة أنتم مسؤولون عنها
من جهة أخرى فإنّ الإنسان هو موجود مختار. لقد منح الله تعالى الاختيار
للإنسان فيمكنه أن يقوم بهذا العمل أو لا يقوم. ولازمة الاختيار المسؤولية؛ إن لم
يكن لدينا الخيار في عمل؛ فإننا لا نتحمّل المسؤولية. حين نتمتّع بالاختيار،
فبالطبع تقع علينا مسؤولية.
لقد خلقكم الله تعالى أيها النخب بقدرة على الاختيار؛ ووهبكم هذه الهدية وهذه
النعمة. وهي عبارة عن طاقة مميزة وإمكانيات بارزة. فيمكنكم أن تستفيدوا منها أو لا
تستفيدوا. يمكنكم استخدامها في الطريق الصحيح ويمكنكم عدم استخدامها. الخياران
ممكنان؛ وبالتالي فأنتم مسؤولون. لا تنحصر المسؤولية فقط لدى الأشخاص الذين هم
أصحاب الأمانة، صاحب الأمانة الأصلي والأول هو أنتم أنفسكم؛ أنتم مسؤولون أيضًا.
إنّ أوّل مسؤولية وأكبرها هي شكر الله تعالى الذي أعطاكم نعمة الطاقة هذه. فماذا
يعني الشكر؟ إنه يعني أن تعلموا أوّلًا أنّ هذه نعمة، وأن تعلموا أنّ هذه نعمة من
الله؛ وأن تعدّوا أنفسكم مسؤولين في مقابل هذه النعمة وهذه المسؤولية هي أن
تستخدموا هذه النعمة في مكانها المناسب. هذه هي الأركان التي تشكّل الشكر. هكذا
يكون الشكر، ليس فقط الشكر اللساني، بل هو مجموعة من هذه الأمور التي ذكرتها.
لماذا كل هذه الأهمية للنخب؟
أنني أقول لكم: لماذا نعطي كل هذه الأهمية للشباب وللعلم وللنخب
وللطاقات الأعلى، فنفرح لرؤيتهم ونخصّص الكثير من الوقت لهم. إنّنا حقًّا نخصّص
وقتًا كثيرًا لهم ــ اعلموا هذا الأمر ــ ونبذل الجهد والهمّة وما شابه، لماذا؟
لأنّ لدينا تجربة تاريخيّة مريرة، فخلال عهود طويلة ضخّوا فينا "جينات" العجز
و"إننا لا نستطيع"، و"جينات" التبعيّة للآخرين. على مرّ سنوات متمادية، من عهد
القاجاريين وحتى العهد البهلوي، أوجدوا لدى شعبنا –هذا الشعب المميّز بطاقاته
وإمكاناته- هذا الشعور الداخلي بانعدام القدرة والعجز والإحساس بالضعف. لقد رسّخوا
فينا ذلك – في عموم المجتمع الإيراني- ونحن الآن لدينا هذه التجربة السابقة التي
بنتيجتها تم تعريفنا كشعب تابع وهوية تابعة تسعى للسير خلف الغرب.
يوجد الكثير من الكلام –كلام تاريخي واجتماعي وتحليلي- في هذه المجالات، لكن هذا
ليس وقته ولا مكانه ولم نجتمع الآن لأجله.
الشباب طاقة الشعب والبلاد للعبور نحو ألأهداف المنشودة
وهناك هدف كبير يُحتِّم على جميع المسؤولين الاهتمام بالنخب كفريضة
وكواجب لا يمكن اجتنابه. يوجد هنا هدف كبير، وهذا الهدف يستدعي أن تكون النظرة إلى
النخب نظرة جدّيّة وعمليّة ونظرة رحمة وحنان ومتابعة دؤوبة. ما هو ذلك الهدف؟ إنّه
عبارة عن تبديل إيران إلى بلد متقدّم وشريف: شريف في مقابل لئيم وخبيث ــ وهي صفات
بعض الدول والقوى حاليًّا ــ وإلى بلد يحمل الأفكار الجديدة في القضايا الإنسانيّة
والمسائل العالمية. أن يكون لإيران، في مجالات القضايا الإنسانية ومسائل حياة
البشريّة، كلام جديد وأفكار جديدة تطرحها على العالم لأنّ وضع البشريّة حاليًّا ليس
وضعًا جيّدًا. هل يوجد اليوم بين مفكّري العالم من هو راضٍ عن وضع البشريّة؟ ولا
فرق في هذا بين الشرق والغرب. انظروا إلى كلام مفكّري العالم؛ الكلّ يشتكي ويتألم
من الحياة الشاقة للبشريّة اليوم. حسنًا، هناك كلام يجب أن يُقال وأفكار يجب أن
تُطرح لشقّ طريق جديد وسط هذا الانسداد الحالي للأفق. يجب على إيران الإسلاميّة أن
تطرح هذه الأفكار الجديدة.
والهدف كذلك، تبديل البلد إلى بلد يتمتّع بالعزة ويستشعر العزّة. قد تكونون أحيانًا
أعزّاء ولكن لا تشعرون بالعزة. من القضايا التي أتابعها منذ عدة سنوات، هي أن نشعر
بالعزة ــ هذه العزّة التي وهبنا إياها الله تعالى ــ أن نستشعر العزّة. الإحساس
بالعزّة هو عنصر من العناصر التي تشكّل العزّة الحقيقيّة.
كذلك أن يكون بلدًا مفعمًا بالمعنويات والإيمان. قلنا نريد بلدًا متقدّمًا وما
شابه، لكن إلى جانب التقدّم والتطوّر يجب أن يكون هناك المعنويات والإيمان. إنّ
الآفة الكبرى للعالم القوي اليوم هي أنه يوجد قوة ولا يوجد إيمان. انظروا إلى وضع
انتخابات رئاسة الجمهورية في أمريكا: يتنافس عليها الآن شخصان. انظروا وتأمّلوا في
مناظراتهما،: لاحظوا ماذا يفعلان وماذا يقولان لبعضهما. إنّ أحدهما سيصبح رئيسًا
للجمهوريّة، أين؟ في إحدى الدول الكبرى ذات عدد السكان الكبير والثروة والتطوّر
العلمي الهائل. أحد هذين المرشّحين سيصبح رئيس هذا البلد الذي يمتلك أكبر ترسانة
سلاح نووي وأكبر ثروة في العالم وأضخم وسائل إعلاميّة في قبضته. سيكون رئيس هذا
البلد أحد هذين الشخصين اللذين ترون من هما وكيف هما. كل هذا بسبب غياب المعنويات
وبسبب فقدان الإيمان.
نريد بلدًا يحمل راية الحضارة الإسلاميّة الجديدة. هدفنا هو بلد كهذا. لاحظوا أنّي
قد ذكرت الآن تسعة شواخص. نحن نريد تبديل بلدنا إلى بلد يتمتّع بهذه الخصوصيات.
بالطبع لم يكن الوضع سيّئًا في أقسام في منتصف الطريق، لقد أنجزنا العديد من مراحل
التقدم ولكنها لا تزال في وسط الطريق، يجب أن نتقدّم ونسير إلى الأمام، يجب أن نصل
إلى القمم. وهذا غير ممكن بدون جيل شاب من النخب. ينبغي وجود جيل يمكنه تحقيق هذا
الهدف؛ من الذين لا يترددون أبدًا في ضرورة الوصول إلى هذا الهدف. حيث نعتبر أنفسنا
مسؤولين بعنوان إنسان، بعنوان مدير ومسؤول، بعنوان مسلم وبعنوان إيراني. من لا
يعتقد بالإسلام ولا يقبله، فهو إيراني. وبالتالي كونه إيراني يحمّله مسؤولية أيضًا،
بهذه العناوين المحمّلة للمسؤولية؛ أن نعتبر أنفسنا مسؤولين ومكلّفين أن نوصل البلد
إلى هذا الهدف.
حسنًا ما هو السبيل؟ إنّه تربية وإعداد جيل يتمتّع بخصوصيات ومميزات: يجب إعداد جيل
شجاع متعلّم، متديّن مبدع، متفوق ومبادر، واثق بنفسه وغيور. بالتأكيد ولحسن الحظّ
فإنّ الكثير من هذه الخصوصيات موجودة في الجيل الشاب اليوم ولكن يجب أن تنتشر وتعمّ
أكثر. إنّنا نحتاج لجيل كهذا. بحيث يتحلّى بالإيمان والعلم والثقافة والغيرة
والشجاعة والثقة بالنفس والدافع الكافي للحركة والنشاط، أن يتحلّى بالطاقة والقدرة
الجسديّة والفكريّة، أن يركّز على الهدف وينظر إلى الأهداف البعيدة. وكما عبّر أمير
المؤمنين "أعِر الله جمجمتك"4،
بحيث يضع حياته ووجوده في سبيل الهدف ويتحرّك بجدّية نحوه. ويمكن تلخيص كل هذه
المواصفات بكلمة واحدة: أن يكون إنسانًا ثوريًّا. هذا هو معنى الثوريّة. بعضهم
وبسبب عداوته يفسّر الثورية بشكل سيّئ. فيعتبر أن الثورية تعني الجهل وقلة العلم
وضعف الثقافة وعدم الاهتمام وغياب الانضباط. كلا، فإنّ هذه الخصائص هي تمامًا بعكس
الثورية. الثوري هو المثقّف المتعلّم، الذي يتمتّع بالانضباط والتديّن والحركة
والنشاط، يتحلّى بالعقل والحكمة. نحن نحتاج إلى جيل كهذا. هذا الجيل هو جيل شبابنا،
فهو رصيد هذه الحركة, والمولّد المحرّك لهذه النهضة هم النخب الشبابيّة؛ هكذا هي
النخب. أنتم المولّد المحرّك. متى عملتم بشكل جيد، سيتحرّك الجيل الشاب في هذا
الاتجاه الذي ذكرته. هذا هو السبب في اهتمامي بالنخب وتقديري لجهودهم. النخبة لها
قيمة عالية.