يتم التحميل...

الحرية والقيود

فكر الشهيد مطهري

الغرب -في عصرنا الحالي- يقدس الحرية المطلقة، ويرفض أي نوع من القيود في العلاقات الجنسية، وغير ذلك من المسائل...، برأيكم ما هي الأصول والمباني التي يعتمدها المفكرون والعلماء الغربيون في إبداء آرائهم ونظرياتهم هذه، وبالتالي وصولهم إلى هذه النتيجة؟

عدد الزوار: 103


س: الغرب -في عصرنا الحالي- يقدس الحرية المطلقة، ويرفض أي نوع من القيود في العلاقات الجنسية، وغير ذلك من المسائل...، برأيكم ما هي الأصول والمباني التي يعتمدها المفكرون والعلماء الغربيون في إبداء آرائهم ونظرياتهم هذه، وبالتالي وصولهم إلى هذه النتيجة؟

ج: الغرب في زماننا المعاصر انحرف 180 درجة عما كان عليه في القديم؛ فجل حديثهم اليوم- فيما يرتبط بمسألة الأخلاق الجنسية- حول تقديس العلاقة الجنسية واحترامها، وعدم المس بالحرية، ورفع جميع الموانع والقيود من أمامها. ما كان يقال في القديم كان باسم الدين، أما اليوم ما يطرح فباسم العلم والفلسفة، والمنحازون إلى نظرية الأخلاق الجنسية المعاصرة «الحرية الجنسية وانعدام القيود» يبنون نظرياتهم على أسس ثلاث:

1- بقاء حرية الفرد محفوظة ما دامت لا تخل بحرية الآخرين.

2- إن سعادة المرء رهن تربية جميع المؤهلات والقابليات الموضوعة في وجوده، أما الأنانية وحب الذات، والأمراض الناشئة منها مرتبطة باختلال الغرائز واضطرابها، أي عدم انتظامها من حيث الإرضاء والإشباع؛ بمعنى إرضاء بعض الغرائز وإشباعها وعدم إرضاء الأخرى، بناء عليه، يجب تربية القابليات والاستعدادات، وتنشئتها بشكل متساوي ومتوازي حتى يصل الإنسان إلى السعادة في هذه الدنيا.

3- إن رغبة البشر بشيء ما تقل على اثر اشباعها به، أما في حال المنع والحرمان فإنها تزداد، لذلك يجب إزالة جميع الموانع والقيود من أمام البشر، وإعطائهم الحرية المطلقة من أجل صرفهم عن التوجه الدائم إلى المسائل الجنسية والعوارض الناشئة منها، أي إعطاء الحرية من أجل الإشباع، وبالتالي الانصراف عن الرغبة، فجميع الأحقاد والشرارات والانتقام ناشئة من الأخلاق الجنسية القاسية والعنيفة.

على هذه الأسس والأصول بنيت الأخلاق الجنسية الجديدة، هناك بعض الأشخاص ممن ليس لديهم إطلاع كافٍ يعتبرون أن مثل هذه الأبحاث ليست مفيدة كثيراً؛ لكني أرى أن بحث هذه المسائل في عصرنا الحاضر ضروري جداً، وهذا الأمر ليس فقط من جهة الإطلاع على أفكار الفلاسفة والمفكرين المعروفين والمشهورين؛ بل من ناحية أن هذه الأفكار والمباحث في حالة انتشار واسع بين طبقة الشباب، في زماننا الحاضر، فلعل الكثيرين من شبابنا، ممن لم يختمر فكرهم بشكل جيد، خصوصا المراهقين، يقعون تحت تأثير هذه الأفكار وأصحابها من الشخصيات الشهوانية، بحيث تترسخ هذه الأفكار في أذهانهم، فيحسبونها واقعية ومطابقة للمنطق.

أعتقد أنه يجب اطلاع القرّاء الأعزاء على هذه المباحث، فالأفكار الجديدة الواردة من الغرب والتي تستهوي شبابنا، ممن لم يطّلعوا على هذه الأفكار بشكل كامل، ولا يعرفون منها إلا القشور والمبادىء البسيطة، وقد تغرهم عناوينها المقدسة، مثل: الحرية، والمساواة، فيقبلون عليها من أعماق قلوبهم؛ لكن إلى أين ينتهي هذا الخط، والى اين يوصل هذا المسير؟ هل المجتمع البشري سيكون قادراً على السير في هذا الخط إلى النهاية، وأن يستمر في الخطى؟، أو أنه شيء يحاك؟!، لكنه أكبر من قياس البشر، هو خط سوف يؤدي الاستمرار فيه حتماً إلى سقوط البشرية وفنائها.


* كتاب 110سؤال وجواب / الشهيد مرتضى مطهري.

 

2015-06-01