خدمة الناس تكليف إلهي
فكر الإمام الخميني
يقول الإمام الخميني قدس سره: "لا تلق عن كاهلك حمل المسؤولية الإنسانية التي هي خدمة الحق في صورة خدمة الخلق".
عدد الزوار: 92الخدمة تكليف إلهي
الخدمة هي المسؤولية
الإنسانية
يقول الإمام الخميني قدس سره: "لا تلق عن كاهلك حمل المسؤولية الإنسانية
التي هي خدمة الحق في صورة خدمة الخلق".
يشير الإمام الخميني قدس سره إلى أن المسؤولية الإنسانية التي ألقاها الله
تعالى على كاهل الإنسان والتي ينبغي تحملها والإلتفات إليها هي خدمة الناس،
فالخدمة هي محور حركة الإنسان في هذه الدنيا.
وعلينا أن لا نتخلى عن هذه المسؤولية في أي موقع كنا، قد تتغير العناوين
والأسماء ولكن حقيقة الأمر سترجع إلى خدمة الناس، يقول الإمام الخميني قدس
سره: "نحن مكلفون بإنقاذ المحرومين المظلومين، ومأمورون بإعانة المظلومين
ومناوأة الظالمين كما ورد ذلك في وصية أمير المؤمنين عليه السلام لولديه: وكونا
للظالم خصماً وللمظلوم عون".
ويقول قدس سره: "يجب عليكم الان التعاون والتعاضد والتعبئة من أجل الجهاد
ضد الفقر والحرمان، وتعزموا هممكم وبتأييد الله تعالى على إنقاذ الجماهير
المستضعفة".
إن هذه الكلمات وهذه التوجيهات من الإمام الخميني قدس سره تحمل الروح
الإسلامية الأصيلة، التي أشارت إليها كلمات من أشرف كتاب، ايات من القران
الكريم تشير وتصرح بالفرق بين الإنسان الذي يقوم بالخدمة بشكل صحيح وبين
الخامل الغير مفيد.
حيث يقول تعالى في القران الكريم: "وضرب الله مثلاً رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه أينما يوجهه لا يأتي بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم"1.
وهكذا جاءت الروايات لتشير
إلى هذا الأمر أيضاً.
فعن الإمام الصادق عليه السلام: "خياركم سمحاؤكم وشراركم بخلاؤكم ومن صالح
الأعمال البر بالإخوان، والسعي في حوائجهم، ففي ذلك مرغمة للشيطان،
وتزحزح عن النيران، ودخول الجنان. أخبر بهذا غرر أصحابك، قال(الراوي):
قلت: من غرر أصحابي جعلت فداك؟ قال: هم البررة بالاخوان، في العسر
واليسر"2.
وكيف لا نكون مكلفين بالخدمة والإحسان وفي ذلك سقوط الشيطان وفشله!
حيث في الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام: "عن إسحاق بن عمار قال: قال
أبو عبد الله عليه السلام: أحسن يا إسحاق إلى أوليائي ما استطعت فما أحسن مؤمن إلى مؤمن ولا أعانه إلا خمش وجه إبليس وقرح قلبه"3.
الخدمة والمناصب
قد يتصور بعض أبناء الدنيا البعيدين عن روح الإسلام أن المنصب يجعل
الإنسان رفيعاً ومتعالياً على الناس فعليه أن يطوّل أذياله ليرفعها
خدامه من خلفه، وعليه أن يسير في الأرض بأنفة على طريقة(لا مساس)،
فبارتفاعه إلى هذا المنصب صار وكأنه من كوكب اخر، على الناس في الطبقة
السفلى بحسب تصوره وزعمه أن يخدموه ويبحثوا عن رضاه ويقدموا له
القرابين حتى قد يصل بسلوكه ومنهجه
إلى مقولة "أنا ربكم الأعلى"
وإن لم يتلفظ لسانه بهذه الكلمات. فكل حركاته وسكناته رسائل تستبطن ذلك.
إن شخصاً كهذا هو مريض يعيش عقدة الذاتية ولا يعيش مقتضيات المنصب.
فليس المنصب هو تعالٍ عن الناس ولا ترفع عنهم بل هو على العكس من ذلك، نعم
المنصب في الحقيقة هو خدمة الناس، وكلما ارتفع المنصب كلما قويت الخدمة
وتأكدت، يقول الإمام الخميني قدس سره: "يجب أن تزداد الخدمة، فكلما
ارتفع الواحد درجة يجب أن يزداد تواضعه من الناس ولو تحقق هذا الأمر
وتنبهنا إلى مثل هذه الأمور واعتبرنا من التاريخ فإن جميع القوى يمكنها أن
تكسب قاعدة جماهيرية تحفظه".
فالحاكم كان خادماً للناس في التاريخ الإسلامي، حيث ينقل الإمام قدس سره: "كان
بعض البدو القادمين من خارج المدينة لا يعرفون من هو النبي عند دخولهم إلى
المسجد، لأنه جالس بشكل لا يعرف من هو النبي ومن هم الأصحاب، وذهب الإمام
علي عليه السلام وأخذ رفشه وفأسه ليعمل في نفس اليوم الذي بايعوه فيه على خلافة
الرسول (ص) فكان يعمل ويده متقرحة، ونفس الشيء يقال لباقي القادة
الحاكمين، فلم يتعاملوا مع الناس من موقع الحاكم والمحكوم، بل كان الوضع
والحال هو الخدمة حيث كان الحاكم خادماً للناس".
هكذا كانت روحية الإسلام وهكذا كان الإمام قدس سره في فكره ونهجه، حيث يقول
قدس سره: "أن يقال لي خادم أفضل من أن يقال لي قائد، فالقيادة ليست مهمة،
المهم هو الخدمة والإسلام أمرنا أن نخدم".
ويقول قدس سره: "لقد عدت
لأعرض عليكم خدماتي أيها الأعزاء، فما دمت حياً سأبقى خادماً للجميع،
خادماً للشعوب الإسلامية، خادماً للشعب الإيراني العظيم، خادماً للجامعيين
ولعلماء الدين، خادماً لجميع الشرائح الاجتماعية في الوطن وكل الشرائح في
البلاد الإسلامية وكل مستضعفي العالم".
ومن هنا نجد الإمام قدس سره لا يعتبر المنصب غنيمة وجائزة ومكسباً بل على
العكس تماماً، يقول قدس سره: "إن الأئمة والفقهاء العدول مكلفون باستخدام
النظام والحكومة لتطبيق الأحكام الإلهية وتحقيق النظام الإسلامي العادل
وخدمة الناس. ورغم أن الحكم لا يعني بالنسبة لهم سوى الأذى والتعب
والإرهاق، ولكن ما العمل؟ إنهم مكلفون بأداء الوظيفة فولاية الفقيه مسؤولية
وأداء وظيفة".
والمنصب كمجرد مقام ليس له قيمة على الإطلاق، يقول الإمام الخميني قدس سره:
"إن
استلام الحكم في حد ذاته لا يعتبر شأنا أو مقاماً، بل وسيلة لأداء مسؤولية
تطبيق الأحكام وإقامة النظام الإسلامي العادل قال أمير المؤمنين عليه
السلام لابن
عباس عن الحكم والقيادة بينما كان يخصف نعله بيده: "ما قيمة هذا
النعل؟ قال ابن عباس: لا قيمة لها، فقال الإمام عليه السلام: والله لهي أحب إليّ من
إمرتكم إلا أن أقيم حقاً(يعني قانون ونظام الإسلام)
أو أدفع باطلاً(يعني القانون الظالم والأنظمة الجائرة)".
الخدمة والقوى النظامية
من الاشخاص الذين ينبغي عليهم الالتفات إلى أنهم في خدمة الناس القوى النظامية والشرطة،
قد يحس بعض رجال الشرطة بالاستعلاء على الناس نتيجة تسلطهم والقوة العسكرية
والصلاحيات المعطاة لهم، فهذه السلطة قد توصل أصحاب القلوب والنفوس المريضة
إلى الاستعلاء على الناس والتسلط عليهم وفرض الذعر عليهم ولو من
باب(الهيبة)
المزعومة. لقد رفض الإمام الخميني قدس سره هذه الروحية وهذا التعاطي،
واعتبر أن رجال الشرطة ليسوا إلا خدماً للشعب، يقول قدس سره: "ينبغي بمراكز الشرطة
في جميع المدن أن تكون هكذا وتخدم الناس، لا أن يرتجف الناس بمجرد سماعها
بكلمة الشرطة، فتتصور بأنها تريد الذهاب إلى السجن أو إلى المجزرة، يجب أن
يشعر الناس عند ذهابهم إلى مراكز الشرطة أنهم ذاهبون إلى منازلهم وإلى ذلك
المكان الذي فيه العدل ولا وجود فيه للظلم وإلى ذلك المكان الذي يحب الناس
ولا يعاديهم".
1- سورة
النحل، الاية/76.
2- الخصال للشيخ الطوسي، ص96.
3- الكافي، ج2، ص207.