س 89: الدكتور شريعتي
110سؤال وجواب
لقد كنتم من أوائل الشخصيات التي أدركت قدرة «الدكتور شريعتي» على البيان وإبداء النظر في المسائل الدينية المختلفة، ودعوتموه للتعاون في برامج «حسينية الإرشاد»، لكن المعروف أنه فيما بعد انحدرت آراؤكم في أفكاره ومؤلفاته، وسارت سيراً تنازليا،ً حتى وصل الأمر بأن توصوا بإعادة النظر في مؤلفاته قبل نشرها وإصلاح بعض الأفكار فيها، فلماذا تبدل رأيكم فيه من النظرة التفاؤلية والأمل في أفكاره وآرائه إلى نظرة تشاؤمية انحدارية؟
عدد الزوار: 118
الدكتور
شريعتي
س 89: لقد كنتم من أوائل الشخصيات التي أدركت قدرة «الدكتور شريعتي» على البيان
وإبداء النظر في المسائل الدينية المختلفة، ودعوتموه للتعاون في برامج «حسينية
الإرشاد»، لكن المعروف أنه فيما بعد انحدرت آراؤكم في أفكاره ومؤلفاته، وسارت سيراً
تنازليا،ً حتى وصل الأمر بأن توصوا بإعادة النظر في مؤلفاته قبل نشرها وإصلاح بعض
الأفكار فيها، فلماذا تبدل رأيكم فيه من النظرة التفاؤلية والأمل في أفكاره وآرائه
إلى نظرة تشاؤمية انحدارية؟
ج: بعد التباحث مع بعض الأشخاص من (الأصدقاء المشتركين) تقرر عدم تدخلي في المسائل
المتعلقة بشخصية شريعتي من ناحية صداقاته والتزاماته العملية، على أن أتدخل وأذكِّر
في حال وجد انحرافات في كتاباته ومؤلفاته، وذلك من باب المحبة وطلب الخير؛ لكن فيما
بعد، رأيت أن عدداً من أصحاب الأفكار المنحرفة والعقائد الغير متجانسة مع الإسلام،
اتجهوا إلى تكبير شخصية شريعتي وجعلها صنماً وقبلة، بحيث لا يتجرأ أي عالم أن يبدي
نظره في أقواله ومؤلفاته، تحت عنوان أن هذه الشخصية هي المجددة للإسلام بعد السيد
جمال الدين والسيد إقبال، وأن شريعتي هو المحيي للإسلام والشريعة والمزيل للخرافات،
وعلى الجميع الالتصاق بأفكاره وتأييدها.
والعجيب، أنهم يريدون تجديد الإسلام وبنائه على أسس وأفكار ومعتقدات مترشحة من
أفكار «ماسينيون» مستشار وزارة مستعمرات فرنسا في شمال أفريقيا وراعي الإرساليات
المسيحية التبشيرية في مصر، وأفكار «كورويج» اليهودي الماتريالي (المادي)، وأفكار (جان
بول سارتر) اكزيستانسياليت (الملحد) لا يعترف بالله والدين، وعقائد «دوركهايم» عالم
الاجتماع المخالف للأديان.
إنهم يريدون بناء الإسلام الجديد على هذا الأساس، «وعلى الإسلام السلام».
في الأشهر الأخيرة من عمر شريعتي، أرسلت إليه تكراراً - بواسطة أشخاص عدّة - رسالة
مفاهدها أن الكثير من مؤلفاتك وأفكارك مخالفة للإسلام، ويجب إصلاحها، وأنا مستعد
وفي حضور أشخاص من أصحاب النظر والرأي أو من دونهم، وبأي وسيلة تشاء، أن أثبت لك
ذلك، فإن ثبت هذا الانحراف أقدمت باسمك لا باسمي على إصلاحها، وفي ذلك رفعة لشأنك
وسمواً لمقامك، وإلاّ فإني مجبرٌ على انتقادك عنوة، وطرح المسائل بشكل منطقي
واستدلالي، وهذا مكلف لك.
الشخص الأخير الذي جاءني من طرفه قال لي أن شريعتي مستعد لقبول شخصيتين هما «السيد
محمد رضا حكيمي» و «السيد محمد تقي جعفري»، لمراجعة آثاره ونقدها، فكان جوابي أن
هذا الأمر جيد، لكن بشرط أن يكون مكتوباً.
فيما بعد علمت أنه لم يجز إلا لشخص واحد منهما «السيد حكيمي» بأن ينقد كتاباته
ويعلق عليها، وأنه لن يشتغل بأي شيء لمدة سنة كاملة سوى إصلاح مؤلفاته «في أوروبا»،
وأن أحد المقربين من السيد الإمام روح الله الخميني (قدس سره) نقل عنه: «أنا أنتظر
فلاناً ليأتي إلى أوروبا لأتشاور معه في كيفية إصلاح كتاباتي». طبعاً أنا أيدت هذه
المسألة، وحملت المسألة على دليل حسن نيته وسوء نية المقربين منه في إيران. من هنا،
كان يتوجب إصلاح مؤلفاته من قبل السيد حكيمي المجاز من شريعتي خطياً، وذلك قبل
طباعتها أو نشرها، لكن الظاهر أن بعض الأشخاص قرروا أن يجعلوه مجدداً للدين، وفتحوا
له باباً لإظهار آرائه ونظرياته في أصول الدين وفروعه، وذلك بالشروع بطباعة مؤلفاته
ونشرها على نطاق واسع.1
أما ما ينسب إلى شريعتي من قبيل أنه سنّيُّ الميول أو وهّابي، فهذا الأمر ليس له
أساس من الصحة، لكن بالنّظر إلى أن علومه وتحصيله وثقافته كانت غربية، جعل من
كتاباته يشوبها الكثير من الأخطاء والاشتباهات في المسائل الدينية، وحتى في مسائل
الأصول، والسكوت عن هذه الأخطاء غير جائز، ويعدّ نوعاً من كتمان الحقيقة والذي
يشمله قوله تعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ
وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ
يَلعَنُهُمُ اللّه﴾2. 3
1- سيری در زندكانی استاد مطهری
(حول حياة الشهيد مطهري)، ص 221 - 226.
2- سورة البقرة: 159.
3- اعلاميه استاد مطهری در سال 1356 (بيان الشهيد مطهري عام 1977م).