يتم التحميل...

نصيحة إلى طلبة العلوم الدينية

الإمام الخميني(قده)

أنتم الذين تدرسون اليوم في هذه المراكز العلمية وتتطلعون لأن تتسلموا في الغد زمام قيادة المجتمع وهدايته؛ لا تتصوروا أن كل واجبكم أن تحفظوا حفنة من المصطلحات، بل تقع على عاتقكم مسؤوليات أخرى أيضاً.

عدد الزوار: 10

أنتم الذين تدرسون اليوم في هذه المراكز العلمية وتتطلعون لأن تتسلموا في الغد زمام قيادة المجتمع وهدايته؛ لا تتصوروا أن كل واجبكم أن تحفظوا حفنة من المصطلحات، بل تقع على عاتقكم مسؤوليات أخرى أيضاً. ينبغي لكم أن تبنوا أنفسكم وتربوها في هذه الحوزات بحيث إذا ما ذهبتم إلى مدينة أو قرية وفقتم إلى هداية أهاليها وتهذيبهم. يؤمل منكم عند مغادرتكم الحوزات العلمية أن تكونوا قد هذبتم أنفسكم وبنيتموها بنحو تتمكنون من بناء الإنسان وتربيته وفقاً لأحكام الإسلام وتعاليمه وقيمه الأخلاقية. ولكن إذا ما عجزتم ـ لا سمح الله ـ عن إصلاح أنفسكم خلال مراحل الدراسة، ولم تكتسبوا الكمالات المعنوية والأخلاقية، فإنكم أينما ذهبتم ستضلون الناس ـ والعياذ بالله ـ وتسيئون إلى الإسلام وإلى علماء الدين. تقع على عاتقكم مسؤولية ثقيلة وجسيمة. فإذا لم تعملوا بمسؤولياتكم في الحوزات العلمية ولم تفكروا بتهذيب أنفسكم، واقتصر همكم على تعلم عدد من المصطلحات وبعض المسائل الفقهية والأصولية، فإنكم ستكونون في المستقبل عناصر مضرة ـ لا سمح الله ـ للإسلام والمجتمع الإسلامي، ومن الممكن أن تتسببوا ـ والعياذ بالله ـ في إضلال الناس وانحرافهم. فإذا ما انحرف إنسان وضل بسبب سلوككم وسوء عملكم، فإنكم ترتكبون بذلك أعظم الكبائر، ومن الصعب أن تقبل توبتكم. كما لو أن شخصاً اهتدى بكم فإن ذلك خير لكم مما طلعت عليه الشمس، كما ورد في الحديث الشريف.

إن مسؤوليتكم جسيمة للغاية.. وواجباتكم غير واجبات عامة الناس. فكم من الأمور مباحة لعامة الناس إلا أنها لا تجوز لكم، وربما تكون محرمة عليكم. فالناس لا تتوقع منكم أداء الكثير من الأمور المباحة، فكيف إذا ما صدرت عنكم ـ لا سمح الله ـ الأعمال القبيحة غير المشروعة، فإنها ستعطي صورة سيئة عن الإسلام وفئة علماء الدين. وهنا يكمن الداء. فإذا شاهد الناس عملاً أو سلوكاً من أحدكم خلافاً لما يتوقع منكم، فإنهم سينحرفون عن الدين ويبتعدون عن علماء الدين، وليس عن ذلك الشخص. وليتهم ابتعدوا عن هذا الشخص وأساءوا الظن به فحسب.

إذا ما رأى الناس تصرفاً منحرفاً أو سلوكاً لا يليق من أحد المعممين، فإنهم لا ينظرون إلى ذلك بأنه من الممكن أن يوجد بين المعممين أشخاص غير صالحين، مثلما يوجد بين الكسبة والموظفين أفراد منحرفون وفاسدون. لذا فإذا ما ارتكب بقال مخالفة، فإنهم يقولون إن البقال الفلاني منحرف. ولو ارتكب عطار عملاً قبيحاً، فإنهم يقولون: إن العطار الفلاني شخص منحرف. ولكن إذا ما قام أحد المعممين بعمل لا يليق، فإنهم لا يقولون: إن المعمم الفلاني منحرف، بل يقولون إن المعممين سيئون.

إن واجبات علماء الدين جسيمة للغاية، وإن مسؤولياتهم أعظم من مسؤوليات سائر الناس1.


1-من كتاب الجهاد الأكبر / الإمام الخميني.

2013-01-21