من هو الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف؟
الإمام المهدي (عج)
الإمام المهديّ الموعود عجل الله تعالى فرجه الشريف (ويذكر بإمام العصر وصاحب الزَّمان غالباً) ابن الإمام الحادي عشر عليه السلام (الإمام الحسن بن عليّ العسكريّ عليه السلام، اسمه يطابق النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، ولد في سامراء سنة 255 أو 256 هـ.
عدد الزوار: 96
الإمام المهديّ الموعود
عجل الله تعالى فرجه
الشريف (ويذكر بإمام
العصر وصاحب الزَّمان
غالباً) ابن الإمام
الحادي عشر عليه السلام (الإمام
الحسن بن عليّ العسكريّ
عليه السلام، اسمه يطابق
النبيّ الأكرم صلى الله
عليه وآله وسلم، ولد في
سامراء سنة 255 أو 256
هـ.
وكان يعيش تحت رعاية
والده حتى سنة 260هـ حيث
استشهاد والده، وكان
مختفياً عن أنظار العامة،
ولم يفلح أحد بلقائه
والاتّصال به إلّا الخواصّ
من الشّيعة.
وبعد استشهاد والده،
أنيطت به مهمَّة الإمامة،
وبأمرٍ من الله تعالى،
اختارَ الغيبةَ، ولم يظهرْ
للعيان إلّا مع نوابه
الخواصّ وفي موارد
استثنائية1.
1- النوابّ الخواصّ
عيّن الإمام المهديّ عج
الله تعالى فرجه الشريف
عثمان بن سعيد العُمريّ2
نائباً خاصّاً له، والذي
كان من أصحاب جدّه وأبيه،
وكان ثقة أميناً، وكان
الإمام عجل الله تعالى
فرجه الشريف يجيب عن
أسئلة الشّيعة عن طريق
هذا النائب الخاصّ.
وبعد عثمان بن سعيد
استخلف ابنه محمد بن
عثمان العمري3،
وبعد وفاة محمد بن عثمان
العمري، استنيب أبو
القاسم حسين بن روح
النوبختي4.
وبعد وفاة حسين بن روح
النوبختي أصبح عليّ بن
محمد السمري5
نائباً خاصاً للإمام
المهديّ عج الله تعالى
فرجه الشريف. وفي أخريات
حياة عليّ بن محمد السمريّ
إذ لم يبق من حياته سوى
أيام قلائل (سنة 329هـ)
صدر توقيع عن الناحية
المقدّسة، فيه إبلاغ لعليّ
بن محمّد السمريّ بأنّه
سيموت ويودّع هذه الحياة
بعد ستّة أيام وبعدها
تنتهي النيابة الخاصة،
وتقع الغيبة الكبرى،
وستستمرّ حتّى يأذن الله
تعالى بالظهور6.
وحسب هذا التوقيع, تنقسم
غيبة الإمام عجل الله
تعالى فرجه الشريف إلى
قسمين:
الأول: الغيبة
الصغرى، بدأت سنة 260هـ،
وانتهت في سنة 329هـ،
واستمرت حوالي سبعين عاماً.
الثاني: الغيبة
الكبرى، والتي بدأت سنة
329هـ، وستستمرّ حتّى
يأذن الله تعالى، ويروى
عن النبيّ الكريم صلى
الله عليه وآله وسلم في
حديث متفق عليه "لو لم
يبق من الدنيا إلّا يوم
واحد لطوّل الله ذلك
اليوم حتّى يبعث فيه
رجلاً من أمتي ومن أهل
بيتي يواطئ اسمه اسمي
يملأ الأرض قسطاً وعدلاً
كما ملئت جوراً وظلماً"7.
1- ظهور الإمام المهديّ
عج الله تعالى فرجه
الشريف من وجهة نظر أهل
السنّة
(...) وفقاً لقانون
الهداية العامة الجارية
في جميع أنواع الكائنات،
فالنوع الإنسانيّ منه
مجهّز بحكم الضرورة بقوّة
(قوة الوحيّ والنبوّة)
ترشده إلى الكمال
الإنسانيّ والسعادة
النوعية، وبديهيّ أنّ
الكمال والسعادة لو لم
يكونا أمرين ممكنين
للإنسان الذي تعتبر حياته
حياة اجتماعية، لكان أصل
التجهيز لغواً وباطلاً،
ولا يوجد لغو في الخلقة
مطلقاً.
وبعبارة أخرى، إنّ
الإنسان منذ أن وجد على
ظهر البسيطة كان يهدف إلى
حياة اجتماعية مقرونة
بالسعادة وكان يعيش لغرض
الوصول إلى هذه المرحلة،
ولما لم تتحقّق هذه
الأمنية في الخارج، لما
منّى الإنسان نفسه بهذه
الأمنية. فلو لم يكن هناك
غذاء لم يكن هناك جوع،
وإذا لم يكن هناك ماء، لم
يكن عطش وإذا لم يكن
تناسل، لم تكن علاقة
جنسية.
فعلى هذا وبحكم الضرورة
(الجبر) فإن مستقبل
العالم سيكشف عن يوم،
يهيمن فيه العدل والقسط
على المجتمع البشريّ،
ويتعايش أبناء العالم في
صلح وصفاء ومودّة ومحبّة،
تسودهم الفضيلة والكمال.
وطبيعيّ أنّ استقرار مثل
هذه الحالة بيد الإنسان
نفسه، والقائد لمثل هذا
المجتمع سيكون منجي
العالم البشريّ، وعلى حدّ
تعبير الروايات سيكون
المهديّ عج الله تعالى
فرجه الشريف.
ونجد الأديان والمذاهب
المختلفة القائمة في
العالم مثل الوثنية،
واليهودية والمسيحية
والمجوسية والإسلام تبشّر
بمصلح ومنجٍ للبشرية، وإن
اختلف في تصوّره، وما
حديث النبيّ الكريم صلى
الله عليه وآله وسلم،
المتفق عليه (المهديّ من
ولدي) إلّا إشارة إلى هذا
المعنى.
2- ظهور الإمام المهديّ
عج الله تعالى فرجه
الشريف من وجهة نظر
الإمامية
فضلاً عن الروايات
المتزايدة عن طريق السنّة
والشيعة، والتي تُروى عن
النبيّ الأكرم صلى الله
عليه وآله وسلم وأئمة أهل
البيت عليهم السلام في
ظهور المهديّ عج الله
تعالى فرجه الشريف وأنّه
من سلالة النبيّ صلى الله
عليه وآله وسلم، ومع
ظهوره، سيؤدي بالمجتمع
البشري إلى كماله
الواقعيّ والحقيقيّ،
وسيمنحها الحياة المعنوية8،
فإنّ هناك روايات متضافرة
أخرى تشير إلى أنّ
المهديّ هو ابن الإمام
الحسن العسكريّ عليه
السلام (الإمام الحادي
عشر) بلا فصل9،
وسيملأ الأرض قسطاً
وعدلاً بعدما ملئت ظلماً
وجوراً.
قال موسى بن جعفر
البغداديّ: سمعت أبا محمد
الحسن بن عليّ عليه
السلام يقول: "كأنّي بكم
وقد اختلفتم بعدي في
الخلف مني أمّا أنّ
المقرّ بالأئمة بعد رسول
الله والمنكر لولدي كمن
أقرّ بجميع أنبياء الله
ورسله ثم أنكر نبوّة محمد
رسول الله والمنكر لرسول
الله كمن أنكر جميع
الأنبياء لأن طاعة آخرنا
كطاعة أولنا والمنكر
لآخرنا كالمنكر لأولنا
أمّا أن لولدي غيبة يرتاب
فيها النّاس إلّا من عصمه
الله"10"11.
* من كتاب أمل الإنسان، سلسلة المسابقات الثقافية، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.
1- العلامة المجلسي،
محمد باقر: بحار الأنوار،
ج51، ص342 و343 و366،
بيروت، مؤسسة الوفاء،
1983، ط2.
- الشيخ الطوسي، محمد بن
الحسن: الغيبة، ص214-243،
قم المقدسة، مؤسسة
المعارف الإسلامية،
1411هـ، ط1.
2- أبو عَمروْ عثمان بن
سعيد العَمْري: كان عثمان
بن سعيد من بني أسد،
ولقّب بالعسكري لإقامته
في مدينة سامراء، ويعرف
بالسمّان في الأوساط
الشيعية، لأنّه كان يمارس
نشاطاته السياسية تحت
غطاء الاتّجار بالسمن،
وكان يضع الأمانات
والأموال المتعلّقة
بالإمام التي يجمعها من
الشيعة في أواني السمن،
فيسلّمها إلى الإمام.،
وقد كان يحظى بثقة
واحترام جميع الشيعة.
والجدير ذكره هو انّ
عثمان كان قبل ذلك من
وكلاء وأصحاب الإمامين
الهادي والعسكري عليهما
السَّلام الموثوق بهم.
وقد ورد عن الإمام الحجة
عجل الله تعالى فرجه
الشريف قوله فيه:
"فاقبلوا من عثمان ما
يقوله، وانتهوا إلى أمره
واقبلوا قوله فهو خليفة
إمامكم والأمر إليه".
إنّ تاريخ وفاة عثمان
مجهول واحتمل البعض انّه
مات بين سني 260 - 267هـ،
واعتقد بعض آخر بأنّه مات
عام 280.
3- محمد بن عثمان بن سعيد
العَمْري: إنّ محمد بن
عثمان ـ كأبيه ـ يعد من
كبار الشيعة وكان يحظى
باحترام وتقدير الشيعة، و
هم يثقون بتقواه وعدالته،
وكان من أصحاب الإمام
العسكري الموثوق بهم كما
قال الإمام العسكري رداً
على سؤال أحمد بن إسحاق،
وهو:عمّن آخذ وقول من
أقبل؟: "العمري وابنه
ثقتان، فما أدّيا إليك
فعنّي يؤدّيان، وما قالا
لك فعنّي يقولان، فاسمع
لهما وأطعهما فانّهما
الثقتان المأمونان".
وصدر بعد أن مات عثمان
توقيع من الإمام الغائب
يعلن فيه عزاءه لموته
ونصب ابنه محمّداً وكيلاً
مكانه.
وتولّى محمد بن عثمان
السفارة والوكالة عن إمام
الزمان مدة ما يقارب
الأربعين عاماً وأعدّ
خلال هذه الفترة وكلاء
محليين، وكان هو يشرف على
نشاطاتهم ويدير أُمور
الشيعة ويهتم بها، وصدرت
تواقيع عديدة من الإمام ـ
عجّل اللّه تعالى فرجه
الشريف ـ فوصلت من خلاله
إلى الآخرين وأخيراً قد
توفّي في عام 304 أو 305
للهجرة.
4- أبو القاسم الحسين بن
روح النوبختي: وفي الأيام
الأخيرة من حياة أبي جعفر
زاره جماعة من كبار
الشيعة، فقال: إن حدث علي
حدث الموت فالأمر إلى أبي
القاسم الحسين بن روح
النوبختي، فقد أُمرت ان
اجعله في موضعي بعدي،
فارجعوا إليه وعولوا في
أُموركم عليه. وقد كان
الحسين بن روح من أصحاب
السفير الثاني المقرّبين،
وكان العمري يعدّه لأمر
الوكالة والسفارة منذ وقت
طويل، فكان يحيل الشيعة
في دفع الأموال إليه حيث
كان همزة الوصل بين عثمان
بن سعيد والشيعة. كان
الحسين بن روح قد ألّف
كتاباً في فقه الشيعة تحت
عنوان التأديب، وقد أرسله
إلى فقهاء قم لينظروا
فيه، فكتبوا رداً عليه:
انّه كلّه صحيح ـ يطابق
فتاوى الشيعة ـ وما فيه
شيء يخالف إلاّمسألة
واحدة.
و قد أثنى بعض المعاصرين
على عقله وفطنته ومعرفته
فقال: وكان أبو القاسم من
أعقل الناس عند المخالف
والموافق.
وسجن الحسين بن روح مدة
خمسة أعوام في عهد
الخليفة المقتدر وأُفرج
عنه سنة 317هـ، وأخيراً
وبعد نشاط في السفارة
والوكالة دام واحداً
وعشرين عاماً مات في سنة
326هـ.
5- أبو الحسن علي بن محمد
السَّمَري: بأمر من إمام
العصر وترشيح وتقديم
النوبختي تولى علي بن
محمد السمري السفارة
والوكالة الخاصة وشؤون
الشيعة وإدارتها.
كان السمري من أصحاب
الإمام العسكري ـ عليه
السلام. فقد تولّى مهمة
النيابة والوكالة الخاصة
حتى عام 329هـ وهي سنة
وفاته.
وقد صدر قبل عدة أيّام من
وفاته توقيع من طرف
الإمام إليه بالنحو
التالي: "بسم اللّه
الرحمن الرحيم: يا علي بن
محمد السمري أعظم اللّه
أجر إخوانك فيك، فإنّك
ميت ما بينك وبين ستة
أيّام، فاجمع أمرك ولا
توص إلى أحد فيقوم مقامك
بعد وفاتك، فقد وقعت
الغيبة التامة، فلا ظهور
إلاّ بعد إذن اللّه ـ
تعالى ذكره ـ، وذلك بعد
طول الأمد، وقسوة القلوب،
وامتلاء الأرض
جوراً..الخ". وبعد ستة
أيّام من صدور التوقيع
مات أبو الحسن السمري.
وقد سألوه قبل موته: من
يقوم مقامك؟ فقال: لم
أُؤمر بأن أُوصي لأحد.
6- العلامة المجلسي، بحار
الأنوار، ج51، ص360 -
361.
- الشيخ الطوسي، الغيبة،
ص242.
7- ابن الصبّاغ المالكي،
علي بن محمد: الفصول
المهمة، ج2، ص271، سامي
الغريري (تحقيق)، قم،
مؤسسة دار الحديث
الثقافية، 1422 هـ.ق، ط1.
8- وعلى سبيل المثال قال
الإمام أبو جعفر محمد بن
علي الباقر عليه السلام:
"إذا قام قائمنا، وضع يده
على رؤوس العباد فجمع به
عقولهم وأكمل به
أحلامهم".بحار الأنوار،
ج52، ص328 و336.
وقال الإمام أبو عبد الله
جعفر بن محمد الصادق عليه
السلام: "العلم سبعة
وعشرون حرفاً فجميع ما
جاءت به الرسل حرفان فلم
يعرف النّاس حتى اليوم
غير الحرفين، فإذا قام
قائمنا أخرج الخمسة
والعشرين حرفاً فبثها في
النّاس، وضم إليها
الحرفين حتى يبثها سبعة
وعشرين حرفاً". العلامة
المجلسي، بحار الأنوار،
ج52، ص336.
9- وعلى سبيل المثال
أيضاً قال الإمام عليّ بن
موسى الرضا عليه السلام
في حديث: إلى أن قال:
"الإمام بعدي محمد ابني
وبعد محمد ابنه عليّ وبعد
عليّ ابنه الحسن وبعد
الحسن ابنه الحجة القائم
المنتظر في غيبته، المطاع
في ظهوره، لو لم يبق من
الدنيا إلّا يوم واحد
لطول الله ذلك اليوم حتى
يخرج فيملأ الأرض عدلاً
كما ملئت جوراً، وأمّا
متى فقد حدّثني أبي عن
أبيه عن آبائه عن عليّ
أنه قيل يا رسول الله متى
يخرج القائم من ذريتك
فقال: مثله مثل الساعة لا
يجليها لوقتها إلّا هو
ثقلت في السموات والأرض
لا يأتيكم إلّا بغتة".
بحار الأنوار، ج51، ص154.
وعن صفر بن أبي دلف قال
سمعت أبا جعفر محمد ابن
الرضا عليه السلام يقول:
"الإمام بعدي ابني عليّ،
أمره أمري وقوله قولي
وطاعته طاعة أبيه، ثم
سكت، فقلت: له يا ابن
رسول الله فمن الإمام فمن
الإمام بعد الحسن؟ فبكى
بكاء شديداً ثم قال: "إن
من بعد الحسن ابنه القائم
بالحق المنتظر". العلامة
المجلسي، بحار الأنوار،
ج51، ص158.
10- العلامة المجلسي،
بحار الأنوار، ج51، ص160.
11-الطباطبائي، العلامة
السيد محمد حسين: الشيعة
في الإسلام، ص239-245،
بيروت، دار الولاء، 2013،
ط2.