النظام والحكومة في الإسلام
الإمام روح الله الخميني(قده)
إنّ مجموعة القوانين لا تكفي لإصلاح المجتمع، ولكي يكون القانون وسيلة لإصلاح وإسعاد البشر فإنّه يحتاج الى السلطة التنفيذيّة والمنفّذ.
عدد الزوار: 138
- إنّ مجموعة القوانين لا تكفي لإصلاح المجتمع، ولكي يكون القانون وسيلة لإصلاح وإسعاد البشر فإنّه يحتاج الى السلطة التنفيذيّة والمنفّذ.
- كان الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم يترأّس جميع أجهزة التنفيذ والإدارة في المجتمع الإسلاميّّ. وإضافة الى إبلاغ الوحي والبيان، وتفسير العقائد والأحكام وأنظمة الإسلام، فقد اهتمّ بإجراء الأحكام وإقامة أنظمة الإسلام حتّى أخرج دولة الإسلام الى حيّز الوجود.
- لم يكتفِ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مثلاً ببيان قانون الجزاء، بل كان أيضاً يسعى الى تنفيذه، وكان يقطع اليد ويحدّ ويرجم.
- لم يكن تعيين الخليفة من قِبَلِ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لبيان الأحكام والعقائد فحسب، وإنّما لتنفيذها أيضاً. وهذا هو الّذي أضفى على الخلافة أهميّة وشأناً، بحيث لو لم يُعيّن الرسول خليفة من بعده لما اعتُبِر مبلّغاً لرسالته.
- إنّ القوانين والأنظمة الاجتماعيّة أساساً بحاجة إلى منفّذ، وفي كلّ دول العالم فإنّه لا ينفع التشريع وحده، ولا يضمن سعادة البشر لوحده، بل ينبغي أن تعقب سُلطة التشريع سُلطة التنفيذ.
- إنّ سنّة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وسيرته لهي دليل على ضرورة تشكيل الحكومة، لأنّه أوّلاً: شكّل بنفسه حكومة،.... وثانياً: فقد استخلف، بأمر من الله، من يقوم من بعده بهذه المهامّ.
- عندما يعيّن الله حاكماً للمجتمع بعد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فهذا يدلّ بوضوح على ضرورة استمرار الحكومة من بعد الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.
- بما أنّ الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم قد أبلغ - من خلال وصيّته - هذا الأمر الإلهيّ فإنّه يكون قد أبلغ أيضاً ضرورة تشكيل الحكومة.
- من البديهيّ أنّ ضرورة تنفيذ الأحكام الّتي أوجبت تشكيل حكومة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم لم تكن خاصّة بعصر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، بل إنّ الضرورة مستمرّة. وطبق الآية الشريفة، فإنّ أحكام الإسلام لا تُحدّّ بزمان أو مكان، وهي باقية إلى الأبد، ولازمة الإجراء.
- بما أنّ تنفيذ الأحكام بعد الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم - وإلى الأبد - يُعدّ من الضروريّات، لذا كان ضروريّاً تشكيل الحكومة، وإقامة أجهزة التنفيذ والإدارة.
- لولا جهاز التنفيذ والإدارة الّذي ينظّم جميع فَعّاليّات الناس بنظام عادل من خلال إجراء الأحكام، لسادت الفوضى وعمّ الفساد الاجتماعيّ والانحراف العقائديّ والخُلُقيّ، فلا سبيل الى منع تلك الفوضى وفساد المجتمع إلّا بقيام حكومة، وتنظيم جميع أمور المجتمع.
- ثبت بالشرع والعقل أنّ ما كان ضروريّاً أيّام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وفي عهد الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام من وجود الحكومة والإدارة، لا يزال ضروريّاً الى يومنا هذا.
- ماهيّة قوانين الإسلام وكيفيّتها - أحكام الشرع - دليل آخر على ضرورة تشكيل الحكومة، فهي تدلّنا على أنّها جاءت لتكوين دولة، وأنّها شُرّعت لإدارة المجتمع سياسيّاً وثقافيّاً واقتصاديّاً.
- عند إمعان النظر في ماهيّة أحكام الشرع وكيفيّتها يثبت لدينا أنّ إجراءها والعمل بها يستلزم تشكيل حكومة، وأنّه لا يمكن العمل بوظيفة إجراء الأحكام الإلهيّة من دون تأسيس جهاز عظيم للتنفيذ والإدارة.
- الضرائب الماليّة الّتي شرّعها الإسلام، تدلّ على أنّها لم تخصَّص لسدّ رمق الفقراء والسادة الفقراء خاصّة، وإنّما لتشكيل حكومة وضمان نفقات دولة كبرى.
- الخُمس أحد الموارد الضخمة الّتي تدرّ على بيت المال أموالاً طائلة... وبديهيّ أنّ هذا المورد الضخم إنّما هو من أجل تسيير شؤون الدولة الإسلاميّة، وسدّ جميع احتياجاتها الماليّة. وإذا أردنا أنْ نحسب أخماس أرباح المكاسب في الدول الإسلاميّة أو العالم كلّه - إذا كان يدين بالإسلام - لتبيّن لنا أنّ هذه الأموال الطائلة ليست لرفع حاجات سيّد أو طالب علم، بل لأمر أكبر وأوسع من هذا، فالمقصود سدّ الاحتياجات الماليّة لتشكيلات حكوميّة كبيرة.
- إنّكم تلاحظون أنّ الأحكام الماليّة للإسلام تدلّ على لزوم تشكيل الحكومة، وأنّ إجراءها وتنفيذها لا يتيسّر إلّا من خلال استقرار التشكيلات الحكوميّة الإسلاميّة.
- إنّ الكثير من الأحكام، كالديّات الّتي يجب أخذها وإعطاؤها إلى أصحابها، أو الحدود، أو القصاص الّذي يجب أنْ يتمّ بإشراف الحاكم الإسلاميّّ، فإنّه لا يتحقّق إلّا من خلال تشكيل الحكومة, فكلّ هذه القوانين مرتبطة بهيكليّة الدولة، ولا تتمكّن سوى قوّة الحكومة من تحقيق هذه الأمور المهمّة.
- إنّ أحكام الجهاد والدفاع عن حياض المسلمين، لضمان استقلال وكرامة الأمّة، تدلّ هي الأخرى على ضرورة تشكيل هذه الحكومة.
- حكم الإسلام (يقضي) بوجوب الإعداد والاستعداد والتأهّب التامّ حتّى في وقت السلم بموجب قوله تعالى: ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ1﴾ ولو كان المسلمون عاملين بهذا الحكم وتشكيل الحكومة الإسلاميّة وكانوا مستعدّين للقتال تحت كلّ الظروف لم يكن في ميسور حفنة من اليهود احتلال أراضينا وتخريب مسجدنا الأقصى وإحراقه من غير أنْ يُقابَل ذلك بأيّة مقاومة فوريّة. وكلّ ذلك إنّما تمّ كنتيجة حتميّة لتقاعس المسلمين عن تنفيذ حكم الله، ولتهاونهم في تشكيل حكومة صالحة مخلصة.
* الكلمات القصار, الإمام الخميني قدس سره, إعداد ونشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.
1- سورة الأنفال، الآية: 60.
2013-03-05