المطففين والهمّزة
الموضوعات الغيبية في القرآن
وقـد اكد القرآن على عذاب هؤلا تاكيدا خاصا، واولى هذه القضية اهمية استثنائية، حتى ان اسم احـدى السور هي "المطففين " جا في مستهلها:
عدد الزوار: 259
وقـد اكد القرآن على عذاب هؤلا تاكيدا خاصا، واولى هذه القضية اهمية استثنائية، حتى
ان اسم احـدى السور هي "المطففين " جا في مستهلها:
﴿وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ﴾
﴿أَلَا
يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ﴾
﴿لِيَوْمٍ عَظِيمٍ﴾
﴿كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ﴾ المطففين ـ1 ـ4
5ـ7.
قـال بـعض المفسرين ان "الويل " يعني شدة عذاب القيامة، وقال آخرون انها اسم واد
خاص في جهنم .
وجا ايضا في حديث عن الامام الصادق انه قال: "لم يجعل اللّه الويل لاحد حتى يسميه
كافرا"، قال عز وجل: "فويل للذين كفروا ".
وورد ايضا في حديث عن النبي انه قال: "ويل واد في جهنم يهوي فيه الكافر".
يـفـهـم من هذه التعابير ان التطفيف ـ اي عدم ايفاء الميزان في البيع ـ يصل حد
الكفر او هو نوع من الكفر.
وكـلـمة "ويل " لها معنى لغوي واسع، يرادف الشر والغم، والهلاك اوالعذاب الاليم،
وماذكر آنفا يمكن ان يكون مصداقا لذلك.
ومـما يسترعي الانتباه ان الفاظ الاية وان كانت تخص المطففين للمواد القابلة للوزن
والكيل لغرض الـبـيـع والشرا، الا انه لا يستبعد ان تتسع الاية لما هو ابعد من ذلك
لتشمل كل من يقصر في تادية واجـباته الدينية والاخلاقية والاجتماعية وذلك لان كل من
يقصر في ادا واجبه وينتقص من عمله يعتبر في الحقيقة مطفف.
ولـهذا نقل عن الصحابي المعروف "عبداللّه بن مسعود" انه قال: "كل من طفف في صلاته
ينطبق علية ماقاله اللّه تعالى بشان المطففين ".
الهمز واللمز والغيبة
وهـذه ايـضـا مـن الـذنوب الكبيرة لان فيها استهانة بكرامة وشخصية الناس المؤمنين،
والكرامة والـشـخـصـية من الاعتبارات التي توازي في الاهمية دم الانسان بل وتفوقه
احيانا، ولذلك توعد الـقـرآن الـكريم بالويل والعذاب لكل من يجترئ على هذا الفعل
فقال:
﴿وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ * الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ *
يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ * كَلَّا لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ﴾ سورة الهمزة ـ1 ـ4.
هـنـالـك اختلاف في آرا المفسرين بشان معاني الهمزة واللمزة، فهاتان الكلمتان وردتا
على صيغة المبالغة من المصدرين "الهمز" "واللمز" قال البعض ان كلاهما بمعنى واحد
وهو البحث عن عيوب الاخرين واغتيابهم بينما قال آخرون ان الاولى تعني اقتفا معايب
الاخرين والتشهير بهم علنا والـثـانـية بمعنى اقتفائها والتشهير بها خفية وعن طريق
الاشارة بالعين والحاجب وامثال ذلك وقال آخرون ان الاولى تعني الغيبة، والثانية
تعني اظهار العيوب وجها لوجه.
ويـبـدو فـي جـمـيـع الاحوال ان كل من يحاول الاستهزا بالاخرين او يتعمدالاساة
اليهم باللسان وحـركـات العين والحاجب في حال غيابه او وجها لوجه،ويحاول تقصي
عيوبهم او يكشف العيوب الـمـسـتـورة وافـشائها لغرض الاساة الى كرامتهم فهو مشمول
بالاية المذكورة، فكما انه يحطم شـخصية وكرامة الاخرين فسيكون كذلك عرضة ـ في يوم
القيامة ـ لنار جهنم "الحطمة " لكي تحطم كل وجوده.
ان الاشـخـاص مـن امـثـال هـؤلا هـم اكـثر خلق اللّه شرا كما جا ذلك في حديث منقول
عن سيد الرسل انه قال: "الا اخبركم بشر الناس؟" قالوا بلى يارسول اللّه قال "المشاؤون
بالنميمة، المفرقون بين الاحبة، الباغون للبرئا المعايب ".
*
نفحات قرأنية /6/ بحث الجنة / اية الله مكارم الشيرازي.