يتم التحميل...

المنقذ من سكرة الموت

الموت والبرزخ

يمكن أن نضع الأمور التي تنقذ من سكرات الموت في عناوين ثلاثة:عقيدة المحتضر إنّ المعتقد بالله تعالى والآخرة عقيدة ثابتة لا يتأثّر بمحاولة إبليس أن يعدل به من الحق إلى الباطل.

عدد الزوار: 438

يمكن أن نضع الأمور التي تنقذ من سكرات الموت في عناوين ثلاثة:

عقيدة المحتضر

إنّ المعتقد بالله تعالى والآخرة عقيدة ثابتة لا يتأثّر بمحاولة إبليس أن يعدل به من الحق إلى الباطل.

ومما ينفع في سكرات الموت الإعتقاد بولاية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام ومقامهم عند الله تعالى، وأنهم أحياء في برزخهم، يواكبون المؤمنين في حياتهم، وهذا ما نلاحظه بالتأمل في كيفية زيارة مراقدهم المطهرَّة. فقد ذكر العلامة الكبير الشيخ الكفعمي أنه إذا أردت دخول مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو أحد المشاهد الشريفة لأحد الأئمة عليهم السلام فقل: اللهم إني وقفت على باب من أبواب بيوت نبيّك صلواتك عليه وآله، وقد منعت الناس أن يدخلوا إلا بإذنه، فقلت: (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم) اللهم إني أعتقد حرمة صاحب هذا المشهد الشريف في غيبته، كما أعتقدها في حضرته، وأعلمُ أن رسولك وخلفاءه عليهم السلام أحياء عندك يرزقون يرون مقامي ويسمعون كلامي ويردون سلامي، وأنك حجبت عن سمعي كلامهم وفتحت باب فهمي بلذيذ مناجاتهم.

وما يدل على الحضور الحي لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أننا في قلب الصلاة وقبل ختمها نسلّم عليه صلى الله عليه وآله وسلم بلغة المخاطب الحاضر، فنقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.

إنّ هذا الاعتقاد ينفع في تلك اللحظات الشديدة، وهذه بشرى بشّر فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمير المؤمنين عليه السلام حينما قال صلى الله عليه وآله وسلم له: "يا علي، إن محبيك يفرحون في ثلاث مواطن: عند خروج أنفسهم وأنت هناك تشهدهم، وعند المسائلة في القبور وأنت تلقنهم، وعند العرض على الله وأنت هناك تعرفهم".

وقد انتفع شاعر أهل البيت عليهم السلام اسماعيل الحميري بهذه البشرى، حينما كان في حالة الإحتضار، فبدت في وجهه نكتة سوداء مثل نقطة من المداد، ثم لم تزل تزيد وتنمى حتى طبقت وجهه سوادها، فاغتمَّ لذلك من حضره من محبِّيه، فلم يلبث بذلك إلاّ قليلاً حتى بدت في ذلك المكان من وجهه لمعة بيضاء، فلم تزل تزيد أيضاً وتنمى حتّى أسفر وجهه وأشرق، وافترَّ اسماعيل ضاحكاً مستبشراً وقال:
كذب الزاعمون أن علياً***لن ينجي محبه من هناتِ
قد وربّي دخلت جنة عدنٍ***وعفا لي الإله عن سيئاتي
فابشروا اليوم أولياء عليٍّ***وتولوا الوصي حتّى المماتِ
ثم من بعده تولوا بنيه***واحداً بعد واحدٍ بالصفاتِ


ثم أتبع قوله هذا: أشهد أن لا إله إلا الله حقاً حقاً، وأشهد أن محمداً رسول الله حقاً حقاً، وأشهد أن علياً أمير المؤمنين حقاً حقاً، وقبضت روحه.

ومن جميل ما ورد في حضور أهل البيت عليهم السلام عند المؤمن ما ورد عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام في قصّة مؤمن حضره ملك الموت وهو لا يرغب في الرحيل عن الدنيا فتكون النتيجة التالية: "وجد عند رأسه محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سيد النبيين من جانب، ومن جانب آخر علياً عليه السلام سيد الوصيين، وعند رجليه من جانب الحسن عليه السلام سبط سيد النبيين، ومن جانب آخر الحسين سيد الشهداء أجمعين، وحواليهم بعدهم خيار خواصهم ومحبيهم الذين هم سادات هذه الامة بعد ساداتهم من آل محمد صلوات الله عليهم، ينظر إليهم العليل المؤمن، فيخاطبهم بحيث يحجب الله صوته عن آذان حاضريه، كما يحجب رؤيتنا أهل البيت ورؤية خواصنا عن عيونهم، ليكون إيمانهم بذلك أعظم ثواباً لشدة المحنة عليهم منه. فيقول المؤمن: بأبي وامي أنت يا رسول الله رب العزة! بأبي انت وأمي يا وصي رسول الله رب الرحمة! بأبي وأمي أنتما يا شبلي محمد وضرغاميه وولديه وسبطيه، و يا سيدي شباب أهل الجنة المقربين من الرحمة والرضوان! مرحبا بكم معاشر خيار أصحاب محمد وعلي وولديه، ما كان أعظم شوقي إليكم، وما أشد سروري بكمْ الآن في لقائكم. يا رسول الله! هذا ملك الموت قد حضرني، ولا أشك في جلالتي في صدره، لمكانك ومكان أخيك مني. فيقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كذلك هو. ثم يقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على ملك الموت فيقول: يا ملك الموت، إستوص بوصية الله في الإحسان إلى مولانا وخادمنا ومحبنا ومؤثرنا. فيقول ملك الموت: يا رسول الله، مُره أن ينظر إلى ما قد أعدَّ الله له في الجنان. فيقول له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: انظر إلى العلو، فينظر في العلو إلى ما لا تحيط به الألباب، ولا يأتي عليه العدد والحساب. فيقول ملك الموت: كيف لا أرفق بمن ذلك ثوابه، وهذا محمد وعترته زواره؟! يا رسول الله، لولا أن الله جعل الموت عقبة لا يصل إلى تلك الجنان إلا من قطعها لما تناولت روحه، لكن لخادمك ومحبك هذا اسوة بك وبسائر أنبياء الله ورسله وأوليائه الذين اذيقوا الموت بحكم الله. ثم يقول محمد صلى الله عليه وآله وسلم: يا ملك الموت! هاك أخانا قد سلمناه إليك، فاستوص به خيراً. ثم يرتفع هو ومن معه إلى روض الجنان، وقد كشف الغطاء والحجاب لعين ذلك المؤمن العليل، فيراهم المؤمن هناك بعد ما كانوا حول فراشه" فيقول: "يا ملك الموت! الوحا الوحا، تناول روحي ولا تبقني هنا، فلا صبر لي على محمد وعترته، ألحقني بهم. فعند ذلك يتناول ملك الموت روحه، فيسلها كما تسل الشعرة من الدقيق".

أعمال المحتضر

و ردت جملة من الأعمال التي تخفّف من سكرات الموت منها:

أ- صلة الرحم: فعن الصادق عليه السلام: "من أحب أن يخفّف الله عز وجل عنه سكرات الموت، فليكن لقرابته وصولاً، وبوالديه باراً، فإذا كان ذلك هوّن الله عليه سكرات الموت، ولم يصبه في حياته فقرٌ أبداً".

وحول نفس المضمون روي: "أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حضر شاباً عند وفاته، فقال له: قل لا إله إلا الله، فاعتقل لسانه مراراً فقال لامرأة عند رأسه، هل لهذا أم؟ قالت نعم أنا أمه. فقال صلى الله عليه وآله وسلم أفساخطة أنت عليه؟ قالت: نعم ما كلمته منذ ست حجج، قال صلى الله عليه وآله وسلم: إرضي عنه. "قالت: رضي الله عنه برضاك يا رسول الله. فقال رسول الله: قل لا إله الله فقالها، سأله النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ما ترى؟ فقال: أرى رجلاً أسود، قبيح المنظر، وسخ الثياب، نتن الريح، قد وليني، فأخذ بكظمي، فقال صلى الله عليه وآله وسلم له، قل: يا من يقبل اليسير ويعفو عن الكثير، اقبل مني اليسير واعفُ عني الكثير، إنك أنت الغفور الرحيم. سأله النبي صلى الله عليه وآله وسلم ماذا ترى، قال: أرى رجلاً أبيض اللون، حسن الوجه، طيب الريح، حسن الثياب...، لست أرى الأسود وأرى الأبيض قد وليني".

ب-إطعام الأخ: فعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "من أطعم أخاه حلاوة أذهب الله عنه مرارة الموت".

ج- كسوة الأخ: فعن الإمام الصادق عليه السلام: من كسى أخاه كسوة شتاء أو صيف كان حقاً على الله أن يكسوه من ثياب الجنة وأن يهوّن عليه سكرات الموت وأن يوسّع عليه في قبره وأن يلقي الملائكة إذا خرج من قبره بالبشرى.

المنقذ من العديلة

ورد في خصوص ما ينجي من العديلة جملة أعمال يقوم بها المؤمن في حياته نعرض منها:

1- تأدية الصلوات في أوقاتها: ففي حديث عن ملك الموت: "ليس في شرقها ولا في غربها أهل بيت مدر ولا وبر إلا وأنا أتصفحهم في كل يوم خمس مرات، ولأنا أعلم بصغيرهم وكبيرهم منهم بأنفسهم". وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنما يتصفحهم في مواقيت الصلاة، فإن كان ممن يواظب عليها عند مواقيتها لقنه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ونحّى عنه ملك الموت إبليس".

2- التسبيح بتسبيح الزهراء عليها السلام: "فعن الإمام أبي جعفر عليه السلام: من سبّح تسبيح الزهراء عليها السلام ثم استغفر غفر له، وهي مئة باللسان، وألفٌ في الميزان وتطرد الشيطان وترضي الرحمن".

3- عدم بذل نعم الله في معاصيه وعدم الاغترار بحلم الله وإكرام من يذكر أهل البيت أو ينتحل مودتهم:
فقد كتب الإمام الصادق عليه السلام إلى بعض الناس "إن أردت أن يختم بخير عملك حتى تقبض، وأنت في أفضل الأعمال فعظِّم لله حقه أن لا تبذل نعماءه في معاصيه، وأن تغتر بحلمه عنك، وأكرم كل من وجدته يذكرنا أو ينتحل مودتنا، ثم ليس عليك صادقاً كان أو كاذباً انما لك نيتك وعليه كذبه".

د-التختم بالعقيق: وخصوصاً العقيق الأحمر.

آداب الإحتضار

وردت جملة من الأمور تستحب أن تفعل حال احتضار الميت، نصّ بعض منها أنها تخفف من سكرات الموت منها:
1- توجيه المحتضر إلى القبلة: بحيث لو جلس كان وجهه إليها، وعند بعض الفقهاء أن هذا الأمر يجب كفايةً على الأحوط بل لا يخلو من قوة.
2- تلقين المحتضر الشهادتين والإقرار بالأئمة الأثني عشر وسائر الاعتقادات الحقة.
3- تلقين المحتضر كلمات الفرج،
وهي: "لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رب السموات السبع، ورب الأرضين السبع، وما فيهن وما بينهن، ورب العرش العظيم، وسلام على المرسلين والحمد لله ري العالمين"
4- تلقين المحتضر دعاء: اللهم اغفر لي الكثير من معاصيك، واقبل مني اليسير من طاعتك، ويا من يقبل اليسير ويعفو عن الكثير، اقبل مني اليسير واعف عني الكثير، انك أنت العفو الغفور. واللهم ارحمني فإنك رحيم.
5- نقل المحتضر إلى مصلاه: إذا اشتد عليه النزع بشرط بأن لا يوجب أذاه.
6- قراءة سورة ياسين والصافات، وآية الكرسي: إلى قوله تعالى: هم فيها خالدون.


* نداء الرحيل، الشيخ أكرم بركات.

2013-09-01