مراحل مسيرة الإمامة
ولادة أمير المؤمنين(ع)
ظهرت مسيرة الإمامة منذ اليوم الأوّل لرحيل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم واستمرّت حتّى عام وفاة الإمام الحسن العسكريّ عليه السلام ، ويمكن تقسيمها لأربع مراحل:
عدد الزوار: 102
ظهرت مسيرة الإمامة منذ اليوم الأوّل لرحيل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم
واستمرّت حتّى عام وفاة الإمام الحسن العسكريّ عليه السلام ، ويمكن تقسيمها لأربع
مراحل:
الأولى: مرحلة السكوت
تميّزت هذه المرحلة بأنّ المجتمع الإسلاميّ الحديث الولادة والفتيّ كان محفوفًا
بأعداءٍ مقتدرين تربّصوا بالإسلام من الخارج، وكلّ ثغرة في جسد الأمّة كانت تُشكّل
تهديدًا لأساس المجتمع الإسلاميّ. ومن جانبٍ آخر، لم يكن منحنى انحراف الواقع عن
الحقيقة كبيرًا، وامتدت هذه المرحلة لـ 25 سنة هي حياة الإمام عليّ عليه السلام منذ
وفاة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم عام 11 للهجرة حتّى تولّيه الخلافة سنة
35 للهجرة. وقد شرح الإمام موقفه في هذه المرحلة من خلال الكتاب الّذي وجّهه إلى
أهالي مصر، عبر مالك الأشتر عندما ولاّه إمارتها، حيث جاء فيه: «فأمسكت يدي،
حتّى رأيت راجعة النّاس قد رجعت عن الإسلام يدعون إلى محق دين محمّد صلى الله عليه
وآله وسلم ، فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلمًا أو هدمًا تكون
المصيبة به عليّ أعظم من فوت ولايتكم، فنهضت في تلك الأحداث»1.
إنّ حياة أمير المؤمنين عليه السلام في هذه السنوات الـ 25 لهذه المرحلة، تحكي عن
التدخّل الفعّال والدّعم والعون الناتج من الحرص الكبير على الإسلام ومجتمع
المسلمين. إنّ أجوبة وإرشادات هذا الإمام لخلفاء زمانه، فيما يتعلّق بالقضايا
السّياسيّة والاجتماعيّة وغيرها، قد نُقلت في نهج البلاغة وغيرها من كتب الحديث
والتّاريخ، وهي شاهدة على عدم تردّده في هذا النهج2.
المرحلة الثانية: هي مرحلة تسلّم الحكم
استغرقت أربعة أعوام وتسعة أشهر من
خلافة أمير المؤمنين عليّ عليه السلام ، وبضعة أشهر من خلافة ولده الحسن عليه
السلام . وقد اكتنف هذه الفترة آلام وهموم ومشاكل، إلّا أنّها سجّلت أنصع الصفحات
وأروعها في تاريخ الحكومة الإسلاميّة.
إنّ هذه المرحلة من تاريخ الإمامة كانت النموذج الّذي دعا أئمّة أهل البيتR، خلال
القرنين التاليين، إلى تطبيقه في الحياة السّياسيّة والاجتماعيّة وسعوا على طريقه.
وكان الشّيعة يذكرون مثل هذه الذكرى العظيمة ويتحسّرون عليها، ويندّدون بالأنظمة
الّتي تلتها عند مقارنتها بها. في الوقت نفسه، كانت درسًا وتجربةً ملهمة يمكن أن
تدلّ على وضع وأحوال أيّة حكومة ثوريّة وإسلاميّة صرفة داخل مجتمعٍ وجماعةٍ لم
تتربَّ أو انجرّت نحو الانحراف، ومنذ ذلك الوقت كانت تُفرض الأساليب والمناهج
البعيدة المدى والمتلازمة مع كلّ أنواع التربية الصعبة والحزبيّة الشديدة على
الأئمّة اللاحقين.
المرحلة الثالثة: مرحلة السّعي البنّاء القصير المدى
لإيجاد الحكومة والنّظام الإسلاميّ»
هي الّتي استوعبت السّنوات العشرين
بين صلح الإمام الحسن عليه السلام سنة41 هـ، وشهادة الإمام الحسين عليه السلام سنة
61 هـ، فبعد صلح الإمام الحسن عليه السلام ، بدأ نوعٌ من العمل شبه السرّيّ
للشّيعة، كان هدفه إعادة القيادة الإسلاميّة إلى عترة النبيّ في الفرصة المناسبة.
المرحلة الرّابعة: وهي مرحلة متابعة ذلك النّهج في
برنامجٍ بعيد المدى
في زمنٍ قارب القرنين، شهد انتصاراتٍ
وهزائم في مراحل مختلفة، وتلازم مع الانتصار القاطع في مجال العمل الأيديولوجيّ،
وامتزج بمئات التكتيكات المتناسبة مع الزّمان، والمزيّنة بآلاف مظاهر الإخلاص
والتضحية وعظمة الإنسان الّذي يريده الإسلام.
* الإمام الخامنئي دام ظله، إنسان بعمر 250 سنة، ص68- 70
(بتصرف).
1- نهج البلاغة، كتاب 62.
2- الإمام الخامنئي، إنسان بعمر 250 سنة، ص68.