الإمام المهدي(عج) وطول عمره
الإمام المهدي (عج)
إنّ من الأسئلة المطروحة حول الإمام المهدي، طول عمره في فترة غَيبته، فإنّه ولد عام 255 هجري، فيكون عمره إلى الأعصار الحاضرة أكثر من ألف ومائة وخمسين عاماً، فهل يمكن في منطق العلم أن يعيش إنساناً هذا العمر الطويل؟
عدد الزوار: 103
إنّ من
الأسئلة المطروحة حول الإمام المهدي، طول عمره في فترة غَيبته، فإنّه ولد عام 255
هجري، فيكون عمره إلى الأعصار الحاضرة أكثر من ألف ومائة وخمسين عاماً، فهل يمكن في
منطق العلم أن يعيش إنساناً هذا العمر الطويل؟
والجواب: من وجهين، نقضاً وحلاً.
أمّا النقض: فقد دلّ الذكر الحكيم على أنّ شيخ
الأنبياء عاش قرابة ألف سنة، قال تعالى:
﴿فَلَبِثَ فيهم أَلفَ سَنَةٍ إلاَّ خَمسينَ
عاماً﴾ العنكبوت
/ 14.
وقد تضمّنت التوراة أسماء جماعة كثيرة من المعمّرين، وذكرت أحوالهم في سِفر التكوين،
الإصحاح الخامس، الجملة 5، وذكر هناك أعمار آدم، وشيث ونوح، وغيرهم.
وقد قام المسلمون بتأليف كتب حول المعمّرين، ككتاب "المعمّرين" لأبي حاتم السجستاني،
كما ذكر الصدوق أسماء عدُّة منهم في كتاب "كمال الدين"، والعلاّمة الكراجكي في
رسالته الخاصّة، باسم {البرهان على صحة طول عمر الإمام صاحب الزمان"، والعلاّمة
المجلسي في البحار، وغيرهم.
وأمّا الحلّ: فأنّ السؤال عن إمكان طول العمر، يعرب عن عدم التعرّف على سعة قدرة
الله سبحانه: ﴿وما
قدَروا اللهَ حَقَّ قَدرِهِ﴾،
فإنّه إذا كانت حياته وغيبته وسائر شؤونه، برعاية الله سبحانه، فأي مشكلة في أن يمدّ
الله سبحانه في عمره ما شاء، ويدفع عنه عوادي المرض ويرزقه عيش الهناء.
وبعبارة أُخرى: إنّ الحياة الطويلة إمّا ممكنة في حد ذاتها أو ممتنعة، والثاني لم
يقل به احد، فتعيّن الأوّل، فلا مانع من أن يقوم سبحانه بمدّ عمر وليّه، لتحقيق غرض
من أغراض التشريع.
أضف إلى ذلك ما ثبت في علم الحياة، من إمكان طول عمر الإنسان إذا كان مراعياً
لقواعد حفظ الصحة، وأنّ موت الإنسان في فترة متدنية، ليس لقصور الإقتضاء، بل لعوارض
تمنع عن استمرار الحياة، ولو أمكن تحصين الإنسان منها بالأدوية والمعالجات الخاصة
لطال عمره ما شاء.
وهناك كلمات ضافية من مَهَرة علم الطب في إمكان إطالة العمر، وتمديد حياة البشر،
نشرت في الكتب والمجلات العلمية المختلفة.
وبالجملة، اتّفقت كلمة الأطباء على أنّ رعاية أُصول حفظ الصحّة، توجب طول العمر،
فكلّما كثرت العناية برعاية تلك الأصول، طال العمر، ولاجل ذلك نرى أنّ الوفيات في
هذا الزمان، في بعض الممالك، أقلّ من السابق، والمعمّرين فيها أكثر من ذي قبل، وما
هو إلاّ لرعاية أُصول الصحّة، ومن هنا أُسّست شركات تضمن حياة الإنسان إلى أمد
معلوم تحت مقرّرات خاصة وحدود معيّنة، جارية على قوانين حفظ الصحّة، فلو فرض في
حياة شخص إجتماع موجبات الصحّة من كلّ وجه، طال عمره إلى ما شاء الله.
وإذا قرأت ما تُدَوِّنه أقلام الأطباء في هذا المجال، يتّضح لك معنى قوله سبحانه:
﴿فَلَو لا أنّه
كانَ مِنَ المُسَبِّحينَ * لَلَبِثَ في بَطنِهِ إِلى يَومِ يُبعَثونَ﴾
الصافات / 143 و144.
فإذا كان عيش الإنسان في بطون الحيتان، في أعماق المحيطات، ممكناً إلى يوم البعث،
فكيف لا يعيش إنسان، على اليابسة، في أجواء طبيعية، تحت رعاية الله وعنايته، إلى ما
شاء الله؟ .
* كتاب السيرة / الشيخ السبحاني.
2014-06-12