الأدوار التي مرت على القبر الشريف
مرقد الإمام الحسين(ع)
بعد وقعة الطف عام 61 ه، واضطراب الوضع السياسي في العراق، سواء عند ظهور التوابين الذين نادوا بالانتقام من الرموز الرئيسية التي ساهمت بقتل الإمام الحسين عليه السلام،
عدد الزوار: 108
بعد وقعة الطف عام 61 ه، واضطراب الوضع السياسي في العراق، سواء عند ظهور التوابين الذين نادوا بالانتقام من الرموز الرئيسية التي ساهمت بقتل الإمام الحسين عليه السلام، وكذلك ظهور المختار المفاجئ، الذي استطاع أن يعلن حكومته الموالية لأهل البيت في الكوفة، والانتقام من القتلة، وبعدها تم القضاء على حملة عبيد الله بن زياد وقتله في معركة الخازر بقيادة إبراهيم بن مالك الأشتر، أصبحت الشيعة تنعم بنوع كبير من الحرية والطمأنينة، فسارعت بزيارة قبر الإمام الحسين عليه السلام والشهداء من أهل بيته وأصحابه، فظهر القبر الشريف وأصبح محط أنظار الشيعة خاصة من الكوفة والمدائن والبصرة، وطبيعي أن هؤلاء الزوار الذين يقطعون المسافات البعيدة لزيارة القبر الشريف يحتاجون إلى ظل يستظلون به، وخصوصا إذا كان الزائر يبقى اليوم أو اليومين أو أكثر عند القبر، فمنذ ذلك الحين بني على القبر الشريف سقيفة، فزعم البعض أن بني أسد الذين دفنوا الحسين عليه السلام هم أول من بنى هذه السقيفة على القبر، حيث أكد ابن طاووس بقوله: إنهم أقاموا رسما لقبر سيد الشهداء.
مما يدل على أن مجئ التوابين إلى القبر الشريف في سنة 63 أو 64 كان ظاهرا معروفا ولا يكون ذلك إلا ببنيانه.
ويرى بعض المؤرخين أن المختار بن أبي عبيدة الثقفي هو الذي قام بتشييد البناء على القبر واتخذ له قرية من حوله.
ومهما يكن من الأمر فإن البناء قد ظهر في الفترة التي حدث فيها انفراج نسبي للشيعة، أي منذ فترة موت يزيد المفاجئ، وهروب عبيد الله بن زياد من العراق، وحتى تولي المختار قيادة السلطة في الكوفة، ثم فترة ما بعد المختار، أي في عهد ولاية مصعب بن الزبير على العراق، نعمت الشيعة بنوع من الحرية، أتاح لها زيارة القبر الشريف لسيد الشهداء عليه السلام، وبقي هذا البناء طيلة الحكم الأموي وإلى قيام الدولة العباسية، كما يظهر من رواية صفوان الجمال، عن الإمام الصادق عليه السلام، أنه قال:"إذا أردت قبر الحسين في كربلاء، فقف خارج القبة وارم بطرفك نحو القبر، ثم ادخل الروضة وقم بحذائها من حيث يلي الرأس، ثم اخرج من الباب الذي عند رجلي علي بن الحسين عليه السلام، ثم توجه إلى الشهداء، ثم امش حتى تأتي مشهد أبي الفضل العباس فقف على باب السقيفة وسلم".
نستدل من هذه الرواية بأنه كانت على القبر الشريف قبة، وعلى قبر أبي الفضل العباس سقيفة وباب، للولوج إلى داخل السقيفة.
ولصفوان الجمال أيضا حديثا عن الإمام الصادق عليه السلام:"إذا أردت زيارة الحسين بن علي، فإذا أتيت الباب فقف خارج القبة، وارم بطرفك نحو القبر (وقل) ثم ادخل اليمنى وأخر اليسرى، ومن ثم ادخل الحائر وقم بحذائه".
وفي رواية الحسن بن ثور بن أبي فاختة، عن الإمام الصادق عليه السلام من حديث طويل حتى قال:"إذا أتيت أبا عبد الله فأغتسل على شاطئ الفرات ثم البس ثيابك الطاهرة، ثم امش حافيا، فإنك في حرم من حرم الله وحرم رسوله، وعليك بالتكبير والتهليل والتمجيد والتعظيم لله كثيرا والصلاة على محمد وأهل بيته، حتى تصير إلى باب الحائر، ثم تقول:"السلام عليك يا حجة الله وابن حجته، السلام عليكم يا ملائكة الله وزوار قبر ابن نبي الله، ثم أخط عشر خطى ثم قف فكبر ثلاثين تكبيرة".
يستفاد من هذه الروايات، على وجود بناء على الحائر الحسيني في زمن الإمام الصادق عليه السلام المولود سنة 80 ه والمتوفى سنة 140 ه، وقد توصل العلامة الشعراني على أن الحائر في تلك الفترة أعظم من الحائر الحالي فقال:"المستفاد من هذا الحديث أن الحائر كان أعظم من الحرم الحالي أعني: تحت القبة والرواق الواقع على أطرافه، وذلك لأن الفاصلة بين الباب وما يقف فيه الزائر حول القبر الشريف كان أكثر من عشر خطوات، والضلع الجنوبي من جدار الحائر، وإلا لوجب بأنك تدور أو تطوف أو تحول حتى تأتيه من قبل وجهه، لكن اكتفى بقوله امش حتى تأتيه".
وفي رواية أبي حمزة الثمالي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: إذا أردت زيارة قبر العباس بن علي عليه السلام - وهو على شط الفرات بحذاء الحائر - فقف على باب السقيفة.
يتضح من الروايات المذكورة: على وجود مسجد للحسين عليه السلام وسقيفة، تظلها شجرة السدرة حتى الأيام الأخيرة للعهد الأموي.
وذكر محمد بن أبي طالب عند ذكره لمشهد الحسين عليه السلام:"أنه اتخذ على الرمس الأقدس لعهد الدولة المروانية مسجدا"1.
1-مرقد الامام الحسين عليه السلام تحسين آل شبيب.
2012-11-15