إيجاد الشك في المسائل العقائدية
فكر الشهيد مطهري
يرتسم هذه الأيام في ذهن جيل الشباب سلسلة من الأسئلة والتشكيكات حول المسائل الدينية، بحيث تكون نتائجها المباشرة إيجاد الشك والقلق والاضطراب، وعدم الاستقرار في هذه الطبقة من المجتمع. برأيكم ما هو طريق الخروج من هذه الأزمة، وبالتالي ما هو حل المسائل الموجدة لهذا القلق والاضطراب، أوليس هكذا شك وتشكيك يعتبر أمراً خطيراً؟.
عدد الزوار: 85
س: يرتسم هذه الأيام في ذهن جيل الشباب سلسلة من الأسئلة والتشكيكات حول المسائل
الدينية، بحيث تكون نتائجها المباشرة إيجاد الشك والقلق والاضطراب، وعدم الاستقرار
في هذه الطبقة من المجتمع. برأيكم ما هو طريق الخروج من هذه الأزمة، وبالتالي ما هو
حل المسائل الموجدة لهذا القلق والاضطراب، أوليس هكذا شك وتشكيك يعتبر أمراً خطيراً؟.
ج: يُعدّ عصرنا الحاضر، من الوجهة الدينية والمذهبية، عصر الاضطراب والشك والتردد،
وعصر الأزمات، خصوصاً لجيل الشباب. هناك مجموعة من التشكيكات والأسئلة حول مسائل
مستحدثة، وكذلك أسئلة قديمة يتم طرحها من جديد، كل ذلك في إطار مقتضيات هذا العصر،
فهل نواجه هذه المسائل والتشكيكات التي تصل أحيانا إلى حد الإفراط بالتأسف
والانزعاج؟! أنا أعتقد أنه لا يجب التضجّر والانزعاج، فالشك مقدمة اليقين، والسؤال
مقدمة الوصول، والاضطراب مقدمة السّكينة والهدوء.
الشك معبرٌ جيد ولازم، حتى لو كان هناك بعض المنازل والمواقف الغير مناسبة. إن
الإسلام الذي يدعو إلى التفكّر ويؤكد على التيقّن، يُفهمنا بشكل ضمني أن حالة البشر
الأولية هي الجهل والشك والتردد، وأنه بالتفكر وإعمال العقل بشكل صحيح، يجب أن يصل
الانسان إلى منزلة اليقين والاطمئنان.
عندما ترتسم حالة السؤال في الذهن، بالنسبة إلى مطلب ما، فإن الذهن يصير في حالة من
الشك والتردد، وهذه الحالة تنمّ عن نوع من الرُّشد والرفعة. والشك هو نوع من عدم
الاستقرار وعدم السكون، لكن ليس كل استقرار وسكون يكون مرجّحا على هذا النوع من عدم
الاستقرار والسكون أو مفضّلا عليه. بمعنى أن الحيوان لا يملك الشك، أي ليس عنده عدم
استقرار، لكن هل يعني هذا أنه وصل إلى مرحلة الإيمان واليقين؟ فهذا النوع من
الاستقرار والسكون أدنى من الشك، وهذا بخلاف سكينة أهل اليقين التي هي أعلى من الشك.
لكن ما يبعث على الأسف أن شك بعض الاشخاص لا يدفعهم إلى التحقيق، أو أن الشكوك
الاجتماعية قد لا تحثُّ الأفراد على الإجابة على أسئلة المجتمع وتلبية حاجاته في
هذا المضمار.
الشك في الدين أمر سيء، والشك إشارة إلى خُبث الطّينة وسواد القلب وهو أمر غير جيد،
لأن الهدف هو اليقين؛ إذن الهدف- سواء في العلم والفلسفة أو في الدين- ان يكون
الإنسان من أهل اليقين، أما الشك فهو التزلزل وعدم الاطمئنان. في مسألة الدين يجب
على الإنسان أن يملك الإيمان واليقين.
نحن لا نجد بين طيّات القرآن الكريم، دعوة للناس إلى الشك. كل القرآن يدعو إلى
الإيمان، غير أنه في بعض الحالات قد يكون الشك أمراً جيداً ومطلوباً، بل وفي بعض
الأحيان يكون الشك مقدساً.
عندما يأتي الإنسان إلى هذه الدنيا، لا يولد معه اليقين والإيمان، فاليقين أمرٌ
يعرضُ للإنسان ويظهر له، وما دام الإنسان لا يشك فلن يندفع نحو اليقين، فالشك معبر
جيد للإنسان للوصول إلى الإيمان واليقين، والشك أمر جيد للبشر على أن لا يكون هدفاً
جيداً بحدّ ذاته، فمقام الشك مقام سيء.
القرآن الكريم عندما يدعو إلى رفض التقليد، وفك العنق من رهن هذا القيد، إنما يدعو
إلى نوع من الشك؛ يعني الشك والتردد فيما أخذ من الآباء والأمهات والمحيط، وفي
الهدف أيضاً.
التردد والشك مطلوب من أجل التحقيق، شكّوا حتى تتحققوا، فهو يدعوكم إلى التردد
والشك في صحة ما تعلمتموه من آبائكم وأخذتموه عنهم على نحو التقليد حتى تتمكنوا من
التحقيق. أنا أسمّي هذا النوع من الشك «بالشــك المقدس» ؛ أي الشك الذي يكون مقدمة
التحقق أو لأجل التحقيق.
* كتاب 110سؤال وجواب / الشهيد مرتضى مطهري.
2015-06-01