يتم التحميل...

هندسة وأسلمة وعصرنة التعليم الجامعي والحــوزوي

الحرب الناعمة

لسماحة الإمام القائد في هذا المحور رؤية كاملة في هذا المجال، ويندر أن نستمع لخطاب لسماحته لا يكرر فيه أهمية الجامعات والتقدم العلمي والتقني في مواجهة الحرب الناعمة لجبهة الاستكبار،

عدد الزوار: 41

لسماحة الإمام القائد في هذا المحور رؤية كاملة في هذا المجال، ويندر أن نستمع لخطاب لسماحته لا يكرر فيه أهمية الجامعات والتقدم العلمي والتقني في مواجهة الحرب الناعمة لجبهة الاستكبار، بل وصل الأمر بأن أعتبر التقدم العلمي والتقني أحد أركان الأمن على المدى البعيد، وقد اقتطفنا بعض التوجيهات من خطاب ألقاه خلال استقباله لحشد من مدراء وأساتذة الجامعات، قال سماحته "على المجلس الأعلى للثورة الثقافية إعداد الخارطة التنفيذية للهندسة الثقافية في البلاد وينبغي التسريع فيها، وعلى الحكومة إعادة تعريف الصلة القائمة بين الجامعات والمراكز الصناعية. ويجب على الجامعات رصد اعتمادات لمراكز البحث والاهتمام بالباحثين والمبدعين مادياً ومعنوياً. ويجب إيجاد التوازن في توزيع الاختصاصات حسب حاجات قطاعات البلاد الدقيقة. وينبغي على الدوام إعادة النظر في المناهج الجامعية بما يحقق أعلى درجات التقدم والنهوض العلمي والتقني"1.

وفي مجال أسلمة العلوم الإنسانية والإجتماعية قال سماحته "إن الكثير من العلوم الإنسانية مبني على أسس فلسفية ومباني فكرية نابعة من النزعات المادية التي تنبذ التعاليم الإلهية والإسلامية ولذلك فان تعليمها سيؤدي إلى إنكار التعاليم الإليهة والإسلامية والتشكيك في المبادئ الدينية والعقائدية، وينبغي لمراكز صنع القرار بما فيها الحكومة ومجلس الشورى الإسلامي والمجلس الأعلى للثورة الثقافية التركيز على هذه المسألة"2.

وهذه القضية مركزية في موضوع الحرب الناعمة، لأن العدو من خلال ترويج نظرياته وطروحاته وتغليفها بطابع العلوم الإنسانية والإجتماعية وإعطائها الصفة الإنسانية والعلمية المحايدة فكرياً ينفذ إلى عقول الشباب والطلاب ويجتذبهم بعيداً عن الفكر الإسلامي. فعندما تكون قواعد ومباني التفكير ومناهج ومصادر التفكير غير إسلامية تكون النتيجية المنطقية أن يتخرج لدينا جيل كامل لا يعرف من الإسلام إلا الرسم والإسم، من دون أن يعني هذا الإنغلاق على مصادر المعرفة الأجنبية، فهذه دعوى لا يقولها أي عاقل في هذا العصر، ولكن المطلوب هو الإجتهاد في العلوم الإنسانية وعدم التقليد3 كما عبر سماحة القائد، والمطلوب هو التدقيق والتنقيح والتأصيل في أسس ومباني هذه العلوم والمعارف الوافدة ونقدها على ضوء المعايير والموازين الفلسفية والفكرية الإسلامية، وهذا ما أشار إليه سماحة السيد القائد الخامنئي عندما دعا إلى تأسيس كراسي الفكر والبحث الحر في أجواء ناضجة وأطر سليمة، لأن العدو يستغل الثغرات في مناهج التعليم من أجل تمرير المناهج والأفكار الغربية. وبنيغي أيضاً اجتذاب الشباب والطلاب نحو الجامعات الوطنية والمحلية والإسلامية. وينبغي الإلتفات إلى الطلاب العائدين والمتخرجين من الجامعات الغربية بما يضمن إعادة توجيههم إسلامياً.

وفي مقلب آخر دعا سماحة القائد إلى تفعيل عمل الحوزات ووسائل جذبها للشباب والطلبة واستكمال مشاريع إصلاحها وفق خطين: خط إصلاح مناهج وطرق وأساليب التدريس والتعليم، وخط تطوير المحتوى من خلال تعديل المواد والمقررات الدراسية والجمع بين الأصالة والمعاصرة وإضافة علوم جديدة4.

ولا داعي للتأكيد على مقدار تعويل أميركا والغرب على كسب جيل الشباب وطلاب الجامعات في ايران، فجوزيف ناي منظر الحرب الناعمة كرر كلمة "الشباب والفتيان في إيران" عدة مرات في كتابه "القوة الناعمة" وخصص ابواباً عدة للحديث عن تأثير أسلوب التبادل الجامعي والعلمي والثقافي على تفكيك قيم الخصم وخص فئة الطلاب والشباب الوافدين الى أميركا للدراسة، فهؤلاء لهم دور كبير في إحداث التغيير المنشود في بنى التفكير السياسية والتأسيس للمستقبل، لأن هؤلاء "سيعودون الى بلادهم ومعهم الودائع والنوايا الحسنة عن القيم والسلوكيات الأمريكية، والأهم أنهم عندما يصلون الى المراكز الحساسة سيخدمون السياسات الأمريكية بقوة وسيصبحون بمثابة سفراء لأميركا"5.

*رؤية الإمام الخامنئي في مواجهة الحرب الناعمة ، سلسلة الندوات الفكرية ، نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية


1- خطاب لسماحة القائد لدى استقاله أساتذة ومدراء الجامعات بتاريخ 30/8/2009
2- خطاب لسماحة القائد لدى استقاله أساتذة ومدراء الجامعات بتاريخ 30/8/2009
3- خطاب لسماحته خلال لقاء مجموعة من الجامعيين بتاريخ 10/8/2011
4- مشاريع التجديد والاصلاح في الحوزة العلمية. خطاب الامام الخامنئي نموذجاً. إعداد نجف علي ميرزائي. اصدار مركز الحضارة لتنمية الفكر الاسلامي ص. 9.
5- جوزيف ناي. مصدر سابق. ص 11 - 15

2015-12-08