كلمة سماحة السيد حسن نصر الله حفظه الله في عيد المقاومة والتحرير
2014
نبارك لكم هذا العيد الوطني الكبير واشكركم على هذا الحضور وارحب بكم حيث انتم في تلك البقعة المباركة من ارض المقاومة والتحرير والانتصار .
عدد الزوار: 169
كلمة سماحة
الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في مهرجان عيد المقاومة والتحرير في
مدينة بنت جبيل 25-05-2014
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين،
والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا، خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى
آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيارالمنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته .
نبارك لكم هذا العيد الوطني الكبير واشكركم على هذا الحضور وارحب بكم حيث انتم في
تلك البقعة المباركة من ارض المقاومة والتحرير والانتصار .
قبل الدخول إلى المناسبة يجب أن أنوّه باقتران هذه المناسبة الجهادية العظيمة، من
ناحية التوقيت الهجري، مع ذكريات ومناسبات دينية عظيمة يهتم بها المسلمون، كذكرى
الإسراء والمعراج والمبعث النبوي الشريف، وكذلك في مثل هذا اليوم 25 رجب ذكرى
استشهاد الإمام المظلوم، موسى بن جعفر الكاظم عليهما السلام في سجون بغداد، وكلّها
مناسبات ترجع إلى رسول الله (ص) تبريكاً وتعظيماً وتسلية وتعزية، وكذلك إلى جميع
المسلمين الذين يؤمنون بمبعثه وإسرائه ومعراجه ويُجمعون على مودّة قرباه وأهل بيته
عليهم السلام .
أيها الإخوة والأخوات، أنا في هذا الوقت المتاح سأتحدث عن بعض العناوين. بالتأكيد،
الوقت لا يتسع للحديث عن كل القضايا التي يُتوقع أن نتحدث عنها في مثل هذا اليوم،
فمن جهة، الوقت لا يتسع، وطبيعة المناسبة لا تتحمل، ومن جهة هناك موضوعات على درجة
عالية من الحساسية، أنا عمداً لا أريد أن أتحدث عنها الآن، هذا لا يعني تجاهلاً لها
وإنما مراعاة لمجموعة من المصالح.
أولاً: بالعودة إلى مناسبة الانتصارفي 25 أيار 2000 نلتقي هنا كما في كل عام في مثل
هذا اليوم لنؤكد سنة بعد سنة ونحتاج أن نؤكد جيلاً بعد جيل على المعاني التالية:
أولاً: على تاريخية وعظمة هذا الإنجاز، هذا الانتصار، وعلى دلالاته ومعانيه التي
يحملها، وقد تحدثنا وتحدث عنها الأعزاء كثيراً، وكُتبت حولها دراسات وأبحاث كثيرة،
وأهمها سقوط مشروع إسرائيل الكبرى، وما زالت تداعيات وآثار هذا الانتصار قائمة
ومستمرة على طرفي الجبهة عندنا في لبنان، في فلسطين، في أمتنا، وعند عدونا. ولولا
هذا الانتصار لما كان ما بعده من انتصارات ومن إنجازات. بحقّ نستطيع أن نصف انتصار
25 ايار 2000 بالانتصار المؤسس لزمن الانتصارات الذي جاء، والزمن الذي ولّت فيه
الهزائم، وستولي فيه الهزائم.
ثانياً: التأكيد على أن هذا الانتصار، وهذا والانجاز، هو إنجاز لبناني عربي قومي
اسلامي لا يمكن اختصاره، ولا يدعي أحد منا اختصاره، لا بحزب أو حركة أو فصيل أو
طائفة أو منطقة او حتى بوطن، وإنما هو ملك الأمة التي تخوض معركة واحدة مع المشروع
الصهيوني ومشروع الهيمنة الاميركية على المقدسات والمنطقة والمقدرات. لطالما أكدنا
وسعينا أن يكون هذا العيد بهذ المعنى وهذا الامتداد، نريده دائماً أن يكون عيداً
للوطن وللأمة كلها .
ثالثاً: تمجيد وتقدير واحترام التضحيات الجسام التي قدمها شعبنا في الأنفس والأولاد
والأموال والأرزاق والأمن، وما قدمته حركات المقاومة بكل فصائلها، والجيش الوطني،
والقوى الأمنية والجيش العربي السوري على الأرض اللبنانية والفصائل الفلسطينية،
والتأكيد على أن هذا الإنجاز هو صنيعة هذه التضحيات الجسام، ولم يأتِ مجاناً.
رابعاً: من خلال إحياء المناسبة في كل عام نريد تعزيز ثقافة الأمل بالمستقبل والثقة
بالانتصار وبالقدرة على مواجهة أعتى جيوش الاحتلال وأعظم التحديات. هذه الثقافة،
هذه الثقة بالله، هذه الثقة بشعبنا وشعوبنا وبإنساننا، قبل كل شيء، برجالنا ونسائنا
بكبارنا وصغارنا وعائلاتنا، هذه الثقافة هي التي أدخلتنا إلى الزمن الذي نسمّيه زمن
الانتصارات. فمن العام ألفين إلى هزيمة اسرائيل في غزة وانسحابها من غزة في أيلول
2005 إلى هزيمة إسرائيل في حرب تموز 2006 إلى صمود غزة في 2008 – 2009 حرب الـ 22
يوماً، إلى مواجهة الأيام الثمانية عام 2012، إلى عملية كسر الصمت في غزة قبل شهور
قليلة، وبينها هزيمة قوات أقوى جيوش العالم، الجيش الاميركي المحتل للعراق في كانون
أول 2011 . هذا زمن الانتصارات، هو وليد هذه الثقافة، هذه القناعة، هذه الثقة .
إذاً، أهم نتيجة نستخلصها دائماً، واليوم نؤكد عليها، منذ 25 أيار 2000، أننا يمكن
أن ننتصر وقد انتصرنا في أكثر من موقع، وأن العدو ـ مهما كان جباراً ومقتدراً ويملك
أقوى الأسلحة وأقوى الجيوش ـ يمكن أن يُهزم أمام إرادتنا، وقد هُزم في أكثر من
موقعة. المهم دائما أن نملك هذا الإيمان وهذه الثقة وهذا التوكل وهذا العزم وهذه
الإرادة وأن نواصل العمل، لأن الإيمان وحده لا يكفي. من الواجب في هذه الذكرى،
ونظراً للأحداث التي تجري في منطقتنا، أن أتوقف عند المضمون الأخلاقي والحضاري لهذه
المقاومة، وانتصارها في العام ألفين.
للأسف الشديد، اليوم يتم ترسيخ فكرة أو انطباع أو مشهد يحاول أن يربط بين الإسلام،
الحركة الإسلامية، الجماعة الإسلامية، المجموعة الإسلامية، الإطار الإسلامي، وبين
القتل العشوائي والذبح والتدمير والحرق والمجازر وأعمال الإبادة الجماعية وتدمير
أماكن العبادة وقطع الرؤوس ونبش القبور وشق الصدور والقتل وإصدار أحكام الإعدام على
الآخرين لمجرد الاختلاف معهم فقط في الموقف السياسي وليس لأسباب دينية وعقائدية،
هذا الربط هو جريمة بحق الإسلام وخيانة من قبل أولئك الذين يقومون به.
الوقت لا يتسع، ولا أريد الدخول في نقاش علمي أو فكري أو فقهي حول هذه المسألة، وإن
كانت جديرة بالنقاش والاستعراض، وإنما أريد أن أقول في يوم 25 ايار إن أمامنا
نموذجاً مختلفاً وتجربة مختلفة هي انتصارالمقاومة في جنوب لبنان، في العام 2000 في
مثل هذه الأيام دخل آلاف المقاتلين المجاهدين المدججين بالسلاح إلى منطقة الشريط
الحدودي المحتل المتسعة، إلى مدنها وقراها، وفيها أهلنا من شعبنا اللبناني الذين
ينتمون إلى ديانات ومذاهب وطوائف واتجاهات مختلفة ومتنوعة، وبالرغم من تورط البعض
من أبنائهم في كل ما جرى على الجنوب والبقاع الغربي ولبنان من قبل العدو على مدى
سنوات الاحتلال الطويلة...
الكل يتذكر تلك الأيام كيف حُفظت الأنفس والكرامات والأموال والناس والكنائس
والمساجد ودور العبادة والأشجار والنبات والحجر والمدر والبشر، ولم يُمس أحد بسوء
ولن يُمس أحد بسوء. هذه المقاومة صنعها الإسلام، هذه المقاومة إسلامية. هي مقاومة
لبنانية، هي مقاومة وطنية، هي مقاومة عربية، هذا صحيح، ولكن هذه مقاومة إسلامية،
والذي فعلته أو قدمته من تجربة عام 2000 هو تعبير صادق عن الإسلام وقيم الإسلام
وأخلاق الإسلام وتعاليم الإسلام وسماحة الإسلام ومحمد بن عبد الله، نبي الإسلام
العظيم، صلى الله عليه وآله وسلم. إن أي مسلم يدعي الإنتساب إلى الإسلام عندما
يُحسن إنما يُحسن إلى نفسه وإلى دينه، أما عندما يسيء فإنما يسيء إلى نفسه، لأن
دينه لا يقبل هذه الإساءة. أيها الإخوة والأخوات:
هذا فيما يعني المناسبة، فيما يعني الوضع الحالي مع العدو الإسرائيلي، ندخل إلى
ملفاتنا:
أولاً: نؤكد على سياسة الردع مع العدو، يعني وجوب أن يمتلك لبنان قوة ردع العدو،
لأن هذه القوة أو هذه السياسة أو هذه الإستراتيجية ـ سمّوها كما شئتم ـ هي الوحيدة
الكفيلة بحماية لبنان أرضاً، وشعباً، ومؤسسات، ودولة وخيرات ومقدرات وماء ونفطاً
وغازاً، وكياناً، ووجوداً ومستقبلاً، وكرامة وسيادة، في ظل اختلال توازن القوى مع
العدو، لا يوجد إلا هذه الاستراتيجية، وفي الحقيقة لم يقدم أي استراتيجية جدية تريد
أن تحقق هذا الهدف أو تصل إلى هذه الغاية.
في عيد المقاومة والتحرير نحن نؤكد تمسكنا بالمعادلة الذهبية، معادلة: الجيش،
والشعب، والمقاومة، كُتبت في بيان وزاري أو لم تُكتب، طبعا مضمونها محفوظ بالبيان
الوزاري، اللغة العربية هي التي أنقذت البيان الوزاري، هذا الممضمون، الجيش والشعب
والمقاومة موجود في البيان الوزاري الحالي، لكن البعض يقف عند الكلمات والعبارات،
المهم المضمون، المهم أن يمتلك لبنان هذه القدرة لحماية البلد.
في الوقت الذي ندعم فيه تطوير مقدرات الجيش اللبناني البشرية والمادية بكل تأكيد،
ولا نتحسس من هذا الأمر، خلافاً لكل ما يحاول البعض أن يشيعه، فإني أؤكد لكم اليوم
إن المقاومة، وبالرغم من كل التطورات والأحداث التي تجري في المنطقة، وفي مقدمتها
سورية المقاومة، تحافظ على قدرة الردع هذه، وهذا ما يعترف به العدو ويحسب له كل
حساب، ومن جهة أخرى أؤكد لكم أن المقاومة تعمل في الليل وفي النهار على تطوير قدرة
الردع هذه، وهو ما يقلق العدو أيضا ويتحدث عنه دائماً.
إذاً نحن لسنا فقط نحافظ على قدرة الردع، لا، نحن نعمل على تطوير قدرة الردع، وهذه
واحدة من هواجس العدو الإسرائيلي، والذي دائما يتطلع إلى سورية وإلى إيران وإلى كل
الأصدقاء وما يمكن أن يقدموه أو قدموه لهذه المقاومة. لا يمكن في قضية امتلاك قدرة
الردع أن تصل إلى حد، وتقول يكفي هذا الحد. أنت تتحدث عن إسرائيل عن الجيش
الإسرائيلي عن أحد أقوى الجيوش في العالم. وبالتالي من واجبنا أن نطور قدرة الردع
بمعزل عن كل النقاشات الجانبية التي تتحدث عن سلاح المقاومة ومستقبل سلاح المقاومة
وإلى أين يمكن أن يصل هذا الأمر. دعوا هذا جانباً، لكن نحن ـ إنطلاقاً من إيماننا
بحقّانية وصوابية هذه المعادلة فيما يعني المقاومة بالتحديد ـ نحن نعمل في هذا
الاتجاه.
ثانياً: وجوب الإهتمام ببقية الملفات العالقة في الشق اللبناني من الصراع مع
إسرائيل، يعني موضوع مزارع شبعا، تلال كفرشوبا، الجزء اللبناني من الغجر، ملف
الأشخاص المقاومين أو المدنيين الشهداء أو المفقودين أو الأسرى، الذين هناك نقاش
حول وضعهم، ملف الخروقات الجوية والبرية والبحرية، لا أقصد ما يجري الآن على
الحدود، سأعود إليه، هذا ما تبقى من الصراع اللبناني الإسرائيلي المباشر، طبعا
موضوع اللاجئين الفلسطينيين، وعودة إخواننا الفلسطينيين إلى أرضهم وإلى أملاكهم،
هذه قضية تتعلق بمجمل الصراع، وليس الشق اللبناني البحت، هذا طبعا يحتاج إلى عناية
وإلى إهتمام. تعالوا لنعترف أنه ليس هناك شيء جدي بهذا الموضوع، لا يوجد شيء جدي،
الدولة تتحدث أصلا، لا تتحدث، بالبيان الوزاري يتذكر الناس مزارع شبعا وتلال
كفرشوبا و..و..و.
حتى نحن، حتى حركات المقاومة، ليس فقط نحن وفصائل المقاومة وكل جماعة الذين يؤمنون
بالمقاومة، هذا الموضوع بشكل أو بآخر لا اعتقد أننا قاربناه بشكل جدي. فلنقم بنقد
ذاتي، نتيجة أحداث البلد والتطورات بعد العام 2005 و2006، الأحداث بالمنطقة،
الأحداث في سورية، أيّاً يكن، لكن هذا أمر لا يجوز إغفاله وإخراجه من دائرة
المسؤولية.
ثالثاً: الوضع على الحدود الدولية مع فلسطين المحتلة. تلاحظون في الآونة الأخيرة،
في الأشهر الأخيرة، هناك نوع من التجاوز الإسرائيلي الذي ارتفعت وتيرته، بمعنى هنا
ناس على الحدود وعند الشريط الشائك، أحيانا يصرخ عليهم، يهددهم، مزارعون يزرعون
أرضهم عند الشريط الشائك يطلق النار في الهواء، في منطقة مزارع شبعا، تتكرر
الحكاية، الخطف، والاعتداء على رعاة الأغنام والمزارعين اللبنانيين، وفي أماكن أخرى
حصل إطلاق نار، هذا الأمر لا شك أنه يجب التوقف عنده. من حيث الأساس تتم معالجة هذه
الخروقات، أتحدث عن الحدود، ولا أتحدث عن الخروقات الجوية والبحرية والبرية
العسكرية، لا. في أي مكان يدخل إليه الإسرائيلي، ونعلم بأنه دخل أو نكتشف مسبقا
بأنه دخل، نحن معنيون بمواجهته، هذا تحدثنا عنه العام الماضي ونعمل على هذا الأساس.
لكن أنا أتحدث عن هذا الشق الذي له علاقة بالمباشر، على الشريط الشائك على الحدود.
المعالجة الطبيعية هي أن الجيش واليونيفيل هم الذين يتدخلون ويتصلون ويعالجون
الأمور، وطالما أن المسألة لم تصل إلى نقطة خطيرة فمن الطبيعي أن تستمر المعالجة
على عهدة الدولة وعلى عهد اليونيفيل. لكن إذا استمر هذا الأمر، هذا يحتاج إلى توقف.
من جهة أخرى، وسأعود للتوقف، من جهة أخرى، أنا أقول للناس، خصوصا أهل القرى
الأمامية، أهل القرى الحدودية الملاصقة للحدود، هذا ما يجري من الطرف المقابل، من
العدو، هو تعبير عن إنزعاجه من جهة، عندما يراكم في أرضكم، في حقولكم، في بيوتكم،
سعداء أعزاء مرفوعي الرأس، هذا لا يتحمله الإسرائيلي، الإسرائيلي القائم كيانه
ومشروعه على أساس الإذلال والإهانة والإعتداء، هذا لا يتحمل أن يرى أهلنا على
امتداد الحدود، من الساحل إلى أعالي القمم انهم موجودون في قراهم وحقولهم ومزارعهم،
يشعرون بالأمن، يتجولون بالليل والنهار، هذا لا يتحمله على المستوى النفسي، هذا جزء
من هزيمة العدو التي صُنعت في 25 أيار 2000، لكن من جهة أخرى "بدنا نعمل له" أسباب
تخفيفية، هو خوف العدو. في السابق على هذه الجهة من الحدود كنا نحن الخائفين، ناسنا
فلاحينا مزارعينا، سكان البيوت والقرى. اليوم الخائف هو الجالس في الأرض الفلسطينية
المغتصبة، من ذلك الطرف من الحدود. اليوم هو يخاف من الفلاحين ومن المزارعين ومن
المعول والرفش، والشجرة وأغصان الشجرة وحفيف الورق وصوت المياه، حتى صوت المياه
يخوّف هؤلاء الجنود الجالسين على الحدود.
نحن اليوم أمام جيش يجلس في المواقع، يخاف أكثر ممّا يخيف، يخاف أكثر ممّا يخيف،
هذا واقع حقيقي. أنا لا أبالغ الخوف عند الإسرائيلي اليوم ليس فقط في جنوده على
الحدود، تراه كيف يجلس ويدشم ويضع الحديد والمصفحات، حتى عندما يقوم بمسح على
الشريط الشائك، يعتمد على الريبوتات والسيارة الآلية الموجهة، إلى هذا الحد هو خائف
ومرعوب. الرعب لا يقف عند الحدود. في الجبهة الداخلية، في قادته السياسيين
وجنرالاته العسكريين ومجتمعه الإستيطاني المغتصب لأرض فلسطين، هناك خوف من هذه
المقاومة.
هناك خوف من جهوزية هذه المقاومة كل ما يدق معول يقول ماذا يفعل هنا؟ كلما يبنى بيت
على الحدود يقول: ماذا يفعلون هنا؟
إذاً الموضوع أيضاً له علاقة بالخوف، له علاقة بأن هذا العدو ينظر إلى الجهة
المقابلة بأنها جهة جادة في أن تكون على درجة عالية من الجهوزية، فيحسب كل صوت وكل
حركة وكل نشاط وكل بناء وكل إعمار وكل زرع وكل قطاف، يحسبون كل صيحة عليهم، وهم
خائفون.
الآن أنا أقول لكم في هذا اليوم: كما عدتم في 25 ايار 2000 وتجوّلتم على الحدود،
على الشريط، وأقمتم الأعراس ورفعتم الرايات، ابقوا كذلك، ابنوا وعمّروا، وازرعوا
وتجوّلوا ولا تخافو من هذا العدو، لا تخافوا منه على الإطلاق. هذه الأسطورة أصبحت
حكاية من الماضي، يتسلى بها أطفالنا، وهذا العدو لن يجرؤ وهو يعلم أنه لن يجرؤ. نحن
لا نريد أن نستعجل الامور، طالما أن المسائل التي تتم معالجتها تعالج، لكن إذا وصلت
إلى النقطة التي تستدعي ـ وهنا سأكون دقيقاً ـ التي تستدعي تدخلاً من المقاومة،
المقاومة لن تسكت على أي إهانات أو تجاوز أو اعتداء على أحد من شعبنا الأبي والوفي
على طول الحدود الدولية. كل شيء يعمل بالنسبة والتناسب، المقاومة تملك من الشجاعة
ومن القدرة ومن الحكمة أيضاً، ومن الحسابات الدقيقة ما تستطيع أن تمنع فيه هذا
الواقع الذي يريد أن يكرسه العدو في المنطقة الحدودية. حسناً، هذا عنوان، هذا ملف
كبير، الوضع الحالي مع الإسرائيلي.
الملف الآخر: سورية.
في مثل هذا اليوم بالتحديد من العام الماضي، يعني 25 ايار 2013، ومن بلدة مشغرة،
بلدة الشهداء، بلدة القائد الشهيد الأستاذ أبو حسن بجيجي ورفاقه، تناولت الأحداث في
سورية، قدمت رؤية حزب الله لما يجري للمشروع، للمخاطر، للتهديدات، للفرص، للتحديات،
للمخاطر المترتبة على هذا الواقع على سورية ولبنان وفلسطين والأردن والمنطقة كلها
وعلى الأمة كلها، وخصوصاً على فلسطين وقضيتها، وعلى لبنان ومقاومته وشعبه ـ طبعاً
لا أريد أن أعيد ما تحدثت عنه في ذلك الخطاب ـ وخلال سنة، أنا وإخواني وحلفاؤنا
وأصدقاؤنا وكل من يتفق معنا في هذه الرؤية من خلال المناسبات ومواقع التواصل
المختلفة، تلفزيون وإذاعة الخ... تم شرح هذا الأمر، قلت يومها إننا سنتحمل
المسؤولية ولن نقف متفرجين، وحددت الموقف.
جاءت الأحداث خلال هذا العام برأينا لتؤكد صحة كل التحليلات وصحة هذا الموقف.
بإجمال، أعود وأقول لكم اليوم لماذا نقف مع سورية، ولماذا نقف إلى جانبها وندافع
عنها.
للتذكير فقط، أكتفي بأسطر قليلة، للتذكير، أن سورية كانت وما زالت قلب العروبة، وهي
التي وقفت في قلب التمدد الإسرائيلي وحمت كل المشرق العربي، بما فيها دول الخليج،
من أن تصل إليها يد إسرائيل الطامحة إلى إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات، والتي
لا حدود لطموحها أصلاً، وهي التي وقفت وحيدة إلى جانب مصر، وهي التي كانت وما زالت
قلعة للصمود والتصدي، وهي التي صدحت بالعروبة هنا القاهرة، وهي التي ما زالت تحمل
وحيدة شرف عدم التواصل مع العدو أو التوقيع للعدو، أو إقامة علاقات بأي شكل من
أشكال العلاقات مع إسرائيل، وهي التي حمت وغذّت ودعمت وما زالت المقاومة اللبنانية
والفلسطينية ودفعت الأثمان من أجل ذلك، وما زالت تحارب من أجل ذلك، سورية هذه هي
التي ندافع عنها، فلماذا لا يحق لنا أن ندافع عن مَواطن قوتنا وظهرنا وسندنا وموقع
العزة في هذه الأمة والمنارة العربية الصامدة بوجه التطبيع والاستسلام، في الوقت
الذي نجد أنه في الكيان الغاصب لفلسطين، يؤتى بشذاذ الآفاق الصهاينة من كل أنحاء
العالم وما زال يؤتى بهم من كل أنحاء العالم، ليدافعوا عن خرافة بنوها في عقولهم
المريضة بالإجرام والقتل العنصرية، نعتقد أن موقفنا وخلفية موقفنا واضحة جداً.
اليوم بالعكس، الآن بعد سنة من ذاك الخطاب، يتضح المشروع أكثر، نحن دائما كنا نقول
إن هناك مشروعاً في المنطقة يريد أن يعيد تجزئة المنطقة وتقسيم المنطقة على أساس
عرقي وطائفي مذهبي.
لكن يبدو أيها الإخوة والأخوات، عندما نشاهد الآن ما يجري في سورية وفي أكثر من بلد
عربي، أن المشروع هو تقسيم المنطقة أكثر من ذلك، ليس فقط على أساس مذهبي، بل على
أساس إمارات ومقاطعات ودولة لكل جماعة مسلحة، كل جماعة مسلحة يصبح لها دولتها، خمس
أو ست أو سبع (دول).
بالزمان كانوا يقولون إن سورية يقسمونها إلى ثلاث أو أربع (دول) والعراق يقسمونه
إلى ثلاثة أجزاء، وليبيا ومصر وتونس يقسمونها ايضا، يبدو أن هذا الكلام أصبح من
الماضي. الكلام الجديد هو تقسيم بلادنا العربية والإسلامية بعدد الجماعات المسلحة،
وليس بعدد الأعراق أو الطوائف أو المذاهب، حتى التنظيم الواحد عندما يختلف قادته
سيشكل دولتين، كدولة داعش ودولة النصرة على سبيل المثال. هذا ابشع أشكال الفوضى
التي تنتج الفوضى، وهذا المشروع هو الذي يجب أن يواجه.
اليوم عندما نواجه هذا المشروع وأدوات هذا المشروع، نتذكر أيضا أن الذين صنعوا
إسرائيل، الذين صنعوا هذا الكيان، أنا أريد ان أذكركم بالحركة الصهيونية، من قال
إنهم كانوا يريدون المجيء إلى فلسطين، هم الجماعة كانوا يريدون دولة في أي مكان من
العالم، الأرجنتين كانت واحدة من الخيارات، وأوغندا كانت خياراً آخر، وأظن اليمن
كانت واحدة من الخيارات وفلسطين كانت واحدة من الخيارات. الذي جاء بالحركة
الصهيونية إلى فلسطين هم الانكليز، هو الاستعمار الدولي، الاستكبار العالمي، سمّوه
ما شئتم، ليكونوا الثكنة العسكرية الأمنية المتقدمة في قلب منطقتنا، التي تمزق
منطقتنا، وتدمر منطقتنا وتضيع كل فرص التنمية، التنمية البشرية والتنمية الاقتصادية
وكل فرص الوحدة وكل فرص القيام والنهضة في منطقتنا العربية والاسلامية، وحتى نبقى
مشغولين بحروبنا وننتقل من حرب إلى حرب ومن جبهة إلى جبهة ونسنتزف، ثم نلجأ إلى
صانع عدوّنا فنستمد منه القوة والحماية. حسناً، هم الذين جاؤوا بالمشروع الصهيوني
إلى فلسطين، وهم الذين جاؤوا بالصهاينة من كل أنحاء العالم إلى فلسطين. هذه خطيئة
تاريخية، اليوم هذه الخطيئة تتكرر، ولكن كيف؟ طبعاً وجاؤوا بدعم عربي وبتوقيعات
عربية وبغض نظر من حكام عرب لتكون لهم عروشهم، هذا قبل ستين أو سبعين سنة.
اليوم هذا المشهد يتكرر، هم يأتون، أميركا والغرب ومن معهما، يأتون بكل الإرهابيين
من كل أنحاء العالم، بكل الجماعات التكفيرية من كل أنحاء العالم، يقدمون لهم
التسهيلات والفيز والتمويل والتسليح، والنفقات والتغطية والإعلام والغطاء السياسي
والقرار الدولي ووو... ويأتون بهم إلى سورية، من أجل ماذا؟ من أجل أن يدمروا سورية،
وأن يدمروا محور المقاومة الذي بات يهدد أصل المشروع الصهيوني وبقاء إسرائيل في
المنطقة، هذه هي الخطيئة الكبرى الجديدة المعاصرة.
وإلا هل هذا صدفة؟ من كل انحاء الدنيا جيء بهم إلى سورية، هذا لم يحصل في أي مكان
آخر، حتى في افغانستان، ليس إلى هذا الحد وليس إلى هذا المستوى وليس بهذا الحجم،
يؤتى بهم وتقدم لهم كل التسهيلات من كل أنحاء الدنيا، والحكومات هي التي تفعل ذلك
وأجهزة المخابرات هي التي تدير ذلك ويؤتى بهم إلى سوريا ليخوضوا هذه المعركة
القاسية والشرسة والصعبة.
على كل، الآن هذا الفهم بدأ يتسع، في داخل سوريا، في البلدان العربية، في العالم
الإسلامي، في العالم كله، الكثير من الأسئلة التي لم تكن تطرح في البداية أصبحت
تطرح وبشكل واسع وكثيف.
حسناً، بناء على هذه الرؤية، بناءً على هذا الفهم، نحن قلنا إننا نتحمل المسؤولية،
وبالفعل تحملنا المسؤولية. وذهبنا إلى حيث ذهبنا ـ تعلمون نحن عادة هذا الموضوع لا
نتكلم بالتفاصيل فيه بالإعلام ـ وذهبنا إلى حيث ذهبنا وعلناً وفي وضح النهار، وقلنا
هذا هو العنوان، هذه هي الحيثية، هذا هو الهدف.
اليوم أين أصبحت الأوضاع في سوريا؟ المشروع هذا أين أصبح؟
لا شك أن المشروع الذي استهدف سوريا والمنطقة تراجع اليوم بدرجة كبيرة ومُني بهزائم
عديدة، ولا شك أيضاً أن هناك عوامل عديدة ساهمت بذلك، داخلية، يعني على مستوى
سوريا، وإقليمية ودولية، أحداث بالعالم. ولكن يبقى العامل الاساسي هو الميدان، في
كل هذه التحولات وفي كل هذه العوامل هو الميدان، هو صمود سوريا قيادة وجيشاً
وشعباً، وبالتالي هنا تأتي أهمية الإضافة، الحلفاء والأصدقاء، في الموقع السياسي أو
في الموقع الإعلامي أو في الموقع الأمني أو العسكري أو الشعبي أو ما شاكل. لو لم
تصمد سوريا نفسها، قيادتها وجيشها وشعبها، في مواجهة هذه الحرب الكونية، كل
الإضافات الأخرى لما كانت لتكون عوامل حاسمة وأساسية.
من أهم العوامل هو انكشاف حقيقة الجماعات المقاتلة بسوريا أو أغلبية الجماعات
المقاتلة وحقيقة أفكارها وسلوكها وصراعاتها مما أحدث تحولاً كبيراً في الرأي العام
السوري نفسه وكذلك العربي والدولي.
لقد تبين بوضوح أن الذين جيء بهم لتهديد سوريا أصبحوا يهددون الجميع، هذه أيضاً من
النتائج، يهددون الدول التي أعطتهم أموال والتي بعثتهم والتي دعمتهم والتي ساعدتهم
والتي شجعتهم، أصبحوا يشكلون تهديداً للجميع، وللعالم الذي أرسلهم إلى سوريا. أنا
قلت سابقاً، هو أرسلهم ليدمّر بهم سوريا ومحور المقاومة وليتخلص منهم، و لكن يبدو
أن هذا العالم وجد بأن سوريا ومحور المقاومة لم يسقطا، وأن الذين أرسلهم ليُقتلوا
ما زال كثير منهم على قيد الحياة والبعض بدأ العودة إلى ميدانه الأول، إلى أوروبا،
وإلى غير أوروبا، ولذلك أصبح اليوم يوجد قضية إسمها "المقاتلون العائدون من سوريا"،
أن هذا تهديد للأمن الأوروبي وللأمن الدولي وللأمن العالمي، كيف يجب أن تتعاطى
الدول معه.
من أهم العوامل التي يجب التوقف عندها، انكشاف الدور الاسرائيلي في الأحداث
السورية. في السابق، عندما كنا نأتي ونقول إسرائيل (تدعم المسلحين)، يقولون لنا
إنكم تبالغون، الآن أصبحت الأمور على المكشوف، ليس موضوع "جدار طيب" مثل ما كان
عندنا، ليس موضوع جريح أدخلناه على المستشفى. كلا، علاقات سياسيات ولقاءات سياسية
ويبدو أن يأس ما يسمى بالائتلاف المعارض وصل إلى مرحلة أنه حيث يوجد أعداء فاشلين
مثل منافقي خلق، أنه اليوم يلتقي معهم في أوروبا، ما الفائدة، أو فلان المعارضة أو
فلان المعارضة. اليوم كلا، العلاقة مع الاسرائيليين، اللقاء بالاسرائيليين، التعاون
على حدود الجولان، المساعدة اللوجستية، المساعدة النارية، يعني هناك أهداف للجيش
العربي السوري يقصفها الاسرائيليون لمصلحة المعارضة المسلحة والجماعات المسلحة. نحن
اليوم أمام مشروع شريط حدودي جديد في الجولان وهذا تهديد، وأنا أقول لكل السوريين:
هذه تجربة مؤلمة وقاسية لن تعود على السوريين وعلى الفلسطينيين وعلى الجميع إلا
بالخيبة وبالخسائر وبالعار كما حصل في تجربة الشريط الحدودي في لبنان.
هناك أيضاً انكشاف حجم التهديد الذي تمثله هذه الجماعات أيضاً لكل دول الجوار
بالخصوص ومنها لبنان.
الآن على ضوء كل هذه العوامل، ما ذكرت وما لم أذكر كثير، سوريا في النقطة الحالية
نستطيع أن نقول أنها صمدت، محور المقاومة صمد، محور المقاومة تماسك، سوريا تماسكت.
أن يحقق المشروع الآخر انتصارا حقيقياً أو حامساً انتهى. والآن سوريا تتقدم ومحور
المقاومة يتقدم، سوريا تتقدم في الميدان، وهذا ما تتابعونه، تتقدم في المصالحات
الشعبية، تتقدم في تبدّل المزاج العام والمراجعة الداخلية للكثير من القوى السياسية
والجماعات الشعبية، تتقدم نحو الانتخابات الرئاسية التي لم يستطع كل التهويل
والاستهزاء من قبل من يسمون أصدقاء سوريا أن يعطلوه أو يمنعوه أو يوقفوه، ولذلك هذا
الشعب السوري يتقدم إلى صناديق الاقتراع وسنرى هذه المشاهد، الآن هم يلجأون إلى
تعطيل الإنتخابات في سوريا حيث يمكن إجراء الإنتخابات بقوة الحديد والنار.
كلنا سمعنا أمس في الإعلام أن داعش، مثلاً في منطقة الحسكة وفي مناطق أخرى أعلنت
أنه من الممنوع على أحد المشاركة بالانتخابات حتى في المناطق التي خارج سلطتها ولكن
تقع تحت نيرانها، وحكمت عليه بالإعدام.
حسناً، يوجد شخص سوري لديه خيار سياسي، لديه رأي سياسي ـ انظروا هذا البديل العظيم
الذي أتى به العالم للشعب السوري ـ أنا لدي رأي سياسي أريد أن أذهب لأنتخب، ويمكن
أن أنتخب الريس بشار الأسد ويمكن أن أنتخب آخرين، ويأتي هذا البديل الحضاري التي
يقدمه أصدقاء سوريا يقول لي إذا ذهبت إلى صناديق الاقتراع أنت مستباح الدم وأحكم
عليك بالإعدام. طبعاً هذا ليس بجديد، هذا فكر داعش، يعني الدولة الإسلامية في
العراق والشام، يعني التي حكمت بكفر كل العراقيين الذين يشاركون بالانتخابات في
العراق، شيعة، سنة، مسلمين، مسيحيين، وفجّرتهم وبعثت لهم سيارات مفخخة، لأنها حكمت
بكفرهم وارتدادهم، بل أنهم محاربون لله ورسوله، "يا ريت يقول عنك فقط كافر"، ويضع
عليك الحكم بعد ذلك أنك محارب لله ورسوله، يعني على القتل، هذا هو النموذج الذي
يقدم الآن في سوريا.
لذلك أقول إن سوريا تتقدم في الانتخابات، والتحدي الحقيقي أن تسمحوا للشعب السوري،
وخصوصاً في المناطق التي تطالها نار الجماعات المسلحة أن يعبروا عن رأيهم وأن
يذهبوا إلى صناديق الإقتراع وأن ينتخبوا. طبعاً هذا ممنوع لأنه في دولة داعش وفي
دولة النصرة وفي دول القاعدة الانتخابات حرام، والانتخابات يا ليت فقط حرام، هي كفر
وارتداد، والانتخابات حرب على الله ورسوله، حسناً، يا أخي لديك إجتهادك، لديك رأيك،
لماذا تفرضه على كل المسلمين؟ كثير من علماء المسلمين، فقهاء المسلمين، كبار مجتهدي
المسلمين من السنة والشيعة يقولون غير هذا الرأي، وينظرون إلى مسألة الانتخابات
نظرة شرعية فقهية مختلفة.
في كل الأحوال، اليوم أستطيع أن أقول في ختام الشق السوري بعد كل هذه التطورات
أستطيع أن أقول ما يلي:
في 2006 كان هناك مشروع على مستوى المنطقة، لكن المعركة كانت في لبنان، تكلمت عنها
"كونداليزا رايس" "ولادة الشرق الأوسط الجديد". حسناً، المعركة كانت في لبنان، نحن
المقاومة اللبنانية بكل فصائلها وقواها والجيش اللبناني والشعب اللبناني، نحن
جميعاً وقفنا وقاتلنا ذاك المشروع وأجهضناه وأسقطناه، وقفت معنا سوريا، وقفت معنا
إيران، وقف معنا الكثير من شرفاء هذا العالم، هذه النسخة سقطت في الـ2006، ليس
مشروع الشرق الأوسط الجديد، تلك النسخة سقطت. الآن جلبوا نسخة جديدة، وهذه النسخة
الجديدة هي مشروع للمنطقة، ولكن ساحة القتال هي سوريا، الذي يقاتل هناك هي القيادة
السورية والجيش السوري والشعب السوري.
الأصدقاء يقفون إلى جانبهم، حتى لا يذهب أحد الى مبالغات، هناك مبالغات خلال فترة
من الزمن تحاول أن تقول إن سوريا والجيش والقيادة والشعب و... صارت بـ "محل ثاني"،
والذي يقاتل في سوريا الجهة الفلانية والجهة الفلانية.
هذا غير صحيح، هناك شعب، هناك جيش، هناك دولة، هناك قيادة تقاتل على امتداد الساحة
السورية. وهناك أصدقاء يقدّمون نوعاً من المساعدة التي تتفاوت بين مكان وآخر.
اليوم، في هذه الجبهة هناك صمود، هذا المشروع بدأ يتساقط، وأنا أقول لكم إن شاء
الله، من زمن الانتصارات، أنا أقول لكم إن هذا المشروع سيسقط وسوريا ستنتصر ومحور
المقاومة سينتصر، وهذه الأمة لن تسمح للمشروع الامريكي أن يفرض جدوله أو أفكاره أو
أهدافه علينا، وسيأتي اليوم الذي يقف فيه الجميع ـ اسمعوني"هلق نسجل على بعضنا" هذا
طبعا أنا أحلل طبعا انا عندي ثقة بالله عزوجل وبالوعد الإلهي بالاسباب وبالنتائج
وبالمقدمات الموصلة إلى نتائج وإلى اخره..
من كان يقول اليوم إن سوريا تقف صامدة هكذا؟ من قال إن اليوم تشاهد هذا الوضع في
الكثير من المدن السورية، سورية التي كان يقال قبل 3 سنين و4 سنين أنها بشهرين أو
ثلاثة ستسقط ـ
سوف يأتي وقت عندما تنكشف كل الحقائق، سيتوجه فيه شعوب المنطقة وحكومات المنطقة
ودول المنطقة، بل الكثير من دول العالم ليشكروا سوريا وقيادتها وجيشها وشعبها على
صمودهم وعلى انتصارهم، لأنهم سيكتشفون أن سوريا بصمودها هذا ماذا ابعدت من مصائب
ومن أخطار، وماذا منعت من تداعيات على مستوى المنطقة كلها وفي مقدمها فلسطين
والقضية الفسطينية والمقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين. أنا اقول لكم، حتى
الحكومات التي تآمرت على سوريا ودفعت الأموال وحرّضت، وما زال بعضها يفعل ذلك، سوف
يأتي وقت تندم فيه على ما فعلت وتشكر سوريا على صمودها وثباتها وانتصارها، وكذلك
لبنان وكل الذين انتقدونا بالتدخل في سوريا، سيأتي يوم، مثلما صار بموضوع المقاومة،
قالوا أحسنتم يعطيكم العافية. الآن يمكن أن لا يحكوا في الاعلام ولكن تحت الطاولة..
أصلا الآن كثر هم يحكون هكذا ..
النقطة الأخيرة، لكن باختصار شديد، في موضوع الملف الداخلي.
الموضوع الأساسي طبعا الملف الرئاسي، وأريد هنا في هذه اللحظة أن أقول: نحن أمام
مرحلة مهمة جداً وحساسة جداً بدأت من اليوم (25 أيار).
موضوع الاتهامات هذا شغلة في لبنان شائعة، يعني عادية "الشباب بدهم يشتغلوا، انت
عطلت، لا انت عطلت، "النصاب ما النصاب"، (التأثير) الدولي الاقليمي المحلي، كل هذه
السوالف "ما فيه داعي نقف عندها"، هذا طبيعي كان ويكمل، والجدّي ليس هنا، وإلا
بالإشاعات وبالاتهامات كل واحد ممكن أن يقول الذي يريد.
أنا أقول: يجب أن نتعاطى مع هذه المرحلة الحساسة والدقيقة بهدوء، بدون توتر أعصاب.
صح في ناس وقفوا وقالوا حدث جلل، لسنا مختلفين على ذلك، لكن هذا لا يعني أن العالم
تفقد أعصابها حتى يروح البلد، يجب أن نكون هادئين ودقيقين ونحافظ على هذا المستوى
من السلم الأهلي والاستقرار الداخلي، من إمكانية أن العالم تحكي مع بعضها في مكان
ما وتتفاوض على موضوع الرئاسة في مكان ما، (أتحدث عن) القوى الداخلية ولا اتكلم عن
قوى إقليمية. المهم أن نأتي ونقول أن نبذل جميعا الجهد لتقصير المسافة الزمنية
ليكون لدينا رئيس جمهورية منتخب بأقرب وقت ممكن، و"عن جد" أن لا تكون نيّة أحد
تقطيع الوقت وانتظار متغيرات اقليمية ومتغيرات دولية وو إلى آخره..
نحن ندعو إلى جدية في هذا الموضوع.
طبعاً الوقت لا يتسع أن أدخل وأحلل كثيراً بالملف الرئاسي، سأكتفي بهذا المقدار. ما
زال هناك فرصة حقيقية وداخلية ولبنانية لانتخاب رئيس قوي وقادر على حفظ الاستقرار
والسلام في البلد ويتمتع بحيثية شعبية حقيقية في بيئته وعلى المستوى الوطني وقادر
أيضاً على طمأنة القوى السياسية والأطراف المختلفة والمساعدة الحقيقية ليتجاوز
لبنان هذه المرحلة الصعبة محلياً وإقليمياً ودولياً.
هذه الفرصة ما تزال متاحة، وهناك تفاوض جدي معروف بين تكتل الاصلاح والتغيير وتيار
المستقبل، أو زعيم تيار المستقبل وبات لهم مدة يتحدثون مع بعضهم ويتفاوضون، وهناك
نقاش جدي في هذا الموضوع.
والذي حصل حتى هذه اللحظة ـ ولا أريد أن أدخل بأي سجالات، فقط أريد أن أوصف بجملتين
ـ هو ترشيح تحدي لقطع الطريق على ترشيح جدي"، الذي صار هو تقديم ترشيح تحدي هدفه
ليس الوصول الى الرئاسة وليس انجاز انتخابات رئاسية، والكل يعرف أنه لا إمكانية
لهذا المرشح أن يصل إلى رئاسة الجمهورية لا بالثلثين ولا بالنص زائد واحد، إذن هذا
الترشيح قطع الطريق على ترشيح جدي تجري مناقشته في الأروقة الوطنية.
المشروع الحقيقي ـ على مسؤوليتي طالما اليوم دخلنا في اليوم 25 أيار، وبناء على
معلوماتي ومعطياتي والاتصالات التي حصلت معنا ومع العديد من أصدقائنا ـ المشروع
الحقيقي خلال الأسابيع الأيام، ولعله خلال الاشهر الماضية، لم يكن على الإطلاق
انتخاب رئيس قبل 25 أيار، أقول: عند الفريق الآخر لم يكن هذا. المشروع الحقيقي كان
التمديد لرئيس الجمهورية، هذا المشروع الحقيقي، "ما حدا يقول عطلت انتخاب رئيس" ما
كانوا يريدون انتخاب رئيس، كانوا يريدون تمديد للرئيس هذه الحقيقة، "حلو الواحد
يحكي الأمور مثلما هي" ومن أجل هذا التمديد قُدمت إغراءات كثيرة، لا أريد أن أكشف
أسراراً الآن، "عادة أنا لا أشتغل هذا الدور" لكن هذا البلد ما فيه اسرار، كله يظهر
"بعد كم يوم".
إذاً ما جرى في الانتخابات حتى الآن انه تم ترشيح تحدي معلوم أنه لا يمكن انتخابه
رئيساً لقطع الطريق على مرشح جدي يمكن أن يصل إلى الرئاسة وتعطيل انتخاب الرئيس من
أجل التمديد، وهذا هو الذي فشل، مشروع التمديد فشل.
الآن، ما هي الأسباب؟ لماذا هذا الموقف؟ ما هي الحيثيات؟ هذا الذي حصل، ولا يقولنّ
أحد شيء اخر.
كلا، لم تكن الفرصة المفتوحة أمام المجلس النيابي هي فرصة انتخاب رئيس، أبداً، بل
كانت فرصة تمديد فقط.
المهم اليوم هو مواصلة العمل، طبعاً بين هلالين كما قلت في البداية، في حال خرج
أحدهم للقول، نحن كتلة الوفاء للمقاومة أكثر الكتل التي يٌعتب علينا، وليس لدينا أي
مشكلة، يعني بأنهم يقومون بتحميلنا المسؤولية، وتقولون الذي تريدون، وقمتم بتعطيل
البلد، وعطلتم الانتخابات، وعطلتم أموراً كثيرة..
ألستم أنتم الذين تقولون إن مقام الرئاسة وشخص الرئيس هو شيء عظيم بالبلد؟ اذاً هذا
ليس بموضوع مجاملات، وليس موضوعاً للمزاح، وليس موضوع أن أحداً يأخذ الآخر بالحياء،
هذا موضوع مسؤولية وطنية ومسؤولية تاريخية أيضاً، لأننا نحن في مرحلة تاريخية
وحساسة.
ولذلك لا يوجد مشكلة، أنا أقول لكم: "نحن، حزب الله ـ كتلة الوفاء للمقاومة،
بالنيابة عن الأخوة النواب، نحن نتحمل مسؤولية، هذه الشماعة الخاصة بنا وعلّقوا
عليها الذي تريدونه، لا يوجد مشكلة."
يعني ما الذي سيزيد عن الذي سمعناه في كل هذه السنوات؟ أنه أنتم تريدون التعطيل،
وتريدون الفراغ، وتريدون أن تغيّروا البلد، وتريدون أن تغيّروا الدولة، تريدون أن
تغيّروا النظام.. قولوا ما شئتم.
المهم هنا هو المسعى الجدي، بأن تذهب الناس بشكل جدي وتستكمل هذا الحوار لنصل إلى
مكانٍ ما، إلى مكان يفتح الأفق أمام الخروج من هذا الشغور.
هذا في الملف الرئاسي. طبعاً نحن منفتحون ومتجاوبون وجديون. كلا، نحن نريد رئيس
جمهورية في أسرع وقت ممكن. نريد رئيس جمهورية، ولكن طبعاً نحن لم نكن نريد التمديد.
دعوني أقول عبارة اليوم، مع أنني كنت أريد أن أؤجلها إلى وقت لاحق، ولكن الآن طالما
عيد المقاومة، نحن في موضوع رئاسة الجمهورية، نحن لا نريد أن نحمله ما لا يطيق، لا
نريد أن نحمّله، نحن نريد رئيس جمهورية يؤمن الاستقرار.
نحن لدينا توجه داخلي، ولكن أحياناً ادبيات الخطابات تغلب، تفاهمنا بين الأخوان،
حتى عبارة "نريد رئيس جمهورية يحمي المقاومة" لا يوجد من داعي لهذا التعبير، هذه
الأدبيات لا يوجد لها من داعٍ.
أنا أقول لكم اليوم في 25 ايار 2014، نحن لا نبحث عن رئيس جمهورية يحمي المقاومة في
لبنان، لا نبحث، المقاومة في لبنان تحمي الدولة، وتحمي الشعب، وتحمي الوطن، وتحمي
الكيان، وتحمي الشرف، وتحمي السيادة، وتحمي الأمة.
نحن متواضعون بالهدف، نحن لا نقول إننا نريد رئيساً يحمي المقاومة، أذكّركم بـ
2006، وما قلته عام 2006، نحن نريد رئيساً لا يتآمر على المقاومة، رئيس لا يطعن
المقاومة في ظهرها، رئيس يثبت على موقفه من المقاومة، هذا هو.
أما نحن، فلم نضع شرطاً صعباً، بكل الأحوال هل يوجد هذا الخيار؟ هل هو متاح؟ نعم
متاح.
أيضاً في الموضوع الداخلي، اياً يكن الوضع الذي نحن ذاهبون اليه، نحن لدينا تمنٍّ
في هذا اليوم ـ تسمونه تمني، تسمونه نداء، تسمونه صرخة، سموه ما شئتم ـ يوجد ملف
اسمه سلسلة الرتب والرواتب، الذي يتعلق بالموظفين، بالقطاع العام، بالأساتذة،
بالعسكرين الذين يحملون دمهم على كفهم في أكثر من مكان في البلد، نتمنى أن يبقى
خارج النزاع والخلاف القادم، وليكن استثناء، وكذلك موضوع الجامعة اللبنانية، هذان
الملفان بالحد الأدنى، نأمل ـ نطلب ـ نرجو ـ نتوجه ـ نناشد، الحكومة ـ البرلمان ـ
القوى السياسية، لا يجوز تأجيل هذين الملفين الى ما بعد حسم المسائل السياسية.
نحن جميعاً نقول بأننا نريد رئيساً ونريد دولة من أجل الناس، لا تضحوا بالناس من
أجل الرئيس أو من أجل ما يجب أن يكون في خدمتهم، نتمنى بأن يأخذ هذا الموضوع مكاناً
مهماً.
أيها الأعزاء، في هذه المناسبة، في ذكرى الخامس والعشرين من أيار، يجب أن نثق
جميعاً بقوتنا وقدرتنا على مواجهة التحديات، أيا كانت التحديات، وبقوتنا وقدرتنا
على صنع الانتصارات مهما عظمت المواجهة.
لا نخشى إسرائيل، ولا تهديدها، ولا أطماعها، ولا تهويلها، بفعل هذه المعادلة
الذهبية، المشروع في المنطقة ـ المشروع التهاجمي ـ على محور المقاومة في المنطقة،
وعلى الأمة في المنطقة بدأ ينكسر، محور المقاومة يتماسك، ويتقدم، وسيتنصر. المهم في
الداخل هنا في لبنان أن نحافظ على بلدنا، وسلمه الأهلي، وعيشه المشترك، ودراسة
خياراتنا جيداً، الخيارات التي تحفظ وتصون هذا البلد ومستقبل هذا البلد.
عهدنا لكل القادة، للقائد المؤسس الإمام السيد موسى الصدر أعاده الله ورفيقيه بخير،
لشهدائنا جميعاً، للشهداء القادة، للسيد عباس، للشيخ راغب، للحاج عماد، عهدنا
لأمتنا، لشعبنا، لشعوبنا، لكل الشرفاء، أن نبقى في هذا الموقع سوياً، نصمد ونثبت
ونقاوم وننتصر في زمن الانتصارات.
وكل عام وأنتم بخير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.