يتم التحميل...

سورة النساء

تفسير الكتاب المبين

سورة النساء

عدد الزوار: 254

(1): ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ: الخطاب للجميع كما هو مفهوم من كلمة الناس، وأيضًا الأمر بالتقوى لا يختص فئة دون فئة ﴿الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَة: أي لا أحد منكم أيها الناس ابن السماء والإله والآخر ابن الأرض والسماء، بل كلكم من آدم وآدم من تراب ﴿وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَ: حواء أي من جنسها هو أنسان وهي أيضًا إنسان لا حيوان تمام في الآية 20 من الروم: (أن خلق لكم من أنفسكم ازوجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة) وعليه فقصة خلق حواء من ضلع آدم خرافة ﴿وبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء: كثيرًا حذف الوصف من الثاني لدلالة الأول عليه، ويقال: أن سكان الأرض يبلغون أربعة آلاف مليون نحن في سنة 1987م ﴿واتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِه: إشارة إلى ما يقوله بعضنا لعض: سألتك بالله أن تفعل ... أو تترك... ﴿وَالأَرْحَامَ: عطف على كلمة الجلالة، وأيضًا نقول: سألتك بالرحم والقرابة.

(2): ﴿وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ: الخطاب للقائمين على رعاية الأيتام، والمعنى انفقوا عليهم من أموالهم حال الصغر، وسلموهم إياها عن البلوغ والرشد ﴿وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ: أي لا تستبدلوا الخبيث من أموالكم بالطيب من أموال اليتامى، قيل: كان بعض الأوصياء يبدل شاته الهزيلة بشاة اليتيم السمينة ﴿وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ: في كتاب المغني أن (إلى) تأتي بمعنى مع، وعليه يكون المعنى لا تأكلوا أموال اليتامى كما تأكلون أموالكم، كيف؟ وهذا حلال وتلك حرام ﴿إِنَّهُ كَانَ حُوبً: ذنبًا ﴿كبِيرً: جناية لا جنحة.

(3): ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى: أي في نكاح اليتيمات، فحذف لفظ نكاح هنا لدلالة (فانكحوا) عليه، وخلاصة المعنى أنه تعالى في الآية السابقة خاطب الأوصياء بشأن أموال اليتامى، أما في هذه الآية فقد خاطبهم بشأن الزواج من اليتيمات حيث كان الأوصياء وغيرهم يتقون الزواج منهم خوفًا من التقصير في حقوقهن، فقال سبحانه لهم: إن خفتم عدم العدل لو تزوجتم بهن فاتركوهن وشأنهن، وتزوجوا من غيرهن أربعًا إن شئتم، وأيضًا على أساس العدل، وإلى هذا أشار سبحانه إلى: ﴿فَانكِحُو: أي دعوا اليتيمات يخترن الأزواج لأنفسهن بعد البلوغ والرشد، وتزوجوا أنتم من غيرهن ﴿مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء: دون اليتيمات
﴿مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ: وهذه الكلمات حال من (ما طاب) أو من النساء، ويجوز على بدل البعض بالنساء، وهي غير منصفة للوصف والعدل من ثنتين ثنتين، وثلاث وثلاث، وأربع وأربع ﴿ذَلِكَ أَدْنَى: أقرب ﴿أَلاَّ تَعُولُو: لا تجوروا وتميلوا عن العدل.

(4): ﴿وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ: مهورهن ﴿نِحْلَةً: عطية فرضها الله على الأزواج ﴿فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ: أبدًا لا يحل مال امرئ إلا عن طيب نفس مهرًا كان أو غير مهر، قال الرسول الأعظم (ص): دماؤكم عليكم حرام وأموالكم عليكم حرام.

(5): ﴿وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ: يا أيها الأولياء لا تسلطوا السفهاء الذين تحت ولايتكم على أموالهم، والسفيه هو الذي ينفق ماله فيما لا ينبغي، وبكلمة هو المبذرفي نظر العرف ﴿الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَام:ليس لكم من أموالكم القاصرين إلا أن تقوموا برعياتها وتنميتها ﴿وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ: أنفقوا عليهم كل ما يحتاجون إليه من مأكل وملبس ومسكن وتعليم وزواج وتطيب وما أشيه ذلك.

(6): ﴿وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى: اختبروا عقولهم من تصرفاتهم ﴿حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ: ويعرف بالعلامات المذكورة في كتب الفقه ﴿فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدً: والمراد بالرشد هنا قبل كل شئ حفظ وإتقان تدبيره ﴿فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ: اتفق الفقهاء على أن المال لا يعطى لمالكه حتى يحصل له وصفان: الرشد والبلوغ، واستدلوا بهذع الآية ﴿وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافً: يسوغ للولي الفقير أن يأكل من مال القاصر. بمقدار ما يستحق من أجر الحفظ والرعاية، ويحرم عليه أن يتجاوز ذلك، ولذا قيد سبحانه النهي بالإسراف ولم يطلق ﴿وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُو: أي مخافة أن يكبر الأيتام، والمعنى لا تستعجلوا أيها الأولياء وتسرعوا إلى التصرف في أموال اليتامى قبل أن يكبروا حيث لا يبقى لكم عليهم حق الوصاية والولاية ﴿وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ: عن الأكل من مال اليتيم، وأجر خدمته ورعايته على الله ﴿وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأ ْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ: عرفًا لخدمته من أجر ولا يزيد ﴿فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ: والأمر بالإشهاد هنا فرض عند الشافعية والمالكية، وندب عند الإمامية والحنفية.

(7): ﴿لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ: كان بعض العرب يورثون الرجال دون النساء، فنزلت هذه الآية تبين للناس أن الإرث حق لجميع الأقارب، لأن السبب الموجب له القرابة، وهي في النساء كما هي في الرجال ﴿مِمَّا قَلَّ مِنْهُ: المال المورث ﴿أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضً: بحكم الله.

(8): ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ: الخطاب للوارثين، ومن في (منه) للتبعيض، والهاء للمقسوم، والمراد بأولي القربى قرابة الميت ممن لا يرث، والأمر هنا للندب لا للوجوب.

(9): ﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ: الأوصياء على الأيتام، وليفعلوا بهم وبأموالهم ما يحبون أن يفعل بأموالهم وأولادهم تمامًا كعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به.

(10): ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى: وفي حكمهم الأرامل والمساكين ﴿ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارً: وكل من لعق الحرام مآله إلى السعير والتدمير.

(11): ﴿يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ: يوجب ويفرض في شأن ميراث أولادكم ﴿لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ: لا لفضله عليها كما صرح أكثر المفسرين، بل لأن مسؤولية المالية عليه أشق وأوسع كما هو معروف ﴿فَإِن كُنّ: نون النسوة اسم كان أي كانت المولودات ﴿نِسَاءً: بالكامل لا ذكر معهن ﴿فَوْقَ اثْنَتَيْنِ: الظاهر يدل على ما زاد على اثنتين، ولكن إجماع الأمة صرف هذا الظاهر إلى اثنتين فما فوقهما ﴿فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ:بالفرض ﴿وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ: أيضًا بالفرض ﴿وَلأَبَوَيْهِ: الأب والأم ﴿لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَا نَ لَهُ وَلَد: ذكرًا أو أنثى، واحدًا أو أكثر ﴿فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ: ولا ولد ولد، وانحصر ميراثه بأمه وأبيه ﴿فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ: إن لم يكن للميت أخوة يحجبونها عما زاد من السدس ﴿فَإِن كَانَ لَهُ: أي للميت ﴿إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ: والباقي بعد سهم الأم في الحالين للأب ﴿مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ: وقدمت الوصية على الدين لفظًا لا حكمًا، لأنه مقدم عليها في الشريعة حيث أوجبت الابتداء بتجهيز الميت أولاً من تركته وثانيًا وفاء الديون المالية، وثالثًا تنفيد الوصية من الثلث، وأخيرًا الميراث، والتفصيل في كتب الفقـه ﴿آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ: هذه جملة معترضة تشير إلى أن أسرار المواريث وسهامها لا تدركها عقولنا، ولكن لا تأباها وترفضها من حيث الإمكان والجواز، ولاشئ يدل على ذلك من اختلاف الآراء في أصل الإرث وفي السهام كمًا وكيفًا بين جميع الأديان والمذاهب والأحزاب والمشارب حتى بين المسلمين في العديد من مسائل الإرث.

(12): ﴿وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ: اتفق المسلمون على أن الزوج والزوجة يشاركان جميع الورثة، ولا يحجبهما أحد، وللزوج النصف من تركة الزوجة إن لم يكن لها ولد منه أو من غيره، والربع إن كان لها ولد ﴿وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإ ِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ: للزوجة الربع من تركة زوجها إن لم يكن له ولد منها أو من غيرها، والثمن إن كان له ولد كذلك، وولد الولد كالولد عند الإمامية ذكرًا كان أم أنثى، فبنت البنت تمامًا كالابن تحجب أحد الزوجين من نصيبه الأعلى إلى الأدنى، وإذا تعددت الزوجات فهن شريكات في الربع أو الثمن ﴿وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ: أي موروث منه﴿كَلاَلَةً: حال من ضمن يورث، والمروي عن أهل البيت (ع) أن المراد بالكلالة هنا الإخوة والأخوات من الأم فقط ﴿أَو امْرَأَةٌ: عطف على الرجل الموروث منه ﴿وَلَهُ: أي للموروث منه رجلاً كان أو أمرأة، وأعاد الضمير على الرجل فقط، لأنها في حكمه ﴿أَخٌ أَوْ أُخْتٌ: من الأم فقط بالإجماع ﴿فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَ:منفردًا ﴿السُّدُسُ فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ: وبالجملة اتفقت المذاهب الإسلامية على أن للأخ الواحد أو الأخت الواحدة من الأم فقط- السدس بالفرض، وأن للأكثر ذكورًا وإناثًا أو هما معًا، ويقسمون فيما بينهم بالسوية للذكر مثل الأنثى.

(13): ﴿تِلْكَ: إشارة إلى الأحكام المذكورة في اليتامى والمواريث ﴿حُدُودُ اللّهِ: فلا تعتدوها ﴿وَمَن يُطِعِ اللّهَ...: فهو في ملك دائم ونعيم قائم.

(14): ﴿وَمَن يَعْصِ اللّهَ: فهو في كرب عظيم وعذاب مهين.

(15): ﴿وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ: المراد بالفاحشة هنا الزنا، ولا يثبت إلا بإقرار فاعله على نفسه أربع مرات سواء كان رجلاً أم امرأة، أو بشهادة عدول من رجال المسلين﴿فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ: إذا ثبت الزنا على المرأة حبست في بيتها حتى الموت عقوبة على جرميتها، وكان ذلك في أول الإسلام، ثم نسخ في قوله تعالى (الزانية والزاني فاجلدوا...)﴿أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيل: هو النكاح الشرعي الذي يستغنين به عن السفاح.

(16): ﴿وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَ: قال المفسرون بما فيهم الشيخ الطبرسي: المراد بالمثنى الزاني والزانية، ولاحظ أن الزاني والزانية تقدم حكمهما، ولا موجب للتكرار، وغير بعيد أن يكون المراد الذكرين: الفاعل والمفعول ﴿فَإِن تَابَ: من الفاحشة ﴿وَأَصْلَحَ: سارا على طريق الصالحين ﴿فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَ: لأن من تاب من الذنب كمن لا ذنب له.

(17): ﴿إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ: أي أنه تعالى أوجب قبولهما على نفسه بمقتضى وعده تمامًا كقوله: كتب على نفسه الرحمة ﴿لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ: السوء: العمل القبيح، والجهالة: السفاهة، والتوبة من قريب: المبادرة إليها قبل ذهاب الفرصة بحلول الأجل كما أشار سبحانه بقوله:

(18): ﴿وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ: التوبة تنفع، والعمل يُرفع، ولكن طوعًا لا كرهًا حيث يساق المجرم إلى الموت، وجاء في الأشعار (وجادت بوصل حيث لا ينفع الوصل) ﴿وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ: ويتوبون يوم القيامة حيث يرون النار(قال ربي ارجعون لعلي أعمل صالحًا).

(19): ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهً: لا تعاملوا النساء معاملة المتاع والحيوان بأخذها على سبيل الميراث كما كان عليه الجاهلية، فقد كان يحسبون زوجة الميت من جملة ما ترك تمامًا كالبقرة والشجرة ﴿وَلاَ تَعْضُلُوهُنّ: لا تضيقوا عليهن وتسيئوا معاملتهن ﴿لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ: لا يحل للزوج أن يسئ إلى زوجته لتفتدي نفسها بصداقها كلاَ أو بعضًا ﴿إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ: والمتبادر من الفاحشة هنا: الزنا، والمراد بالمبينة الثابتة عند الزوج بينه وبين الله لا عند القاضي ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ: عرفًا، لا بالمعروف عند الزوج وأمه، بل عند العقلاء المنصفين بحيث لا يرونه مسيئًا إليها في شئ ﴿فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرً: إذا كره القلب عمي عن الصواب، بخاصة الموازنة بين الضرر والأكثر، فقد يطلق الرجل زوجته لبعض صفاتها، ويتزوج بأخرى، فإذا هي أسوأ حالاً وأقبح عملاً، فيندم حيث لا ينفع الندم.

(20): ﴿وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ: إن كان ولا بد من الطلاق والفراق ﴿وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارً:مجرد مثل للكثرة ﴿فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئً: إلا عن طيب نفس حتى ولو عزمتم على ترك الزواج إطلاقًا، وإنما ذكر سبحانه (الإستبدال) تنزيلا على الأغلب ﴿أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَان: تنسبون إليها ما هي بريئة منه لتفتدي نفسها منكم ﴿وَإِثْماً مُّبِين: ظلمًا واضحًا.

(21): ﴿وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ: قال الشيخ محمد عبده في هذا الإفضاء: (هو إشارة إلى أن وجود كل من الزوجين جزء متمم لوجود الآخر) ﴿وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظً: هو الاتصال الوثيق بين الزوجين ووجوب العمل بمقتضاه من الإمساك بمعروف أو التسريح بإحسان.

(22): ﴿وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ: كان بعض العرب يتزوجون امرأة أبيه بعد موته إذا لم تكن أمًا له، فنهى سبحانه عن ذللك وعفى عن ما مضى ﴿إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً: ذنبًا كبيرًا ﴿وَمَقْتً:مكروهًا عند العقلاء ﴿وَسَاء سَبِيل: وأيضًا هو طريق الأرذال والأنذال، واتفقت المذاهب الإسلامية على تحريم الزواج مؤبدًا بزوجات الآباء والأجداد للأب والأم بمجرد العقد حتى مع عدم الدخول، بالأولى الأمهات المنصوص عليها بقوله تعالى:

(23): ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ: ثم أشار جل وعز إلى باقي المحرمات من النساء، وهي: ﴿وَبَنَاتُكُمْ: وإن نزلن ﴿وَأَخَوَاتُكُم: سواء أكنَ للأبوين أو لأحدهما ﴿وَعَمَّاتُكُمْ: وتشمل عمات الآباء والأمهات وإن علون﴿وَخَالاَتُكُمْ: تمامًا كالعمات ﴿وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ: وكل من تناسل منهما ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ: اتفق المسلمون قولًا واحدًا على العمل بحديث (يحرم من الرضاع ما يحرم على النسب) وعليه فكل امرأة حرمت من النسب تحرم مثلها بسبب الرضاع أمًا كانت أو أختًا أو بنتًا أو عمة أو خالة أو بنت أخ أو بنت أخت ﴿وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ: تحرم أم الزوجة وإن علت بمجد العقد على البنت، وإن لم يحصل الدخول ﴿وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّ تِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ: لا تحرم بنت الزوجة بمجرد عقد الزاوج على أمها، بل للعاقد أن يطلق الأم قبل أن يدخل بها، ثم يعقد على ابنتها، وقوله تعالى في حجوركم ليس قيدًا للحكم، بل تنزيلاً على الغالب لأن بنت الزوجة تحرم وإن لم تكن في حجر زوج الأم ﴿وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ: زوجاتهم ﴿الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ: تحرم زوجة الابن وان نزل، على أبيه وإن علا بمجرد العقد، وقـولـه تعالـى (مـن أصلابكم) ليخرج ولد التبني لأنه أجنبي، أما ولد الرضاعة فحكمه وحكم الولد من النسب ﴿وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ: في الجاهلية، ونسخ في الإسلام، فإن بانت الأخت من الزوج بطلاق أو فارقها بموت، ساغ الزواج بأختها.

(24): ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء: المتزوجات تحرم على غير أزواجهن بضرورة طبيعية البشرية فضلاً عن الضرورة الدينية ﴿إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ: يحرم نكاح المرأة المشركة، المتزوجة كالمرأة المتزوجة المسلمة، أجل إذا وقعت الحرب بشروطها المذكورة في كتب الفقه بين المشركين والمسلمين، وأسر المسلم أو غنم أمرأة مشركة متزوجة من مشرك، أسرها دون زوجها تقع الفرقة بينها وبين زوجها باجماع المذاهب تمامًا كالمطلقة، فإذا أراد الذي حازها أن ينكحها ساغ له ذلك بعد أن تضع حملها إن تك حاملاً أو بعد أن تحيض مرة واحدة أو بعد 45 يومًا إن تك حائلاً وكان هذا يوم كان للمسلمين قوة تردع عنهم أخطار القتل والسبي والتشريد ﴿كِتَابَ اللّهِ عَلَيْكُمْ: أي هذه المحرمات كتبها الله وفرضها عليكم ﴿وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ: هذي هي المحرمات من النساء عند الله، وسواها حلال طيب ﴿أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم: أي تطلبوا بأموالكم من تختارون من النساء بشرط أن ﴿تكونوا مُّحْصِنِينَ: في حصن من الدين والعفة عن الحرام ﴿غَيْرَ مُسَافِحِينَ: غير زناة وبغاة ﴿فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً: وندع الكلام هنا للفخر الرازي، فقد كتب حول هذه الآية صفحات طوالاً، نقتطف منها ما يتناسب مع هذا الموجز، قال ما نصه بالحرف الواحد: (المراد بهذه الآية حكم المتعة) واتفقوا على أنها نزلت مباحة في ابتداء الإسلام. وعن ابن عباس ثلاث راويات في ذلك، أما عمران بن حصين فإنه قال: نزلت آية المتعة في كتاب الله تعالى، ولم ينزل بعدها آية تنسخها، وروى محمد بن جرير الطبري أن علي بن أبي طالي قال: لولا عمر نهى الناس عن المتعة ما زنى إلا شقي ﴿وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ: إذا تم الزواج المؤقت بين الرجل والمرأة وانقضى الوقت أو أوشك، ثم بدا لهما أن يزيدا في الوقت والأجرة - فلا بأس في ذللك.

(25): ﴿وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْل: السعة في المال ﴿أََنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ: الحرائر المؤمنات ﴿الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ: ومعنى الآية بالكامل: من لم يجد من المال ما يمكنه من الزواج بحرة مؤمنة فله أن يتزوج أمّة مؤمنة ﴿وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ: لا ينبغي من أحد أن يستنكف عن زواج امرأة للونها وعنصرها فالجميع من آدم، وآدم من تراب، أما الأكرم والأفخم فهو بعلم الله لا عند الناس ﴿فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ: لا يسوغ نكاح الإماء إلاّ بإذن المالكين لهن، ولا موضوع لهذه الآية في عصرنا حيث لا إماء ولا عبيد ﴿وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ: عفيفات غير زانيات بصورة علنية كالمومس ﴿وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ: جمع خدن، وهو الخليل، تتخذه الفاجرة للزنا سرّا لا علنّا كالمومس التي لا ترد لامسّا ﴿فَإِذَا أُحْصِنَّ: أي تزوجت الإماء ﴿فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ: الزنا ﴿فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ: أي الحرائر غير المملوكات ﴿مِنَ الْعَذَابِ: وهو حد الزنا ﴿ذَلِكَ: إشارة إلى الزواج بالأمة﴿لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ: أي لمكن يخاف الزنا على نفسه لا لمن يملك نفسه ﴿وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ: وفي شتى الأحوال الأفضل للإنسان والأكمل أن يكبح جماح شهوته الشيطانية سواء طمحت إلى الجنس أو غيره.

(26): ﴿يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ: شرع سبحانه هذه الأحكام وغيرها لكي نستغني بالحلال عن الحرام وبالخير عن الآثام ﴿وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُم: وهم أهل البصائر والفضائل ﴿وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ: أي بين سبحانه الأحكام لعباده كي يطيعوا ويتوبوا.

(27): ﴿وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ: أي توبوا وأطيعوا، وعليه يكون هذا التكرار أشبه بقولك لولدك: اشتريت لك هذا الكناب لتقرأه، فاقرأه ﴿وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمً: وتنطبق هذه الآية بوضوح على الإباحيين الدعاة إلى الفسق والفجور، والكشف عن السيقان والصدور، وإلى التحرر من الدين والأخلاق والإنسانية.

(28): ﴿يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ: أبدّا، ما شرع الله حكمّا واحدّا فيه إرهاق وضرر، كيف؟ ودينه يسر، وحكمه عدل، وشريعته تتسع للإنسانية كلها ﴿وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفً: ومن اجل هذا تتفق شريعة الله في سهولتها وسماحتها موافقة تامة مع فطرة الإنسان وطبيعته.

(29): ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ: كالربا والقمار والغش والسرقة، وتقدم في الآية 188 من سورة البقرة ﴿إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ: أموال التجارة وأرباحها حلال شرعًا وعقلاً وعرفًا وتمامًا كالصناعة والزراعة، ولا تستقيم الحياة إلا بها، على أن تنزه عن الربا والغش والاحتكار والأضرار ﴿وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ: لا يقتل بعضكم بعضًا، وأيضًا لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة.

(30): ﴿وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمً: وقد يفرق بينهما في أن الظلم يكون للنفس وللغير، والعدوان لا يكون إلاّ على الآخرين، وقد يكون القتل حقّا كقتل الحد والقصاص أما القتل الخطأ فلا يوجب إلا الدية.

(31): ﴿إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ: وأكبر الكبائر الشرك والكفر بالله، والظلم لعباده وعياله، وخيانة الدين والوطن، والزنا والربا، والكذب والرياء... ﴿نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ: إن أقلعتم عن الكبائر لا يعاقبكم على صغائر الذنوب كالنظرة المجردة والجلوس في مجلس الغيبة- مثلا ً- دون أن تغتابوا، بل ﴿وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمً: اسم مكان وهو الجنة.

(32): ﴿وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ: كل إنسان إذا رأى نعمة على غيره من دونه كالصحة والعلم والذكاء والجاه والمال- يتمنى أن يكون له مثلها، ولا بأس في ذلك، لأنه في الإنسان فطرة وطبيعة... اللهم إلاّ أن يكون لقضاء الله ساخطًا، ولصاحب النعمة حاسدًا، وعلى هذا يحمل النهي عن التمني في الآية، قال الرسول الأعظم: وإذا حسدت فلا تبغ... المؤمن يغبط، والمنافق يحسد ﴿لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ: إن الله لا يضيع عمل عامل من ذكر أو أنثى ﴿وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ: فإن خزائنه لا تنفد، ونعمه لا تحصى.

(33): ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ: أي أن الله سبحانه وتعالى جعل لكل ميت وراثًا يرثون ﴿مِمَّا تَرَكَ: وهم﴿الْوَالِدَانِ: والأجداد والجدات ﴿وَالأَقْرَبُونَ: وهم الأولاد والإخوة والاخوات والأعمام والعمات والاخوال الخالات﴿وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ: كان الرجل يعاقد الرجل، فيقول له: دمي دمك وحربي حربك وسلمي سلمك، وترثني وأرثك، وتعقل عني وأعقل عنك، فيكون للحليف السدس من تركة حليفه، فنسخ بقوله تعالى: (وأولوا الأرحام بعضهم أولي بعض- 75 الأنفال).
(34): ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء: المراد بالرجال هنا خصوص الأزواج لا كل الرجال، وبالنساء خصوص الزوجات لا جميع النساء، أما قوامون فالمراد قائمون بشؤونهن وعليهن أيضًا، ولكن لا قيام الراعي على الرعية والرئيس على المرؤوس كلا، فقد حدد الفقهاء هذه السلطة بثلاثة أشياء: أن يطلقها متى شاء، وأن تطيعه في الفراش، وأن لا تخرج من بيته إلا بإذنه، ولهن في عدا ذلك، مثل الذي عليهن ﴿بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ: ومهما قيل في المساواة بين المرأة والرجل فإنه أقوى منها على تحمل التبعات والمسؤوليات وإنكار ذلك إنكار للبديهات ﴿وَبِمَا أَنفَقُو: فيه إيماء إلى أن الزوج إذا لم ينفق لم يكن قوامًا عليها، ولها والأمر كذلك، أن تطلب الطلاق منه والإنفصال عنه ﴿فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ: مطيعات لله قائمات بما عليهن للأزواج ﴿حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ: أن يحفظن في غياب الرجل ما يجب حفظه من الفروج وعفتها والأموال وصيانتها ﴿بِمَا حَفِظَ اللّهُ: من حقوقهن على الأزواج ﴿وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ: نشزت المرأة: امتنعت واستعصت على ﴿زوجها فَعِظُوهُنَّ: أولاً بالحسنى ﴿وَاهْجُرُوهُنّ: ثانيًا ﴿فِي الْمَضَاجِعِ: وفي هذا الهجر نوع من الإذلال وعدم الاكتراث بها ﴿وَاضْرِبُوهُنَّ: ثالثًا ضربًا خفيفًا لمجرد الردع، إن تك المرأة شريرة مستشرية لا يكبح جماحها وحمقها إلا الضرب، وفي شتى الأحوال فإن الأمر هنا رخصة لا عزيمة، واتفق الفقهاء أن ترك الضرب أولى ﴿فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ: في القيام بما عليهن من حقوق الأزواج ﴿فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيل: أبدًا فلا عدوان إلاّ على الظالمين، أبعد هذا يتشدق ويتحذلق من في نفسه مرض، ويقول: انظروا يا ناس كيف أباح الإسلام ضرب الزوجة مطلقًا بلا قيد أو شرط؟ ﴿إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرً: وعيد وتهديد لمن يقصر في حقوق المرأة.

(35) – (36): ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَ: إن خفتم أيها القضاة أو المؤمنون المصلحون أن يستعمر الخلاف بين الزوجين ﴿فَابْعَثُو: الأمر هنا للندب لا للوجوب ﴿حَكَمً: رجلاً معتدلاً يصلح لهذه المهمة ﴿مِّنْ أَهْلِهِ: يرتضيه الزوج ﴿وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَ: ترتضيه الزوجة ﴿إِن يُرِيدَ: الزوجان ﴿إِصْلاَحً: ظاهرًا وباطنًا لا ظاهرًا فقط وحياء من الناس ﴿يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَ: ما داما على نية الخير والوفاق ﴿وَاعْبُدُواْ اللّهَ: وما عبد الله بشئ أفضل من كف الأذى عن الناس ﴿وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئً: لا تفعلوا شيئّا إلاّ لوجه الله والخير﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانً: وعلى الأقل أن لا تسيئوا إليهما ﴿وَبِذِي الْقُرْبَى: الأرحام ﴿وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى: قريب في جواره ﴿وَالْجَارِ الْجُنُبِ: بعيد الجوار ﴿وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ: كرفيق السفر وما أشبه﴿وَابْنِ السَّبِيلِ: المنقطع في غربته ﴿وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ: فيه إيماء إلى الرفق بالحيوان ﴿إِنَّ ا للّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ 2015-12-10