حجاب المرأة في ظل النظام الإسلامي
المرأة والأسرة
إحتفاظ المرأة بحجابها في ظل النظام الإسلامي لم يحول دون رقيها الإجتماعي
عدد الزوار: 173
كلمة
الإمام الخامنئي دام ظله في ذكرى ميلاد سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها
السلام. الزمان: 13/4/1386هـ. ش ـ 19/6/1428هـ.ق ـ 4/7/2007م.
إحتفاظ المرأة بحجابها في ظل النظام الإسلامي لم يحول دون رقيها الإجتماعي
الغرب حط من شأن المرأة بنزعه سترها عنها ورميه إياها في مستنقع الرذيلة
وأما الهدف الثاني فهو: النظرة النموذجية لهذا الاجتماع.
وكما أشرت مراراً، فإننا أصحاب دعوى على العالم فيما يتعلق بقضية المرأة، وأمّا أن
تأتي بعض المؤسسات التابعة للأمم المتحدة وسواها أو تأتي بعض التجمّعات الصحافية
لتفعيل الإثارات حول موضوع الحجاب وما شابه باسم حقوق الإنسان، فإن هذا لن يغيّر من
الحقيقة شيئاً، وإننا أصحاب دعوى على العالم، وعندما أقول العالم، فإنني أعني به
العالم الغربي.
إننا نحن الذين نخاطب العالم قائلين: لقد ارتكبتم خيانة بحق البشرية جمعاء،
ولاسيّما المرأة، وذلك عن طريق جرّ المرأة والرجل إلى مستنقع الجنس والرذيلة،
والتشجيع على العلاقات الجنسية اللامشروعة وغير القانونية، وإغراء المرأة بخوض
الميادين الاجتماعية خليعةً متبرجة.
إنّ من الواضح أنّ المرأة تمثّل النصف الحلو الجميل من الخليقة. وهذا الجمال لا
ينفك بطبيعته عن شيء من الاستتار والحياء، وهي ميزة هذا الجزء الجميل واللطيف من
الوجود الإنساني.
ولكنهم مزّقوا هذا الستار، وكل ما كان من المفترض أن يسير في الحياة وفقاً للقواعد
والقوانين ـ وهي حاجة الإنسان الغريزية، رجلاً كان أو امرأة ـ فإنهم جاءوا وجرّدوه
من كل مبدأ أو قاعدة وقانون, وأشاعوه في المجتمع بشكله هذا الممجوج، وكانت السياسات
الغربية هي من ارتكب هذه الخيانة العظمى بحق المرأة بالدرجة الأولى, وبحق البشرية
جمعاء بالدرجة التالية، رجالاً كانوا أو نساءاً.
ولا شك أنهم كانوا أول من تحمّل العواقب الوخيمة لمثل هذا السلوك. والآن فإن
الجنسية المثلية تعتبر إحدى أبرز الكوارث في العالم الغربي المعاصر.
وبالطبع، فإنهم لا يُفصحون عن ذلك، ولكن حقيقة الأمر هي أنّ هذه المعضلة تعدّ من
الأمراض المستفحلة والتي يستعصي علاجها على العلماء والمفكرين، ولا حيلة لأحد
أبداً. لقد مضوا على هذا المنوال، وهكذا هي أدبياتهم التي تحثّ على السفور والعُري
والخلاعة في مجال الجنس والعلاقة بين المرأة والرجل. فوظُفوا المرأة ـ أي ذلك القسم
الجميل واللطيف والمحجوب خلف ستار الوجود البشري ـ للعمل، والإعلانات، والدعاية،
مستغلّين ابتسامتها، وفتنتها، وجسدها، ووجهها للدعاية للأغراض الجنسية الوضيعة،
والحصول على الثروة، وهو ما كانت له بالطبع عواقبه الوخيمة.
لقد حدث هذا بوسيلة الأيدي والسياسات الغربية، ولا دخل للديانات في ذلك، مسيحية
كانت أو يهودية، بل يعود لتلك السياسات الجديدة التي فرضوها على العالم منذ نحو مئة
وخمسين عاماً على وجه التقريب.
إنّ نظرة على أدبيات البلدان الأوروبية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلادي
بخصوص المرأة، ومقارنتها بأدبيات وكتابات القرن العشرين ستُظهر أنّ ثمة تفاوتاً
فاحشاً في موقف الغرب من المرأة وقضاياها، ففي الماضي كانت نظرة الغرب للمرأة تتسم
بشيء من النجابة والحياء والتفهّم لطبيعة كل من المرأة والرجل، وأما الآن فقد
تبدّلت هذه النظرة تماماً، وهو ما يستدعي الدراسة والبحث عمن كان يقف خلف كل هذا
التردّي، هل هي السياسة الصهيونية أو المؤسسات الاستعمارية.
لقد ازدادت هذه الحالة سوءًا يوماً بعد آخر حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن. فعلى
الغرب تحمّل المسؤولية عما آلت إليه أوضاع المرأة المعاصرة؛ لأنه هو الذي وجّه
إليها هذه الطعنة، وانتهك حقوقها، وحطّ من شأنها، وارتكب الخيانة بحقها تحت شعار
الدفاع عنها. فهذه هي القضية.
إنّ ما تفضّلت به بعض السيّدات في أحاديثهنّ حول الحقوق والقوانين الإسلامية كان
صحيحاً، والحديث يطول في هذا المجال، وإنني أوافقهنّ الرأي بأننا لم نبذل ما يلزم
من جهود كمّاً وكيفاً لمواجهة الإعلام الدعائي المضاد بما فيه المتعلق بالمرأة.
وإنني أدعو مراكز البحث والتحقيقات، والجامعات، والحوزات العلمية، وأصحاب الرأي
للمزيد من العمل وأطالبهم بتركيز نشاطاتهم على هذا الموضوع.
إنّ القضية في غاية الأهمية، وإننا لو اشتغلنا جيداً على قضايا المرأة عندنا،
فسنكون قد قدّمنا خدمة جليلة للمجتمع النسويّ في كافة بقاع العالم. قد يكون من
الممكن أن يلاحظ البعض ذلك بسرعة، وقد يدركه البعض الآخر فيما بعد، ولكنها ستكون
خدمة لا يمكن إنكارها فيما يرتبط بالمرأة وقضاياها في العالم إذا ما عملنا بمهارة
وجدّية.
لقد دوّنت هنا بعض الملاحظات، وأرغب في الحديث عنها بإيجاز.
إحتفاظ النساء بحجابهن في ظل النظام الإسلامي لم يحول دون
رقيها
فأولاً، إنّ وجود هذه النخبة الممتازة من الأخوات والسيّدات ـ والتي
تمثّل زبدة المرأة الإيرانية ـ يدلّ على نجاح نظرة الإسلام والنظام الإسلامي
للمرأة.
ففي العصر الطاغوتي لم يكن لدينا كل هذا العدد النخبوي من النساء، هذا هو رأيي،
وأقوله بكل إصرار.
إنّ عدد الباحثات اليوم والأساتذة والعلماء والمفكّرات والكاتبات والأديبات
والشاعرات والفنانات من البارعات في كتابة القصة والشعر والرسم والمتخصصات في كافة
المجالات وعلى شتى الأصعدة يفوق بكثير عددهنّ في العصر الطاغوتي، أي في تلك الحقبة
التي كانت ترفع شعارات الدفاع عن المرأة والمساواة بينها وبين الرجل والسفور وكانت
تشيع ثقافة الانحلال والانحراف، لدرجة أنها فاقت ما كان يحدث في البلدان الأوروبية
في بعض الأحيان. والآن، وتحت ظلال نظام الجمهورية الإسلامية حيث تحافظ المرأة على
حجابها الشرعي وحشمتها، نجد أنّ لدينا كل هذا العدد الكبير من النخب النسوية في
مجالات الفكر والعلم والعمل والنشاطات السياسية والأبحاث والثقافة والفنون.
لقد كان العدد محدوداً للغاية في العهد السابق، ولم يكن لدى إيران حتى معشار ما
لديها الآن من هذه النخب النسوية البارزة.
إنّ هذه النظرية تناقض تماماً ما كانوا يوحون به ويروّجون له، وكيف أنّ إشاعة
الانحراف والانحلال لم تكن أبداً في صالح تطور المرأة أو رفع روحها المعنوية أو
الارتفاع بمستوى طاقاتها وقابلياتها، بل كان وسيلة للحطّ من قدرها وجعلها تلهو
وتنشغل بقضايا الحياة الثانوية من الانهماك في أدوات الزينة والتبرّج والسلع
الاستهلاكية التافهة. وهو ما يحول بينها وبين الصعود إلى مدارج الرقي والكمال.
إنّ ما طرأ من محدوديات في نظام الجمهورية الإسلامية ـ وهي محدوديات طبيعية تتناسب
مع الفطرة الإنسانية للمرأة والرجل معاً ـ كان عاملاً مساعداً على عدم ذهاب الطاقات
هدراً وبلا طائل واستخدامها في موضعها الصحيح قدر المستطاع، مما يؤدي بدوره إلى
التقدم الفكري والعلمي والعملي في المجتمع النسوي. وهو ما نلاحظه الآن .
إنّ ما يزال يتقوّل به بعض الجهلاء حتى الآن من أنه لا يمكن للمرأة أن تتطور مع
ارتداء الحجاب والالتزام بأحكام الشرع الإسلامي، وما هو دور المرأة، والى ماذا
ستؤول إليه أوضاعها في ظل النظام الإسلامي، نجد أنّ جوابه العملي الواضح يتمثل في
وجود كل هذا العدد الكبير من النخب النسوية في مجتمعنا الحاضر، وهي ظاهرة لم نشهد
لها عندنا مثيلاً على الإطلاق في العصر الطاغوتي, ولا فيما قبله. حيث كان وضع
المرأة متردّياً من حيث التربية والتعليم لأسباب أخرى.
وأما الآن، فإن الإمكانيات أمام المرأة قد أصبحت متوفّرة والحمد لله في ظل النظام
الإسلامي.
إنّ النسبة العالية للمتفوّقات في الجامعات وما إلى ذلك يأتي بالدرجة الثانية، وأما
بالدرجة الأولى فهو ذلك الازدهار الذي استطاعت المرأة تحقيقه بجدارة نخبوية على
كافة المستويات في عصر نظام الجمهورية الإسلامية.