الاقتدار الوطني للجمهوريّة الإسلاميّة لا يشكّل تهديدًا لأحد سوى الإستكبار
العلم والتطور
الاقتدار الوطني للجمهوريّة الإسلاميّة لا يشكّل تهديدًا لأحد سوى الإستكبار
عدد الزوار: 82
كلمة
الإمام الخامنئي في كليّة العلوم البحريّة -نوشهر 06/10/2009
الاقتدار الوطني للجمهوريّة الإسلاميّة لا يشكّل تهديدًا لأحد سوى الإستكبار
أهميّة
القوّات المسلّحة
إنّ ما نراه أهميّة للقوّات المسلّحة، لهذه المجموعة، والذين يخدمون
بلادهم وشعبهم في هذا الزي، هي:
أوّلًا؛ من جهة أنّ منظومة القوّات المسلّحة تعدّ العامل الأهم في الحفاظ على أمن
البلاد. القوّات المسلّحة على حدّ تعبير أمير المؤمنين حصن الأمّة المتين وسورها
الذي تحمي به أراضيها وتؤمِّن به أمنها. وإنّ قيمة الأمن ومقداره بالنسبة لأيّة
جماعة أو أمّة ممّا لا يمكن مقارنته بأيّ شيء آخر. إذا وُجد الأمن تيسّر العلم
والتقدّم والعدالة والمجد والشموخ والعزّة والدنيا والآخرة. وإذا لم يتوفّر الأمن
فلا يمكن الوصول إلى المكتسبات والإنجازات البشريّة. هذا هو السبب الأوّل لاحترام
القوّات المسلّحة والاهتمام بها.
السبب الثاني هو أنّ القوّات المسلّحة مستعدّة من أجل أداء واجبها لدفع تكاليف لا
يمكن مقارنتها بأيّ شيء آخر. القوّات المسلّحة تقدّم أرواحها في هذه الساحة؛
فالعسكري المدافع عن أمن البلاد - سواء كان من الجيش أو من الحرس أو سائر أقسام
القوّات المسلّحة في الجمهوريّة الإسلاميّة - يقدّم روحه في الميدان من أجل أن يحفظ
الأمن. هذا شيء كبير. إنّ الحفاظ على ذكرى شهدائنا وسبب بقائها حيّة في ذاكرة شعبنا
هو أنّهم بذلوا هذا الرأسمال. لا يمتنع أهل الدنيا عن التضحية بأنفسهم وحسب، بل
بحاجاتهم التافهة أيضًا. إنّ رجال الحق، والأبطال، والمدافعون عن القيم المعنويّة
مستعدّون للتضحية بأرواحهم والسير في هذا الطريق.
القوات المسلحة أحد الأسس القوية لاقتدار البلد
أعزّائي، أيّها الشباب الأبرار في جامعات الضباط في جيش الجمهوريّة
الإسلاميّة الإيرانيّة: أنتم بمثابة الأسس القويّة لاقتدار هذا البلد. من حقّ أيّ
شعب ومن واجبه أن يسعى لتحقيق اقتداره. إذا لم ترفع الشعوب أنفسها إلى مرتبة
الاقتدار فسوف تسحق في تجاذبات النـزاعات العالميّة وصراع القوى. الشعب الذي اعتاد
على الضعف ولم يعتبره عيبًا كبيرًا لا يكون جديرًا بالشموخ والعزّة. وإنّ القوى
والعتاة وأرباب الحرب والمستبدّون والدكتاتوريّون العالميّون لن يرحموا مثل هذا
الشعب. من واجب الشعوب أن تتمتّع بالاقتدار.
الإيمان بالله العنصر المعنوي الرئيسي للإقتدار
طبعًا، اقتدار الشعب لا يقتصر على القوّات المسلّحة. إنّ اقتدار الشعب
حقيقة متعدّدة الجوانب. القوّات المسلّحة هي الخط الأمامي للتحرّك وعلامة اقتدار
الشعب، لكنّ الشعب يجب أن يكون متقدّمًا من حيث العلم، ومن حيث الأخلاق، ومن حيث
الإيمان، ومن حيث العزيمة والإرادة، حتى يستطيع الحفاظ على اقتداره. إنّنا نشدّد
على العناصر المعنويّة للاقتدار. العنصر المعنوي الرئيسي للاقتدار هو الإيمان؛
الإيمان بالله، والتوكّل عليه وحسن الظن به. هذا ما يجعل القلب مستعدًّا لخوض
الميادين الصعبة وما يثبّت الأقدام للسير في الطرق الوعرة. وهذا هو ما يصغّر
المشاكل في الأعين، ويحقّق للإنسان أهدافًا كبيرةً أمام ناظريه ويجعلها في صلب
طموحاته؛ هو الإيمان بالله. من دون هذا الإيمان سيكون الإنسان قالبًا ماديًّا. في
البيئة غير المؤمنة بالله لا تخفق القلوب بحبّ الله وبحبّ المعنويّة والفضيلة،
وبالتالي ففي مثل هذه المجاميع لن يتأتّى الاقتدار بالمعنى الحقيقي للكلمة.
الأسباب المادية غير كافية لتوفير الإقتدار
لا يكون الاقتدار بمجرّد الحصول على الأسلحة المتطوّرة، ولا يكون
بالحصول على المال والسلطة السياسيّة والإعلاميّة. لو كان بوسع المال والأسلحة
المتطوّرة وأدوات التخريب توفير الاقتدار الحقيقي لبلد معين، لمّا فُضح الكيان
الصهيوني وانهتك ذلك الانتهاك الفظيع أمام الشباب اللبناني المؤمن في حرب الـ 33
يومًا، وفي مقابل الفدائيّين في غزة خلال حرب الـ 22 يومًا. لو كانت العناصر
الماديّة للاقتدار كافية لتحقيق القدرة الحقيقيّة لما أخفقت حكومة الولايات
المتّحدة في حربها ضد الشعب الأفغاني الفقير الأعزل، ولما أخفقت في احتلال
أفغانستان والعراق. هذه أمور ماثلة أمام أنظارنا. هذه اختبارات هامّة للغاية وقيّمة
لحقائق سمعناها وقرأناها وعلمنا بها. حينما تتنوّر قلوب الشعوب بالإيمان والأهداف
الوضاءة، ستكتسب العزيمة والإرادة اللازمة، ولن يكون بمقدور أحد مدّ يد العدوان على
أرواح أفرادها والتطاول على حياتها ومصيرها. ليس الاقتدار في أن يعتدي الإنسان على
جيرانه، أو يهاجم أناسًا مظلومين عزّلًا؛ أو ينقل جيوشه من أقصى العالم لقمع شعب
وتحقيق أهداف عسكريّة واقتصاديّة وسياسيّة، ويسير بها آلاف الكيلومترات إلى مناطق
أخرى؛ هذا ليس اقتدارًا. سوف تلاقي القوى الماديّة التي اعتمدت على مثل هذه الركائز
ونمت وتضخّمت وفرضت وزنها الثقيل في عالم السياسة والاقتصاد على الآخرين جزاء هذه
الإساءات وسوف تسقط. إذا سعت الشعوب المؤمنة رغم كونها مستضعفة، وجاهدت وسارت
بعزيمة وإرادة فولاذيّة ونوايا صادقة نحو أهداف سليمة سوف تمسك بيدها مستقبل
العالم. مستقبل ليس فيه عدوان ولا تطاول ولا سباق رعب ولا سباق تسلّح. مستقبل يبتني
على العدالة.
رسالة إيران للعالم السلام والعدالة وانتم الشباب حملتها
أعزّائي، أنتم الشباب الروّاد والسبّاقون في الحركة نحو مثل هذا العالم.
أنتم في القوّات المسلّحة، وشبابنا الأعزّاء في مختلف قطاعات هذا البلد، كلّكم
روّاد هذه الحركة والمتقدّمون فيها. الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة تحمل لعالم
اليوم والغد هذه الرسالة الجديدة الساطعة؛ رسالة السلام والسعادة. الغد لكم فعليكم
السعي والاجتهاد. أوجدوا النواة الأوّلية بعزيمتكم الراسخة ونواياكم السليمة
وإحضاركم جميع إمكاناتكم إلى الساحة، ثم نمّوا تلك النواة لتستطيعوا أن تكونوا جنود
هذه الحركة وروّادها والسبّاقين فيها بالمعنى الحقيقي للكلمة.
لقواتنا المسلحة إمتيازات كبرى فاعملوا على مضاعفتها
للقوّات المسلّحة في الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة اليوم وبتوفيق من
الله مميّزات كبرى؛ لديها امتيازات بارزة ومنقطعة النظير. ضاعفوا هذه الامتيازات في
أنفسكم يومًا بعد يوم. خذوا البحث والعلم والتعلّم بعين الجد، واغتنموا فترة الشباب
لتفجير المواهب المتنوّعة التي أودعها الله تعالى فيكم. واعرفوا أهميّة المقدرة على
خدمة هذا البلد وهذا الشعب بهذه الأهداف السامية النيّرة. إنّ التواجد في الصفوف
الأماميّة للدفاع وخدمة مثل هذا البلد ومثل هذا الشعب ومثل هذا النظام لهو مفخرة
كبرى. هذه المفخرة اليوم هي في متناول أيدينا وأيدي الأجيال المتعاقبة الصاعدة التي
عاشت في عهد الثورة الإسلاميّة. اغتنموا هذه الفرصة.
قوّة إيران لا يمكن إنكارها
لا يمكن اليوم- حتّى للأعداء- إنكار اقتدار إيران الإسلاميّة. هذا ما
يعترفون به هم أنفسهم. طبعًا يحمل العدو نيّة طرح مشروع التخويف من إيران. فهو يصرخ
ويرفع الصوت بهذه النيّة والموقف العدائين حول قدراتكم والقوّة الوطنيّة لهذا البلد
وهذا النظام. هناك جزء ممّا يقوم به صحيح وجزء آخر مغلوط وكاذب. الجزء الذي يحكي عن
قدرة نظام الجمهوريّة الإسلاميّة صحيح؛ إنّنا بدأنا من الصفر خلال فترة الثلاثين
عامًا من عمر الجمهوريّة الإسلاميّة ووصلنا إلى محطّات جدّ متقدّمة، لكنّنا غير
مقتنعين بما وصلنا إليه. ما وصلنا إليه لا يقبل المقارنة مع النقطة التي كنّا فيها.
كنت متواجدًا في القوّات المسلّحة منذ اليوم الأول، في الجيش، وفي وزارة الدفاع،
وفي الحرس، وفي قوّات الشرطة، وقد خبرت هذه القوّات بكلّ مضامينها وإمكاناتها عن
كثب. أنتم اليوم أيّها الشباب الأعزّاء في قمّة لم يكن بالإمكان سابقًا الإشارة
إليها بالإصبع1، ولم يكن أحد ليصدِّق وصولنا إليها. الاقتدار العلمي،
والاقتدار التسليحي، والثقة بالذات، والاعتماد على النفس، والانسجام والتقدّم في
المجالات المختلفة. هذا الجزء من كلام العدو صحيح.
إقتدار إيران تهديد لقوى الإستكبار لا للجيران
بيد أنّ الجزء الكاذب من كلامه هو ما يطرح من أجل تمرير مشروع التخويف
من إيران. هذا الاقتدار الوطني العظيم للجمهوريّة الإسلاميّة لا يشكّل تهديدًا لأي
أحد. ليس تهديدًا للجيران، إنّما هو فرصة. نعم، هو تهديد لعتاة العالم وطلّاب
السيطرة على العالم والمتدخّلين في شؤون الشعوب. إنّه تهديد للذين استغلّوا يومًا
ما المصادر الطبيعيّة والبشريّة الهائلة لهذا الشعب أبشع استغلال، وركلوا حيثيّة
هذا الشعب وشخصيّته، ولا تزال الآمال تراودهم في عودة تلك الأيام التي لن تعود؛
لكنّه ليس تهديدًا للشعوب. ليست مناوراتنا العسكريّة تهديدًا، وصواريخنا ليست
تهديدًا. نصنع الطائرات، ونصنع الفرقاطات، ونأتي بشباب أبرار مثلكم إلى الساحة،
ليست أيّ من هذه تهديدًا. هذا دليل على أنّ الشعب يستطيع أن يتقدّم وينمو إذا اعتمد
على نفسه وتوكّل على ربّه وملأ قلبه بالإيمان. هذه حالة مشجّعة للشعوب الأخرى.
لتعلم الشعوب الأخرى وترى أنّها إذا أرادت العزّة فإنّ تلك العزّة ليست عند أمريكا،
وليست في التبعيّة للقوى الكبرى ولا في الإنفاق وإعطاء الأموال لملء أكياس صنّاع
السلاح في العالم والشغف بأسلحتهم، إنّما هي في التفتّق من الداخل وفي الثقة بالنفس
وفي التوكّل على الله والتقدّم في هذه الأمور.
1- كناية عن الصغر والحجم
المتواضع الذي لا يُحسب له حساب.