يتم التحميل...

س 75: الأحزاب السياسية

110سؤال وجواب

تعتقد بعض الأحزاب السياسية أن رجل السياسة لا يمكنه أن يكون سياسياً موفقاً إذا جعل التعاليم الإسلامية نصب عينيه، وبالتالي إذا عمل بها، فما رأيك بهذه المقولة؟

عدد الزوار: 97

الأحزاب السياسية

س 75: تعتقد بعض الأحزاب السياسية أن رجل السياسة لا يمكنه أن يكون سياسياً موفقاً إذا جعل التعاليم الإسلامية نصب عينيه، وبالتالي إذا عمل بها، فما رأيك بهذه المقولة؟


ج: إن نفس هذا العيب كان يؤخذ على أمير المؤمنين (عليه السلام)، كان البعض يقول أن جميع صفات الأمير جيدة، أنه رجل علم وتقوى وعاطفة صادقة وإنسانية، رجل حكيم عادل خطيب، لكن عيبه الكبير أنه لم يكن سياسياً (محنّك) لماذا لم يكن سياسياً؟ لأن سياسته لا تقبل الانحراف أو الانعطاف أو المسايرة على حساب الدين، بل كان يظهر الصلابة والاستقامة، ولم يأخذ المصالح السياسية بعين النظر.

إن السياسي في بعض الأحيان يجب أن يكون كاذباً؛ أن يَعِد ولا يفي، أو في بعض الأحوال أن يوقّع معاهدة، ثم بعد أن يقضي عمله يضع توقيعه تحت قدمه. السياسي الجيد يجب أن يتملق للغير ويظهر لهم مودته وبشاشته، حتى إذا سلّموا له وتملك من ناصيتهم سحقهم وأزالهم من أمامه.

لقد جاء الإسلام ليواجه هذا النوع من السياسة، جاء من أجل خدمة البشرية. الإسلام هو حامي الإنسانية وحارسها، فلو أن الإسلام قابل للإنحراف والانعطاف بهذا الشكل الخطير الذي يريدونه، لما كان إسلاماً، بل شَيْطنة. فالإسلام بحق، حارس الحقيقة والعدالة والاستقامة، والواقع أن فلسفة الإسلام يجب أن تكون قوية وصلبة ومحكمة ومقاومة في مثل هذه المسائل وهذه والتوجهات.

إن سلوك أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في الحياة والسياسة كان على منوال الدين الحق، بحيث صار حاكماً على قلوب الناس طيلة هذه القرون. علي (عليه السلام) حمل فكراً ودافع عنه وحماه في زمانه، وبقي هذا الفكر عنوانا خالدا وأصلا لقاعدة باقية تحتذى في الحياة الدنيا، من هنا بقي سلوكه وأسلوبه الفكري والسياسي عند الناس بصورته الإيمانية، وحافظ على هذه الصورة؛ لذلك لم يهزم علي (عليه السلام) في السياسة ولم يتراجع، فلو كانت سياسته وأهدافه التنعم في الحياة- ولو لأربعة صباحات يعيشها- (وجيهاً متنعماً بنعم الدني) كما كانت سياسة معاوية، حيث يقول «أنا منغمس في نعم الدنيا وملذاتها» لخسر حينها وانهزم؛ لكنه كان رجل الإيمان والعقيدة والهدف، لذلك لم يخسر ولم يهزم.

من هذا المنطلق، فإن توقعات البعض ورغباتهم الواهية في باب مسايرة العصر والتطورات الآنية والزمنية، هي هذه الظاهرة القديمة الجديدة عند رجال السياسة من الذين يعتمدون سياسة التحايل والخداع، أو كما يسمونها بخداع الثعالب، وهؤلاء موجودون في كل زمان وعصر، وبألوان وأشكال مختلفة، يتلونون ويميلون مع كل ريح، ويسايرون الأحوال والظروف العصرية ويحاولون التطابق معها بكل لون وصورة، ويسمون ذلك بالتذاكي والفطنة، وهم يتوقعون أن الدين الإسلامي يوافق هذه السياسة؛ ولأن الإسلام لا يوافق، يقولون هذا هو عيب الإسلام، أنه يمنع مسايرة الإنسان لزمانه ومماشاة شروط العصر والتطابق معها.1


1- اسلام ومقتضيات زمان، ج1، ص 63 و66.

2016-01-20