يتم التحميل...

لا تعصِ الله(ترك العبادات)

العلاقة مع الله

ترك الصلاة:الصلاة من أهم الواجبات:إنَّ الصلاة التي هي مثال للتواصل بين المخلوق وخالقه، من أهم الواجبات الإسلامية، التي حثّ عليها القرآن الكريم في كثير من آياته، ولطالما كرَّر عبارة (أَقِيمُوا الصَّلَاةَ)، ودعى إلى المحافظة عليها

عدد الزوار: 142

ترك الصلاة
الصلاة من أهم الواجبات

إنَّ الصلاة التي هي مثال للتواصل بين المخلوق وخالقه، من أهم الواجبات الإسلامية، التي حثّ عليها القرآن الكريم في كثير من آياته، ولطالما كرَّر عبارة (أَقِيمُوا الصَّلَاةَ)، ودعى إلى المحافظة عليها: ﴿حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ(البقرة:238).

وأكد على فرضها بالتوقيت: ﴿فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا(النساء:103).

وكان أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام يدعو ربّه: ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء(إبراهيم:40).

وكان الأنبياء يأمرون أهلهم بالصلاة: ﴿وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا(مريم:55).

إلى كثير من الآيات الكريمة التي لو أردنا استقراءها لضاق المجال.

وبدورهم أئمة أهل البيت عليهم السلام أكدوا على أهميّة الصلاة في كثير من الروايات، فهي قربان كل تقي، وخير موضوع، وأفضل الأعمال بعد المعرفة، وعمود الدِّين، وأوّل ما يُسأل عنه يوم القيامة، وقرّة عين الرسول، إلى آخر الأوصاف التي تشير إلى أهمية الصلاة.

فعن الإمام علي عليه السلام: "الصلاة قربان كل تقي"1.

وعن أبي ذر قال: "... قلت: يا رسول الله أمرتني بالصلاة، فما الصلاة؟ قال: خير موضوع..."2.

وعن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: قلت له: "أيُّ الأعمال هو أفضل بعد المعرفة؟ قال: ما من شي‏ء بعد المعرفة يعدل هذه الصلاة"3.

وعن الإمام علي عليه السلام: "الله الله! في الصلاة فإنها عمود دينكم"4.

وعنه عليه السلام: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنَّ عمود الدين الصلاة وهي أول ما ينظر فيه من عمل ابن آدم فإن صحت نظر في عمله وإن لم تصح لم ينظر في بقيَّة عمله"5.

وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "جعل الله جلّ ثناؤه قرّة عيني في الصلاة وحبّب إليّ الصلاة كما حبّب إلى الجائع الطعام، وإلى الظمآن الماء، وإنَّ الجائع إذا أكل شبع، وإنَّ الظمآن إذا شرب روى، وأنا لا أشبع من الصلاة"6.

إلى كثير من الروايات...

عذاب تارك الصلاة

ورد العديد من الروايات التي تشير إلى أن ترك الصلاة عمداً من الكبائر، ولقد جاء الوعيد بالعذاب في القرآن الكريم لتارك الصلاة؛ يقول تعالى: ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ(المدثر:42-46).

ويقول سبحانه: ﴿فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى * وَلَكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى * ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى * أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى * ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى * أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى(القيامة:31-36).

في هذه الآيات عدّة صفات من صفات منكري المعاد والكفار:

1- عدم التصديق بالأنبياء، وعدم الاعتراف بوحدانية الله.
2- عدم أداء الصلاة.
3- ينسبون الكذب للأنبياء.
4- يعرضون عن كلام الحق.

ويقول تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ(الماعون:4-7).

الويل هو شدّة العذاب، واسم لدركة من دركات جهنم، أو اسم لوادٍ فيها، أو هو كلمة العذاب.

ويقول تعالى: ﴿فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا(مريم:59).

والغيّ هو واد في جهنم عذابه أشد من عذاب باقي طبقات النار.

أقسام ترك الصلاة

1- ترك الصلاة من باب الإنكار لوجوبها، فهذا إذا لزم منه انكار الشريعة فهو كفر.

عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "من ترك الصلاة متعمداً فقد كفر"7.

2- ترك الصلاة لا من جهة الانكار بل الاهمال وقلّة الاعتناء بالآخرة والاشتغال بالشهوات والأمور الدنيوية، وهذا القسم من ترك الصلاة يوجب الفسق، وارتكاب الذنب الكبير.

عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ما بين المسلم وبين أن يكفر إلا أن يترك الصلاة الفريضة متعمداً أو يتهاون بها فلا يصليها"8.

3- ترك الصلاة أحياناً وليس دائماً، نتيجة لضعف إيمانه وقلّة مبالاته بأمور الآخرة، أو نتيجة عدم اهتمامه بأوقات الصلاة، فهذا الشخص من المستخفين بالصلاة المضيعين لها.

عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من صلّى الصلاة لغير وقتها رفعت له سوداء مظلمة تقول ضيّعتني ضيّعك الله كما ضيّعتني"9.

وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: "لا يزال الشيطان هائباً لابن آدم ذَعِراً منه ما صلّى الصلوات الخمس لوقتهن فإذا ضيّعهن اجترأ عليه فأدخله في العظائم"10.

4- ترك بعض واجبات الصلاة: مثل هذا الشخص هو من مضيّعي الصلاة والمستخفين بها.

عن الإمام الباقر عليه السلام: "بينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جالس في المسجد إذ دخل رجل فقام يصلي فلم يتم ركوعه ولا سجوده، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: نقر كنقر الغراب، لئن مات هذا وهكذا صلاته ليموتن على غير ديني"11.

5- ترك حضور القلب: من يؤدي الصلاة صحيحة يسقط عنه التكليف ولا يُعدّ تاركاً للصلاة، إلّا أنَّ قبولها عند الله تعالى، والوصول إلى آثارها وثوابها العظيم له شروط أخرى أهمها حضور القلب والخشوع بحيث لو استطاع المصلي أن يراعي شروط القبول لوصل إلى درجات ومقامات عالية.

عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا يقبل الله صلاة امرئ لا يحضر قلبه فيها مع بدنه"12.

ماذا يعني حضور القلب

معنى اقبال القلب أن يتوجه ويلتفت لما يقول ويعمل، ويتذكر عظمة الله وأنه ليس كسائر المخاطبين، ويتحقق في قلبه هيبة وخوف من عظمته تعالى وشعور بالتقصير في حق العبودية وتملكه حالة الحياء والخجل نتيجة التقصير والأخطاء، ويكون مؤمِّلاً لما يعرف من سعة رحمته وفضله وكرمه اللامتناهي، والخلاصة أن تكون لديه حالة الخوف والرجاء.

وحضور القلب له درجات ومراتب أعلاها، ما كان عند أمير المؤمنين عليه السلام حتى كانت السهام تُخرج من بدنه وهو لا يشعر. ففي معركة صفين أصيب عليه السلام بسهم في فخذه وكلّما حاولوا اخراجه منه ما استطاعوا لشدّة أذاه فسألوا الإمام الحسن عليه السلام فقال اصبروا حتى يصلي، فلما صلى عليه السلام أخرجوه منه...

صرف الموانع

ويجدر بالمصلي أن يبتعد عن مكائد الشيطان، ويجتنب موانع قبول العبادة، والتي من جملتها حب الدنيا، والعجب، والتكبُّر، والغرور، والأنانية، والغيبة، وأكل الحرام، وعدم أداء الزكاة والحقوق الواجبة، وشرب المسكرات، فهذه من موانع قبول الصلاة.

يقول تعالى: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ(المائدة:27).

الاستخفاف بالحجّ

حيث إنَّ وجوب الحجّ مثل وجوب الصلاة من ضروريات الإسلام، كان تارك الحجّ من جهة الانكار كافراً إذا استلزم انكاره انكار الشريعة، وأما إذا تركه وهو معتقد بوجوبه ولكن تركه تسامحاً أو اهمالاً أو بخلاً وانشغالاً بأمور الدنيا، فإن هذا الاستخفاف من كبائر الذنوب.

وليس فقط ترك الحجّ كاملاً هو من الذنوب الكبيرة، بل إنَّ تأخير الحجّ عن سنة الاستطاعة ذنب كبير أيضاً، فمن كان مستطيعاً في موسم الحجّ وجب عليه الحجّ في تلك السنة ويحرم عليه التأخير، قال تعالى: ﴿وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ(آل عمران:97).

وعن الإمام الصادق عليه السلام: "من كفر يعني ترك"13.

من أسرار وجوب الحجّ

إنَّ الغرض من خلق الإنسان معرفة الله والوصول إلى قربه ومحبته والأنس معه، وهذا أمر موقوف على صفاء النفس وتجردها، وذلك موقوف على الابتعاد عن الشهوات، وكفّ النفس عن الهوى، والاعراض عن الدنيا المذمومة، ثم توجيه الجوارح والأعضاء إلى الله تعالى في الأعمال الشّاقة، والمداومة على ذكر الله.

من هنا فقد فرض الله سبحانه العبادات التي تتضمن هذه الأمور، فبعض العبادات عبارة عن بذل المال في سبيل الله، وهو أمر يبعث على الانقطاع عن متاع الدنيا مثل الزكاة والخمس والصدقات.

وبعض العبادات يتضمن ترك الشهوات واللذات مثل الصوم، وبعضها يشتمل على ذكر الله وتوجيه القلب إليه واشتغال الأعضاء في العبادة مثل الصلاة.

والحجّ هو من بين جميع العبادات يحتوي على جميع تلك الأمور مع زيادة، ففيه:

ترك الوطن والأهل، ومشقة البدن، وبذل المال، وقطع الآمال، وتحمل المشاق، وتجديد الميثاق مع الله، والطواف، والدعاء، والصلاة.

وفيه أمور لم يعتد الناس عليها ولم يألفوها، وقد لا تدرك العقول حكمتها، مثل رمي الجمرات والهرولة بين الصفا والمروة؛ وبهذه الأعمال تظهر غاية العبودية، وكمال التواضع والمذلّة لله تعالى. فالعبودية الحقيقية هي أن لا يصدر الفعل عن سبب سوى الإطاعة للمولى، ومن هنا قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في خصوص الحجّ: "لبيك بحجة حقاً، تعبّداً ورِّقاً"14.

إذاًَ فمثل هذه العبادة التي قد لا يدرك العقل حكمتها هي أكمل في اظهار العبودية، ومن هنا نعرف أنَّ تعجُّب بعض الناس من هذه الأفعال العجيبة ناشئ من جهلهم بأسرار العبودية، وهذا السرُّ موجود في فريضة الحج.

ومضافاً إلى أنَّ كل عمل من أعمال الحج هو نموذج لحالة من حالات الآخرة، أو متضمن لأسرار أخرى، إن فريضة الحج يتحقق بها اجتماع أهل العالم في موضع نزول الوحي ومهبط الملائكة، وحضورهم في خدمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومن قبل كان هذا الموضع منزل خليل الله إبراهيم عليه السلام، وكان باستمرار منزل كثير من الأنبياء من آدم وحتى خاتم الأنبياء، وقد جعله الله تعالى بيتاً له، ودعا عباده لزيارته، وجعل أطرافه وحواليه حرماً، حرّم فيه صيد الحيوان، وقطع النبات إكراماً لبيته.

كما أنّه تعالى جعل هذا الموضع كما هو الحال في عواصم الملوك حيث يقصده الزائرون من مسافات شاسعة، وهم شعث الشعور، غبر الوجوه، تواضعاً لصاحب هذا البيت مع اعترافهم بأنَّه منزه عن المكان والزمان.

ومن أهم حكم الحجّ أنَّه مظهر لوحدة المسلمين على ربٍّ واحدٍ، وإشارة إلى قوَّتهم لو اتحدوا.

عدم دفع الزكاة

من الكبائر منع الزكاة الواجبة، وهو من الذنوب التي جاء الوعيد عليها بعذاب النار في عدّة مواضع من القرآن الكريم، كما استشهد الأئمة عليهم السلام على ذلك بالآية 34-35 من سورة التوبة وهي قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ جُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ وقد ورد في الروايات أنَّ المراد بالكنز في هذه الآية الشريفة كل ما لم تدفع الحقوق الواجبة فيه.

وقال تعالى في سورة آل عمران 180: ﴿وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ.

بعض الروايات في منع الزكاة

وقد وردت الروايات الكثيرة التي تشير إلى قبح منع الزكاة وعقابه، منها:

روي عن الإمام الباقر عليه السلام: "ما من عبد منع من زكاة ماله شيئاً إلا جعل الله ذلك يوم القيامة ثعباناً من نار مطوقاً في عنقه ينهش من لحمه حتى يفرغ من الحساب وهو قول الله ﴿... سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ...(آل عمران:180)"15.

وعن الإمام الباقرعليه السلام: "إنَّ الله قرن الزكاة بالصلاة فقال (أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) فمن أقام الصلاة ولم يؤتِ الزكاة فكأنه لم يُقم الصلاة"16.

وقال عليه السلام أيضاً:" بينما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المسجد إذ قال: قم يا فلان، قم يا فلان، قم يا فلان، حتى أخرج خمسة نفر، فقال أخرجوا من مسجدنا لا تصلوا فيه وأنتم لا تزكُّون"17.

وعن الإمام الصادق عليه السلام: "من منع الزكاة سأل الرجعة عند الموت وهو قول الله تعالى: ربِّ ارجعون لعلِّي أعمل صالحاً فيما تركت"18.

وعنه عليه السلام في تفسير قوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ(البقرة:167)، قال عليه السلام: "هو الرجل يدع ماله لا ينفقه في طاعة الله بُخلاً ثم يموت فيدعه لمن يعمل فيه بطاعة الله أو بمعصيته فإن عمل فيه بطاعة الله رآه في ميزان غيره فرآه حسرة وقد كان المال له وإن كان عمل به في معصية الله قوّاه بذلك المال حتى عُمِل به في معصية الله"19.

سبب وجوب الزكاة

هناك حكمة في وجوب الزكاة وسائر الصدقات الواجبة، وقد أشير إلى بعضها في الروايات.

منها:
امتحان الأثرياء ليُعرف هل الله أعزّ عليهم وأحبّ من أموال الدنيا الفانية؟ وهل إيمانهم بالثواب والجزاء الإلهي هو إيمان صادق أم لا؟ وهل هم صادقون في ادعاء العبودية لله أم لا؟

ومنها:
تنظيم أمر المعيشة للفقراء والمساكين والمحتاجين، كما يقول الإمام الصادق عليه السلام: "إنما وضعت الزكاة اختباراً للأغنياء، ومعونة للفقراء ولو أنَّ الناس أدّوا زكاة أموالهم ما بقي مسلم فقيراً محتاجاً واستغنى بما فرض الله له، وإنَّ الناس ما افتقروا ولا احتاجوا ولا جاعوا ولا عروا إلا بذنوب الأغنياء، وحقيق على الله أن يمنع رحمته ممّن منع حق الله في ماله وأُقسم بالذي خلق الخلق وبسط الرزق أنه ما ضاع مال في برٍّ ولا بحر إلا بترك الزكاة"20.

ومنها:
علاج البخل، فعلاج البخل إنما هو ببذل المال مراراً حتى يتعوّد على السخاء والكرم، يقول تعالى: ﴿وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ(الحشر:9).

من الآثار الدنيوية للزكاة

إنَّ لمنع الزكاة آثاراً دنيوية سلبية، فعن أمير المؤمنين عليه السلام: "إذا منعوا الزكاة منعت الأرض بركتها من الثمار والمعادن كلها"21.

وعن الإمام الصادق عليه السلام: "إنَّ لله بقاعاً تُسمّى المنتقمة، فإذا أعطى الله عبداً مالاً لم يخرج حق الله منه سلَّط الله عليه بقعة من تلك البقاع فاتلف المال فيها ثم مات وتركها"22.

وفي المقابل إن معطي الزكاة يبارك الله في ماله في الدنيا، ويجازى حسناً في الآخرة، يقول تعالى: ﴿وَيُرْبِي الصَّدَقَات(البقرة:276)، ويقول تعالى: ﴿وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ(سبأ:39).

ويقول سبحانه: ﴿وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ(الروم:39).

وفي خطبة الزهراء عليها السلام: "فجعل الله الإيمان تطهيراً لكم من الشرك، والصلاة تنزيهاً لكم من الكبر، والزكاة تزكية للنفس ونماء في الرزق"23.

والآيات والروايات حول هذا الموضوع كثيرة نكتفي منها بهذا المقدار.

قصة للعبرة

حكى المرحوم النوري في كتاب (الكلمة الطيبة) أربعين حكاية حول مشاهدة بركة الصدقة والانفاق في سبيل الله، منها:

ما ينقل عن العالم الرباني الآخوند ملاّ فتح علي نقلاً عن أحد أرحامه الثقات أنه قال: في إحدى سِنيِّ الغلاء كان لي قطعة أرض زرعت فيها الشعير، وكانت من أفضل المزارع عطاءاً وخضرة وقد حان وقت حصادها، ولما كان الناس بمختلف طبقاتهم يشكون حالة الجوع والفاقة لم تسمح لي نفسي أن آخذ من نفعها ولذلك فقد ذهبت إلى المسجد وناديت: لقد منحت شعير تلك الأرض بشرط أن لا يأخذ منه إلا الفقير، وأن لا يأخذ الفقير أكثر من قوت نفسه وعياله.
ذهب الفقراء إلى ذلك المكان وبدأوا يأخذون من الشعير يومياً فيأكلونه، ولم أكن مطلعاً على تفصيل ما يجري فقد كنت قد صرفت نظري عن المزرعة ولم يكن لي طمع بها بعدئذ.
ولما بلغت سائر المزارع وقت الحصاد، وصار الناس في رفاه، وفرغت أنا من حصاد باقي مزارعي قلت للفلاحين الذين يباشرون عملية الحصاد اذهبوا إلى تلك القطعة لعلّنا ننتفع مما فيها من التبن والعلف، ولعل شيئاً بقي من سنابلها لم يحصد بعد، وبالفعل فقد ذهبوا إليها وحصدوا ما بقي فيها وبعد سحقه وتنظيفه كان الحاصل من الشعير ضعف الحاصل من سائر المزارع، فعلاوة على أن ما أخذه الفقراء من تلك المزرعة لم يؤثر في كمية الشعير كان المحصول قد زاد وتضاعف، بينما كان من المحال عادة أن تبقى سنبلة واحدة منه، والأعجب من ذلك أنَّه حين حلَّ فصل الخريف وكان من المتعارف أنَّ كل أرض زُرعت تترك بعد حصادها مدة سنة خالية من الزرع أما هذه القطعة فقد بقيت كما هي من دون أن تحرث ومن دون أن تبذر إلى أن دخل الربيع وارتفع عنها البرَد رأينا تلك القطعة خضراء وزرعها أقوى وأكثر من سائر المزارع ﴿... وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء...(البقرة:261).

*من كبائر الذنوب، إعداد ونشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية، ط1، حزيران 2008م، ص133-146.


1- ميزان الحكمة، مج‏5، ص‏367.
2- ن.م، ص‏368.
3- ن.م، ص‏369.
4- ن.م، ص‏370.
5- ن.م، ص‏374.
6- ن.م، ص‏367.
7- الذنوب الكبيرة، دستغيب، ج‏2، ص‏181.
8- ن.م، ص‏182.
9- ن.م، ص‏189.
10- ن.م.
11- ن.م، ص‏190.
12- ن.م، ص‏191.
13- الذنوب الكبيرة، دستغيب، ج‏2، ص‏222.
14- الذنوب الكبيرة، دستغيب، ج‏2، ص‏231.
15- الذنوب الكبيرة، دستغيب، ج‏2، ص‏200.
16- ن.م.
17- ن.م.
18- ن.م.
19- ن.م.
20- ن.م، ص‏204.
21- ن.م، ص‏201.
22- ن.م.
23- الذنوب الكبيرة، دستغيب، ج‏2، ص‏205.
2009-08-31