يتم التحميل...

خطاب الإمام الخامنئي دام ظله في الحرم الرضوي المطهّر

2014

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا ونبيّنا أبي القاسم المصطفى محمّد، وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين الهداة المهديّين المعصومين، لا سيّما بقية الله في الأرضين. اللّهم صلّ على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها، اللّهم صلّ على وليّك عليّ بن موسى عدد ما أحاط به علمك،

عدد الزوار: 82

خطاب الإمام الخامنئي دام ظله في الحرم الرضوي المطهّر في الیوم الأول من العام 1393 هـ.ش.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا ونبيّنا أبي القاسم المصطفى محمّد، وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين الهداة المهديّين المعصومين، لا سيّما بقية الله في الأرضين. اللّهم صلّ على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها، اللّهم صلّ على وليّك عليّ بن موسى عدد ما أحاط به علمك، صلاةً دائمة بدوام عظمتك وكبريائك، اللّهم سلّم على وليّك علي بن موسى الرضا عدد ما في علمك، سلامًا دائمًا بدوام مجدك وعظمتك وكبريائك.

أشكر الله- تعالى- وأحمده بأن تفضّل وأطال في عمري؛ كي نلتقي مجدّدًا مرّةً أخرى وعامًا آخر، في جوار المرقد المنوّر والسماويّ، في هذا الجمع المفعَم بالشوق والمحبّة الصادقة، ونتحاور معكم أيّها الأخوّة والأخوات الأعزّاء.

تهنئة بحلول السنة الجديدة

الواجب علينا أولًا أن نتقدّم بالتهنئة مجدّدًا بمناسبة "النوروز" وحلول السنة الجديدة، لجميع الأخوة والأخوات ممّن يستمع كلامنا، ولكلّ الشعب الإيرانيّ. وأسأل الله- تعالى- أن تكون سنةً حافلة بالبركة والحياة السعيدة للشعب الإيرانيّ، ولجميع مسلمي العالم؛ وأرجو الله – تعالى- أن يتفضّل بجعل هذه السنة التي بدأت، سنةً تليق بشأن الشعب الإيرانيّ العظيم، سنةً مليئة بالخير والبركة ومفعَمَةً بالأفضال الإلهيّة والعنايات الربّانيّة.

حركتان كبيرتان في العام 1392

نشير إلى مسألة حول العام 1392 الذي انقضى يوم أمس. لقد قلنا في البيان الأوّل أنّ الشعب الإيرانيّ نهض في العام 1392 هـ.ش وسطّر-ما كان يُنتظر منه- ملحمةً سياسيّة. ومن المؤكّد أنّ الملحمة السياسيّة قد ظهرت وتجلّت أكثر ما يكون، من خلال حركتين كبيرَتَين للشعب الإيرانيّ: الأولى: هي حركة الانتخابات في النصف الأول من العام، والثانية هي التظاهرات الشعبيّة العظيمة في النصف الثاني1 في كلّ أنحاء البلاد. لقد تكلّمنا كثيراً حول الانتخابات؛ سواء عن هذه الانتخابات أو الانتخابات المتنوّعة کافّة التي جرت منذ انتصار الثورة حتّى الآن. كذلك حول التظاهرات الكبرى والعامّة في الثاني والعشرين من بهمن [11 شباط]، فإنّ هذا العبد الحقير وكذلك الآخرين قد تحدّثوا عن نقاطٍ كثيرة ولا أودّ أن أكرّرها؛ لكن يوجد مسألتان حول هذين الحدَثَين. يوجد حول كلّ من هذين الحدثين- والذي كان كلّ منهما عبارة عن إعلان وإعلام عامّين يظهران واقع بلدنا وشعبنا بكلّ معنى الكلمة، في مقابل الاتّهامات والافتراءات المغرِضة للإعلام العالميّ- توجد نقطة أودّ الحديث عنها قبل الكلام عن المسائل المتعلّقة بالعام الجديد 1393 هـ.ش.

1- الانتخابات؛ بمشاركة 72%!
النقطة الأولى حول الانتخابات؛ فليلتفت الأخوة والأخوات الأعزّاء، إلى أنّه منذ انتصار الثورة حتّى الآن، لم ينخفض مستوى مشاركة الناس في الانتخابات، وهذا أمرٌ بالغ الأهمّيّة. في آخر انتخابات توجّه الشعب فيها إلى صناديق الاقتراع، أي: الانتخابات الحادية عشرة لرئاسة الجمهورية، بلغت نسبة المشاركة فيها 72 بالمئة؛ هذه النسبة هي نسبة مرتفعة بين الانتخابات في العالم ومؤشّر عالٍ، وكذلك فهي نسبة مرتفعة- أيضًا- بين الانتخابات التي جرت في إيران، منذ انتصار الثورة حتّى يومنا هذا؛ ماذا يعني هذا الأمر؟

إنّ هذه المشاركة الواسعة في الانتخابات، هي علامة على أنّ سيادة شعبية دينيّة قد تكرّست في البلاد؛ وهذا يعني أنّ نظام الجمهوريّة الإسلاميّة قد نجح في ترسيخ هذه السيادة الشعبيّة؛ وهذا ليس بالشيء القليل! بلدٌ كان يرضخ، وقروناً متمادية، تحت سلطة الحكّام المستبدّين والديكتاتوريّين، فيصل إلى هذه الدرجة من مشاركة الناس في الانتخابات، عبر السيادة الشعبيّة، لإيصال مرشّحيهم إلى السلطة بكلّ وعيٍ وحيويّة، وبحيث إنّه بعد مرور 35 عامًا على انتصار الثورة، تصل نسبة مشاركة الناس في الانتخابات إلى 72 بالمئة؛ ينبغي تقدير هذا الأمر ومعرفة قيمته. إنّني أقول لكم - أيّها الشباب- ولكلّ ذوي الفكر في مختلف أنحاء البلاد: لا نَكْفُرنَّ بهذه النعمة الكبرى؛ كما حدث في العام 1388هـ.ش [2009م-الفتنة بعد الانتخابات] حيث إنّ البعض لم يقدّر النعمة الإلهيّة وكفر بها. كذلك يتناهى إلى الأسماع تشكيك البعض بنزاهة الانتخابات، أي: تكرار ادّعاء أعداء الشعب الإيرانيّ، وهذا كفرانٌ بالنعم أيضًا. لقد تحوّلت السيادة الشعبيّة إلى تيّارٍ طبيعيّ وعفويّ؛ لذلك فإنّ الناس في جميع أنحاء البلاد، في جميع قراهم ومدنهم يعتبرون أنّ واجبهم الحضور والاقتراع في صناديق الانتخابات؛ فيشارك 72 بالمئة من الناخبين؛ هذا أمرٌ مهمّ جدًّا؛ وهذه النسبة من المشاركة هي من النسَب المرتفعة جدًّا في العالم.

2- تظاهرات 22 بهمن؛ أكبر وأكثر حماسة
النقطة الثانية -التي ينبغي لإخواني وأخواتي الأعزّاء الالتفات إليها،- حول تظاهرات الثاني والعشرين من بهمن [11 شباط]: يوجد متابعون يهتمّون بحساب نسَب وأعداد المشاركين في المسيرات، وتخمين أعدادهم بواسطة آلات التصوير والأدوات المتنوّعة؛ ففي هذه السنة، قدّم لنا جميع الذين يرصدون ويدقّقون بالمسيرات وينشطون في هذا المجال، تقاريرَ حول أعداد الجماهير المشاركة في مسيرات طهران والمدن الكبرى والمعروفة، تبيّن إنّها أكبر من السنوات الماضية، وكذلك فإنّ المشاركة كانت أكثر حماسةً وعنفوانًا، حيث كانت شعارات الناس عميقة جدًّا وذات معانٍ قويّة وملؤها الحماس والاندفاع. لماذا؟

أدرك المحلّلون الذين يتابعون المسائل المتنوّعة، أمرًا مهمًّا، ونحن نعتقد أنّ فهمهم كان صحيحًا؛ حيث علّلوا كثافة المشاركة ونوعيّتها هذه السنة بأسباب تركت آثارها، وتميّزت بها السياسات الاستكباريّة؛ حيث كان أسلوب المستكبرين عارٍ عن الأدب، ولهجتهم مع الشعب الإيرانيّ مهينةً بشكلٍ أكبر. عندما جرت مفاوضات في مجال المسائل النوويّة، أدلى السياسيّون الأمريكيّون بتصاريح يدّعون خلالها بأنّ الشعب الإيرانيّ قد تراجع، وتنازل عن مبادئه! لقد كان لحن كلامهم بالنسبة إلى الشعب الإيرانيّ لحنًا مهينًا، ويخلو من الأدب واللياقة؛ لقد سمع الشعب كلامهم وفهم رسالتهم.

عندما يكشف العدوّ عن وجهه الحقيقيّ، أو يقترب من الظهور على حقيقته في الميدان، فإنّ شعبنا يزداد دافعه وتعلو همّته أكثر للحضور والمشاركة؛ عندما رأى النّاس أنّ الأميريكيّين يسيئون الأدب تجاههم، ويدّعون بأنّهم قد ابتعدوا عن النظام؛ أرادوا أن يُثبتوا في الثاني والعشرين من بهمن بأنّهم موالون بكلّ وجودهم- ومن صميم القلب- للنظام الإسلامي والجمهورية الإسلامية، ولراية الإسلام الخفّاقة. وهذا يدلّ على حساسيّة شعبنا ونخوته وعنفوانه، مقابل خصومة وأحقاد أعداء الجمهوريّة الإسلاميّة وأعداء إيران؛ هذه النقطة في ما يتعلّق بمسيرات الثاني والعشرين من بهمن.

وأمّا بالنسبة إلى السنة الجديدة هذه؛ فلقد دوّنت هنا ملاحظات، لديّ مجموعة أفكار، سأحاول عرضها بشكلٍ إجماليّ في هذا المجال المتاح لنا اليوم؛ لأنّ اليوم الجمعة ووقتنا محدّد حتّى موعد صلاة الجمعة، وإن شاء الله فسأطرح في هذا الوقت المسائل، والأفكار التي لديّ؛ ولكن إن بقي بعدها ما ينبغي أن يُقال، فإنّي آمل بأن يتمّ توضيحه للرأي العامّ من خلال أصحاب الفكر، وعلماء المجتمع الذين يدركون جيّدًا سياسة الجمهوريّة الإسلاميّة حاليًّا، ويعرفون ما الذي يجب القيام به اليوم.

السير نحو الاقتدار الوطنيّ

ما أريد أن أطرحه اليوم بشكلٍ مختصر وبعبارة واحدة، هي خلاصة القول: أنّه يجب على الشعب الإيرانيّ أن يقوّي نفسه؛ هذا هو جوهر كلامي؛ كلامٌ عن الاقتدار الوطنيّ. إنّني أقول لشعبنا العزيز: إنّ أيّ شعبٍ إن كان ضعيفًا ولم يسع لامتلاك أسباب القوّة، فإنّه سيصبح عُرضة لتسلّط الآخرين وهيمنتهم، وسيفرضون عليه منطقهم وأسلوبهم السلطويّ؛ أيّ شعب لا يكون قويًّا، سيبتزّه ناهبو العالم ويستغلّونه؛ يهينونه ويذلّونه إن استطاعوا؛ ويدوسونه بأقدامهم! هكذا هي طبيعة العالم الذي يُدار ويُحكَم بالأفكار الماديّة؛ كلّ من يشعر بالقوة والقدرة سيهيمن، ويتسلّط على الذين يشعرون بالضعف؛ سواء كان هذا على مستوى الأفراد أو على مستوى الشعوب.

يقول الشاعر المشهور:
إنّ الموت هو أمرٌ طبيعي للضعيف**كلّ قويٍّ ضعُف أوّلًا ثمّ مات! [ترجمة الشعر]

يُقال: إنّهم أحضروا دجاجًا مشويًّا أمام شخصٍ لم يكن يأكل الدجاج ولحم الحيوانات، نظر إليها "ودموع الحسرة تنهمر من مقلتَيه"؛ وخاطب الدجاجة الموضوعة أمامه على المأدبة:
لِمَ لم تصبحي أسدًا شرسًا؟**كي لا يتمكّنوا من أخذكٍ فريسة للذبح[ترجمة الشعر]

لو تمكّنتِ من الدفاع عن نفسك وامتلكتِ القدرة الذاتية، لما تجرَّؤوا على ذبحك بهذا الشكل. وأنا لا أعتقد بقول ذلك الشاعر ولا بقول أبي العلاء المعرّي الذي نُقل عنه هذا الكلام؛ ولكنّني أعتقد أنّه في العالم الذي يتمّ إدارته على أساس الأفكار الماديّة، فمن الطبيعيّ أن يكون الموت مصير الضعيف؛ أنا أعتقد بهذا. إن لم يرجع شعبٌ إلى نفسه ويقوّي نفسه، فإنّ الآخرين سيتسلّطون عليه. بعض الشعوب تفصلها مسافات طويلة للوصول إلى القوّة؛ ولا أمل قريب بأن تُعدّ قدراتها وتُوجِدَ قوّتها؛ لتتمكّن من مواجهة المستبدّين وناهبي العالم. لكنّ شعبنا ليس كذلك؛ أوّلًا، نحن لدينا إمكانيّة كبيرة لإعداد القوّة؛ وكذلك فنحن نمتلك موارد وطاقات وفيرة؛ والأهمّ –أيضًا- أنّ شعبنا قد سار نحو الاقتدار الوطنيّ، وقطع شوطًا كبيرًا في هذا الطريق؛ وعلى هذا الأساس أرى أنّ خارطة الطريق العامّة للعام 1393ه.ش، تتشكّل من هذين العنصرين اللّذين ذكرتهما في بيان أوّل السنة: الاقتصاد والثقافة بعزمٍ وطنيّ وإدارة جهاديّة.

قوّة الشعب في الاقتصاد والثقافة والعلم

أن يكون شعبٌ ما قويًّا لا يعني أن يمتلك أسلحة متطوّرة؛ بالتأكيد الأسلحة مطلوبة، ولكن لا يمكن لأيّ شعبٍ أن يصبح قويًّا فقط بامتلاك السلاح. عندما أنظر في هذا الأمر، أجد أنّ هناك ثلاثة عناصر أساسيّة للقوّة والاقتدار، ويتضمّن البيان الذي أعلنته بمناسبة أوّل السنة، عنصرين من هذه الثلاثة. إذا أصبحت هذه العناصر الثلاثة أهدافًا لشعبٍ ما فإنّه سيصبح قويًّا: أحدها الاقتصاد والآخر الثقافة والثالث العلم والمعرفة.

ولقد قِيل الكثير في السنوات العشرة أو الاثنتي عشرة الماضية حول العلم، وبحمد الله فقد أثّر هذا الكلام كثيرًا. ها نحن نتقدّم اليوم في المجال العلميّ- ولعلّني سأشير لاحقًا إلى هذا في معرض حديثي- ولكن بالنسبة إلى الاقتصاد والثقافة فالحاجة ماسّة إلى اهتمامٍ استثنائيّ وغير عاديّ؛ كي نتمكّن من جعل اقتصاد البلاد بوضعٍ، لا يستطيع معه أحد في أيّ نقطة من العالم التأثير على اقتصاد بلدنا، ومعيشة شعبنا من خلال قرارٍ يتّخذه، أو حركةٍ، أو جمود؛ وهذا الأمر في متناول أيدينا، نحن يجب أن نقوم بهذا العمل؛ وهو بناء ذلك الاقتصاد المقاوم الذي تمّ إبلاغ سياساته في الشهر الماضي؛ ولقد كان لي لقاء موسّع حوله مع المسؤولين والمديرين الأساسيّين في البلاد؛ وكانوا متجاوبين مع هذه السياسات، أي: رؤساء السلطات الثلاثة الذين شاركوا وساهموا بفاعليّة في إعداد هذه السياسات، قد رحّبوا وأعلنوا بأنّنا سننجز هذا العمل. وأنا أريد أن أتحدّث قليلًا اليوم مع شعبنا العزيز حول الاقتصاد المقاوم؛ ليسمع الناس مِن هذا العبد الحقير ما أريد طرحه.

الاقتصاد المقاوم هو ذلك الاقتصاد المقتدِر، الذي لا ينهار ولا يقع رأسًا على عقب بسبب الاستفزازات العالميّة، أو الهزّات العالميّة، أو بسبب سياسات أمريكا وغير أمريكا؛ هو ذلك الاقتصاد المعتمِد على الناس.

يوجد ثلاثة أسئلة حول الاقتصاد المقاوم، والذي يمثّل في الحقيقة اقتصاد المقاومة؛ وأنا سأطرح هذه الأسئلة.


السؤال الأول هو: ما هو الاقتصاد المقاوم وما هو غير [المقاوم]؟ ما هي خصائصه الإيجابيّة والسلبيّة؟ السؤال الثاني: هل إنّ الاقتصاد المقاوم الذي نطلق شعاره ممكن الحصول والتحقّق، أو أنّه خيال ووهم؟ السؤال الثالث: إذا كان الاقتصاد المقاوم ممكن التحقّق، فما هي مقتضياته وما هي الأعمال المطلوب إنجازها؟ وأنا اليوم سأجيب عن هذه الأسئلة الثلاثة؛ هذا فيما يتعلّق بالاقتصاد، وبعدها سأطرح أفكارًا حول مسألة الثقافة والتي هي برأيي مسألة شديدة الأهمّيّة.

السؤال الأوّل: ما هو الاقتصاد المقاوم وما هو الذي ليس اقتصادًا مقاومًا؟

أوّلًا؛ هو نموذج علميّ متناسب مع حاجات بلدنا. هذا البُعد الإيجابيّ، ولكنّه ليس محصورًا ببلدنا فقط؛ حيث إنّ الكثير من البلدان حاليًّا، وبالالتفات إلى هذه الهزّات الاجتماعيّة والانهيارات الاقتصاديّة المفاجِئة في هذه العشرين أو الثلاثين سنةً الماضية، قد فكّرت وأوجدت نماذج مشابهة للاقتصاد المقاوم بما يتناسب مع ظروفها وأوضاعها. فإذاً، الأمر الأول: إنّ الحركة التي نقوم بها نحن، تشكّل هاجسًا ومطلبًا لبلدان أخرى أيضًا؛ وليست خاصّة بنا فقط.

ثانيًا؛ حين قلنا إنّ هذا الاقتصاد المنشود هو اقتصاد ذاتيّ الإنتاج. فماذا يعني هذا الأمر؟ إنّه يعني أنّ الاقتصاد ينبع من داخل إمكانات وطاقات بلادنا وشعبنا؛ فرُشد هذه الشتلة ونموّ هذه الشجرة مستندان إلى إمكانات بلادنا؛ هذا هو معنى "ذاتيّ الإنتاج" [التدفق الذاتي]. ولكن في الوقت نفسه ليس اقتصادًا منطويًا على الذات؛ الاقتصاد المقاوم لا يعني أبدًا أن نحصر اقتصادنا ونحدّه داخل بلدنا؛ كلّا! اقتصادٌ داخليّ الإنتاج ولكنّه خارجيّ التوجّه؛ يرتبط ويتفاعل مع اقتصادات العالم، ويتعامل معها بقوّة. بناءً عليه فهو اقتصاد ذاتيّ الإنتاج ولكنّه ليس منغلقًا على نفسه. أؤكّد على هذا الأمر؛ لأنّه في هذا المجال قد بدأت الأقلام والألسن والأذهان المغرِضة، بالافتراءات، والادّعاءات، وتردّد أنّ "هؤلاء يريدون تحديد اقتصاد البلد وحصره في الداخل وحسب"، وهم يطرحون أشكالًا وألوانًا من التحاليل؛ لكي يفصلوا الناس والمسؤولين ويبعدونهم عن هذه الطريق التي هي طريق السعادة. وأنا أذكر هذه الأمور لتنوير الرأي العامّ عندنا.

ثالثًا؛ إنّ هذا الاقتصاد الذي يُطرح باسم الاقتصاد المقاوم هو شعبيّ مرتكِز على الناس؛ أي إنّه لا يتمحور حول الحكوميّ وهو ليس اقتصادا رسميًّا حكوميًّا، إنّه اقتصاد شعبيّ؛ يتحقّق بإرادة الشعب ورأسمال [تمويل] الناس ومشاركتهم، ولكن "عدم كونه حكوميًّا رسميًّا" لا يعني أنّ الحكومة لا تتحمّل مسؤولية تجاهه؛ كلّا! إنّ على الحكومة مسؤوليّة التخطيط والبرمجة، وإعداد الأرضيّة المناسبة، وتهيئة الإمكانات اللّازمة، والإرشاد والمساعدة. العمل الاقتصاديّ والنشاط الاقتصاديّ بيد الناس، مُلك الناس؛ لكن الحكومة بوصفها مسؤولة في المجال العامّ، تقوم بالإرشاد والإشراف والمساعدة. وحين تلاحظ أنّ هناك من يريد أن يستغلّ الأوضاع، وارتكاب المفاسد الاقتصاديّة، فإنّها تقف بوجهه وتمنعه؛ وحين تلاحظ أنّ هناك من يحتاج إلى المساعدة، تمدّ له يد العون. بناءً على هذا، فإنّ توفير الظروف المناسبة هو واجب الحكومة؛ إنّها تسهّل الأمور.

رابعًا؛ قلنا: أنّ هذا الاقتصاد هو اقتصاد قائم على العلم؛ بحيث يستفيد من التقدّم العلميّ، ويعتمد على التطوّر العلميّ. يضع الاقتصاد على محور العلم؛ ولكن هذا لا يعني أبدًا، أنّ هذا الاقتصاد محصور بالعلماء، وأنّ العلماء فقط يمكنهم أن يلعبوا دورًا في الاقتصاد المقاوم، كلّا! فكلّ التجارب والمهارات، تجارب أصحاب الصناعات والعمّال ذوي التجارب والمهارات المتنوّعة، يمكنها أن تؤثّر وتساهم بشكل كبير في هذا الاقتصاد؛ لذلك، حين يُقال: "محوريّة العلم"، فلا يعني هذا بأنّ ذوي التجربة والخبرة من الصناعيّين أو المزارعين، الذين قاموا بإنجازات وأعمال كبرى طوال سنوات متمادية على أساس التجربة- لا يمكنهم أن يلعبوا دورًا في الاقتصاد المقاوم. كلّا! إنّ لهم دورًا مهمًّا جدًّا.

خامسًا؛ هذا الاقتصاد يدور حول "محور العدالة"؛ أي إنّه لا يكتفي بمؤشّرات الاقتصاد الرأسماليّ من قبيل النمو الوطنيّ أو الناتج الإجماليّ [القوميّ]؛ فالمسألة ليست في أن نقول بأنّ النموّ الوطنيّ قد ارتفع إلى هذا المستوى أو أنّ الناتج الإجماليّ وصل إلى ذلك الحدّ؛ كما تشاهدون في مؤشّرات الاقتصاد الرأسماليّ في العالم. والحال أنّه في بلدٍ ما، على الرغم من أنّ الناتج الإجماليّ قد ارتفع كثيرًا فإنّ فيه أناسًا يموتون جوعًا! هذا لا نقبله ولا نؤمن به. بناءً على هذا، فإنّ "مؤشّر العدالة"، العدالة الاقتصاديّة والعدالة الاجتماعيّة هو من الشواخص المهمّة في الاقتصاد المقاوم، وهذا لا يعني عدم الاهتمام بالمؤشّرات العلميّة الموجودة في العالم؛ كلّا! ينبغي الاهتمام بها أيضًا، ولكن العمل يسير ويدور حول "محور العدالة". والعدالة في هذا البيان وهذا البرنامج لا تعني توزيع الفقر على الجميع، بل هي بمعنى إنتاج الثروة وزيادة الثروة الوطنيّة.

سادسًا؛ عندما قلنا: إنّ الاقتصاد المقاوم هو الحلّ الأمثل لمشكلات البلد الاقتصاديّة، فهذا أمرٌ لا شكّ فيه، ولكنّه لا يعني أنّ هذا الاقتصاد متوجّه إلى مشكلات البلد الحالية فقط. حيث إنّ بعض هذه المشكلات يرتبط بالحظر والعقوبات المفروضة، وبعضها يرتبط مثلًا بكون البرنامج الفلانيّ كان خطأً. كلّا! إنّ الاقتصاد المقاوم دائم ومستمرّ. الاقتصاد المقاوم هو بمعنى التقوية والتثبيت والتمتين لأسس الاقتصاد؛ ومثل هذا الاقتصاد- سواء كان في أوضاع الحظر والعقوبات أم في الظروف الأخرى- وهو الذي يثنر فينتج ويفيد الناس؛ هذا هو السؤال الأول.

السؤال الثاني: هل إنّ البرنامج الاقتصاديّ الذي تطلقون عليه اسم الاقتصاد المقاوم هو أمرٌ خياليّ ورؤية تحلمون بها؟ أو إنّه قابل للتحقّق عمليًّا؟

والجواب هو كلّا! فمن الممكن حصوله وتحقّقه بشكلٍ كامل وعمليّ وحتميّ؛ لماذا؟ بسبب الإمكانات والموارد؛ فبلدنا يتمتّع بموارد استثنائيّة.

الموارد الاستثنائيّة

وسأشير هنا إلى بعض هذه الموارد، وهي من الأمور التي لا تتطلّب إحصاءات عجيبة وغريبة، بل هي أمام أنظار الجميع والكلّ يرونها بأُمّ العين.

1- طاقات مواردنا البشريّة
إحدى هذه الموارد المهمّة، مواردنا البشرية؛ فقدراتنا البشريّة هي إحدى أكبر طاقات بلدنا؛ وهذه فرصة كبيرة. لقد قلنا سابقًا: إنّ عدد الشباب في البلاد-ذوي الأعمار بين خمسة عشر وثلاثين عامًا-يشكّل الفئة والغالبيّة العظمى من عدد سكّان شعبنا؛ وهذا بحدّ ذاته مورد مهمّ. لدينا عشرة ملايين خرّيج جامعيّ؛ عشرة ملايين من شبابنا الذين درسوا طوال سنين وتخرّجوا من الجامعات. وحاليًّا لدينا أكثر من أربعة ملايين طالب جامعيّ سيتخرّجون خلال بضع سنوات؛ فليعلم شبابنا الأعزّاء، أنّ هؤلاء الملايين الأربعة من الطلاب الجامعيّين يعادلون 25 ضعفا قياسا مع عدد الطلاب الجامعيّين عند سقوط النظام الطاغوتيّ؛ لقد ازداد عدد سكان البلاد ضعفَين ولكن عدد الطلاب الجامعيّين تضاعف 25 مرّة عمّا كان حينها؛ اليوم لدينا هذا العدد من الطلّاب والخرّيجين، وإضافة إلى هؤلاء يوجد الملايين من أصحاب التجارب والمهارات. لاحظوا، أولئك الذين هبّوا في زمان الحرب لنصرة قوّاتنا المسلّحة. في زمان الحرب، كانت إحدى مشكلاتنا تعطّل الأجهزة والوسائل، وقصف المراكز المختلفة الذي كان يؤدّي إلى فقدان الوسائل اللّازمة لقوّاتنا؛ كوسائل النقل والحمل والمواصلات وما شابه. انطلق بعض الصناعيين وأصحاب التجارب والمهارات من طهران والمحافظات، وأنا كنتُ شاهدًا على هذه المسائل في بدايات الحرب وكنتُ أراهم؛ ومؤخّرًا- بحمد الله- توفّقنا وعُدنا لنلتقي بمجموعة منهم؛ لقد كانوا شبابًا في تلك الأيّام، والآن بعد أن قطعوا كلّ تلك السنوات الطوال، لا يزالون بنفس تلك الروحيّة المفعَمة بالحماس والاندفاع. نزلوا حينها إلى ميادين الحرب وإلى الخطوط الأماميّة للجبهة، واستُشهد بعضهم؛ قاموا بأعمال الصيانة والترميم والتصنيع والابتكار: هذه الجسور العجيبة والغريبة والتي استفادت منها قوّاتنا المسلّحة بشكلٍ كبير، الإمكانات المتنوّعة، السيّارات، شقّ الطرقات وما شابه- كلّها تحقّقت على أيدي هذه الطاقات الخبيرة والماهرة؛ واليوم هم موجودون وأمثالهم الكثير إلى ما شاء الله؛ ممّن لم يتخرّج من الجامعات، ولكن لديه التجربة والمهارة التين تنفعان وتفيدان أحيانًا أكثر من الجامعيّين المتخصّصين بكثير؛ وهذه أيضًا من الموارد والطاقات التي لدينا؛ في المجال الزراعيّ وكذلك في المجال الصناعيّ.

2- مصادر الطاقة
من موارد البلد المهمّة المصادر الطبيعيّة. قلتُ السنة الماضية، وفي هذا المكان: إنّ مجموع النفط والغاز لدينا هو الأوّل في العالم؛ أي إنّه لا يوجد بلد في العالم يمتلك ما لدى إيران من نفطٍ وغاز معًا. مجموع النفط والغاز عندنا أكثر من جميع بلدان الشرق والغرب. وهذه السنة وفيما أنا أتحدّث معكم الآن، هناك اكتشافات جديدة في مجال الغاز، تشير إلى ارتفاع احتياط الغاز عمّا كان عليه السنة الماضية؛ هذا هو وضع النفط والغاز لدينا. يوجد في بلدنا أكبر احتياطيّ من مصادر الطاقة التي يحتاجها العالم في الإنارة، والتدفئة، والصناعة، والازدهار بواسطة الطاقة والنفط والغاز. بالإضافة إلى ذلك، هناك مناجم الذهب والمعادن النادرة المنتشرة في كلّ أنحاء البلاد: الأحجار، والحديد، والمعادن، الأحجار الكريمة، أنواع المناجم والمعادن الأساسية التي تُعتبر أمّهات الصناعة، كلّها موجودة في بلدنا؛ هذه –أيضًا- طاقة كبرى.

3- الموقع الجغرافيّ
هناك موردٌ آخر، يتمثّل في موقعنا الجغرافيّ؛ حيث إنّنا جيرانٌ لخمسة عشر بلدًا نتشارك معًا في المواصلات. إنّ شبكة المواصلات والترانزيت من الفرص الكبرى للبلدان؛ وهذا متوفّر في بلدنا الذي يتّصل من الجنوب بالمياه الحرّة، ومن الشمال بالمياه المغلَقة. يعيش في هذه البلدان المجاورة لنا، ما يُقارب 370 مليون نسمة، يشكّلون في تواصلهم وارتباطهم فرصة كبيرة جدًّا لاقتصاد بلادنا. هذا بالإضافة إلى أسواقنا الداخليّة؛ حيث إنّ سوقًا يعدّ 75 مليون نسمة هو سوق مهمّ لأيّ اقتصاد في العالم.

4- البنى التحتيّة
من الموارد الموجودة - أيضًا- في بلدنا، البنى التحتيّة الصلبة والناعمة [البرمجيّات]؛ فالأقسام الناعمة مثل سياسات الأصل 44 [الخصخصة] ووثيقة الرؤية المستقبليّة2، وكذلك البرامج والأعمال التي أُنجزت في السنوات الماضية؛ وهناك بنى تحتيّة متنوّعة كالطرقات الدوليّة، والسدود، والجسور والمصانع وما شابه؛ وكلّها تشكّل أرضيّات جيّدة جدًّا لتقدّم اقتصاد البلاد، هذه موارد وطاقات لأيّ بلد.

فليذهب العدوّ إلى الجحيم!

حسنٌ، يمكن للبعض أن يقول: لو لم يكن هناك حظر وعقوبات، لكنتم استفدتم من هذه الموارد والطاقات بشكلٍ أكبر؛ ولكن مع وجود هذه العقوبات لا يمكنكم الانتفاع بها؛ هذا خطأ؛ هذا الكلام ليس صحيحًا. لقد استطعنا في الكثير من المسائل الأخرى أن نصل إلى مستويات عالية، ونتائج باهرة على الرغم من وجود العقوبات والحظر؛ وإنّ "إنتاج العلم" هو أحد الأمثلة؛ والتطوّر الصناعي والتقني مثال آخر؛ لقد فُرضت علينا عقوبات في هذه المجالات ولا تزال حتى الآن.

في مجال العلوم الحديثة والمتطوّرة ، إنّ أبواب المراكز العلميّة الأساسيّة في العالم مغلقة أمام العلماء والطلاب الإيرانيّين؛ ولكن في الوقت نفسه، تقدّمنا في علوم النانو3، وكذلك في مجال الطاقة النوويّة وفي الخلايا الجذعيّة، وأيضًا في الصناعات الدفاعيّة والصواريخ والطائرات بدون طيّار، لقد تطوّرنا وتقدّمنا رغم أنف العدوّ؛ فلماذا لا يمكننا التقدّم في الاقتصاد؟! نحن الذين حصدنا كلّ هذه النجاحات في الساحات والميادين المختلفة، قادرون -إن عقدنا العزم ومضينا يدًا بيد- أن نحقّق الازدهار في الاقتصاد أيضًا. فلا ننتظر العدوّ متى يرفع الحظر؟ وننظر متى يوافق على النقطة الفلانيّة؟ فليذهب إلى الجحيم! ولننظر إلى أنفسنا ونرى ماذا يمكننا أن نفعل*.

مقتضيات تحقيق الاقتصاد المقاوم

أطرح السؤال الثالث وأجيب عليه. وقد كان السؤال: لكي يتحقّق هذا العمل الكبير "الاقتصاد المقاوم" ما هي المقتضيات والمسائل المطلوبة؟ وما هي الأعمال الواجب إنجازها؟

أختصر الكلام لأقول:

أوّلًا؛ يجب على المسؤولين دعم الإنتاج الوطنيّ. فهو الأساس والحلقة الأصليّة لتقدّم الاقتصاد. يجب على المسؤولين دعم هذا الارتباط الوطنيّ. كيف ذلك؟ أن يقدّموا الدعم القانونيّ في الأماكن التي نحتاج إلى سنّ قوانين وتشريعات؟ وفي الموارد التي يلزمها دعم قضائي، يجب أن يقدّموا اللازم؛ هناك أماكن يحتاج الإنتاج الوطنيّ إلى دعم تنفيذيّ، يجب أن يشجّعوا وينجزوا أعمالًا مطلوبة. يجب أن يزدهر الإنتاج الوطنيّ.

ثانيًا؛ على أصحاب رؤوس الأموال والقوى العاملة [المنتجة]، أن تولّي أهمّيّة للإنتاج الوطنيّ أيضًا؛ بأيّ معنًى؟ بمعنى زيادة الإنتاجيّة* والاستفادة من الإمكانات الموجودة بالحدّ الأقصى والأمثل؛ حين يعمل العامل؛ ينفّذ عمله بكلّ دقّة؛ "رحم الله امرأً عمل عملًا فأتقنه"4 هذا هو معنى المنفعة والاستفادة، والذي نُقل عن الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فالرحمة الإلهيّة تشمل من ينجز عمله بدقّة، واحتراف، وإتقان. كذلك الذي يستثمر أمواله، فليسع إلى الاستفادة بحدّها الأقصى من تشغيل رأس ماله؛ فيخفّف مصاريف الإنتاج؛ لأنّ ضعف التدبير وسوء التدبير وعدم التخطيط والبرمجة يؤدون إلى ارتفاع مصاريف الإنتاج، فيقلّ الربح ويقلّ العمل.

ثالثًا؛ أن يفضّل أصحاب رؤوس الأموال في البلد، الأعمال الإنتاجيّة على غيرها من الأنشطة. لقد رأينا كيف أنّ أشخاصًا لديهم رؤوس أموال – صغيرة أو كبيرة - وكان بمقدورهم أن يوظّفوها في مجالات ما ويكسبوا بذلك أرباحًا طائلة، لكنّهم لم يفعلوا ذلك؛ واتّجهوا نحو الإنتاج؛ قالوا: نريد أن نقوّي إنتاج البلد؛ إنّ عملهم هذا حسنة، إنّه صدقة، وهذا من أفضل الأعمال؛ الذين يمتلكون رؤوس أموال- صغيرة كانت أو كبيرة- فليوظّفوها في خدمة الإنتاج الوطنيّ للبلاد.

الأمر الآخر؛ أن يقوم الناس وعلى مختلف المستويات، بالترويج للإنتاج الوطنيّ. ماذا يعني هذا؟ إنّه الأمر الذي طرحته هنا بإصرار، وتأكيد شديد منذ سنتين أو ثلاثة. ولحسن الحظّ، فإنّ العديد من الناس استجابوا وقاموا به، ولكن ينبغي على الجميع أن يعملوا به، وهو عبارة عن "استهلاك الإنتاج الداخلي".

يا أعزّائي! عندما تشترون بضائع وطنيّة بدل البضائع الأجنبيّة، فإنّكم تخلقون فرص عمل بمقدار ما تشترون، وتدفعون العامل الإيرانيّ –أيضًا- إلى أن يُنزل ابتكاراته إلى الساحة. حين يتمّ شراء البضاعة الداخليّة، فإنّ منتجها لديه ابتكارات يومًا بعد يوم؛ حين تستهلكون بضائع محلّية الصنع، فإنّكم تزيدون بذلك الثروة الوطنيّة. في الماضي، في زمان الطاغوت [الشاه] راج استهلاك البضائع الأجنبيّة كعرفٍ وتقليد! حين كان الناس يذهبون للتسوّق، كانوا يسألون أوّلًا "هل هذه البضاعة محليّة أم أجنبيّة؟" فإن كانت أجنبيّة رغبوا بها واشتروها! ينبغي أن نرجع ويصبح الأمر معكوسًا. لا نقول إنّ شراء البضائع الأجنبيّة حرام؛ ولكن شراء البضائع الوطنيّة أمر ضروريّ لجعل الاقتصاد مقاومًا، وهذه عملية تترك آثارها على كلّ شيء في هذا البلد. يجب الاهتمام بهذا الأمر؛ وهذا دور كلّ الناس. وبالتأكيد، فإنّ مسؤوليّة المسؤولين ومديري البلد هنا- كالكثير من المسائل الأخرى- هي أكبر من الآخرين؛ إن الكثير من المبالغات والإسراف والهدر في تصرّفات وسلوك الناس، يعود إلى مشاهدتهم لسلوك الذين يعتبرونهم "الأكابر"؛ إن زال الإسراف في المستويات العليا، فإنّه سيقلّ بين عموم الناس. بناءً على هذا، إنّ تفضيل الإنتاج الوطنيّ هو من الأعمال المطلوبة.

إن تقوية وتمتين أسس الاقتصاد هو من واجباتنا العامّة حاليًا، والجميع يمكنه أن يؤدي دورًا فيه: المسؤولون ورؤساء القوى الثلاثة وكذلك عموم الناس، وأصحاب المهارات وأصحاب رؤوس الأموال وكذا أصحاب الفكر، وبالتأكيد فإنّ ما ذكرناه هو خلاصة ما ينبغي قوله؛ ويقع على عاتق أهل الفكر والنظر أن يشرحوا التفاصيل والجزئيّات.

الثقافة أهمّ من الاقتصاد!

القسم الثاني من كلمتي، حول الثقافة. بعبارة مختصرة أقول: يا أعزّائي! إنّ الثقافة أهمّ من الاقتصاد. لماذا؟ لأنّ الثقافة هي بمثابة الهواء الذي نتنفّسه؛ أنتم مضطرّون للتنفّس سواء شئتم أم أبيتم؛ إن كان هذا الهواء نظيفًا، فإنّ له آثارًا على أجسادكم؛ وإن كان ملوّثًا، فله آثار أخرى مختلفة. إن ثقافة أيّ بلد كالهواء؛ فإن كانت سليمة، لها آثار. كنّا نتحدّث عن الإنتاج الوطنيّ؛ إذا أردنا تحقيق استهلاك الإنتاج الداخليّ بكلّ معنى الكلمة، ينبغي أن تترسّخ ثقافة استهلاك البضاعة الوطنيّة في أذهان الناس؛ إن أردنا من الناس أن لا يسرفوا، ينبغي أن يتكرّس هذا الاعتقاد لدى الناس؛ وهذا يعني "الثقافة"؛ الثقافة هي اعتقادات الناس، وإيمانهمـ، وعاداتهم، وتلك الأشياء التي يمارسها الناس دومًا في حياتهم اليوميّة؛ وهي تلهم الناس في حركاتهم وأعمالهم؛ الثقافة هي هذا، وعليه فهي مهمّة جدًّا. على سبيل المثال، في الميدان الاجتماعيّ، إن رعاية القانون واحترامه من قبل الناس هي ثقافة؛ التعاون الاجتماعيّ ثقافة؛ بناء الأسرة والزواج ثقافة؛ عدد الأطفال ثقافة؛ فإذا كانت التوجّهات والرؤى سليمة لدى الناس في هذه الأمور، فإنّ الحياة في المجتمع ستأخذ شكلًا محدّدًا؛ وإذا كانت خاطئة- لا سمح الله- فإنّ الحياة سيكون لها شكلٌ آخر مختلفًا؛ وسنُبتلى- لا سمح الله- بما وقع في البلدان التي انهار فيها بنيان الأسرة، وراجت الشهوات ﴿وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا5. حيث وصلوا إلى ذلك المصير.

بناءً على هذا، فإنّ تركيز الأعداء أكثر ما يكون على الثقافة. لماذا؟ بسبب هذا التأثير الكبير للثقافة. إنّ هدف حركة الأعداء ومركز تصويبهم في المجال الثقافي هو إيمان الناس واعتقاداتهم. على المسؤولين الثقافيّين أن يرصدوا ويراقبوا النفوذ والاختراق الثقافيّ؛ الاختراقات الثقافيّة شديدة الخطورة؛ يجب أن يكونوا حسّاسين، يجب أن يكونوا واعين وأذكياء. لا نريد القول بأنّ كلّ الآفات الثقافيّة هي من صنع الأعداء؛ كلا! نحن مقصّرون أيضًا؛ المسؤولون على اختلاف مستوياتهم، المسؤولون الثقافيّون، المسؤولون غير الثقافيّين، قلّة العمل، الأعمال الخاطئة- كلّها ذات تأثير؛ نحن لا نلقي كلّ شيء على عاتق الأعداء؛ ولكن لا يمكننا التغافل عن حضور الأعداء في المسائل الثقافيّة. هكذا الوضع حاليًّا، وهكذا كان منذ الأيّام الأولى للثورة؛ ألقت الأجهزة الإعلاميّة بكلّ ثقلها، وعملت بكلّ ما تملك من قوّة؛ كي يتراجع الناس عن اعتقادهم بأسس هذه الثورة. هذا عملٌ ثقافيّ؟! لقد تمّ استهداف إيمان الناس والهجوم عليه، إنّهم يهاجمون الاعتقادات القلبيّة للناس، لا يمكن للإنسان أن يتجاهل هذا الأمر.

الحريّة لا تعني التسيّب واللامبالاة!

وهنا يمكن أن يطرح سؤال، فيُقال: حسن، أنتم تقولون: إنّ على مسؤولي البلاد أن يكونوا حسّاسين، كم هو مقدار هذه الحساسيّة؟ ألا يتعارض هذا مع الحريّة والتي هي من شعارات الثورة ومن أصول الجمهوريّة الإسلاميّة؟ والجواب: كلا، إنّ هذا لا يتنافى أبدًا مع الحريّة؛ إنّ الحريّة مختلفة عن التسيّب واللامبالاة؛ الحريّة مختلفة عن التفلّت من جميع الضوابط. الحريّة –التي هي نعمة إلهيّة كبرى- لها ضوابط، وبدون ذلك، فإنّ الحريّة لا معنى لها؛ إن وُجِدَ في البلاد أشخاص يجهدون لاقتلاع إيمان الشباب من جذوره؛ لا يصحّ التفرّج على هذا الأمر باعتباره حريّة. تمامًا كمثل الأشخاص الذين يريدون ترويج الهيرويّين وغيره من المواد السامّة للبدن والمهلكة للعائلات، وتوزيعها على هذا وذاك، لا يمكن تجاهل الأمر. فأن نرى أشخاصًا يستخدمون الفنّ والبيان والأدوات المتنوّعة، يستخدمون الأموال؛ ليقطعوا الطريق على الناس، ويهاجموا إيمانهم، ويخترقوا الثقافة الإسلاميّة والثوريّة للناس، فنجلس لنتفرّج ونقول إنّها الحريّة، لا يوجد مثل هكذا حريّة في أيّ مكان في العالم! لا مكان هكذا في العالم. حتّى إنّ تلك البلدان التي تدّعي الحرّيّة، لديها خطوطٌ حمراء، تتشدّد فيها بكلّ حزم. انظروا إلى البلدان الأوروبيّة، حيث لا يجرؤ أحدٌ على التحدّث عن الهولوكوست، والتي من غير المعلوم إن كان لها أصل حقيقيّ أم لا، وإن كانت قد حصلت في الواقع، فكيف حدثت، إنّ أيّ تصريح عن الهولوكوست أو أيّ تشكيكٍ وسؤالٍ حولها يُعدّ من أكبر الذنوب والمعاصي لديهم! يمنعونه فورًا ويوقفون صاحبه ويعتقلونه ويلاحقونه قانونيًّا؛ ومن ثمّ يدّعون الحريّة. إنّ ما يعتبرونه خطًّا أحمر يقفون مقابل من يتجاوزه بكلّ شراسة وشدّة. كيف يُتوقّع منّا أن نتجاهل ولا نبالي بالخطوط الحمراء الاعتقاديّة والثوريّة لبلدنا وشبابنا؟ إذا ما صُوِّب أحدهم سهامه مستهدفًا روح الاستقلال ويستهزئ [زاعمًا] بأنّ "هذا تخلّف!، ما هو هذا الاستقلال؟" ويسعى جاهدًا للتنظير للتبعيّة! لا يمكن السّكوت مقابل هكذا شخص والتساهل معه؛ يجب التصدّي له ومواجهته. يهين أحدهم إحدى الضروريّات الأخلاقيّة والدينيّة للمجتمع، يسخر من اللغة الفارسيّة يحقّر الخصال الأخلاقيّة الإيرانيّة! هؤلاء موجودون حاليًّا، من الذين كَلَّ سعيُهم أن يدمّروا روح العزّة الوطنيّة لدى الشاب الإيرانيّ؛ بحيث يكرّرون نسبة الأخلاق السلبيّة لانتماء الشباب ويلقّنونهم: "تعلّموا من الأوروبيّين، تعلّموا من الغربيّين، كيف أنّهم يتحمّلون بعضهم؛ أمّا نحن فلا نتحمّل بعضنا"! هل هذه هي حقيقة الأمر؟ تمرّ شابّة تلتزم نوعًا بالحجاب، في شوارع البلدان الأوروبيّة والعواصم الأوروبيّة- حاليًّا وليس قبل عشرين أو خمسين سنة- يهاجمها الشباب، ويضربونها فيجرحونها أو يقتلونها أمام أعين الناس، فلا يجرؤ أحد أن يسألهم لماذا؟! يُشعلون النار بشخصٍ أمام أعين الناس؛ لأنّه ليس من أهل ذلك البلد! هل هذا هو تحمّل المخالف؟ هذا ما حدث مؤخّرًا؛ قبل أشهر، قامت مجموعة من هؤلاء الشباب "الشبّيحة" في إحدى المدن الأوروبيّة، بضرب أحد الإيرانيّين، ثمّ أراقوا البنزين عليه وأضرموا النّار فيه، ثمّ يقف الجيران؛ ليتفرّجوا على المشهد دون أيّ ردّة فعل! هل هذا هو تحمّل الآخر؟

أولئك الذين يحقّرون الشعب الإيرانيّ والهويّة الإيرانيّة والأعراف الإيرانيّة؛ أولئك الذين يزلزلون الركائز الإسلاميّة في الأذهان؛ أولئك الذين يسيئون إلى شعارات الثورة الأساسيّة؛ أولئك الذين يطرحون "الأسرة" كمؤسّسة لا قيمة لها ويروّجون أنّ الزواج بلا معنى- هؤلاء موجودون في مجتمعنا ويقومون بهذه الأعمال. أولئك الذين يعتبرون أنّ "اللّذّة" هي هدف مطلوب وقيّمة. اللّذّة و"أصالة اللّذّة" هي تلك الهويّة المستوردة من الثقافة الغربيّة؛ حيث إنّ كلّ ما يؤدّي إلى اللذّة هو أمرٌ جيّد؛ واحدٌ يلتذّ بالإدمان وآخر بالشهوات الجنسيّة، وثالث يحقّق لذّته بضرب الآخرين؛ كلّ ما يؤدّي إلى اللّذة يعتبرونه أمرًا مباحًا! لا يمكن التساهل واللامبالاة تجاه الأشخاص الذين يروّجون لهذه الأفكار. هناك من يروّج للإباحيّة. يجب أن تشعر الأجهزة بواجباتها ومسؤوليّاتها في [مواجهة] التخريب الثقافيّ. ما يقوم به مخرّبو الثقافة، هو ترويج الشكّ والتردّد بين الناس بدلَ العزم الوطنيّ الراسخ؛ إن لم يكن لدى الشعب عزمٌ راسخٌ، لا يمكنه الوصول إلى أيّ مكان؛ إنّهم يسعون لتضعيف العزم الراسخ للشعب في المسائل المهمّة المتعلّقة بمصير البلاد، وخلق الاضطراب والتشويش بين الناس؛ يضخّمون الشعور بالحقارة والدونيّة بدل الشعور بالعزّة الوطنية، والثقة بالنفس؛ والشبهات وضعف العقيدة بدل الإيمان الراسخ، وينشرون الشهوات وطلب اللّذات وما شابه بدل روح العمل والجهد والهمّة العالية- هذه أعمال يقومون بها حاليًا. يجب على الأجهزة الثقافيّة الرسمية للبلاد أن تقوم بواجباتها تجاه هؤلاء، ولا شكّ أنّ بعض الواجبات إيجابيّة وبعضها واجبات دفاعيّة؛ ويجب القيام بالاثنين؛ سواء الواجبات الإيجابية أم الواجبات الدفاعية؛ على أجهزتنا الإعلاميّة- سواء التابعة مباشرةً للحكومة أو غير المرتبطة بشكلٍ مباشر بها- أن لا تخاف ولا ترتعب من تهويل وضجيج الإعلام الأجنبيّ؛ كوسائل الإعلام التي يحلو لها تكرار كلام الأجانب، ولا ينبغي أن ينظّموا تصرّفاتهم وبرامجهم، على أساس ما تقوم به وسائل الإعلام تلك؛ هذا ما يتعلّق بالأجهزة الثقافيّة الرسميّة.

"فليستمرّوا بأعمالهم هذه وليتابعوها بمنتهى الجديّة"

ولكن هناك نقطة أهمّ، أخاطب فيها الشباب الذين بدؤوا بالقيام بأنشطة وأعمال ثقافيّة، بشكلٍ عفويّ ودافع ذاتيّ، وبحمد الله، فإنّ نشاطهم صار واسعًا وكبيرًا. أريد أن أقول: هناك شباب في طهران والمدن المتعدّدة والمحافظات المختلفة، وهنا في مشهد، وفي الكثير من المدن الأخرى يقومون بأعمال ثقافيّة؛ بإرادتهم ورغبتهم الشخصيّة ودافعهم ذاتي. لقد أنجزوا أعمالًا جيّدة جدًّا، اطّلعت على نماذج منها بحمد الله. أقول لهم: فليستمرّوا بأعمالهم هذه وليتابعوها بمنتهى الجديّة. فليعلموا بأنّ هذا الانتشار والحضور للعمل الثقافيّ بين الشباب المؤمن والثوريّ، له دورٌ كبير جدًّا في تقدّم هذا البلد، وفي الصمود ومواجهة أعداء هذا الشعب. إضافة إلى هذا، إنّ على المرجعيّات الثقافيّة- من هي المرجعيّات الثقافيّة؟ أعني بها علماء الدين وأساتذة الجامعات والمثقّفين المستنيرين والفنّانين الملتزمين- عليهم جميعًا أن يستمرّوا بإلقاء نظراتهم النقديّة، حول الأوضاع الثقافيّة في البلاد؛ ويقدّموا الآراء والنصائح والتنبيه. وبالتأكيد فإنّي أعتقد بأنّه ينبغي عرض الآراء الصحيحة، بمنطقٍ متينٍ وببيانٍ واضحٍ. ولا أوافق هنا على إطلاق التهم والشجار؛ لا أقبل بالتكفير واتّهام فلان وفلان. برأيي، إنّ الجماعة الثوريّة في البلاد، والتي تضمّ، ولله الحمد، عددًا لا يُحصى، من شبابنا ومفكّرينا ومثقّفينا وأساتذتنا وكبارنا وخرّيجينا، يمكنهم أن ينزلوا إلى الميدان بمنطقٍ متين، وأن ينتقدوا الأوضاع ويعلنوا نقاط الضعف والنقاط السلبيّة في وجه المسؤولين. يحدث أحيانًا، أن لا ينتبه المسؤول إلى ما يحصل على الأرض وداخل المجتمع، ولكن ذلك الشاب حاضر بين الناس، لذلك فهو يفهم ماذا يجري؛ وهذا ما أشرتُ إليه وقصدته من "العزم الوطنيّ والإدارة الجهاديّة" في مجال الثقافة.

المستقبل لكم ومن صنع أيديكم!

في ختام كلمتي، أتوجّه إليكم يا أبناء الشعب الإيرانيّ لأقول: اعلموا أنّ أوضاع وحقائق المجتمع العالميّ، لا تسير وفق إرادة أمريكا ونواياها. ما أراده وسعى له الاستكبار العالميّ، والأعداء المعاندين للشعب الإيراني على الصعيد العالمي- لم يتحقّق ولن يتحقّق إن شاء الله. لقد فشلت أمريكا في فلسطين، لم تنجح الخطّة التي كانت قد رسمتها وسعت إليها كثيرًا، ولن تتحقّق إن شاء الله. لقد أرادوا تبديل فلسطين إلى وطنٍ يهوديّ، أي: أن لا يكون أيّ مجال للفلسطينيّ للعيش في فلسطين، سواءَ كان مسلمًا أو مسيحيًّا؛ ما يعني إزالة فلسطين وإنهاء القضيّة من أساسها. لقد خطّطوا لهذا العمل وبذلوا الكثير من الجهود في السنوات الأخيرة، لكنّهم لم يتمكّنوا من تنفيذه. لم تصل أمريكا إلى ما تريده في فلسطين، وكذلك فإنّها فشلت في سوريا، والعراق، وأفغانستان، وباكستان، ولم تصل إلى أهدافها؛ وكما تشاهدون مؤخّرًا في أوروبا، كذلك المخطّطات الأمريكيّة باءت بالفشل. يجب أن نعرف جيّدًا في بلدنا العزيز أيضًا، كيف أنّهم وبعد ثلاثين سنة من العمل ضدّ هذه الثورة وضدّ شعبنا الثوريّ، لم يتمكّنوا من تحقيق ما أرادوا؛ والدليل هو حضور الناس هذا. لقد قال المسؤولون النافذون في الحكومة والنظام الأميركيّ هذا الأمر، بشكلٍ صريح؛ قالوا: نحن فرضنا الحظر والعقوبات على إيران، وشدّدنا هذه العقوبات؛ لنجرّ الناس إلى الشوارع ضدّ النظام؛ قالوها بمنتهى الصراحة "إنّ العقوبات تهدف إلى اقتلاع الثورة من جذورها، وإلى تحريض الناس؛ ليقفوا في وجه النظام الإسلاميّ". لكن ماذا كانت النتيجة؟ كانت النتيجة ما ذكرناه، وكيف جرت الانتخابات في 1392 هـ.ش [2013م] بمشاركةٍ كثيفة، وحضور كبير للجماهير، وكذلك المسيرات والتظاهرات في الثاني والعشرين من بهمن 1392 هـ.ش [11 شباط 2014م] والتي فاقت "أعداد المشاركين فيها" كلَّ السنوات الماضية عددًا وحماسًا وانتشارًا واسعًا؛ وهذا هو الأمر نفسه الذي طالما كرّرته وقلته: ليَعلموا -شبابنا الأعزّاء- أن المستقبل لكم ومن صنع أيديكم. الأعداء محكومون بالهزيمة بتوفيق الله.

الأمل والرجاء من الله – تعالى- أن يهديكم جميعًا بتوفيقاته إلى دروب السعادة، وأن يرضي القلب المقدّس لولي عصرنا عنّا ويُفرحه منّا.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


1- أي المظاهرات المليونيّة الواسعة بمناسبة ذكرى انتصار الثورة الإسلاميّة
2- [أفق الميثاق العشرينيّ 1404ه.ش]
3- علم النانو: هو دراسة خواصّ الجزيئّات والمركبَّات التي لا يتجاوز مقياسها الـ100 نانومتر [النانومتر= جزء من المليون من المليمتر]
* هتافات مدوّية: الموت لأمريكا!
* أو بمعنى زيادة الرحية في الانتاج..
4- وسائل الشيعة/ ج2/ ص883/ ب60/ ح2
5- سورة مريم؛ جزء من الآية59

2014-03-27