دفن الميت
آداب تجهيز الميت
بعد الفراغ من الصلاة على الميت يبغي أن يدفن الميت في القبر، وهو الحفرة الخاصة ذات الصفات التي تحفظ حرمته، وتجعله في مأمن من تناول السباع وخروج رائحة الجسد، وللدفن آداب كثيرة جداً سنتطرق لها في الصفحات التالية.
عدد الزوار: 276
بعد الفراغ من الصلاة على الميت يبغي أن يدفن الميت في القبر، وهو الحفرة الخاصة
ذات الصفات التي تحفظ حرمته، وتجعله في مأمن من تناول السباع وخروج رائحة الجسد،
وللدفن آداب كثيرة جداً سنتطرق لها في الصفحات التالية.
1- استحباب حفر القبر
لحفر القبر في الآخرة ثواب جزيل، ولذا كان من الآداب الإسلامية المشاركة في حفر
قبور من مات من المسلمين، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:"من احتفر
لمسلمٍ قبراً محتسباً حرمه الله على النار وبوأه بيتاً من الجنَّة، وأورده حوضاً
فيه من الأباريق عدد نجوم السماء، عرضه ما بين أيلة وصنعاء"1.
وعن الإمام الباقر عليه السلام قال: "من حفر لميتٍ قبراً كان كمن بوّاه بيتاً
موافقاً إلى يوم القيامة"2.
2- بذل الأرض لتكون مدفناً
لما جاء في الخبر أن أمير المؤمنين علياً عليه السلام اشترى أرضاً ما بين الخورنق
إلى الحيرة إلى الكوفة وفي خبر آخر: ما بين النجف إلى الحيرة إلى الكوفة من
الدهاقين بأربعين ألف درهمٍ، وأشهَدَ على شرائه، قال: فقلت له: يا أمير المؤمنين
تشتري هذا بهذا المال وليس ينبت قط؟ فقال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم يقول: كُوفان كُوفَان يرد أولها على آخره، يحشر من ظهرها سبعون ألفاً يدخلون
الجنَّة بغير حساب، فاشتهيت أن يحشروا من ملكي"3.
3- الدفن في الحرم
والمراد بالحرم المكان القريب من قبر رسول الله الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم
وقبور الأئمة عليه السلام ، فعن الإمام الصادق عليه السلام يقول: "من دفن في
الحرم أمن من فزع الأكبر..." 4.
وعن الإمام الباقر عليه السلام قال: "لما مات يعقوب حمله يوسف عليه السلام في
تابوت إلى أرض الشام فدفنه في بيت المقدس"5. وبيت المقدس كما
يشتهرعنه أنه مكان للكثير من قبور الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
4- الشق واللحد
والمراد بالشق أن يجعل في جنبات القبر حجاراً توضع فوقها رصائف كي لا يهال التراب
على الميت مباشرة، وأما اللحد فهو حفرة تحفر في قعر القبر يوضع فيها الميت، فعن أبي
الحسن الرضا عليه السلام قال: "قال أبو جعفر عليه السلام حين أحضر: إذا أنا متُّ
فاحفروا لي وشقوا لي شق، فإن قيل لكم: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لحد له
فقد صدقوا"6.
5- كيف ينقل الميت للقبر؟
إن للقبر أهوالاً جسام، لذا كان من الآداب أن لا نرعب الميت بإنزاله بشكل سريع
للقبر، عن محمد بن عجلان قال: سمعت صادقاً يصدق على الله- يعني أبا عبد الله عليه
السلام قال: "إذا جئت بالميت إلى قبره فلا تفدحه بقبره، ولكن ضعه دون قبره
بذراعين أو ثلاثة أذرع، ودعه حتى يتأهب للقبر ولا تفدحه به"7.
6- إدخاله من ناحية الرجلين
لا من جهة الراس، ويتم إنزاله للقبر برفق وبطء لا أن يسرع به ويهوى به هوي، فعن
الإمام جعفر بن محمدعليه السلام - في حديث شرايع الدين- قال: "والميت يسل من قبل
رجليه سل، والمرأة تؤخذ بالعرض من قبل اللحد، والقبور تربع ولا تسنم"8.
7- حلُّ عقد الكفن
أي عقد الإزار اللذي يغطي كامل جسد الميت، فيكشف عن وجهه، فعن أبي عبد الله عليه
السلام قال: "يشق الكفن إذا أدخل الميت في قبره من عند رأسه"9.
وعن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن عقد كفن الميت؟ فقال عليه
السلام:" إذا أدخلته القبر فحلَّها"10.
8- ماذا نقرأ في القبر؟
يستحب أن يقرأ للميت في القبر المعوذتين والكرسي والفاتحة، فعن علي بن يقطين قال:
سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام يقول: "لا تنزل في القبر وعليك
العمامة- إلى أن قال- وليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وليقرأ فاتحة الكتاب
والمعوذتين وقل هو الله أحد وآية الكرسي، وإن قدر أن يحسر عن خده ويلصقه بالأرض
فليفعل، وليتشهد وليذكر ما يعلم حتى ينتهي إلى صاحبه"11.
9- تلقينه
فهو مسئول عن ذلك لا محالة، ولذا استحب التلقين عند الاحتضار والدفن وبعده أي بعد
انصراف الناس، كما سيأتي، فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: "إذا سللت الميت
فقل: "بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، اللهم إلى
رحمتك لا إلى عذابك "فإذا وضعته في اللحد فضع فمك على أذنه فقل: الله ربُّك
والإسلام دينك ومحمَّد نبيك والقرآن كتابك وعليٌ إمامك"12.
وعن أبي عبد الله عليه السلام في رواية طويلة: "... ثم تدخل يدك اليمنى تحت منكبه
الأيمن، وتضع يدك اليسرى على منكبه الأيسر، وتحركه تحريكاً شديداً وتقول: "يا فلان
ابن فلان، الله ربك، ومحمد نبيك، والإسلام دينك، وعلي وليك وإمامك "وتسمى الأئمة
عليه السلام واحداً واحداً إلى آخرهم أئمتك أئمة هدىً أبرار. ثم تعيد عليه التلقين
مرةً أخرى، فإذا وضعت عليه اللبن فقل: "اللهمّ ارحم غربته، وصِل وحدته، وآنس
وحشته، وآمن روعته، وأسكن إليه من رحمتك رحمة يستغني بها عن رحمة من سواك، واحشره
مع من كان يتولاه "ومتى زرت قبره فادع له بهذا الدعاء وأنت مستقبل القبلة ويداك على
القبر. فإذا خرجت من القبر فقل- وأنت تنفض يديك من التراب-: إنا لله وإنا إليه
راجعون، ثم أحثُ التراب عليه بظهر كفيك ثلاث مرات وقل: "اللهم إيماناً بك،
وتصديقاً بكتابك، هذا ما وعدنا الله ورسوله، وصدق الله ورسوله "فإنه من فعل ذلك
وقال هذه الكلمات كتب الله له بكل ذرةٍ حسنةً...الخ"13.
10- الدعاء بالمأثور
ولكل عمل في دفن الميت ولحده ذكر خاص به جمعته الرواية عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: "إذا أتيت بالميت القبر فسله من قبل رجليه فإذا وضعته في القبر فاقرأ آية
الكرسي وقل: "بسم الله وفي سبيل الله وعلى ملّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
، اللهمّ أفسح له في قبره وألحقه بنبيه وقُل كما قلت في الصلاة عليه مرة واحدة من
عند "اللهم إن كان محسناً فزد في إحسانِه، وإن كانَ مسيئاً فاغفر له وارحمه وتجاوز
عنه "واستغفر له ما استطعت، قال: وكان علي بن الحسين عليه السلام إذا أدخل الميت
القبر، قال: اللهمّ جاف الأرض عن جنبيه وصاعد عمله ولقِّه مِنك رضواناً"14.
وفي رواية أخرى عن سماعة قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما أقول: إذا أدخلت
الميت منَّا قبره؟ قال: قل: "اللهم هذا عبدك فلان وابن عبدك، قد نزل بك وأنت خير
منزولٍ به، قد احتاج إلى رحمتك، اللهم ولا نعلم منه إلا خير، وأنت أعلم بسريرته
ونحن الشهداء بعلانيته، اللهم فجافِ الأرض عن جنبيه، ولقِّنه حجته، واجعل هذا اليوم
خير يوم أتى عليه، واجعل هذا القبر خير بيت نزل فيه، وصيره إلى خير مما كان فيه،
ووسع له في مدخله، وآنس وحشته واغفر ذنبه، ولاتحرمنا أجره، ولا تضلنا بعده"15.
11- أن يجعل له وسادة
والوسادة المقصودة هنا من التراب، كما يجعل وراء ظهره حجراً صغيراً كي لا يستلقي،
فعن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: يجعل له وسادة من تراب، ويجعل خلف ظهره مدرة
لئلا يستلقي، ويحلّ عقد كفنه كلها ويكشف عن وجهه، ثم يدعى له ويقال: "اللهم عبدك
وابن عبدك وابن أمتك نزل بك وأنت خير منزول به، اللهم افسح له في قبره، ولقنه حجته،
وألحقه بنبيه، وقه شر منكر ونكير"16.
12- الخروج من جهة الرجلين
ولعل ذلك من باب الاحترام للميت، ولما رود من أن باب القبر جهة الرجلين فعن رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إن لكل بيتٍ باب، وإن باب القبر من قبل الرجلين"
17.
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: "من دخل القبر فلا يخرج إلا من قبل الرجلين"
18.
13- نزول الزوج في قبر المرأة
فهو أولى الناس بدفنه، وهو الذي جرت السنة أن يلحده، فعن أمير المؤمنين عليه
السلام: "مضت السنة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن المرأة لا يدخل
قبرها إلا من كان يراها في حياتها"19.
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "الزوج أحقُّ بامرأته حتى يضعها في قبرها"20.
14- أن يحثو التراب
فقد كان هذا من فعل الأئمة عليه السلام ففي الرواية: رأيت أبا الحسن يعني الإمام
الكاظم عليه السلام يقول: "ما شاء الله لا ما شاء الناس، فلما انتهى إلى القبر
تنحى فجلس، فلما أدخل الميت لحده قام فحثا عليه التراب ثلاث مرات بيده"21.
وفي رواية أخرى رأيت أبا الحسن عليه السلام وهو في جنازة فحثا التراب على القبر
بظهر كفيه22.
ويستحب أن يقال أثناء حثو التراب ما ورد في الرواية عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: "إذا حثوت التراب على الميت فقل: إيماناً بك وتصديقاً ببعثك، هذا ما وعد
الله ورسوله، قال: وقال أمير المؤمنين عليه السلام: سمعت رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم يقول: من حثا على ميت وقال: هذا القول أعطاه اللهُ بكلِّ ذرة حسنة"23.
15- تربيع القبر ورفعه
فعن عن محمد بن مسلم، عن الإمام الباقر عليه السلام قال: "يدعا للميت حين يدخل
حفرته، ويرفع القبر فوق الأرض أربع أصابع"24.
وأما تربيع القبر نفسه فأن يجعل ذا زوايا قائمة مع تسطيحه في مقابل تسنيمه، يقول
الإمام الخمينيقدس سره: "ومنها تربيع القبر، بمعنى تسطيحه وجعله ذا أربع زوايا
قائمة"25.
16- رش القبر بالماء
من جهة الرأس لجهة القدمين كما جاء في الرواية عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "السنة
في رش الماء على القبر أن تستقبل القبلة وتبدأ من عند الرأس إلى عند الرجل، ثم تدور
على القبر من الجانب الآخر، ثم يرش على وسط القبر، فكذلك السنة"26.
ولرش القبر آثار حميدة للميت، فعنه عليه السلام ، في رش الماء على القبر قال: "يتجافى
عنه العذاب ما دام الندى في التراب"27.
17- وضع اليد على القبر
بأن يغمز أصابعه في تراب القبر، فعن زرارة، عن الإمام الباقر عليه السلام قال: "وإذا
حثي عليه التراب وسوى قبره فضع كفّك على قبره عند رأسه، وفرّج أصابعك واغمز كفّك
عليه بعد ما ينضح بالماء"28.
18- تلقين الميت بعد انصراف الناس
وهو المورد الثالث من موارد تلقينها إذ تستحب عند الاحتضار وفي القبر عند الدفن،
وفي هذا المورد أيضاً بعد انصراف الناس من الدفن، فعن الإمام الصادق عليه السلام: "ما
على أهل الميت منكم أن يدرؤوا عن ميتهم لقاء منكر ونكير؟ ! قال: قلت: كيف نصنع؟
قال: إذا أفرد الميت فليستخلف عنده أولى الناس به، فيضع فمه عند رأسه، ثم ينادي
بأعلى صوته: يا فلان بن فلان، أو يا فلانة بنت فلان، هل أنت على العهد الذي فارقتنا
عليه من شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله سيد
النبيين، وأن عليا أمير المؤمنين وسيد الوصيين، وأن ما جاء به محمد حق، وأن الموت
حق، والبعث حق، وأن الله يبعث من في القبور، قال: فيقول منكر لنكير: انصرف بنا عن
هذا فقد لقن حجته"29.
*اداب تجهيز الميت ، سلسلة الاداب والسنن، نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
1- الحر العاملي-
محمد بن الحسن- وسائل الشيعة- دار إحياء التراث- بيروت- ج 3- ص 160
2- م.ن. ج 3- ص 160
3- م.ن. ج 3- ص 161
4- م.ن. ج 3- ص 162
5- م.ن. ج 3- ص 164
6- م.ن. ج 3- ص 166
7- م.ن. ج 3- ص 168
8- م.ن. ج 3- ص 182
9- م.ن. ج 3- ص 172س
10- م.ن. ج 3- ص 172
11- م.ن. ج 3- ص 173- 174
12- م. ن. ج 3- ص 174
13- م.ن. ج 3- ص 179- 180
14- م.ن. ج 3- ص 177
15- م.ن. ج 3- ص 178
16- م.ن. ج 3- ص 179- 180
17- م.ن. ج 3- ص 183
18- م.ن. ج 3- ص 183
19- م.ن. ج 3- ص 187
20- م.ن. ج 3- ص 187- 188
21- م.ن. ج 3- ص 190
22- م.ن. ج 3- ص 191
23- م.ن. ج 3- ص 190
24- م.ن. ج 3- ص 192
25- الخميني- روح الله الموسوي- تحرير الوسيلة- دار الكتب العلمية- اسماعيليان- قم-
ج 1- ص 91
26- الحر العاملي- محمد بن الحسن- وسائل الشيعة- دار إحياء التراث- بيروت- ج 3- ص
195- 196
27- م.ن. ج 3- ص 196
28- م.ن. ج 3- ص 197
29- م.ن. ج 3- ص 201