الحرمان وعدم تحقيق الرغبات
فكر الشهيد مطهري
ما توصل إليه علم الاجتماع يقول: "إن الحرمان وعدم تحقيق الرغبات التي تسببها القيود الاجتماعية، وإيجاد حيّز بين الذكر والأنثى، يزيد من الحرص والولع، إضافة إلى الاشتياق والوله والهيجان فيما يتعلق بالرغبة الجنسية" برأيكم أليس من الأفضل ترك الحرية - ما أمكن- للغريزة الجنسية في المجتمع؟
عدد الزوار: 91
س: ما توصل إليه علم الاجتماع يقول: "إن الحرمان وعدم تحقيق الرغبات التي
تسببها القيود الاجتماعية، وإيجاد حيّز بين الذكر والأنثى، يزيد من الحرص والولع،
إضافة إلى الاشتياق والوله والهيجان فيما يتعلق بالرغبة الجنسية" برأيكم أليس من
الأفضل ترك الحرية - ما أمكن- للغريزة الجنسية في المجتمع؟
ج: صحيح أن الحرمان والفشل في تحقيق الرغبة، خصوصاً الجنسية له عواقب وخيمة
وقاسية، وأن مواجهة ما تقتضيه الغريزة في حدود الحاجة الطبيعية خطأ كبير، لكن رفع
القيود الاجتماعية لا يحل المشكلة أبداً، بل يزيدها تعقيداً. إن رفع القيود فيما
يتعلق بالغريزة الجنسية، وبعض الغرائز الأخرى يقتل العشق بمفهومه الواقعي، ويدمره،
لكنه أيضاً يجعل الطبيعة عبثية من غير ضوابط أو قوانين، بحيث تكون القاعدة في هذه
المسألة: "كلما كان العرض أكثر كان الهوس والرغبة إلى التنوع أكبر".
يقول البعض: "إذا أجزتم نشر الصور المنافية للحشمة والعفة، فإن الناس بعد مدة، سوف
تتشبع رغباتهم فيتعبون ويملون، وبالتالي لن ينظروا إليها فيما بعد". إن هذا القول
فيما يخص صورة بعينها، أو نوع ينافي العفة بحد ذاته، صحيح؛ لكن فيما يخص مطلق
الأمور والمسائل المخالفة للعفة ليس صحيحا، بمعنى أن الملل قد يحدث في نوع خاص
ومحدد من الأمور المنافية للحشمة، لكن هذا لا يعني أن الرغبة في العفاف والحشمة سوف
تحل مكان الرغبة المنافية، بل بمعنى أن لهيب التعطش الروحي "في المسائل الجنسية
و... سوف تمتد شراراته لتطلب أنواعاً أخرى غير التي عرضت، وهذا الطلب ليس له نهاية.
من هنا يجب التّنبه أن الحرية في المسائل الجنسية سبب في اشتعال الشهوات بشكل يسيطر
عليها الحرص والطمع.
للغريزة الجنسية بُعدان، بعد جسدي وبعد روحي. فالوجه الجسدي فيها محدود، بحيث أن
امرأة أو امرأتين تكفي لإشباع غريزة الرجل، لكن من ناحية طلب التنوع والعطش الروحي
فإن المسألة تتخذ شكلاً آخر قد لا ينتهي.
وهكذا بالنسبة للحرمان فإنه يصبح سبباً للطغيان والتهاب الشهوات، كذلك فإن الانقياد
والطاعة العمياء والتسليم المطلق، كل ذلك، يصبح سبباً للطغيان واشتعال الشهوات.
أنا أعتقد أن تهدئة الغريزة وإخماد لهيبها يحتاج إلى أمرين: الأول: إرضاء الغريزة
في حدود الحاجة الطبيعية، والثاني: الحد من تهيُّجها وعدم إثارتها. أما أن يقوم
المجتمع بإنتاج الوسائل السمعية والبصرية والحسية، والتي توجب جميعها تهييج الغرائز
وتحريكها، ثم يريد تسكين هذه الغريزة المجنونة بإرضائها، وذلك برفع القيود، فهذا لن
يكون ممكناً، لا يمكن إرضاء الغريزة وتسكينها بهذه الوسيلة؛ بل سيزيدها اضطرابا
وتلاطماً وعدم رضا، مما ينعكس على النفس آلاف العوارض والاختلالات السلبية. كذلك
فإن تهييج الغريزة الجنسية، وتحريكها بغير قيد ولا قاعدة سيخلق عوارض أخرى وخيمة؛
كالبلوغ المبكر، وإسراع الشيخوخة والعجز.
نحن لا ننكر أن عدم الحصول على المرأة يوجب الانحراف، وأنه يجب تسهيل شروط الزواج
وقواعده القانونية والاجتماعية، لكن مما لا شك فيه، أن هذا الكم والنوع من التبرج
وإظهار مفاتن المرأة في المجتمع، والاختلاط الحر، سبب أصلي في الانحراف الجنسي،
وضرر يبلغ أضعاف ما يسببه الحرمان..
* كتاب 110سؤال وجواب / الشهيد مرتضى مطهري.
2015-06-01