يتم التحميل...

الشهادة والنّصر

عيد المقاومة والتحرير

عندما يصل البحث إلى الشهادة فهذا يعني أن البحث قد وصل إلى الكشف عن رمز النصر وجوهره وعزه "فالشهادة عز أبدي"1، و"الشهادة رمز النصر"2،

عدد الزوار: 31

عندما يصل البحث إلى الشهادة فهذا يعني أن البحث قد وصل إلى الكشف عن رمز النصر وجوهره وعزه "فالشهادة عز أبدي"1، و"الشهادة رمز النصر"2، و"الاستشهاد في سبيل الإسلام فخر لنا جميعا"3، و"إن الاستشهاد بالنسبة لنا فيض عظيم"4، فالشهادة على المستوى الشخصي للشهيد هي أعظم الفوز وأرقى النصر وها هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يعلن عن فوزه العظيم بالشهادة "فزت ورب الكعبة"5 رغم أن فقد الأمة له عليه السلام كانت الخسارة الفادحة التي لا عوض لها هذا أثر الشهادة بالنسبة للشهيد أما أثرها بالنسبة للأمة عندما يسقط الشهداء دفاعاً عنها فإن بشهادة هؤلاء الشهداء تتحول إلى عز ومنعة لها وحصن منيع مقابل كل من يفكر في الاعتداء عليها أو النيل من كرامتها وسؤددها. فنحن في محضر الشهادة إذن أمام عنوانين أساسيين: نصر الشهادة والنصر بالشهادة، وقد يجتمع لشخص أو جماعة أو أُمة كلا العنوانين فينتصرون بالشهادة وينصرون بها أمتهم ودينهم والأجيال وهذا حال شهادة الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه وأهل بيته الأبرار.

نصر الشهادة:
نصر الشهادة وكما تمت إشارة إليه هو أرفع وسام وأرقى نصر يمكن للإنسان أن يجوز عليه فالشهادة تمثل للإنسان المسلم والمؤمن لحظة تقديم كل ما يملك في هذه الدنيا وهي النفس في سبيل الله وكسباً لرضاه وما زاد من قيمة الشهادة هو ما وعد الله تعالى به الشهداء من كرامة ومن نعيم مما لا عين رأت ولا خطر على قلب بشر وذلك من خلال العديد من الآيات الكريمة والعشرات من الأحاديث والروايات عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الأطهار فضلاً عن سيرة أولياء الدين والصالحين عبر طلبهم الحثيث للشهادة في مواطنها ومظانها والمجال لا يتسع لذكر طائفة من تلك الآيات والروايات والسيرة، وتناسباً مع عنوان الكتاب وباعتبار أن الإمام الخميني رضوان الله عليه قد جسد من خلال كلماته ومواقفه كل هذا الأثر والتراث المبارك نورد بعض عبارات الإمام حول الشهادة وافتخاراتها إضافة إلى ما ورد آنفاً: "إن الشعب الذي يعتبر الشهادة سعادة، شعب منتصر لا محال"6.

"شعبنا عاشق للشهادة، وبعشق الشهادة هذا انتصرت الثورة"7.

"الموت على فراش المرض موت محض، والمضي في سبيل الله شهادة ورفعة وشرف للإنسان بل للإنسانية"8.

فالشهادة بنظر الإمام هي سعادة وشرف ورفعة للشهيد لا بل للإنسانية، وكم هو عظيم عندما يتحول شعب بأسره إلى شعب عاشق للشهادة في سبيل الله ويعتبر الشهادة سعادة، إذ إن شهادة أفراد في أمة تحييها فكيف إذا تحولت الأمة إلى أمة مستعدة للشهادة!!

"هنيئاً لهؤلاء الشهداء ما نالوه من لذة الأنس ومجاورة الأنبياء العظام والأولياء الكرام وشهداء صدر الإسلام، وأكثر من ذلك هنيئاً لهم بلوغهم نعمة الله التي هي "رضوان من الله أكبر"10.9

"أيها الشهداء، إنكم شهود صدق، والمذكور بالعزم والإرادة الثابتة الفولاذية، وأفضل الأمثلة لعباد الله المخلصين. فقد أثبتم انقيادكم لله تعالى وتعبدكم له ببذل الدماء والأرواح"11.

إن الشهداء هم الأكثر استحقاقاً لنيل النعم الإلهية الكرى والفوز بالرضوان لأنهم أثبتوا ببذل الدماء والأرواح صدق إخلاصهم وطاعتهم لمولاهم وخالقهم، فانتصروا وفازوا حيث النصر الأكبر.

"الشهادة هدية من الله تبارك وتعالى لمن هم أهلٌ لها"12.

وهذا إشارة واضحة إلى قضية اختيار الله تعالى للشهيد من بين أقرانه حيث يعلم منه الصدق والوفاء والأهلية لذلك.

"إني أرى الشهادة في سبيل الحق، وفي سبيل الأهداف الإلهية فخراً أبدياً"13 وأي فخر يسمو على الفخر الأبدي الذي لا انقطاع له في محضر الباري عز أمسه وفي محضر الأنبياء والأولياء والشهداء،وهل فخر الدنيا له أي قيمة إزاء هذه الفخر الأبدي. رزقنا الله وإياكم هذا الفخر الأبدي.

النصر بالشهادة:
الشهادة في سبيل الله دفاعاً عن الأوطان والكرامات والمقدسات هي السلاح الأمضى الذي يقف في وجه أعتى الجيوش والقوى، فمن طلب العز والحرية والكرامة والأمن والسلامة والوطن والدين لابد له أن يبذل الدم والنفس والروح ومن طلب النصر فلابد له من أن يستعد للشهادة، وهذه معادلة وسنّة إلهية في خلقه لا تختص بالمؤمنين بالله فقط بل بكل بني الإنسان، إن المؤمنين بالله يملكون من خلال معنى الشهادة الراقي ـ الذي اختص بهم ـ يملكون الحافز والدافع الإضافي والأعظم للاستعداد للشهادة طلباً للحياة الكريمة والمصونة من ذل الاحتلال والاستعباد والتسلط وهيمنة أهل الدنيا والطواغيت الكبار والصغار.

وبهذا السلاح تتكسر المعادلات وتختل الموازين وينتصر الدم على السيف لأن أقصى ما يمكن للعدو فعله بعد التهديد بالقتل هو القتل عينه، فكيف يخاف من كان القتل في سبيل الله أمنيته ومبتغاه. لذلك فإن امتشاق سلاح الشهادة يفقد الأسلحة المادية كل تأثيراتها فلا يعود لها أي قيمة رغم قوتها وجبروتها وقدرتها التدميرية.

لقد تعرف الإمام الخميني رضوان الله عليه على هذا السلاح باكراً جداً فهو الإمام الذي أعدَّ نفسه للشهادة منذ اليوم الأول لمواجهته لطغيان الشاه، كما عمل على إعداد شعبه والمسلمين للتزود بهذا السلاح الشريف والعزيز، سلاح الشهادة والقتل في سبيل الله وانتصر الإمام وشعبه بهذا السلاح، بل وصدَّره للشعوب والأمم التي لا زالت تنتصر كل يوم في لبنان وفلسطين بسلاح عشق الشهادة ورفض الحياة الذليلة السوداء تحت نير الاحتلال الغاشم. وهذه بعض كلمات إمامنا النورانية حول هذا السلاح: "الشهادة رمز النصر"14.

"إن أحسَّ السعي في طلب الشهادة والفداء هو الذي أدى إلى انتصار الشعب الأعزل على الطاغوت"15.

"لا يمكن لأية قدرة مواجهة الشعب الذي يقف نساؤه ورجاله على أهبة الاستعداد للتضحية بالنفوس مصرين على الاستشهاد"16

"إنكم منتصرون لأنكم عانقتم الشهادة، أما أولئك الخائفون من الهادة والموت فهم مهزومون"17.

"الفداء والتضحية هما طبيعة أية ثورة، كما أن الاستشهاد والاستعداد للشهادة هما ضرورة أية ثورة"18.

"إن داء شبابنا تغلّبت على البنادق"19.

نصر كربلاء:
لئن كانت الشهادة على المستوى الفردي للمؤمن فوزاً عظيماً فإن شهادة الإمام الحسين عليه السلام وأهل بته وأصحابه في كربلاء مع ما صحابها من أحداث وظروف ولا بسها من ظلم وتضحيات وصبر لا يطيقه أحد فضلاً عن النية الطاهرة والمخلصة لهؤلاء الأطهار يجعل من تلك الشهادات أرفع وأرقى شهادة في تاريخ الإنسانية جمعا، ويكفي تدليلاً على ما نقول أن الإمام الحسين عليه السلام بات سيد شباب أهل الجنة وسيد الشهداء وباقي الشهداء أصبحوا سادة الشهداء من الأولين والآخرين. هذا على المستوى الشخصي للشهادة. أما على مستوى الأثر العام فقد كانت شهادة كوكبة من مؤمني عصرٍ ما تدفع البلاء عن أهل ذلك العصر فإن شهادة الإمام الحسين عليه السلام والكوكبة المضحيّة معه في كربلاء انتصرت للحق في حاضره والمستقبل وهزمت الباطل كذلك وأشادت للدين صرحاً إلى قيام الساعة.

فإذا أردنا أن نختصر الكلام عن النصر في فكر الإمام الخميني بكل الأبعاد، يمكن أن نقول أنه نصر كربلاء، لذلك نرى مناسباً أن نترك القلم هنا ليغرف من حبر فكر الإمام الخميني الكربلائي يحدثنا عن انتصار الدم الحسيني على ظلم التاريخ كله فمع الإمام: "محرم هو الشهر الذي انتفضت فيه العدالة لمواجهة الظلم، وقام فيه لاحق لمواجهة الباطل، فأثبت أن الحق منتصر على الباطل على مرّ التاريخ"20.

"إن الذي صان الإسلام وأبقاه حياً حتى وصل إلينا هو الإمام الحسين عليه السلام الذي ضحى بكل ما يملك وقدم الغالي والنفيس، وضحى بالشباب والأصحاب من أهله وأنصاره في سبيل الله عزّ وجل، ونهض من أجل رفعة الإسلام ومعارضة الظلم. لقد ثار الحسين عليه السلام بوجه تلك الإمبراطورية التي كانت أقوى الإمبراطوريات القائمة آنذاك في هذه المنطقة، بعدد قليل من الأنصار، فانتصر وكان الغالب رغم استشهاده هو وجميع من معه"21.

"ها قد أطل شهر محرم شهر الملاحم والجشاعة شهر انتصار الدم على السيف والشهر الذي دحضت فيه قوة الحق زيف الباطل إلى الأبد ودمغت فيه جباه الجبابرة والظلمة والحكومات الشيطانية بوصمة لا تزول ولا تحول. الشهر الذي علّم الأجيال على مدى التاريخ نهج الانتصار على الحراب والأسنة والشهر الذي شهد هزيمة القوى الكبرى مقابل كلمة الحق. والشهر الذي ينبغي أن تتغلب فيه القبضات المشددة لعشاق الحرية والاستقلال والحق. على الدبابات والمدافع الرشاشة وجنود إبليس، وتمحو كلمة الحق فيه غبش الباطل"20.

"يعد شهر محرم بالنسبة لمدرسة التشيّع، الشهر الذي تحقق فيه النصر اعتماداً على التضحية والدماء"22.

"محرم هو شهر النهضة الكبرى لسيد الشهداء وسيد أولياء الله، الذي علّم البشرية بثورته درس البناء والصمود، وعلمها أن طريق فناء الظالم وهزيمته إنما يكون بتقدم التضحيات والتضحية بالنفس، وهذا الأمر هو أهم تعاليم الإسلام للشعوب إلى آخر الدهر"23.

"استشهاد سيد الشهداء أحيا الرسالة"24.

"أحيوا ذكرى شهر محرم فإن كل ما لدينا هو من محرم هذا"25.

"عاشوراء هو يوم الحداد العام للشعب المظلوم، ويوم الملحمة، ويوم الولادة الثانية للإسلام والمسلمين"26.


1- الكلمات القصار، ص74.
2- م.ن
3- م.ن
4- م.ن
5- بحار الأنوار, ج42, ص 239
6- الكلمات القصار، ص74ـ75.
7- م.ن.
8- م.ن.
9- سورة التوبة, الآية:72.
10- الكلمات القصار، ص74-75.
11- م.ن، ص75ـ80.
12- الكلمات القصار، ص75ـ80.
13- م.ن.
14- الكلمات القصار، ص75ـ80.
15- م.ن.
16- الكلمات القصار، ص75ـ80.
17- م.ن.
18- م.ن. ص: 79-80.
19- نهضة عاشوراء، ص7.
20- الكلمات القصار, ص 79-80
21- نهضة عاشوراء، ص31-32.
22- م.ن
23- الكلمات القصار، ص71ـ74.
24- م.ن
25- م.ن
26- م.ن

2016-05-24