س 38: الإنسان الكامل
110سؤال وجواب
لقد طرح الإسلام موضوع» الإنسان الكامل» وشرح خصائصه وفصّل مسائله بشكل واضح، لكن من المسلم به، أن الإنسان لا يمكنه بشكل من الأشكال أن يصل إلى مقام «الإنسان الإلهي الكامل»، بالتالي، لماذا طرح الإسلام قضيه بعيدة المنال، وما الهدف من ذلك؟
عدد الزوار: 101
الإنسان
الكامل
س 38: لقد طرح الإسلام موضوع» الإنسان الكامل» وشرح خصائصه وفصّل مسائله بشكل واضح،
لكن من المسلم به، أن الإنسان لا يمكنه بشكل من الأشكال أن يصل إلى مقام «الإنسان
الإلهي الكامل»، بالتالي، لماذا طرح الإسلام قضيه بعيدة المنال، وما الهدف من ذلك؟
ج: لا يمكن للإنسان أن يصبح إنساناً كاملاً من دون عبادة. إن الإنحرفات التي تعترض
سلوك الإنسان نوعان، النوع الأول: الانحرافات التي تقابل القيم وتعارضها، انحرافات
«ضد القيم» مثل: الظلم في مقابل العدل، الاستعباد والقيد مقابل الحرية، إنكار الله
تعالى والتّفلت مقابل العبادة ومعرفة الله، السفاهة والحماقة مقابل العقل والفهم
والحكمة.
ولعل أكثر انحرافات البشر ليست من نوع «اللا قيم» في مقابل «القيم» لأن هذا النوع
يهزم بسرعة، إن أكثر الانحرافات ناشئة من عدم التوازن والتعادل، تماما كالبحر الذي
له مدّ وجزر. فأحيانا تنمو إحدى القيم الإنسانية وتكبر لكن تنمو بشكل سرطاني، بحيث
تمحى جميع القيم الأخرى وتذوب فيها، فالزهد والتقوى مثلا، من القيم والمعايير
الإنسانية السامية؛ لكن نرى أحيانا أن شخصاً ما أو حتى مجتمعاً ما يذوب في الزهد
ويمحى في التقوى، بحيث يصبح كل شيء بالنسبة إليه «زهد»، تماماً كالشخص الذي ينمو
فيه عضو واحد ويكبر دون سائر الأعضاء، كأن ينمو أنفه ويكبر دون بقية الأعضاء.
إذن، تكامل الإنسان في التعادل والتوازن، فالإنسان الذي يسعى إلى التكامل عليه أن
لا ينمّي موهبة أو استعدادا واحداً من المؤهلات التي يملكها، ثم يهمل الاستعدادات
الأخرى، بل يضعها جميعها في موضع متعادل ومتوازن، وينميها معا، فالعلماء يقولون أن
حقيقة العدل ترجع إلى التوازن والتناغم.
إذا نظرنا إلى الإمام علي (عليه السلام) وجدناه إنساناً كاملاً، لأنه امتلك كل
القيم الإنسانية، ونمّاها بشكل متناغم ومتناسق، وأوصلها إلى حدها الأعلى، يعني
امتلك الشروط الثلاثة.
فالإنسان الكامل يعني الإنسان الذي يكون بطلاً في جميع ميادين الإنسانية، بطلُ جميعِ
القيم الإنسانية، إذن، ما هو الدرس الذي نتعلمه؟
يجب أن نتعلم فلا نخطىء في الميل إلى قيمة واحدة أو مكرمة واحدة، ونترك القيم
والمكرمات الأخرى. والحقيقة أننا لا نستطيع أن نكون أبطال جميع القيم، ولكن، في
حدود المستطاع، أخذ جميع القيم وتنميتها بالتعادل والتوازن، فإذا لم تستطع أن تكون
«إنساناً كاملاً» فلا أقل أن تكون «إنساناً متعادلاً» وبذلك تكون في جميع الميادين
على شاكلة المسلم الواقعي.1
1- انسان كامل (الانسان الكامل)، ص 41، 43و59.
2016-01-20