حياة لقمان
وصايا لقمان الحكيم
لقمان الحكيم أحد أعظم الحكماء الحقيقيّين الّذين شهد القرآن الكريم بحكمتهم بتعبير صريح وبليغ قائلاً : «وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا لُقْمَـنَ الْحِكْمَةَ» ، وسرد بعض تعاليمه الحكمية للأجيال اللاّحقة . وهكذا فقد دعا الجميع إلى البحث عن حِكمه وتعلّمها .
عدد الزوار: 673
لقمان الحكيم أحد أعظم الحكماء الحقيقيّين الّذين شهد القرآن الكريم بحكمتهم بتعبير 
صريح وبليغ قائلاً : «وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا لُقْمَـنَ الْحِكْمَةَ» ، وسرد بعض 
تعاليمه الحكمية للأجيال اللاّحقة . وهكذا فقد دعا الجميع إلى البحث عن حِكمه 
وتعلّمها . 
ومن المؤسف أنّه لا تتوفّر معلومات دقيقة عن حياة هذا الحكيم البارع ، ولكن يمكن 
استعراض معالم إجمالية عن حياته استنادا للبحث الشامل نسبيا الّذي اُجري في هذا 
المضمار :
أصله ونسبه
ذهب البعض إلى القول بأنّ لقمان هو ابن «ناحور بن تارح» ، بينما قال آخرون إنّه ابن 
«باعور بن تارح» ، وقال آخرون إنّه ابن «باعوراء» ، وقال آخرون إنّه ابن
ليان بن ناحور بن تارح» ، وقالت جماعة إنّه ابن «عنقاء بن سرون» ، بينما قال غيرهم 
إنّه ابن «عنقاء بن مربد» ، وقال آخرون إنّه ابن «عنقاء بن ثيرون» ، بينما قال 
غيرهم إنّه ابن «كوش بن سام بن نوح» . 
ومن البديهي أنّ ترجيح أحد الأقوال على غيره ليس سهلاً ولا ضروريا ، ولكن يمكن 
القول بأنّ لقمان لم يكن ذا نسب معروف ، كما جاء في رواية عن الإمام الصادق عليه 
السلام قال فيها : 
أما وَاللّه ِ ما اُوتِيَ لُقمانُ الحِكمَةَ بِحَسَبٍ ولا مالٍ ولا أهلٍ ولا بَسطٍ 
في جِسمٍ ولا جَمالٍ ...» . 
عِرقُه وصفاته الظاهرية
يُعتبر لقمان من حيث الانتماء العنصري من العنصر الزنجي ، ومن المسلّم أنّه كان 
يفتقر إلى الجمال الظاهري ، كما يُلاحظ هذا في الرواية المعروضة آنفا . وقد ذكر 
الطبرسي قدس سرهفي مجمع البيان أنه : 
«قيل للقمان : ما أقبح وجهك ! قال : تعتب على النقش أو على فاعل النقش» . 
وأمّا ما ورد من أوصافه في بعض الأخبار الّتي صوّرته بأنّه «قصير أفطس» أو «أفطس 
الأنف» أو «مشقّق القدمين» أو «غليظ الشفتين» أو «غليظ المشافر ومصفّح القدمين» ، 
فليس ثمّة دليل قاطع عليها .
رِقّه
كان لقمان عبدا حبشيا ، واستنادا إلى رواية تنتهي إلى الإمام عليّ عليه السلام إنّه 
كان اول عبد اعتق على اثر مكاتبته مع مولاه :
أوّل من كاتب لقمان الحكيم ، وكان عبدا حبشيا» . 
ولكن استنادا إلى ما ذكره الثعالبي وابن قُتيبة يُفهم ان لقمان كان عبدا حبشيا لرجلٍ 
من بني إسرائيل ، ثمّ أعتقه ومنحه مالاً . وقالوا : إنّ لقمان قد بيع أوّلاً بما 
قيمته ۳۰ مثقالاً أو ۵/۳۰ مثقالاً من الذهب .
تاريخ حياته
تاريخ حياة هذا الحكيم الإلهي غير واضحة على وجه الدقّة ، واستنادا إلى ما ذكره 
صاحب مروج الذهب فإنّه قد ولد في السنة العاشرة من حكم داوود عليه السلام وبقي على 
قيد الحياة إلى عهد النبي يونس عليه السلام . ولكن هناك أخبار اُخرى تفيد بأنّ 
لقمان كان في عهد النبيّ داوود عليه السلام شيخا كبيرا 
. ويرى البعض أنّه كان يعيش في الفترة الممتدّة بين بعثة النبيّ عيسى عليه السلام 
والنبيّ محمّد صلى الله عليه و آله. 
ويُستفاد من بعض الأخبار أنّ ذروة شهرة لقمان كانت مقارنة لعهد سلطنة «كيقباد» 
الّذي كان على رأس سلالة الكيانيين في إيران . وهناك رأي يقول بأنّ لقمان ولد في ما 
يقارب عام ۵۵۴ قبل الميلاد ، وبناءً على ذلك يمكن تخمين أنّه قد مرّت منذ حياة 
لقمان وحتّى الآن بين ۲۵۰۰ إلى ۳۰۰۰ سنة أكثر من ذلك .
موطنه
يستفاد من بعض الوثائق التاريخية أنّ بلاد الشام كانت هي المكان الّذي نشأ فيه 
لقمان وترعرع وعاش . ويرى البعض أنّ لقمان كان من أهل آسيا الصُغرى ، وأنّه قد ولد 
في قرية تُدعى «آموريوم» . وأشارت مصادر تاريخية اُخرى إلى أنّه كان من أهالي ايلة 
. 
ويتبيّن من بعض الروايات أنّ لقمان قضى شطرا من عمره في الموصل وهي إحدى المدن 
المهمّة في شمال العراق . 
والمدينة الاُخرى الّتي قيل بأنّها كانت موطنه في السنوات الأخيرة أو الأيّام 
الأخيرة من عمره هي مدينة الرملة . 
عمله هناك أخبار شتّى أيضا حول العمل أو المهنة الّتي كان يمارسها لقمان ، حيث نُسب 
إليه أنّه كان يعمل خيّاطا ، ونجّارا ، وراعيا ، وحطّابا . وقال عنه آخرون إنّه كان 
نجّادا ، والنجّاد هو من يعالج البسط والفرش والوسائد ويخيّطها . ولكن جميع هذه 
الأخبار والأقوال لا تستند إلى دليل رصين . 
وذُكِر في بعض الأخبار أنّه كان يزاول القضاء بين بني إسرائيل = ، لكن مثل هذه 
الأخبار تخالف الروايات الّتي تعتبر منشأ حِكمَة لقمان رفضه للقضاء . 
ويعتقد بعض الباحثين بأنّ هناك وثائق معتبرة تدلّ على أنّ لقمان كان يتّقن
إضافة إلى ما كان يتّصف به من الحكمة ـ الطبابة ومعرفة الأمراض .
نقش خاتمه
نقل الغزالي في إحياء علوم الدين بأنّ خاتم لقمان كان منقوشا عليه هذه الجملة: 
«الستر لما عافيت أحسن من إذاعة ما ظننت» . 
تلاميذه
ذكر حمد اللّه المستوفي في كتابه تاريخ گزيده أنّ فيثاغورث الحكيم اليوناني الّذي 
ينحدر من أصل لبناني ، وجاماسب حكيم بلاد فارس القديمة ، كانا من تلاميذ لقمان 
الحكيم . 
وقال أيضا بأنّ انباذقلس الحكيم اليوناني المعروف تعلّم الحكمة من لقمان في بلاد 
الشام ونقلها إلى اليونان . 
وقال البعض بأنّ لقمان بن عاد الّذي كان يعيش في زمن النبيّ هود عليه السلام ، كان 
هو الآخر من تلاميذ لقمان . يقول المحدّث القمّي : 
قيل إنّ بطليموس كان تلميذ جالينوس ، وجالينوس تلميذ بليناس ، وبليناس تلميذ أرسطو 
، وأرسطو تلميذ أفلاطون ، وأفلاطون تلميذ سقراط ، وسقراط تلميذ بقراط ، وبقراط 
تلميذ جاماسب ، وجاماسب أخو كشتاسب وهو من تلامذة لقمان الحكيم مثل فيثاغورث الحكيم 
المشهور . 
طول عمره
هناك أخبار متضاربة أيضا حول طول عمر لقمان ، ففي بعضها أنّه عمّر
مئتي سنة ، بينما ذكرت أخبار اخرى أنّ عمره كان ألف سنة . وقد ورد في كتاب كليات 
سعدي : 
«لم يعمّر أحد من بني آدم كعمر لقمان ، إذ أنّه عاش ثلاثة آلاف سنة ، وعندما حان 
أجله وجاءه ملك الموت وجده جالسا بين القصب يحوك زنبيلاً ، فقال له : يا لقمان لقد 
عمّرت ۳۰۰۰ سنة فلماذا لم تبنِ لنفسك دارا ؟ 
قال : مغفَّل من تكون لديه جرأة على بناء دار وأنت تطلبه» . 
وجاء في خبر آخر أنّ لقمان عاش ۳۵۰۰ سنة . وذهب آخر إلى ما هو أبعد من ذلك حين قال 
: «ان لقمان وعظ ابنه عشت أربعة آلاف سنة ، وخدمة أربعة آلاف نبيّا ...» . 
ولابدّ من القول بأنّه ليس ثمّة دليل قاطع يثبت صحّة أيّاً من هذه الأقوال ، كما 
إنّه لا دليل ينفيها . ولكن لعلّه من الممكن إثبات طول عمره من خلال مجموع هذه 
الأخبار مضافا للوارد في بعض الروايات. 
مرقده
ذكرت المصادر التاريخية عدّة مواضع لمدفن لقمان . وقال بعض المؤرّخين إنّه مدفون في 
أيلة ، وقال آخرون إنّ ضريحه يقع في مدينة الرملة ، وذكر بعض الرحّالة في كتب 
رحلاتهم عن زيارتهم لقبر لقمان في مدينة الاسكندرية الواقعة في شمال مصر . وجاء في 
كتاب معجم البلدان ما يلي : 
«وفي شرقي بحيرة طبرية قبر لقمان الحكيم وابنه ، وله باليمن قبر ، واللّه أعلم 
بالصحيح منهما» . 
هل كان لقمان نبيّا؟
نُسب إلى عدد من العلماء أنّهم يعتبرون لقمان نبيّا ، ولكن ورد في تفسير الثعلبي ما 
يلي : 
اتّفق العلماء على أنّه كان حكيما ولم يكن نبيّا ، إلاّ عكرمة فإنّه قال : كان 
لقمان نبيّا ، تفرّد بهذا القول». 
أمّا الطبرسي قدس سره فقد قال في مجمع البيان ما يلي : 
اختُلف في لقمان ، فقيل : إنّه كان حكيما ولم يكن نبيّا ، عن ابن عبّاس ومجاهد 
وقتادة وأكثر المفسّرين ، وقيل : إنّه كان نبيّا ، عن عكرمة والسدي والشعبي» . 
والروايات الواردة عن أهل البيت عليهم السلام تنفي نبوّة لقمان صراحة ، كما نُقل عن 
رسول اللّه صلى الله عليه و آله أنّه قال : 
«حقّا أقول : لم يكن لقمان نبيّا ...» . 
تجدر الإشارة إلى أنّه إن كان مراد القائلين بنبوّته ، هو النبوّة الإنبائية أمكن 
التوفيق بين رأيهم وبين ما ورد في الروايات .
سِرّ نيل لقمان الحكمة
آخر وأهمّ ملاحظة في حياة لقمان ، وأكثرها بعدا تربويّا ، هي السرّ الكامن وراء 
نيله الحكمة . ويمكن القول بعبارة اُخرى ما الّذي فعله لقمان في حياته فمنّ اللّه 
عليه بنعمةِ الحكمة ؟ فلو كُشف عن هذا السرّ لغدا بميسور الآخرين أيضا أن يُسخّروا 
طاقاتهم وجهودهم لنيل نور الحكمة . 
وتتلخّص الإجابة الاجمالية عن هذا السؤال في أنّ لنور الحكمة ـ وفقا لمقتضيات 
السنّة الإلهية ـ مبادِئه الخاصّة ، وأهمّ هذه المبادئ هو : الإيمان ، والإخلاص ، 
والعمل الصالح ، والزهد ، وأكل الحلال . ومِن ألمَع الأقوال الجامعة لمبادئ الحكمة 
، قول منسوب إلى امام الحكماء عليّ عليه السلام يقول فيه : 
«مَن أخلَصَ للّه ِِ أربَعينَ صَباحا ، يَأكُلُ الحَلالَ ، صائِما نَهارَهُ ، 
قائِما لَيلَهُ ، أجرَى اللّه ُ سُبحانَهُ يَنابيعَ الحِكمَةِ مِن قَلبِهِ عَلى 
لِسانِهِ» . 
أمّا الإجابة التفصيلية عن التساؤل الآنف ذكره بشأن لقمان ، فقد اُشير في روايات 
مختلفة إلى اُمور متعدّدة من مبادئ الحكمة ، كالّذي ورد في الحديث النبويّ الشريف :
«حَقّا أقولُ : لَم يَكُن لُقمانُ نَبِيّا ولكِن كانَ عَبدا كَثيرَ التَّفَكُّرِ ، 
حَسَنَ الَيقينِ أحَبَّ اللّه َ فَأَحَبَّهُ وَ مَنَّ عَلَيهِ بِالحِكمَةِ» . 
وجاء في رواية اُخرى : 
«وَقَفَ رَجُلٌ على لُقمانَ الحَكيمِ فَقالَ : أنتَ لُقمانُ أنتَ عَبدُ بَني 
النَّحّاسِ ؟ 
قالَ : نَعَم . 
قالَ : فَأَنتَ راعِي الغَنَمِ الأَسوَدُ؟ 
قالَ : أمّا سَوادي فَظاهِرٌ ، فَمَا الَّذي يُعجِبُكَ مِن أمري ؟ 
قالَ : وَط ءُ النّاسِ بِساطَكَ ، وغَشيُهُم بابَكَ ، ورِضاهُم بِقَولِكَ . 
قالَ : يَا ابنَ أخي ، إن صَنَعتَ ما أقولُ لَكَ كُنتَ كَذلِكَ . 
قالَ : ما هُوَ ؟ 
قالَ لُقمانُ : غَضّي بَصَري ، وكَفّي لِساني ، وعِفَّةُ مَطعَمي ، وحِفظي فَرجي ، 
وقِيامي بِعُدَّتي ، ووَفائي بِعَهدي ، وَتكرِمَتي ضَيفي ، وحِفظي جاري ، وتَركي ما 
لا يَعنيني ، فَذاك الَّذي صَيَّرَني كَما تَرى» . 
ونقرأ في نقلٍ آخر : 
«قيلَ لِلُقمانَ : ألَستَ عَبدَ آلِ فُلانٍ ؟ 
قالَ : بَلى . 
قيلَ : فَما بَلَغَ بِكَ ما نَرى ؟ 
قالَ : صِدقُ الحَديثِ ، وأداءُ الأَمانَةِ ، وتَركُ ما لا يَعنيني ، وغَضُّ بَصَري 
، وكَفُّ لِساني ، وعِفَّةُ طُعمَتي ، فَمَن نَقَصَ عَن هذا فَهُوَ دوني ، ومَن 
زادَ عَلَيهِ فَهُوَ فَوقي ، ومَن عَمِلَهُ فَهُوَ مِثلي» . 
وجاء في رواية اُخرى : 
إنَّ رَجُلاً مَرَّ بِلُقمانَ عليه السلام وَالنّاسُ عِندَهُ ، فَقالَ : ألَستَ 
عَبدَ بَني فُلانٍ ؟
قالَ : بَلى . 
قالَ : الَّذي كُنتَ تَرعى عِندَ جَبَلٍ كَذا وكَذَا ؟ 
قالَ : بَلى . 
قالَ : مَا الَّذي بَلَغَ بِكَ ما أرى ؟ 
قالَ : صِدقُ الحَديثِ ، وطولُ السُّكوتِ عَمَّا لا يَعنيني» . 
وقال قطب الدين الراوندي في كتاب لبّ اللباب : 
«إنَّ لُقمانَ رَأى رُقعَةً فيها بِسمِ اللّه ِ ، فَرَفَعَها وأكَلَها ، 
فَأَكرَمَهُ بِالحِكمَةِ» . 
واجمع كلمة تضمنت اسباب نيل لقمان للحكمة ، هي ما قاله الصادق عليه السلام : 
«أما وَاللّه ِ ما اُوتِيَ لُقمانُ الحِكمَةَ بِحَسَبٍ ولا مالٍ ولا أهلٍ ولا بَسطٍ 
في جِسمٍ ولا جَمالٍ ، ولكِنَّهُ كانَ رَجُلاً قَوِيّا في أمرِ اللّه ِ ، 
مُتَوَرِّعا فِي اللّه ِ ، ساكِتا ، سَكينا ، عَميقَ النَّظَرِ ، طَويلَ الفِكرِ ، 
حَديدَ النَّظَرِ ، مُستعبرا بِالعِبَرِ ، لَم يَنَم نَهارا قَطُّ . ولَم يَرَهُ 
أحَدٌ مِنَ النّاسِ عَلى بَولٍ ولا غائِطٍ ولاَ اغتِسالٍ ؛ لِشِدَّةِ تَسَتُّرِهِ 
وعُمقِ نَظَرِهِ وتَحَفُّظِهِ في أمرِهِ. 
ولَم يَضحَك مِن شَيءٍ قَطُّ ؛ مَخافَةَ الإِثمِ ، ولَم يَغضَب قَطُّ ، ولَم 
يُمازِح إنسانا قَطُّ ، ولَم يَفرَح بِشَيءٍ إن أتاهُ مِن أمرِ الدُّنيا ، ولا 
حَزِنَ مِنها عَلى شَيءٍ قَطُّ . 
وَقَد نَكَحَ مِنَ النِّساءِ ووُلِدَ لَهُ الأَولادُ الكَثيرَةُ ، وقَدَّمَ 
أكثَرَهُم إفراطا ، فَما بَكى عَلى مَوتِ أحَدٍ مِنهُم . وَلَم يَمُرَّ بِرَجُلَينِ 
يَختَصِمانِ أو يَقتَتِلانِ إلاّ أصلَحَ بَينَهُما ، ولم يَمضِ عَنهُما حَتّى 
يَحابّا ، ولَم يَسمَع قَولاً قَطُّ
مِن أحَدٍ استَحسَنَهُ إلاّ سَأَلَ عَن تَفسيرِهِ وعَمَّن أخَذَهُ . وكانَ يُكثِرُ 
مُجالَسَةَ الفُقَهاءِ وَ الحُكَماءِ ، وكانَ يَغشَى القُضاةَ وَالمُلوكَ 
وَالسَّلاطينَ، فَيَرثي لِلقُضاةِ مِمَّا ابتُلوا بِهِ ، ويَرحَمُ المُلوكَ 
وَالسَّلاطينَ لِغِرَّتِهِم بِاللّه ِ وطُمَأنينَتِهِم في ذلِكَ ، ويَعتَبِرُ 
ويَتَعَلَّمُ ، ما يَغلِبُ بِهِ نَفسَهُ ، ويُجاهِدُ بِهِ هَواهُ ، ويَحتَرِزُ بِهِ 
مِنَ الشَّيطانِ ، فَكانَ يُداوي قَلبَهُ بِالفِكرِ ويُداوي نَفسَهُ بِالعِبَرِ ، 
وكانَ لا يَظعَنُ إلاّ فيما يَنفَعُهُ . 
فَبِذلِكَ اُوتِيَ الحِكمَةَ ومُنِحَ العِصمَةَ» . 
تجدر الإشارة إلى أنّ هذه الروايات لا اختلاف ولا تعارض بينها ؛ وذلك لأنّ كلّ 
واحدة منها تشير إلى جوانب من مبادئ الحكمة الحقيقية الّتي اُعطيها لقمان . 
وبعبارة اُخرى لكلّ هذه الخطوات دورها وتأثيرها في انبثاق نور الحكمة الّتي حباها 
اللّه عزّوجلّ للقمان .
أمثال لقمان في الاُمّة الإسلامية
تفيد البحوث الّتي اُجريت في هذا المضمار بأنّ ثلاثة من بين أصحاب رسول اللّه صلى 
الله عليه و آله وأهل بيته يضاهون لقمان في حكمته ، وهؤلاء الثلاثة هم : 
1- سلمان 
وردت في هذا الصدد رواية عن الإمام الصادق عليه السلام قال فيها : قال رسول اللّه 
صلى الله عليه و آله ذات يوم لأصحابه : 
أيُّكُم يَصومُ الدَّهرَ ؟ 
فَقالَ سَلمانُ رحمه الله : أنَا يا رَسولَ اللّه ِ . 
فَقالَ رَسولُ اللّه ِ صلى الله عليه و آله : فَأَيُّكُم يُحيِي اللَّيلَ ؟
فَقالَ سَلمانُ : أنَا يا رَسولَ اللّه ِ . 
قالَ فَأَيُّكُم يَختِمُ القُرآنَ في كُلِّ يَومٍ ؟ 
فَقالَ سَلمانُ : أنَا يا رَسولَ اللّه ِ . 
فَغَضِبَ بَعضُ أصحابِهِ فَقالَ : يا رَسولَ اللّه ِ ، إنَّ سَلمانَ رَجُلٌ مِنَ 
الفُرسِ يُريدُ أن يَفتَخِرَ عَلَينا مَعاشِرَ قُرَيشٍ ؛ قُلتَ أيُّكُم يَصومُ 
الدَّهرَ ؟ فَقالَ : أنَا وهُوَ أكثَرَ أيّامِهِ يَأكُلُ! وقُلتَ : أيُّكُم يُحيِي 
اللَّيلَ ؟ فَقالَ أنَا وهُوَ أكثَرَ لَيلَتِهِ نائِمٌ! وقُلتَ : أيُّكُم يَختِمُ 
القُرآنَ في كُلِّ يَومٍ ؟ فَقالَ : أنا وهُوَ أكثَرَ نَهارِهِ صامِتٌ!! 
فَقالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله : مَه يا فُلانُ ، أنّى لَكَ بِمِثلِ 
لُقمانَ الحَكيمِ سَلهُ فَإنَّهُ يُنَبِّئُكَ . 
فَقالَ الرَّجُلُ لِسَلمانَ : يا أبا عَبدِ اللّه ِ ، ألَيسَ زَعَمتَ أنَّكَ تَصومُ 
الدَّهرَ ؟ 
فَقالَ : نَعَم . 
فَقالَ : رَأَيتُكَ في أكثَرِ نَهارِكَ تَأكُلُ! 
فَقالَ : لَيسَ حَيثُ تَذهَبُ إنّي أصومُ الثَّلاثَةَ فِي الشَّهرِ ، قالَ اللّه ُ 
عَزَّوجَلَّ : «مَن جَآءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا» ، وأصِلُ 
شَعبانَ بِشَهرِ رَمَضانَ فَذلِكَ صَومُ الدَّهرِ . 
فَقالَ : ألَيسَ زَعَمتَ أنَّكَ تُحيِي اللَّيلَ ؟ 
فَقالَ : نعم. 
فقال: أنت أكثر ليلتك نائم! فقال ليس حيث تذهب ، ولكنّي سمعت حبيبي رسول اللّه صلى 
الله عليه و آله يقول : مَن باتَ عَلى طُهرٍ فَكَأَنَّما أحيَا اللَّيلَ
كُلَّهُ ، فَأَنَا أبيتُ عَلى طُهرٍ . 
فَقالَ : ألَيسَ زَعَمتَ أنَّكَ تَختِمُ القُرآنَ في كُلِّ يَومٍ ؟ 
قالَ : نَعَم . 
قالَ فَأَنتَ أكثَرَ أيّامِكَ صامِتٌ! 
فَقالَ : لَيسَ حَيثُ تَذهَبُ ، ولَكِنّي سَمِعتُ حَبيبي رَسولَ اللّه ِ صلى الله 
عليه و آله يَقولُ لِعَلِيٍّ عليه السلام : يا أبَا الحَسَنِ ، مَثَلُكَ في اُمَّتي 
مَثَلُ سورة التوحيد «قُل هُوَ اللّه ُ أَحدٌ» فَمَن قَرَأَها مَرَّةً قَرَأَ 
ثُلُثَ القُرآنِ ، ومَن قَرَأَها مَرَّتَينِ فَقَد قَرَأ ثُلُثَي القُرآنِ ، ومَن 
قَرَأَها ثَلاثا فَقَد خَتَمَ القُرآنَ ، فَمَن أحَبَّكَ بِلِسانِهِ فَقَد كَمَلَ 
لَهُ ثُلُثُ الإِيمانِ ، ومَن أحَبَّكَ بِلِسانِهِ وقَلبِهِ فَقَد كَمَلَ لَهُ 
ثُلُثَا الإِيمانِ ، ومَن أحَبَّكَ بِلِسانِهِ وقَلبِهِ ونَصَرَكَ بِيَدِهِ فَقَدِ 
استَكمَلَ الإِيمانَ ، وَالَّذِي بَعَثَني بِالحَقِّ يا عَلِيُ لَو أحَبَّكَ أهلُ 
الأَرضِ كَمَحَبَّةِ أهلِ السَّماءِ لَكَ لَما عُذِّبَ أحَدٌ بِالنّارِ ، وأنَا 
أقرَأَ «قُل هُوَ اللّه ُ أحدٌ» في كُلِّ يَومٍ ثَلاثَ مَرّاتٍ . 
فَقامَ وكَأَنَّهُ قَد اُلقِمَ حَجَرا . 
وروي عن الامام عليّ عليه السلام أنّه قال في وصف سلمان : 
مَن لَكُم بِمِثلِ لُقمانَ الحَكيمِ ، وذلِكَ امرُو مِنّا أهلَ البَيتِ ، أدرَكَ 
العِلمَ الأَوَّلَ وأدرَكَ العِلمَ الآخِرَ ، وقَرَأَ الكِتابَ الأَوَّلَ وقَرَأَ 
الكِتابَ الآخِرَ ، بَحرٌ لا يُنزَفُ» . 
وبالتأمّل في هذه الرواية يمكن القول بأنّ المراد من الرواية التي تشبّه سلمان
بلقمان هو أنّه مساوٍ له في الحكمة ، وإلاّ فلا يُستبعد أن يكون سلمان أرجح من 
لقمان في الفضل ، كما صرّحت بذلك رواية منقولة عن الإمام الصادق عليه السلام قال 
فيها : 
«سَلمانُ خَيرٌ مِن لُقمانَ» . 
2- أبو حمزة الثمالي ثابت بن دينار 
3- يونس بن عبد الرحمن 
الحكيمان الآخران اللذان وصفا في روايات أهل البيت بأنّهما يضاهيان لقمان في الحكمة 
، هما : أبو حمزة الثمالي ، ويونس بن عبد الرحمن . 
يقول الفضل بن شاذان في هذا الصدد : «سَمِعتُ الثِّقَةَ، يَقولُ : سَمِعتُ الرِّضا 
عليه السلام يَقولُ : أبو حَمزَةَ الثُّمالِيُّ في زَمانِهِ كَلُقمانَ في زَمانِهِ 
، وذلِكَ أنَّهُ قَدِمَ أربَعَةً مِنّا : عَلِيَّ بنَ الحُسَينِ ، ومُحَمَّدَ بنَ 
عَلِيٍّ ، وجَعفَرَ بنَ مُحَمَّدٍ ، وبُرهَةً مِن عَصرِ موسَى بنِ جَعفَرٍ عليه 
السلام . ويونُسُ بنُ عَبدِ الرَّحمنِ كَذلِكَ هُوَ سَلمانُ في زَمانِهِ» . 
* كتاب حكم لفمان / العلامة الريشهري.
2015-12-20
