معرفة الله بصفاته - الشهيد مرتضى مطهري
فكر الشهيد مطهري
من هنا، فالله حيٌّ، قادرٌ، عليمٌ، مريدٌ، رحيمٌ، هاد، خالق، حكيمٌ، غفورٌ، عادلٌ... ومتّصفٌ بكلّ صفات الكمال الأخرى. وهو تعالى من جهةٍ أخرى، ليس بجسم، ولا مركب، ولا ميّت، ولا عاجز، ولا مجبر، ولا ظالم.
عدد الزوار: 112
القرآن الكريم يذكر أنّ الله متّصفٌ بجميع صفات الكمال:
﴿لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى﴾1.
والصّفات السّامية في كلّ الوجود خاصّة به:
﴿وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾2.
من هنا، فالله حيٌّ، قادرٌ، عليمٌ، مريدٌ، رحيمٌ، هاد، خالق، حكيمٌ، غفورٌ،
عادلٌ... ومتّصفٌ بكلّ صفات الكمال الأخرى. وهو تعالى من جهةٍ أخرى، ليس بجسم، ولا
مركب، ولا ميّت، ولا عاجز، ولا مجبر، ولا ظالم.
المجموعة الأولى من الصّفات هي الصّفات الكماليّة التي يتّصف بها الله، وتُسمّى
الصّفات الثّبوتيّة. والمجموعة الثّانية ناشئة من النّقصان، والله منزّه عنها،
ويسمّيها البعض تجوّزًا، "الصّفات السّلبيّة".
نحن نحمد الله ونسبّحه ونحمده حين نذكر أسماءه الحسنى وصفاته الكماليّة، ونسبّحه
حين ننزّهه عمّا لا يليق به. وفي الحمد والتّسبيح نركّز على معرفة الله، وبذلك
نرتفع بأنفسنا على مدارج الكمال3.
الوحدانية أهمّ الصفات
ليس لله سبحانه مثيل ولا شبيه ولا شريك. ومحال أن يكون له شريك، لأنّ التعدّد من
خواص الموجودات المحدودة النّسبيّة، ولا معنى للكثرة والتعدّد في الموجود
اللامتناهي. نحن نستطيع أن يكون لنا ولدٌ واحدٌ أو أولاد عديدون، وبمقدورنا أن
نتّخذ صديقًا واحدًا أو عدّة أصدقاء أيضًا. والموجود المحدود يستطيع أن يتّخذ له في
مرتبته شركاء ونظراء، وبذلك يقبل الكثرة والتعدّد. أمّا الموجود اللامتناهي فلا
يقبل التعدّد.
والمثال الآتي ـ على قصوره ـ مفيدٌ في توضيح هذه المسألة: بشأن أبعاد العالم
الماديّ المحسوس، أي عالم الأجسام المشهودة الملموسة، انقسم العلماء فريقين: فريقٌ
يذهب إلى أنّ أبعاد الكون محدودة، أي إنّ العالم المحسوس يمتدّ إلى حدّ ينتهي عنده،
وفريقٌ آخر يعتقد أنّ أبعاد العالم الماديّ لا متناهية، ولا تنتهي في أيّ طرفٍ من
أطرافه، وليس لعالم المادّة بدايةً ولا وسط ولا نهاية.
فإذا اعتبرنا الكون الماديّ محدودًا، فإنّ هناك سؤالًا يفرض نفسه، وهو: أيكون الكون
الماديّ واحدًا أم أكثر؟ أمّا إذا اعتبرناه غير محدود، فإنّ فرض كون ماديّ آخر يصبح
غير معقول، لأنّنا كلّما فرضنا كونًا آخر، فإنّه إمّا أن يكون هذا الكون نفسه أو
جزءًا منه.
هذا المثال يرتبط بعالم الأجسام والموجودات الجسميّة المحدودة والمشروطة والمخلوقة،
والتي ليست لها حقيقة مطلقة ومستقلّة وقائمة بالذّات، وهذا العالم المحدود في
حقيقته لا يمكن أن نتصوّر له عالمًا ثانيًا إذا قبلنا بنظريّة "لانهائيّة أبعاده"،
فما بالك بالله سبحانه، وهو تعالى غير محدود وحقيقة مطلقة ومحيط بجميع الأشياء، ولا
يخلو منه زمانٌ ولا مكان، وهو أقرب إلينا من حبل الوريد. ومن هنا، فمحال أن يكون
لله نظيرٌ ولا شريكٌ، بل لا يمكن افتراض ذلك. إضافةً إلى ذلك، نحن نرى آثار عناية
الله، وتدبيره وحكمه في جميع الموجودات. ونشاهد الإرادة الواحدة والمشيئة الواحدة
والنظّام الواحد في جميع أرجاء العالم. وهذا يشير إلى أنّ عالمنا ذو مصدرٍ واحدٍ،
لا مصدرين، ولا عدّة مصادر.
1- سورة الحشر، الآية 24.
2- سورة الروم، الآية 27.
3- المفهوم التّوحيدّيّ للعالم، ص 25.