أهداف الجهاد
آيات الجهاد
قال الله تعالى: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ
عدد الزوار: 338
قال الله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ
لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾1 .
توضيح المعاني:
﴿فِتْنَةٌ﴾: هنا بمعنى الشرك بالله.
﴿الدِّينُ﴾: الإذعان والطاعة والعبادة .
الإشارات والمضامين:
1- من أهداف الجهاد القضاء على الشرك وعبادة الأصنام:
الآية المتقدمة نظيرة لقوله تعالى: ﴿إِنَّهُمْ... وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ
فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا
يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَوْلاَكُمْ
نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ﴾2، في الآية دلالة على وجوب الدعوة
قبل القتال، فإن قبلت، فلا قتال، وإن ردّت فلا ولاية إلا الله، والقتال إنما هو
ليكون الدين لله. والمراد (بالفتنة): الشرك، وعبادة الأصنام، وهو ما كان مشركو مكة
يفعلونه، ويكرهون غيرهم على فعله. والآية خاصة بالمشركين وغير
شاملة لأهل الكتاب، إذ المراد (ويكون دين الله) هو أن لا يعبد الأصنام ويقر
بالتوحيد، وأهل الكتاب مقرون به وإن كان كفرهم من جهة أخرى وهي ﴿وَلاَ يُحَرِّمُونَ
مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ﴾، وروي عن الإمام
الصادق عليه السلام أن المراد من الفتنة في هذه الآية، الشرك3.
2- من أهداف الجهاد حاكمية دين الإسلام:
من الأهداف الأخرى للجهاد مع الكافرين والمشركين، ظهور الإسلام على بقية الأديان4.
3- "قبول الإسلام" أحد طرق "إنهاء القتال":
كلمة "انتهوا" متعلِّقة بالفتنة والشرك. وعليه فمعنى الآية:
إذا انتهى الكفّار عن
الكفر والشرك، وآمنوا مثلكم، فلا تقاتلوهم. وعبارة ﴿فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى
الظَّالِمِينَ﴾، تعني أنه إذا امتنعوا عن الكفر الذي هو أعظم ظلم للنفس فضلاً
عن الغير، وأذعنوا للإسلام، فلا يعودوا ظالمين، ولأنّ القتال واجب مع الظالمين، فلا
تقاتلوهم إن أذعنوا. والمراد من العدوان الشروع في القتال5.
4- القتال في الإسلام هو مقابل الظالمين فقط:
إذا كان المراد من العدوان القتال، فيستفاد من الحصر في الآية أن القتال في الإسلام
هو فقط ضد الظالمين ولدفع الظلم، وعلى المسلمين الاصطفاف مقابل الظالمين.
قال الله تعالى: ﴿وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ
وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ
يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا
وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرً﴾6 .
الإشارات والمضامين:
1- وجوب الجهاد لتخليص المستضعفين من أيدي الظالمين:
كلمة ﴿وَالْمُسْتَضْعَفِينَ﴾ معطوفة على لفظة الجلالة "الله"7، والمراد من القتال
في سبيل المستضعفين، - بقرينة بقية الآية-، القتال لتخليصهم من براثن الظالمين.
وجملة ﴿وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ...﴾، الآية تحثّ وتستنهض المؤمنين
للجهاد في سبيل الله8، ومعناها: إنّ موجبات الحرب قد توفّرت بسبب معاناة المستضعفين
على أيدي الظالمين الذين هاجوا على المؤمنين من كل جانب وخصوصاً زمن إقامة رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم بالمدينة لإطفاء نور
الله، وما ارتفع من بنيان الدين، وبالتالي لا عذر لكم في ترك الجهاد9.
2- القتال لتخليص المستضعفين من مصاديق الجهاد في سبيل الله:
من الممكن أن تكون كلمة ﴿وَالْمُسْتَضْعَفِينَ﴾ معطوفة على كلمة "سبيل"10، وهو في
هذه الحالة عطف للخاصّ على العام، لأنّ ما يُقام به بأمر الله لا يمكن أن يكون
خارجاً عن "سبيل الله"11.
3- حثّ المؤمنين على الجهاد عن طريق تحريك مشاعرهم الدينية وغيرتهم:
في لفظ الاستفهام الوارد في الآية ﴿وَمَا لَكُمْ﴾، حثّ وتحريض للمؤمنين كافّة على
الجهاد، سواء من كان إيمانه خالصاً، أو من لم يكن كذلك، أما المؤمنون الخلّص،
فيقومون بتلبية نداء ربّهم عن طريق الاستجابة لنداء الحقّ، وأما من
لم يكن إيمانه خالصاً، فإذا لم تحثّه دعوة ربّه على القيام، فإنه يُحرّض على الجهاد
بواسطة الغيرة، والتعصّب، لتخليص الرجال والنساء والأطفال المستضعفين من قيد
الظالمين12.
4- القيادة والعديد الكافي من الشرائط الأساسية للجهاد:
طلب المسلمون الواقعون تحت ظلم المشركين أمرين من الله لأجل نجاتهم:
الأوّل: الولي والقائد اللائق والغيور.
والثاني: الناصر والعدد الكافي من الأفراد13.
5- إستجابة الدعاء الخالص للمسلمين:
استغاث المستضعفون المبتلون بالمشركين بالله تعالى، وطلبوا الناصر والولي منه ولم
يستغيثوا بالأقارب14. وكنتيجة لهذا الدعاء الخالص، استجيب لهم وفُتحت مكة بواسطة
المسلمين15.
* كتاب
آيات الجهاد، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.
1- سورة البقرة، الآية 193.
2- سورة الأنفال، الآيتان 39 – 40.
3- تفسير مجمع البيان، ج 2، ص 513.
4- تفسير مجمع البيان، ج 2، ص 513 و تفسير راهنما، ج 1، ص 480.
5- تفسير مجمع البيان، ج 1-2، ص 513.
6- سورة النساء، الآية 75.
7- تفسير الميزان، ج3، ص 470.
8- تفسير الميزان، ج 4، ص 415.
9- تفسير مجمع البيان، ج 3، ص 116.
10- م. ن، ج 2، ص 116.
11- تفسير راهنما، ج 3، ص 470.
12- تفسير الميزان، ج 4، ص 419.
13- تفسير نمونه، ج 4، ص 11 (تفسير الأمثل).
14- تفسير الميزان، ج 4، ص 419-420.
15- تفسير مجمع البيان، ج 3، ص 117.