يتم التحميل...

س 77: كتاب نهج البلاغة

110سؤال وجواب

ما أبرز ما يميز كتاب نهج البلاغة للأمير (عليه السلام)، وبالتالي ما هي الخصائص التي جعلت هذا الأثر النفيس أن يكون مورد عناية العلماء والمحققين الكبار وتوجههم بعنوان كتاب خارق للعادة؟

عدد الزوار: 102

كتاب نهج البلاغة

س 77: ما أبرز ما يميز كتاب نهج البلاغة للأمير (عليه السلام)، وبالتالي ما هي الخصائص التي جعلت هذا الأثر النفيس أن يكون مورد عناية العلماء والمحققين الكبار وتوجههم بعنوان كتاب خارق للعادة؟


ج: لقد امتازت كلمات أمير المؤمنين (عليه السلام)، منذ القديم، بخصوصيتين وعرفت بهما؛ الأولى: الفصاحة والبلاغة؛ والثانية: تضمنه لأبعاد وجوانب مختلفة. وكل واحد من هذين الامتيازين يكفي لإعطاء كلمات الإمام علي (عليه السلام) قيمة عظيمة، غير أن توأمة هاتين الخصوصيتين، بمعنى أن الكلام في مضامين مختلفة ومواضيع مختلفة وأحياناً متضادة، وفي نفس الوقت الحفاظ على الفصاحة والبلاغة، جعل من كلام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) قريب الإعجاز، ولهذا قالوا أن كلامه (عليه السلام) ما فوق كلام البشر وما دون كلام الله عز وجل «فوق كلام المخلوقين ودون كلام الخالق».

ما يمتاز به نهج البلاغة لا يحتاج إلى شرح وتوضيح لمن يدرك جمال الكلام ويملك معرفة باللغة والأدب. والأصل أن الجمال يدرك ولا يوصف، فنهج البلاغة بعد أربعة عشر قرناً من الزمن له من الحلاوة واللطافة والطلاوة عند القارىء والمستمع، على السواء، بمقدار تلك الحلاوة والجاذبية التي كانت له عند الناس في ذلك الزمن.

الامتياز الآخر الذي يتمتع به كلام أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، والذي جمع في كتاب «نهج البلاغة» هو الجانب الغير محدود وفي غير موضوع معين أو ميدان محدد، فهو صال وجال في ميادين مختلفة، وسلك سبلا شتّى بعضها متضاد أحياناً، وكان السبّاق والمقدام في جميع هذه الميادين، لذلك يمكن القول أن نهج البلاغة قمة العمل الإبداعي في الأدب والفصاحة والبلاغة والبيان، وفي شتى الميادين.

إن القول «قمة العمل والإبداع» لكن في ميدان محدد فهذا موجود، لكن لا يتعدى عدد أصابع اليد، والقول بالعمل العادي في ميادين مختلفة فهذا موجود أيضاً وكثير، لكن القول «بقمة العمل والإبداع» ولا ينحصر في ميدان محدد، فهذا من خصوصيات نهج البلاغة فقط.إذا نحّينا القرآن جانباً، لأن القرآن معجزة أخرى وقصة أخرى، فأين نجد عملاً يشبه نهج البلاغة أو يجاريه.

نحن الشيعة يجب أن نعترف أننا ظلمنا علياً (عليه السلام)، أو على الأقل قصّرنا في حق شخص نفتخر أننا نواليه ونتبعه، أكثر من ظلم الآخرين وتقصيرهم، إن تقصيرنا يعد ظلماً بحقه، فنحن لم نُرِد أو لم نستطع أن نعرف علياً (عليه السلام)، وأكثر ما ينصب جهدنا في معرفة نصوص الرسول (ص) في حقّه، أو شتم من خالفوا هذه النصوص وردّوها، ولم نسْعَ بأي حال لمعرفة شخصيته بعينها، غافلين عن أن المسك الذي عند ذاك العطار الإلهي يحمل بذاته عطراً يجذب القلوب ويأسرها، لا يجب أن نقنع بتعريف العطار ونكتفي عند هذا الحد، بل على مشامِّنا ومسامعنا أن تدرك ذاك العطر الإلهي وتتعرف إليه، لأن تعريف العطّار الإلهي لذاك العطر المسكي يهدف إلى إدراك العطر ومعرفته، لا أن تصرف أوقاتنا بتعريفه والحديث عنه غير آبهين بمعرفة ذاته.1


1- سيرى در نهج البلاغه (في رحاب نهج البلاغة)، ص 7، 26، 38، 39.

2016-01-20