التخبة مدعوة لتأدية دورها في مسيرة البلاد التقدمية
العلم والتطور
التخبة مدعوة لتأدية دورها في مسيرة البلاد التقدمية
عدد الزوار: 88
كلمة
الإمام الخامنئي في جمع من النخب أثناء زيارته التفقدية لمحافظة يزد.الزمان:
15/10/1386هـ. ش ـ 25/12/1428هـ.ق ـ 5/1/2008م.
التخبة مدعوة لتأدية دورها في مسيرة البلاد التقدمية
قيمة النخب
فيما ينجزون من أعمال صالحة للبلاد ومستقبلها
وأما فيما يتعلق بكم، فإنه من الامتياز أن يُعدّ المرء من النخبة، كأن
يكون الإنسان عالماً أو شاعراً، فإنه امتياز دون ريب، ولكن هذا الامتياز لن تكون له
قيمة كبرى إلا إذا تقبله الله تعالى، أو (وعندما يتقبل الله) كما قال سعدي، أي أنه
لابد وأن يكون مقبولاً عند الله تعالى، وسبيل تقبله ليس بالأمر العسير.
فعليكم أن تتخيروا لأنفسكم عملاً يكون فيه صلاح أمر البلاد وازدهار مستقبلها، وأن
تُفرغوا فيه مواهبكم وتتعهدونه بجد متواصل، وأن تكون فيه منافع للناس، وعندئذ يكون
في سبيل الله وابتغاء مرضاته.
إنّ العمل ابتغاء مرضاة الله ليس مجرد قولٍ أو لقلقة لسان دون عزم قلبي، وكما جاء
في الأثر: (خير النّاس انفعهم للنّاس)
وبهذا يتحقق القرب الإلهي، وهذا هو النظام القيمي للإسلام. فالإنسان يرتقي مدارج
القرب الإلهي عندما يكون في عمله منافع للناس.
إنّ الإنسان المؤمن والقلب العارف بالله يعمل العمل عندما يعلم أن الله يحب هذا
العمل، فلا مناص من أن يكون عمله لله تعالى، وبذلك يتحقق المقصود. وهذه نقطة مفصلية
ومحورية.
والنقطة الثانية ـ وكما أسلفنا ـ هي أنه ينبغي للفن أن يحتفظ بهويته واستقلاله
وعزته. قد لا يطالبكم أحد بشيء، ولكن عليكم بإنجاز هذا العمل. ولا يعني هذا أنني
أتجاهل دور الترغيب والتشجيع من قبل المسؤولين في تنمية المواهب، فلقد عملت طويلاً
في الشؤون الإدارية وأعرف جيداً مدى تأثير ذلك.
إنني لا أقول هذا حتى أريح بال المسؤولين، بل لكي أريح بالكم من ناحيتهم.
إنّ لكم أن تتذرعوا بالأمل، ولكن دون أن توقفوا نمو هذه الغرسة على هذا الأمل.
إنّ في داخل كل فرد من النخبة تتألق فكرة جديدة وإبداع جديد، وهو نوع من النمو، إنه
ذلك النمو الطبيعي، فدعوه لكي يأخذ مجراه.
إنّ علينا أن نتجنب العناد فنقول: طالما أن المسؤولين لم يهتموا بأعمالنا فلندعها
جانباً، كلا، فقيمة أعمالكم أرفع من أن يكون معيارها دعم المسؤولين.
إنّ من البديهي أن تكون مساندة المسؤولين أمر حياتياً أحياناً، وهذا في محله، وإنني
أوصيكم بذلك.
التخبة مدعوة لتأدية دورها في مسيرة البلاد التقدمية
إنّ بلادنا اليوم في طريقها الى التقدم، سواءٌ شاءوا ذلك أم أبوْا،
فالذين يضمرون لنا الشر يضمرون الشر أيضاً للشعب الإيراني.
إنّ على الذين يختلقون الأعذار أن يعلموا بأن بلادنا ماضية على طريق التقدم، قبلوا
أم أنكروا. فهذا ما يحدث الآن، وإن إنكار بعض أولئك الموسوسين، والباحثين عن الحجج
والأعذار، وأصحاب النظرة الضيقة لن يعوقوا هذا التقدم ولن ينفوه، فهو التقدم بعينه
حتى ولو رفضوا القبول به.
إننا نرى ذلك رأي العين، وإننا نشاهد هذه الحركة، كذلك الذي يركب سيارة تمضي به في
صحراء شاسعة دون أن يشعر بسرعتها، حتى إذا نظر الى علامات الطريق أدرك أنه يقترب من
محطة الوصول.
لقد قطعنا جزءاً من المسافة حتى ولو لم يشعر المرء بذلك لانشغاله بالحديث، فعلى
الذين يتذمرون ويتساءلون لماذا لا نتقدم الى الأمام أن ينظروا الى علامات الطريق
ليعلموا كم قطعنا من المسافة وكم بقي لنا حتى نهاية الطريق.
إنّ لائحات الطريق توضح لنا حقيقة الأمر، وتشير الى أننا ماضون قُدُماً في حركة
دائبة.
إنّ البعض يشعرون بالغبطة والسرور، فهنيئاً لهم، والبعض الآخر يحسّون بالضيق
والامتعاض، فتبّاً لهم.
إنّ الشعب الإيراني منطلق في طريقه للأمام.
إنّ عليكم أيها النخبة أن تأدوا دوركم في هذه المسيرة التقدمية بما يتناسب مع
نبوغكم، وهذا يشمل كافة الأصعدة والمجالات.
إنني لست من أولئك الذين ينكرون قيمة الشعر والفن ويصادرونه لصالح العلم. فمع أنني
أؤمن بأن العلم يحتل المرتبة الأولى من حيث الأهمية في تقدم البلاد ـ كما أشرت
مراراً وتكراراً في خطاباتي الى الشباب والطلبة والأساتذة وسواهم ـ إلا إنني أعتقد
بأن العلم لا ينفك عن الدين والفن والذوق والصناعة وكافة أنواع البناء والزراعة
والخدمات العامة والعلاقات الخارجية، فهي كلها تشكل مجموعة واحدة ويجب أن تتقدم الى
الأمام معاً، كلٌ منها على النحو المناسب.