س 78: يشبهون الخوارج
110سؤال وجواب
هل يمكن أن نجد في زماننا الحاضر أشخاصاً يعيشون في مجتمعاتنا يشبهون الخوارج في زمن أمير المؤمنين (عليه السلام)؟
عدد الزوار: 103
يشبهون
الخوارج
س 78: هل يمكن أن نجد في زماننا الحاضر أشخاصاً يعيشون في مجتمعاتنا يشبهون الخوارج
في زمن أمير المؤمنين (عليه السلام)؟
ج: يحتمل أن مذهب الخوارج قد مات واضمحل، لكن الظاهر أن روح هذا المذهب ما زالت
تعيش في ذهنية بعض الناس ممن لا يتبعونه ظاهرياً، بل يحسبون أنفسهم من المخالفين له.
مذهب الخوارج في أيامنا الحاضرة ليس موجوداً؛ بمعنى أنه لا يوجد على وجه الكرة
الأرضية مجموعة من الناس باسم الخوارج، أو متبعة لهذا النوع من المذاهب، لكن هل
ماتت روح هذا المذهب؟ ألا يوجد بيننا- خصوصاً الطبقة التي تدّعي القداسة- من حلت
فيه روح هذا المذهب!؟.
البحث في موضوع الخوارج وماهية أعمالهم بالنسبة إلينا وإلى مجتمعنا درس مهم، لأن
مذهبهم انقرض من الوجود، لكن روحه لم تمت بعد.1
الخوارج وبحسب وصف أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يكن لديهم سوء نية، بل كانوا
منحرفين في الذوق والقريحة، كان لديهم انحراف فكري، وعلي (عليه السلام) بعدما فرغ
من قتال الخوارج قال هذه العبارة: «أيها الناس، فإنّي فقأت عين الفتنة، ولم يكن
ليجترىء عليها أحدٌ غيري بعد أن ماج غيهبها، واشتد كَلَبُها.2
إذا أردنا أن نشكر الله تعالى- في موضوع بعينه- على أننا لم نكن في زمن أمير
المؤمنين (عليه السلام)، والحق معنا في ذلك، لأنّا لو كنا في زمانه لما امتلكنا
الإيمان الكافي ولزلّت أقدامنا.
من المحتمل أنه لو كنا آنذاك لشاركنا إلى جانب الأمير في حرب الجمل وصفين، ولكن لا
تصدقوا أنه كان لدينا الشجاعة الكافية أن نشارك إلى جانبه في حربه ضد الخوارج، لأن
علياً (عليه السلام) خرج في تلك الحرب في مواجهة أشخاص كانوا من العبّاد والزهّاد،
كانوا يصومون نهارهم ويقومون ليلهم، وآثار السجود في جباههم، فمن ذاك الذي يتجرأ أن
يحارب أمثال هؤلاء القوم. الرجل الوحيد الذي ملك الجرأة والشجاعة هو الإمام علي (عليه
السلام)، لأنه نظر إلى الباطن ولم ينظر إلى الظاهر، فلو كانوا من المنافقين لكانت
المسألة أقل أهمية، لكنهم كانوا من المصلّين ليلاً والصائمين نهاراً، غير أن وجودهم
كان خطراً على الإسلام وضررهم أكثر من الأعداء.
لو أن علياً (عليه السلام) ما استلّ سيفه في ذاك اليوم وخرج لحرب الخوارج، لما كانت
نصوص الرسول (ص) فيه، ولما كانت الخصال؛ من تقوى وورع، وبالتالي ذاك المقام. لو لم
يكن فعل عليّ (عليه السلام) لما تجرأ أي خليفة بعده على حرب الخوارج، ولما خرج أي
جندي لمحاربتهم، لكن علياً (عليه السلام) حاربهم وقاتلهم لأنه كان المقدام والسّباق،
لذلك حاربوهم من بعده.3
1- جاذبه ودافعه علي (ع) (جذب
علي (ع) ودفعه)، ص 121 و127.
2- نهج البلاغة، الخطبة 93.
3- اسلام ومقتضيات زمان، ج1، ص119 - 120.