يتم التحميل...

الجهاد أفضل ميدانٍ لتزكية النفس

درب الهداية

مشكلة كل زمانٍ في طاغيته الذي يستعبد الناس ويسلب حقوقهم ويصدّ عن طريق الحق، ويمنع من وصول شرع الله وأحكامه إليهم، ما يؤدّي إلى شيوع المفاسد وانتشار المظالم في الأرض، والتعدّي على حريات الآخرين،

عدد الزوار: 34

أهمية الجهاد

مشكلة كل زمانٍ في طاغيته الذي يستعبد الناس ويسلب حقوقهم ويصدّ عن طريق الحق، ويمنع من وصول شرع الله وأحكامه إليهم، ما يؤدّي إلى شيوع المفاسد وانتشار المظالم في الأرض، والتعدّي على حريات الآخرين، وانتفاء العدالة والمساواة في المجتمع، ﴿إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ1. فكان الوقوف بوجه الظالم وردعه وثنيه عن أهدافه ومخططاته أمراً لا بدّ منه من أجل تحرير البشرية وعتقها من إفساده وإضلاله. من هنا يأخذ الجهاد في سبيل الله دوره الشريف والمقدس لأنه الأسلوب الوحيد الرادع الذي يحول دون بلوغ الظالم أهدافه المضلّة. فعبر التاريخ الممتدّ على طول البشرية لم نسمع أن طاغيةً ما ترك قهر الناس وغصب حقوقهم بملء إرادته، أو أنه عاد إلى رشده فجأة وحكّم ضميره وأدرك فظاعة ما اقترفته يداه الملوثتان بالدماء والمحرّمات، بل على العكس تماماً نجد أنه مع مرور الأيام يزداد في إجرامه وطغيانه: ﴿وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ2. فالحوار والمنطق لم يكونا في يومٍ من الأيام مفيدين مع الظالم الذي يقتل ويهجّر ويغصب ولا يلتزم بأي قانونٍ ومنطق لا لسببٍ سوى طمعه وجشعه وأنانيته المفرطة واستئثاره بالخيرات والملك. بل الحلّ الوحيد لردع هؤلاء الطغاة والمجانين كان ولا يزال بالسلاح والقوّة. فالجهاد وسيلةٌ إذاً لرفع الموانع والأشواك من أمام طريق الحق، وتحرير الإنسان من سطوة الظالم وإرادة المستكبر وإدخال الناس في رحمة الحق وإرادته، لذا جعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الخير كله فيه وتحت ظله: "الْخَيْرُ كُلُّهُ فِي السَّيْفِ وَتَحْتَ ظِلِّ السَّيْفِ وَلَا يُقِيمُ النَّاسَ إِلَّا السَّيْفُ وَالسُّيُوفُ مَقَالِيدُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ"3.

من هنا صار الجهاد في سبيل الله أول التكاليف الإلهية ومن أعظم الطاعات وأشرف القربات لأنه باب تحرير الناس من عبودية غير الحق، ولأن بقاء الإسلام وانتشاره وتنفيذ قوانين الشريعة يقوم على هذه الفريضة، لذا كان طريق أمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي عليهم اتّباعه لنيل العزة والكرامة في الدنيا والآخرة كما قال صلى الله عليه وآله وسلم: "لكل أمةٍ سياحة (أي طريق) وسياحة أمتي الجهاد في سبيل الله"4. ولأجل ذلك أيضاً أصبح الباب العظيم الذي لا يدخل منه إلا خواصّ الأولياء فيعرجون من خلاله إلى ربهم المتعال حيث السعادة العظمى وما لا عينٌ رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر: "إن الجهاد بابٌ من أبواب الجنة فتحه الله لخاصّة أوليائه، وهو لباس التقوى ودرع الله الحصينة وجنّته الوثيقة"5.

الهدف من الجهاد

جميع الرّسل قاتلوا في سبيل الله لأن مشكلتهم الأساسية كانت مع الطواغيت والظالمين، الذين يقطعون طريق الله باستعبادهم للناس وجعل قلوبهم تهوي إليهم بدل أن تتوجّه نحو خالقها وبارئها. فالنبي يريد أن يحرّر الناس ويأخذ بأيديهم الى الحق، والظالم يريد أن يسخّرهم لنفسه ليطيعوه. فحركة الأنبياء الجهادية كانت حركةً مدروسة وذات أبعادٍ هادفة وغايات سامية، ولم تكن عبثيةً على الإطلاق أو لأجل التسلّط والاستيلاء كالحروب التي يشنّها الطواغيت والمستكبرون. ونحن بدورنا علينا الالتفات إلى هذه الأهداف كي لا نحرف الجهاد عن مساره الإلهي والمقدّس، ولكي ننعم في نهاية المطاف بثماره النورانية الطيّبة، وهي:

1- كفّ بأس الكفار:
من الأهداف الأساسية للجهاد في سبيل الله، ردّ كيد الكفار وبأسهم الى نحورهم: ﴿فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَاللّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنكِيل6، فبعد أن أمر الله تعالى نبيّه محمداً صلى الله عليه وآله وسلم بمواجهة أعدائه وجهادهم رغم قلّة الناصر، بيّن له أحد الأهداف الأساسية لهذا التكليف المقدس. فالجهاد في سبيل الله هو الطريق لكسر شوكة الظالمين وقوّتهم، وكفّ أذاهم وشدّتهم وبأسهم عن المؤمنين الموّحدين. ولذا أُمر الرسول بالالتزام بهذا التكليف ولو كان وحيداً فريداً، وبالاعتماد على الله تعالى مصدر كل قدرةٍ وقوة في هذا العالم، فهو عز اسمه أقوى من كل ما يدبّره الأعداء من مكائدَ ودسائسَ بوجه دعوة الحق.

2- محو آثار الشرك:
من أهداف تشريع الحق تعالى للجهاد أنه يريد أن يكون المعبود الأوحد على هذه الأرض: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه7، والفتنة هنا هي الشرك بالله. فاللّه عزّ وجلّ أنزل على البشريّة شرائع وبرامج لسعادة البشر وتحريرهم وتكاملهم وإيصالهم إلى السعادة والرفاه، وأوجب على الأنبياء أن يبلّغوا هذه الشرائع والإرشادات إلى الناس. وإذا وقف شخصٌ ما بوجه دعوة الأنبياء فلهم الحقّ في إزالة هذه الموانع بطريقة سلميّة أوّلاً، وإلا فعليهم استخدام القوّة لإزالتها. فالناس في جميع المجتمعات البشريّة لهم الحقّ في أن يسمعوا مقالة التوحيد، ولو تصدّى فردٌ أو جماعة لسلب هذا الحقّ المشروع للناس وحرمانهم منه ومنعوا صوت التوحيد من الوصول إلى الناس ليحرّرهم من أغلال الشرك وقيود العبوديّة لغير الحق تعالى، فلأتباع الدين الحقّ في الاستفادة من جميع الوسائل لتهيئة هذه الحريّة.

3- إبقاء ذكر الله حيّاً:
من الأهداف الأساسية لتشريع القتال في سبيل الله، إعلاء ذكر الحق: ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرً8. فتشريع القتال إنما هو لحفظ المجتمع الديني من شرّ أعداء الدين الذين يسعون في إطفاء نور الله وذكره. ولولا ذلك لانهدمتِ المعابد الدينية والمشاعر الإلهية ونسخت العبادات والمناسك، لأنّ الله تعالى لو لم يدفع بعض الناس ببعضهم عن طريق الإذن بالجهاد، لهدّمت أماكن العبادة والمساجد التي يذكر فيها اسم الله. ولو تكاسل المؤمنون وغضّوا الطرف عن فساد الطواغيت والمستكبرين وأولوهم الطاعة، لما أبقى هؤلاء أثراً لمراكز عبادة الله. لأنّهم سيجدون الساحة خاليةً من العوائق فيعملون على تخريب المعابد لأنّها تبثّ الوعي في الناس، وتعبّئهم في مجابهة الظلم والكفر. وكلّ دعوة لعبادة الله وتوحيده تعارضها دعوة المتجبّرين الذين يريدون أن يعبدهم الناس تشبُّهاً منهم بالحق تعالى، لهذا يهدّمون أماكن توحيد الله وعبادته. من هنا كان صدّهم والوقوف بوجههم من الأهداف الأساسية لتشريع الجهاد في الإسلام.

4- الدفاع عن المجتمع الإسلامي:
هذا النوع من الجهاد يمثّل الطابع الأبرز لأغلب حروب النبي صلى الله عليه وآله وسلم التي خاضها مع المشركين والكفّار الذين حاولوا هدم المجتمع الرسالي الجديد الذي أقامه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة المنوّرة، فأذن الله للمسلمين بأن يدافعوا عن أنفسهم ويحموا مجتمعهم الديني الحديث النشأة من أذى الكفار وكيدهم: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ9. فكان جهادهم لأجل الدفاع عن أنفسهم ضد الجيوش الزاحفة التي تريد أن تستأصل جذور الإسلام وتمحق شريعة القرآن وتقضي على دولته: ﴿يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ10.

الجهاد الأصغر أفضل ميدانٍ للجهاد الأكبر

الجهاد في سبيل الله تكليف إلهي، فالله تعالى أمر الناس بالقتال والجهاد: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ11. قوله تعالى ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ إشارة إلى أنه حكمٌ وتشريع إلهي حتميّ ومقطوع، وهو فرضٌ على كافّة المؤمنين لكون الخطاب متوجهاً إليهم جميعاً إلا مَن كان معذوراً. وهو كرهٌ لكون القتال يستلزم إفناء النفوس، وتعب الأبدان، وتلف الأموال، وذهاب الأمن والراحة والرفاهية، ولاقترانه بأنواع المشقات والمصائب، وغير ذلك مما تكرهه النفس الإنسانية وتجده شاقاً ومتعباً.

فالذين لا يرون في الجهاد سوى الآلام والمصائب، والقتل والجرح، من الطبيعي أن يكون مكروهاً لديهم، أمّا الّذين ينظرون إلى أبعد من هذا المدى المحدود فإنهم يعلمون أنّ شرف الإنسان وكرامته وحريّته تكمن في الجهاد، لذا يرحّبون به ويستقبلونه بفرحٍ وشوق. كما هو حال الّذين لا يعرفون آثار الأدوية المرّة والمنفّرة، فهم في أوّل الأمر يظهرون عدم رغبتهم فيها، إلّا أنّهم بعد أن يروا تأثيرها الإيجابي على سلامتهم وصحتهم يتقبّلونها برحابة صدر.

من هنا يشير الحق تعالى إلى مبدأ أساسي حاكم على القوانين التكوينيّة والتشريعيّة الإلهيّة: ﴿وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ، فلا عبرة بما يكرهه الإنسان أو يحبه لأنه ربما يخطئ في تشخيص الواقع والمصلحة، وهو غير قادرٍ في كثيرٍ من الأحيان أن يهتدي بنفسه إلى حقيقة الأمر. لذا على البشر أن لا يحكّموا أذواقهم ومعارفهم الخاصة في الأمور المتعلّقة بمصيرهم، لأنّ علمهم محدود، وما علموه بالنسبة إلى ما يجهلونه كقطرةٍ في البحر، لذا يقول عز وجل: ﴿وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ. فالناس لأنهم لم يدركوا إلا القليل من أسرار الخلقة والقوانين والتشريعات الإلهيّة، تجدهم في بعض الأحيان يهملون أمراً ما ولا يعيرونه الاهتمام المطلوب، في حين أنّ أهميّته وفائدته قد تكون كبيرة، لأنهم جاهلون بكثيرٍ من المصالح والمفاسد الموجودة فيه. لذا قد يكرهون شيئاً في حين أنّ سعادتهم تكمن فيه، أو يفرحون لشي‏ءٍ ويطلبونه في حين أنّه يستبطن شقاءهم. لذا لا يحق للإنسان مع الالتفات إلى علمه المحدود والناقص أن يعترض على علم الحق اللامحدود، ولا على أحكامه الإلهية، بل عليه أن يعلم يقيناً أن الله تعالى، الرحمن والرحيم، عندما يشرع لهم تشريعاً ما كالجهاد مثل, فإنه لا يشرّعه إلا لأنّه يرى فيه خيرهم وسعادتهم ونجاتهم. لذا على المؤمن أن ينظر إلى الأوامر والأحكام الإلهية على أنها كالأدوية الشافية له من كل علّة، وعليه أن يطبّقها بمنتهى الرضا والقبول. وإذا التزم الإنسان بأحكام الحق فالنفع والفائدة يعود إليه لأن الحق تعالى غنيّ عن العالمين: ﴿وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ12.

الخير كل الخير في الجهاد

فالجهاد في سبيل الله تكليف إلهي بل ومن أعظم الطاعات، فالخير كله معه وفيه لأنه ما صلحت الدنيا ولا الدين إلا به كما قال أَمير المؤمنين ومولى الموحّدين علي بن أبي طالب عليه السلام: "إن الله عز وجل فرض الجهاد وعظّمه وجعله نصره وناصره. والله ما صلُحت دنيا ولا دين إلا به"13. وطاعة الله وأداء التكليف الشرعي كما ذكرنا سابقاً هما الباب الوحيد لجهاد النفس وتهذيبها وتخليصها من الشوائب الخلقية والأمراض الباطنية، والذي هو الجهاد الأكبر، وهو الطريق الأمثل للخروج من سيطرة أهواء النفس والشهوات.

والجهاد في سبيل الله هو أهم وأشرف التكاليف الشرعية كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: "إنّ الجهاد أشرف الأعمال بعد الإسلام وهو قِوَامُ الدِّين والأَجْرُ فيه عظِيمٌ مع العزّة والمَنَعَةِ وهو الكَرَّةُ فيه الحسنات والبُشْرَى بالجنّة بعد الشّهادة وبالرّزق غداً عند الرَّبِّ والكرامة"14. وعليه يكون الجهاد في سبيل الله بدوره أهم ميدانٍ لجهاد النفس وتصفيتها من الأهواء والأمراض الخلقيّة. وهو مهمٌّ إلى درجةٍ عرّفه الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بالجهاد الأكبر، فعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: "إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعث سرية فلما رجعوا قال: مرحباً بقوم قضوا الجهاد الأصغر وبقي عليهم الجهاد الأكبر. قيل: يا رسول الله، وما الجهاد الأكبر؟ فقال: جهاد النفس"15.

فالمجاهد يكون أثناء جهاده في حالة مخالفة دائمة لنفسه ولأهوائها لكونه مطيعاً لأمر الحق وأحكامه لا لأمر النفس وأهوائها. وهو عند أدائه للتكليف الشرعي سوف يكتشف عيوب نفسه وعللها، وسوف تخرج خبايا نفسه إلى العلن.

والمجاهد أثناء أدائه لتكليفه سوف تعترضه الكثير من المواقف التي لو كان صادقاً في جهاده ومراقبة نفسه، فسوف يلاحظ ما إذا كان يؤدّي هذه الأعمال لوجه الله وتقرّباً إليه، أم والعياذ بالله من أجل كسب الشهرة والجاه، أو حباً بالظهور والرياء أو لكسب المقام والمال وغير ذلك من الأغراض النفسية.

وباكتشافه لأمراضه الأخلاقية يكون المجاهد قد قطع نصف الطريق وبقي عليه النصف الآخر وهو التصدّي لمعالجة هذه الأمراض، والمداومة على العمل وأداء التكليف بعزم أكيد ونيّة خالصة لله وعدم تركه أو التخلف عنه مطلقاً. ومن المتوقع بعد فترة من المداومة على العمل أن يزول هذا المرض الخبيث والخلق الفاسد بتوفيق الله وعنايته. فساحات الجهاد التي هي ساحاتٌ مقدسة ومباركة والتي هي محطّ عناية الله وملائكته وتأييده وتسديده، إذا خلصت فيها النوايا وصفت فيها النفوس وتوجّهت نحو بارئها مستسلمةً خاضعةً نالت الرفعة والعزة في كلا الدارين، وفازت بإحدى الحسنيين. فالجهاد الأصغر إذاً هو أفضل ساحةٍ لتطهير النفوس وتكاملها وتزكية القلوب وتصفيتها لتصبح مؤهلةً للقاء المحبوب الأوحد وهي مطمئنة، راضية. إنه باختصار أفضل ميدانٍ للجهاد الأكبر.

* درب الهداية، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.


1- النمل، 34.
2- البقرة، 205.
3- الكافي، ج5،ص2.
4- مستدرك‏ الوسائل، ج11،ص14.
5- الكافي، ج5،ص4.
6- النساء، 84.
7- الأنفال، 39.
8- الحج، 40.
9- الحج، 39.
10- التوبة، 32.
11- البقرة، 216.
12- العنكبوت، 6.
13- الكافي، ج5،ص8.
14- م.ن، ص36.
15- وسائل الشيعة، ج11، ص124.

2014-01-23